الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وَأما الْجِنَازَة الَّتِي فِيهَا مُنكر مثل أَن يحمل قدامها أَو وَرَاءَهَا الْخبز وَالْغنم أَو غير ذَلِك من الْبدع الفعلية أَو القولية أَو يَجْعَل على النعش شنخانات فَهَل لَهُ أَن يمْتَنع من تشييعها على قَوْلَيْنِ هما رِوَايَتَانِ عَن أَحْمد
وَالصَّحِيح أَنه يشيعها لِأَنَّهُ حق للْمَيت فَلَا يسْقط بِفعل غَيره وينكر النكر بِحَسبِهِ
وَإِن كَانَ مِمَّن إِذا امْتنع تركُوا النكر امْتنع بِخِلَاف الْوَلِيمَة فَإِن صَاحب الْحق هُوَ فَاعل النكر فَسقط حَقه لمعصيته كالمتلبس بِمَعْصِيَة لَا يسلم عَلَيْهِ حَال تلبسه بهَا وَالله أعلم
فصل
الَّذِي عَلَيْهِ أهل السّنة أَن الله لَا يخلد فِي النَّار أحدا من أهل الْإِيمَان وَخَالف فِي ذَلِك قوم من أهل الْبدع والخوارج والحرورية والمعتزلة فَقَالُوا إِن أهل الكباذر يخلدُونَ فِيهَا وَمن دَخلهَا لم يخرج مِنْهَا بشفاعة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم وَلَا غَيره وكذبوا
وعارض هَؤُلَاءِ قوم من المرجئة وَزَعَمُوا أَن الْإِيمَان حَاصِل من الْخلق جَمِيعهم وَأَن إِيمَان الملاذكة والأنبياء وَالصديقين كَإِيمَانِ أهل الْكَبَائِر وكذبوا
وغلاتهم تزْعم أَنه لَا يدْخل فِي النَّار أحد ويحرقون الْكَلم عَن موَاضعه وكل هَؤُلَاءِ ضالون
فالطائفة الأولى نظرُوا إِلَى نُصُوص الْوَعيد
وَالثَّانيَِة نظرُوا إِلَى نُصُوص الْوَعْد
وَأما أهل اسنة فآمنوا بِكُل مَا جَاءَ من عِنْد الله وَلم يضْربُوا بعض ذَلِك بِبَعْض ونظروا فِي الْكتاب وَالسّنة فوجدوا أَن أهل الْكَبَائِر من الْمُوَحِّدين الَّذين توعدهم الله بالعقاب بَين أَن عقابهم يَزُول عَنْهُم بِأَسْبَاب
أَحدهَا التَّوْبَة فَإِن الله يغْفر بِالتَّوْبَةِ النصوح الذُّنُوب جَمِيعًا
السَّبَب الثَّانِي الْحَسَنَات الماحية كَمَا قَالَ {وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق} الْآيَة
السَّبَب الثَّالِث مصائب الدُّنْيَا والبرزخ
السَّبَب الرَّابِع الدُّعَاء والشفاعة مثل الصَّدَقَة عَلَيْهِ بعد مَوته وَالدُّعَاء لَهُ وَالِاسْتِغْفَار
السَّبَب الْخَامِس الْأَعْمَال الصَّالِحَة الَّتِي يهديها لَهُ غَيره من عتاقة وَصدقَة
السَّبَب السَّادِس رَحْمَة ربه
فَكل حَدِيث فِيهِ عَن مُؤمن أَنه دخل النَّار أَو أَنه لَا يدْخل الْجنَّة قد فسره الْكتاب وَالسّنة أَنه عِنْد انْتِفَاء هَذِه الْمَوَانِع
وَكَذَلِكَ نُصُوص الْوَعْد مَشْرُوطَة بِعَدَمِ الْأَسْبَاب الْمَانِعَة مندخول الْجنَّة وَأَعْظَمهَا أَن يَمُوت كَافِرًا
وَمِنْهَا أَن تكْثر ذنُوبه وظلمه فَيُؤْخَذ من حَسَنَاته حَتَّى تذْهب ثمَّ تُوضَع عَلَيْهِ سيئات من ظلمهم
وَمِنْهَا أَن يعقب الْعَمَل مَا يُبطلهُ كالمن واأذى وَترك صَلَاة الْعَصْر قيل تحبط عمل ذَلِك الْيَوْم وَقيل الْعَمَل كُله وكما قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ فَلَيْسَ لله حَاجَة فِي أَن يدع طَعَامه وَشَرَابه
فَانْتفى هَذَا الدُّخُول الْمُطلق وَهُوَ دُخُول الْجنَّة بِلَا عَذَاب فَمن أَتَى بالكباذر لم يسْتَحق هَذَا الدُّخُول الْمُطلق الَّذِي لَا عَذَاب قبله
وَهَذَا مثل قَوْله عليه الصلاة والسلام من غَشنَا فَلَيْسَ منا فَإِن الِاسْم
الْمُطلق للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالَّذين آمنُوا مَعَه هُوَ الْإِيمَان الْكَامِل الْمُطلق الَّذِي يسْتَحقُّونَ بِهِ الثَّوَاب وَيدْفَع الله بِهِ عَنْهُم الْعقَاب فَمن غشهم لم يكن من هَؤُلَاءِ بل مَعَه أصل الْإِيمَان الَّذِي يُفَارق بِهِ الْكفَّار ويخرجه من النَّار
وَإِذا جَاءَ من مَاتَ وَهُوَ يعلم أَن لَا إِلَه إِلَّا الله دخل الْجنَّة وَإِن زنا وَإِن شرب الْخمر وَنَحْوه فَهَذَا يعْطى أَن صَاحب الْإِيمَان مُسْتَحقّ للجنة وزن الذُّنُوب لَا تَمنعهُ ذَلِك لَكِن قد يحصل لَهُ قبل الدُّخُول نوع من الْعَذَاب إِمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا فِي البرزخ وَإِمَّا فِي الْعَرَصَة وَإِمَّا فِي النَّار
وَكَذَلِكَ نُصُوص الْوَعيد كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم لَا يدْخل الْجنَّة قَاطع رحم وَكَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم ملك كَذَّاب وَشَيخ زاني وعائل مستكبر وَلَا يدْخل الْجنَّة من فِي قلبه مِثْقَال ذرة من كبر وَلَا يدْخل النَّار من فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان وَمن شرب الْخمر فِي الدُّنْيَا لم يشْربهَا فِي الْآخِرَة وَمن لبس الْحَرِير فِي الدُّنْيَا لم يلْبسهُ فِي الْآخِرَة والمستكبر والمنان والمنفق سلْعَته بِالْحلف الْكَاذِب لَا يكلمهم الله وَلَا يزكيهم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم وَثَلَاثَة أخر رجل على فضل مَاء يمنعهُ من ابْن السَّبِيل فَيَقُول الله الْيَوْم أمنعك فضلى كَمَا منعت فضل مَا لم تعْمل يداك وَرجل بَايع إِمَامًا لَا يبايعه إِلَّا للدنيا وَرجل يحلف على سلْعَة بعد الْعَصْر كَاذِبًا لقد أعْطى أَكثر مِمَّا أعْطى وَلَا يدْخل الْجنَّة بخيل وَلَا منان ولاسئ الملكة فؤن الْبُخْل من الكباذر وَهُوَ منع الواجباب من الزَّكَاة وصلَة الرَّحِم وقرى الضَّيْف وَترك الاعطاء فِي النوائب وَترك الانفاق فِي سَبِيل الله وعقوق الْوَالِدين وَشَهَادَة الزُّور وَأكل مَال الْيَتِيم وَقذف الْمُحْصنَات والتولى يَوْم الزَّحْف وَالسحر وَأكل الرِّبَا كل ذَلِك من الْكَبَائِر
بل كل ذَنْب فِيهِ حد الله فِي الدُّنْيَا أَو وَعِيد فِي الْآخِرَة مثل غضب الله ولعنته وَالنَّار فَهُوَ من الْكَبَائِر