الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَقُولُونَ لَا يحابي بهَا قَرِيبا وَلَا يدْفع بهَا مذلة وَلَا مذمة وَلَا يقى بهَا مَاله وَالله أعلم
فصل
فِي المَال حُقُوق سوى الزَّكَاة مثل صلَة الرَّحِم من النَّفَقَة الْوَاجِبَة وَحمل الْعقل عَن الْمَعْقُول عَنهُ وَاجِب بِالْإِجْمَاع وَمثل إطْعَام الجاذع وَكِسْوَة العارى وَنَحْو ذَلِك فَهُوَ فرض كِفَايَة فَمن غلب ظَنّه أَن غَيره لَا يقوم بذلك تعين عَلَيْهِ
وَمثل الْإِعْطَاء فِي النواذب مثل النَّفَقَة فِي الْجِهَاد وقرى الضَّيْف فَهُوَ وَاجِب بِالسنةِ الصَّحِيحَة
فصل
كل مَا أعد للتِّجَارَة من مَاء وحطب وَغَيره فَفِيهِ الزَّكَاة وَمَا أعد للكراء كالقدور وَالْجمال وَالْعَقار وَغَيرهَا فَفِيهِ نزاع فِي مَذْهَبنَا وَغَيره
وَمن السّلف من يُوجب الزَّكَاة فِي الْمعد للكراء إِذا قبض الْأُجْرَة
فصل
إِذا اشْترى من قبض الزَّكَاة ليدفعها إِلَى أَهلهَا عقارا وَنَحْوه فَإِن عَلَيْهِ أَن يُؤدى إِلَى الثَّمَانِية الْأَصْنَاف مِقْدَار الَّذِي قَبضه وَمَا حصل من نَمَاء يقسمهُ بَينه وَبينهمْ
وَإِذا منع بَنو هَاشم حَقهم من الْخمس فَلَا يجوز لَهُم أَخذ الصَّدَقَة إِلَّا عِنْد بعض الْمُتَأَخِّرين وَلَيْسَ هُوَ قولا لأحد المتبوعين
فصل
إِذا فرط الْإِنْسَان وَلم يخرج الزَّكَاة حَتَّى مَاتَ فعلى الْوَرَثَة الْإِخْرَاج عِنْد أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَكَذَلِكَ كل حق لله
وَعند غَيرهمَا لَا يجب عَليّ الْوَرَثَة مَعَ أَنه يعذب بِتَرْكِهِ الزَّكَاة
وَأما إِذا مَاتَ الْمَيِّت وَله غُرَمَاء مديونون لم يسْتَوْف مِمَّا عَلَيْهِم شَيْئا فَهَل مطالبتهم للْمَيت أَو للْوَرَثَة اضْطر فِيهِ النَّاس
وَالصَّوَاب إِن كَانَ الْحق مظالم لم يتَمَكَّن هُوَ وَلَا ورثته من استيفائها من قَود أَو قذف أَو غصب فَهُوَ المطالب
وَإِن كَانَ دينا ثَبت بِاخْتِيَارِهِ وَتمكن من استيفاذه فَلم يستوفه حَتَّى مَاتَ فورثته تطالب بِهِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَإِن كَانَ دينا عجز عَن استيفاذه هُوَ وورثته فالأشبه أَنه هُوَ الَّذِي يُطَالب بِهِ فَإِن الْعَجز إِذا كَانَ ثَابتا فِيهِ وَفِي الْوَارِث وَلم يتَمَكَّن أَحدهمَا من الِانْتِفَاع بذلك فِي الدُّنْيَا لم يدْخل فِي الْمِيرَاث فَيكون الْمُسْتَحق أَحَق بِحقِّهِ فِي الْآخِرَة كَمَا فِي الْمَظَالِم وَالْإِرْث مَشْرُوط بالتمكن من الِاسْتِيفَاء كَمَا أَنه مَشْرُوط بِالْعلمِ بالوارث
فَلَو مَاتَ لَهُ عصبَة بعيدَة لَا يعرف نسبهم لم يرثوه لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة وَهَذَا عَام فِي جَمِيع الْحُقُوق الَّتِي لله ولعباده هِيَ مَشْرُوطَة بالتمكن من الْعلم وَالْقُدْرَة والمجهول والمعجوز عِنْد كالعدوم
وَلِهَذَا قَالَ الْعلمَاء إِن مَا يجهل مَالِكه من الْأَمْوَال الَّتِي قبضت بِغَيْر حق كالمكوس أَو قبضت بِحَق كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِية وَجَهل صَاحبهَا بِحَيْثُ تعذر ردهَا إِلَيْهِ فَإِنَّهَا تصرف فِي مصَالح الْمُسلمين وَتَكون حَلَالا لمن أَخذهَا بِحَق كَأَهل الْحَاجة والاستعانة بهَا على مصَالح الْمُسلمين دون من أَخذهَا بباطل كمن يَأْخُذ فَوق حَقه
ثمَّ الْمَظْلُوم إِذا طَالب بهَا يَوْم الْقِيَامَة وَعَلِيهِ زَكَاة فَلَا تقوم هَذِه بِالزَّكَاةِ بل عُقُوبَة الزَّكَاة أعظم من حَسَنَة الْمَظَالِم والوعيد بترك الزَّكَاة عَظِيم
وَلَكِن الَّذِي ورد أَن الفرذض تجبر بالنوافل فَهَذَا إِذا تصدق بِاخْتِيَارِهِ صَدَقَة تطوع لَا يكون شَيْئا خرج بِغَيْر اخْتِيَاره فَإِنَّهُ يرجي لَهُ أَن يُحَاسب بِمَا
تَركه من الزَّكَاة إِذا كَانَ من أَهلهَا العازمين عَليّ فعلهَا
وَأول مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة الصَّلَاة فَإِن أكملها وإلاقيل انْظُرُوا إِن كَانَ لعبدي تطوع فيكمل بهَا فريضته ثمَّ الزَّكَاة كَذَلِك ثمَّ تُؤْخَذ الْأَعْمَال على حِسَاب ذَلِك روى ذَلِك أَحْمد فِي الْمسند
وَهَذَا لِأَن التَّطَوُّع من جنس الْفَرِيضَة فَأمكن الْجبرَان بِهِ عِنْد التَّعَذُّر كَمَا قَالَ الصّديق رضي الله عنه إِن الله لَا يقبل نَافِلَة حَتَّى تُؤدِّي الْفَرِيضَة
فَيكون من رَحْمَة الله بِهِ أَن يَجْعَل النَّفْل مثل الْفَرْض بِمَنْزِلَة من أحرم بِالْحَجِّ تَطَوّعا وَعَلِيهِ فَرْضه فَإِنَّهُ يَقع عَن فَرْضه عِنْد طاذفة كالشافعي وَأحمد فِي الْمَشْهُور وَكَذَلِكَ فِي رَمَضَان عِنْد أبي حنيفَة وَقَول فِي مَذْهَب أَحْمد
وَكَذَلِكَ من شكّ هَل وَجب عَلَيْهِ غسل أَو وضوء بحذث أم لَا فَإِنَّهُ لَا يجب عَلَيْهِ غسل
وَكَذَلِكَ الْوضُوء عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء لَكِن يسْتَحبّ لَهُ التطهر احْتِيَاطًا وَإِذا فعل ذَلِك وَكَانَ وَاجِبا عَلَيْهِ فِي نفس الْأَمر أَجْزَأَ عَنهُ لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا
وَكَذَلِكَ الشَّارِع جعل عمل الْغَيْر عَنهُ يقوم مقَام فعله فِيمَا عجز عَنهُ مثل من وَجب عَلَيْهِ الْحَج وَهُوَ معضوب أَو مَاتَ وَلم يحجّ أَو نذر صوما أَو غَيره وَمَات قبل فعله فعله عَنهُ وليه فقد قَالَ صلى الله عليه وسلم دين أَحَق بِالْقضَاءِ أَي أَحَق أَن يسْتَوْفى من وَارِث الْغَرِيم لِأَنَّهُ أرْحم من الْعباد فَهَذَا تشهد لَهُ الْأُصُول أما أَن يعْتد لَهُ بِالدّينِ عَليّ النَّاس مَعَ كَونه لم يخرج الزَّكَاة فَلَا يَصح
نعم لَو كَانَ للنَّاس عَلَيْهِ مظالم أَو دُيُون بِقدر مَاله عِنْد النَّاس كَانَ يسوغ أَن يُقَال يُحَاسب بذلك فَيُؤْخَذ حَقه من هَذَا وَيصرف إِلَى هَذَا كَمَا يفعل فِي الدُّنْيَا بالمدين الَّذِي لَهُ وَعَلِيهِ