الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب الرِّبَا
الذَّهَب المخيش بِالْفِضَّةِ رذا علم مِقْدَار مَا فِيهِ من الْفضة وَالذَّهَب فَهَل يجوز بَيْعه بِأَحَدِهِمَا إِذا كَانَ الْمُفْرد أَكثر من الَّذِي مَعَه غَيره فَهَذِهِ على ثَلَاثَة أَنْوَاع
أَحدهَا أَن يكون الْمَقْصُود بيع فضَّة بِفِضَّة مُتَفَاضلا أَو بيع ذهب بِذَهَب مُتَفَاضلا وَيضم رلى الأنقص من غير جنسه حِيلَة فَلَا يجوز ذَلِك أصلا
وَالثَّانِي أَن يكون الْمَقْصُود بيع أَحدهمَا أَو بيع عرض بِأَحَدِهِمَا وَفِي الْعرض مَا لَيْسَ مَقْصُودا مثل بيع السِّلَاح بِأَحَدِهِمَا وَفِيه حلية يسيرَة أَو بيع عقار بِأَحَدِهِمَا وَفِي سقفه وحيطانه أَحدهمَا وَكَذَلِكَ مثل بيع غنم ذَات صوف بصوف وَذَات لبن بِلَبن فَيجوز هَذَا عِنْد أَكثر الْعلمَاء وَهُوَ الصَّوَاب أَو بيع المخيشة بِذَهَب عِنْد السبك بِفِضَّة مثله هُوَ من هَذَا الْبَاب فَإِذا بِيعَتْ الْفضة المصنوعة المخشية بِذَهَب أوبيعت بِذَهَب مَقْبُوض جَازَ ذَلِك
ورذا بِيعَتْ الْفضة المصنوعة بِفِضَّة أَكثر مِنْهَا لأجل الصِّنَاعَة لم يجز
وَالثَّالِث أَن يكون كلا الْأَمريْنِ مَقْصُودا مثل أَن يكون على السِّلَاح ذهب أَو فضَّة كثير فَهَذَا إِذا كَانَ مَعْلُوم الْمِقْدَار أَو بيع بِأَكْثَرَ من ذَلِك فَفِيهِ نزاع مَشْهُور الْأَظْهر جَوَازه
وَإِذا بِيعَتْ الْفضة المصنوعة بِفِضَّة أَكثر مِنْهَا لم يجز وَمن احْتَاجَ إِلَى دَرَاهِم فَاشْترى سلْعَة ليبيعها فِي الْحَال فَهُوَ مَكْرُوه فِي أظهر قولي الْعلمَاء
وَأما حياصة الذَّهَب أَو الْفضة فَلَا تبَاع إِلَى أجل بِذَهَب أَو فضَّة لَكِن تبَاع بِعرْض إِلَى أجل
وَمن اشْترى قمحا إِلَى أجل ثمَّ عوض البَائِع عَن الثّمن سلْعَة إِلَى أجل لم يجز وَكَذَلِكَ إِن احتال على أَن يزِيدهُ فِي الثّمن ويزيده ذَلِك فِي الْأَجَل بِصُورَة
يظْهر رباها لم يجز وَلم يكن لَهُ عِنْده إِلَّا الدّين الأول فَإِن هَذَا هُوَ الرِّبَا الَّذِي أنزل الله فِيهِ الْقُرْآن يَقُول الرجل لغريمه عِنْد مَحل الْأَجَل تقضى أَو تربى فَإِن قَضَاهُ وَإِلَّا زَاده هَذَا فِي الْأَجَل فَحرم الله ذَلِك وآذن بِحَرب من لم ينْتَه عَنهُ
وَمن تدين من رجل دينا فَدخل بِهِ السُّوق فَاشْترى شَيْئا بِحَضْرَة الرجل ثمَّ بَاعه عَلَيْهِ بفائدة فَهِيَ على ثَلَاثَة أوجه
أَحدهَا أَن يكون بَينهم مواطأة لفظية أَو عرفية على أَن يَشْتَرِي السّلْعَة من رب الْحَانُوت ثمَّ يَبِيعهَا للْمُشْتَرِي ثمَّ تُعَاد إِلَى صَاحب الْحَانُوت فَلَا يجوز ذَلِك
الثَّانِي أَن يَشْتَرِيهَا مَعَه ثمَّ يُعِيدهَا إِلَيْهِ فَلَا يجوز لحَدِيث أم ولد زيد ابْن أَرقم رضي الله عنه
الثَّالِث أَن يَشْتَرِي السّلْعَة شِرَاء ثَابتا ثمَّ يَبِيعهَا للمستدين ثَانِيًا فيبيعها أَحدهمَا فَهَذِهِ تسمى التورق لِأَن غَرَض المُشْتَرِي هُوَ الْوَرق فَيَأْخُذ مائَة وَيبقى عَلَيْهِ مائَة وَعِشْرُونَ مثلا فقد نَازع فِي ذَلِك السّلف والأقوى أَنه ينْهَى عَنهُ قَالَ عمر بن الْعَزِيز التورق رَبًّا فَإِن الله حرم أَخذ دَرَاهِم بِدَرَاهِم أَكثر مِنْهَا إِلَى أجل لما فِي ذَلِك من ضَرَر الْمُحْتَاج وَأكل مَاله بِالْبَاطِلِ وَهَذَا الْمَعْنى مَوْجُود فِي هَذِه الصُّورَة وَإِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَالَّذِي أَبَاحَهُ الله للْبيع وَالتِّجَارَة وكل قرض جر مَنْفَعَة فَهُوَ رَبًّا كَمَا يقْرض صناعه ليحابوه بِالْأُجْرَةِ أَو يقْرضهُ مَائه ويبيعه سلْعَة تَسَاوِي مائَة بِمِائَة وَخمسين وَنَحْو ذَلِك فَهُوَ رَبًّا
وَيجب على الْمُقْتَرض أَن يُوفي الْمقْرض فِي الْبَلَد الَّذِي اقْترض فِيهِ وَلَا يكلفه شَيْئا من مُؤنَة السّفر إِلَى بلد آخر وَمؤنَة حمل ذَلِك فَإِن قَالَ مَا أوفيك إِلَّا فِي بلد أُخْرَى كَانَ عَلَيْهِ مُؤنَة الْمقْرض وَمَا يُنْفِقهُ على الْمَعْرُوف
وَلَا يجوز الْوَفَاء فُلُوسًا إِلَّا برضى البَائِع وَإِذا وفاه فُلُوسًا فَلَا يكون إِلَّا بالسعر الْوَاقِع أما النَّقْد ان فَيجوز اسْتِيفَاء النَّقْدَيْنِ أَحدهمَا عَن الآخر كاستيفاء
أَحدهمَا عَن نَفسه فَلَا يكون ذَلِك من بَاب الْمُعَارضَة وَلَا يجوز فِيهِ الزِّيَادَة بِالشّرطِ كَمَا لَا يجوز فِي الْقَرْض وَنَحْوه مِمَّا يُوجب الْمُمَاثلَة
فَإِن اتفقَا على أَن يُوفي أَحدهمَا أَكثر من قِيمَته كَانَ كالانفاق أَن يُوفي عَنهُ أَكثر مِنْهُ من جنسه بِخِلَاف الزِّيَادَة من غير شَرط
وعَلى هَذَا فالفلوس النافقة قد يكون فِيهَا شوب قوي من الأتمان فيوفيها على أحد النَّقْدَيْنِ كتوفية أَحدهمَا عَن صَاحبه
وَإِذا قوم السّلْعَة بِقِيمَة حَالَة ثمَّ بَاعهَا إِلَى أجل بِأَكْثَرَ من ذَلِك فَهَذَا مَنْهِيّ عَنهُ فِي أصح قولي الْعلمَاء كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنه إِذا أسلمت بِنَقْد ثمَّ بِعْت بِنَقْد فَلَا بَأْس وَإِذا أسلمت بِنَقْد ثمَّ بِعْت نَسِيئَة بِأَكْثَرَ من الثّمن فَهَذَا هُوَ الرِّبَا
إِذا كَانَ لَهُ عَليّ رجل دَرَاهِم مُؤَجّلَة فباعة بِأَقَلّ مِنْهَا حَالَة فَهَذَا رَبًّا وَإِن كَانَت حَالَة فَأخذ الْبَعْض وأبرأه من الْبَعْض فقد أحسن وأجره على الله
وَإِذا ابتيعت أسورة ذهب بِذَهَب أوفضة إِلَى أجل لم يجز بِاتِّفَاق الْعلمَاء بل يجب رد الأسورة إِن كَانَت بَاقِيَة ورد بدلهَا إِن كَانَت فَائِتَة
وَمن قَالَ لتاجر أَعْطِنِي هَذِه السّلْعَة فَقَالَ التَّاجِر مشتراها ثَلَاثُونَ وَمَا أبيعها إِلَّا بِخَمْسِينَ إِلَى أجل فَهِيَ على ثَلَاثَة أَنْوَاع
أَحدهَا أَن يكون مَقْصُوده السّلْعَة ينْتَفع بهَا للْأَكْل أَو الشّرْب أَو اللّبْس وَنَحْوه
وَالثَّانِي أَن يكون مَقْصُوده التِّجَارَة
فهذان جائزان بِالْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع
وَلَا بُد من مُرَاعَاة الشُّرُوط الشَّرْعِيَّة فَإِذا كَانَ المُشْتَرِي مُضْطَرّا لم يجز أَن يُبَاع إِلَّا بِقِيمَة الْمثل مثل أَن يضْطَر الْإِنْسَان إِلَى شِرَاء طَعَام لَا يجده إِلَّا عِنْد شخص فَعَلَيهِ أَن يَبِيعهُ إِيَّاه بِقِيمَة الْمثل فَأن أَبى أَن يَبِيعهُ إِلَّا بِأَكْثَرَ فَلِلْمُشْتَرِي