الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَو عَن أَدَاء الزَّكَاة عَن الصّيام الْمَفْرُوض وَمثل من لَا يمْتَنع عَن سفك دِمَاء الْمُسلمين وَأخذ أَمْوَالهم بِالْبَاطِلِ وَمثل ذَوي الشَّوْكَة المقيمين بِأَرْض لَا يصلونَ بهَا وَلَا يتحاكمون بَينهم بِالشَّرْعِ الَّذِي بعث الله بِهِ رَسُوله وَلَا عِنْدهم مَسْجِد وَلَا يُؤذنُونَ وَلَا يزكون مَعَ وُجُوبهَا عَلَيْهِم أَو يقتل بَعضهم بَعْضًا وينهب بَعضهم مَال بعض وَيقْتلُونَ الْأَطْفَال ويسبونهم ويتبعون مَا يسنه الأفرنج وَإِذا دعى أحدهم إِلَى الشَّرْع قَالَ أَنا للشَّرْع فَهَؤُلَاءِ يجب قِتَالهمْ كَمَا أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الْخَوَارِج مَعَ كَون الصَّحَابَة رضي الله عنهم كَانَ أحدهم يحقر صلَاته مَعَ صلَاتهم وصيامه مَعَ صِيَامهمْ فَقَاتلهُمْ عَليّ رضي الله عنه
وَيدعونَ قبل الْقِتَال إِلَى الْتِزَام شرائع الْإِسْلَام فَإِن التزموها استوثق مِنْهُم وَلم يكتف بِمُجَرَّد قَوْلهم بل تنْزع مِنْهُم الْخَيل وَالسِّلَاح كَمَا فعل أَبُو بكر رضي الله عنه بِأَهْل الرِّدَّة حَتَّى يرى مِنْهُم السّلم وَيُرْسل إِلَيْهِم من يعلمهُمْ الْإِسْلَام وَيُقِيم بهَا الصَّلَاة ويستخدم بعض المطيعين مِنْهُم فِي جند الْمُسلمين ويجعلهم فِي جمَاعَة الْمُسلمين وَيمْنَعُونَ من ركُوب الْخَيل وَأخذ السِّلَاح حَتَّى يستقيموا فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا الله وَرَسُوله وَإِلَّا وَجب قِتَالهمْ حَتَّى يلتزموا شرائع الْإِسْلَام الظَّاهِرَة المتواترة وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ بَين عُلَمَاء الْإِسْلَام
فصل
هَذِه الْفِتَن الَّتِي تقع بَين الْبَادِيَة ويزعمون أَنهم من أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم كحرام وَسعد وهلال وثعلبة وأمثالهم من أعظم الْفِتَن الْمُحرمَات وأكبر الْمُنْكَرَات فَيجب أَن يكون بعد الْمُسلمين من يَأْمُرهُم بِالْخَيرِ والاجتماع على مَا يُحِبهُ لله وَرَسُوله من عِبَادَته وَحده لَا شريك لَهُ والتعاون على الْبر وَالتَّقوى
ويؤمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر وَالْوَاجِب أَن يسْعَى بَين هَاتين الطَّائِفَتَيْنِ بِالصُّلْحِ الَّذِي أَمر الله بِهِ رَسُوله وَيُقَال لهَذِهِ مَا تنقم من هَذِه ولهذه مَا تنقم من هَذِه وَمن كَانَ من الطَّائِفَتَيْنِ يظنّ أَنه مظلوم مبغي عَلَيْهِ فَإِذا صَبر وَعَفا أعزه الله تَعَالَى وَنَصره وَمن كَانَ بَاغِيا فَاسِقًا فليتق الله وليتب إِلَيْهِ
وَهَذِه الْفِتَن سَببهَا الذُّنُوب فعلى كل من الطَّائِفَتَيْنِ أَن يسْتَغْفر الله وَيَتُوب إِلَيْهِ فَإِنَّهُ يرفع عَنْهُم الْعَذَاب وَينزل عَلَيْهِم الرَّحْمَة قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ}
وَأجْمع الْمُسلمُونَ على جَوَاز مقاتلة قطاع الطَّرِيق فَإِذا طلبُوا مَالا لمعصوم لم يَصح أَن يعطيهم شَيْئا بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة بل يدفعهم بالأسهل فالأسهل فَإِن لم يندفعوا إِلَى الْقِتَال فَلهُ أَن يقاتلهم فَإِن قتل كَانَ شَهِيدا وَإِن قتل مِنْهُم وَاحِدًا على هَذَا الْوَجْه كَانَ دَمه هدرا وَكَذَلِكَ إِذا طلبُوا دَمه
وَفِي وجوب دَفعه عَن عَدمه نزاع هما رِوَايَتَانِ عَن أَحْمد وَلَا يجب الدّفع عَن مَاله قَالَ الله تَعَالَى {وَبشر المخبتين} قَالَ عَمْرو بن أَوْس رحمه الله عَلَيْهِ هم الَّذين لَا يظْلمُونَ إِذا ظلمُوا فَيَنْبَغِي الصَّبْر على الظَّالِم وَألا يُقَاتل الْبَغي ببغي كَمَا قَالَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه لَو بغى جبل على جبل لجعل الله الْبَاغِي مِنْهُمَا دكا وَمن حِكْمَة الشّعْر
…
قضى الله أَن الْبَغي يصرع أَهله
…
وَأَن على الْبَاغِي تَدور الدَّوَائِر
…
وَيشْهد لهَذَا قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم}