الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحد الْقَوْلَيْنِ فِيمَا لَهُ دون مَا عَلَيْهِ كمن يعْتَقد أَنه إِذا كَانَ جارا اسْتحق شُفْعَة الْجوَار وَإِذا كَانَ مُشْتَريا لم تجب عَلَيْهِ شُفْعَة الْجوَار
وَإِذا كَانَ من الْإِخْوَة من الْأُم فِي المشركة أسقط ولد الْأَبَوَيْنِ وَإِن كَانَ هُوَ من الْأُخوة لِلْأَبَوَيْنِ ورث وشارك وَإِذا كَانَ هُوَ الْمُدعى قضى بِالنّكُولِ وَإِذا كَانَ مدعى عَلَيْهِ قضى برد الْيَمين وأمثال ذَلِك كثير
فَلَيْسَ لأحد أَن يعْتَقد فِي مَسْأَلَة نزاع مثل هَذَا بِاتِّفَاق الْمُسلمين فَإِن مَضْمُون هَذَا أَنه يحلل لنَفسِهِ مَا يحرمه على مثله وَبِالْعَكْسِ وَيُوجب على غَيره مَالا يُوجِبهُ على نَفسه مَعَ تساويهما فَمن اعْتقد جَوَاز فَهُوَ كَافِر فالمؤجر يلْتَزم لَهُ وَعَلِيهِ مَا يَعْتَقِدهُ فَإِذا سلم الْعين بِإِجَارَة يجوزها لنَفسِهِ وَيُطَالب بِالْأُجْرَةِ الَّتِي سَمَّاهَا لم يحل لَهُ أَن يقبل زِيَادَة
وَمن ذَلِك من زَاد على من يكترى أَو ساوم على من ركن إِلَيْهِ وَجب تعزيز المزايد والمساوم الَّذِي يضارره
وَيجوز إِجَارَة الإقطاع وَإِذا أقطعت لآخر صَارَت لَهُ من حِين أقطع فَإِن شَاءَ أجرهَا لذَلِك الْمُسْتَأْجر وَإِن شَاءَ لم يؤجرها لَهُ وَإِن كَانَ للْمُسْتَأْجر فِيهَا زرع أبقاه بأجره الْمثل إِلَى حِين تَمام صَلَاحه
فصل
هَل يجوز ضممان الْبَسَاتِين وَالْأَرْض الَّتِي فِيهَا النّخل أَو الشّجر الَّذِي لم يبد صَلَاح ثَمَرَة
فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أَقْوَال
قيل لَا يجوز بِحَال بِنَاء على أَنه دَاخل فِيمَا نهى عَنهُ من بيع الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوف عَن الشَّافِعِي وَأحمد نَص عَلَيْهِ وَمذهب أبي حنيفَة أَشد منعا وتنازع هَؤُلَاءِ هَل يجوز الاحتيال على ذَلِك بِأَن يُؤجر
الأَرْض ويساق على الشّجر يجزء يسير على قَوْلَيْنِ الْمَنْصُوص عَن أَحْمد أَنه لَا يجوز وَذكر القَاضِي أَبُو يعلى أَنه يجوز وَهُوَ الْمَعْرُوف عِنْد أَصْحَاب الشَّافِعِي وَهَذِه الْحِيلَة قد تتعذر عَليّ أصل مصححي الْحِيَل وَهِي بَاطِلَة من وُجُوه
أَحدهَا أَن الأَرْض قد تكون وَقفا أَو ليتيم وَنَحْوه فَمن يتَصَرَّف فِي مَاله بِحكم الْولَايَة فالمساقاه عَليّ ذَلِك بِجُزْء يسير لَا يجوز وَاشْتِرَاط أحد الْعقْدَيْنِ فِي الآخر لَا يجوز
الثَّانِي أَن الْفساد الَّذِي نهى من أَجله عَن بيع الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا من كَونه غررا هُوَ من جنس الْقمَار مَوْجُود فِي هَذِه الْمُعَامَلَة أَكثر من وجوده عِنْد مُجَرّد بيع الثَّمَرَة
الثَّالِث أَن اسْتِئْجَار الأَرْض الَّتِي تَسَاوِي مائَة بِأَلف وَالْمُسَاقَاة عَليّ الثَّمَرَة بِجُزْء من ألف جُزْء فعل السُّفَهَاء الَّذين يسْتَحقُّونَ الْحجر عَلَيْهِم فضلا عَن إِمْضَاء فعلهم وَالْحكم بِصِحَّتِهِ
وَأَيْضًا لَهُ أَن يُطَالِبهُ بِجَمِيعِ الْأُجْرَة حصلت الثَّمَرَة أَو لم تحصل فَلَيْسَ هَذَا من أَفعَال الرَّاشِدين لَا سِيمَا إِن كَانَ الْمُتَصَرف مِمَّا لَا يملك التَّبَرُّع وَلَيْسَ الْفَقِيه من عمد إِلَيّ مَا نهى عَنهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم دفعا لفساد يحصل لَهُم فَعدل عَنهُ إِلَى مَا فَسَاده أَشد مِنْهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَة المستجير من الرمضاء بالنَّار وَهَذَا يسلم من قَاعِدَة إبِْطَال الْحِيَل فَإِن كثيرا مِنْهَا يتَضَمَّن من الْفساد وَالضَّرَر أَكثر مِمَّا فِي إِثْبَات المنهى عَنهُ ظَاهرا كَمَا قَالَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ يخادعون الله كَأَنَّمَا يخادعون الصّبيان لَو أَتَوا الْأَمر على وَجهه كَانَ أَهْون على وَلِهَذَا يُوجد فِي نِكَاح التَّحْلِيل من الْفساد أعظم مِمَّا يُوجد فِي نِكَاح الْمُتْعَة إِذا الْمُتَمَتّع قَاصد للنِّكَاح إِلَى وَقت والمحلل غير قَاصد لنكاح فَكل فَسَاد نهى عَنهُ فِي التَّمَتُّع فَهُوَ فِي التَّحْلِيل وَزِيَادَة وَلِهَذَا تنكر قُلُوب النَّاس التَّحْلِيل أعظم من إنكارها الْمُتْعَة والمتعة أبيحت أول الاسلام وتنازع السّلف فِي نسخهَا والتحليل لم يبح قطّ وَمن شنع على الشِّيعَة
بِإِبَاحَة الْمُتْعَة مَعَ إِبَاحَته التَّحْلِيل فقد سلطهم عَليّ الْقدح فِي السّنة كَمَا يُسَلط النَّصَارَى على الْقدح فِي الاسلام بِمثل إِبَاحَة التَّحْلِيل حَتَّى قَالُوا إِن هَؤُلَاءِ قَالَ لَهُم نَبِيّهم إِذا طلق أحدكُم امْرَأَته لم حل لَهُ حَتَّى تَزني وَذَلِكَ أَن التَّحْلِيل سفاح كَمَا سَمَّاهُ الصَّحَابَة رضي الله عنهم
القَوْل الثَّانِي أَنه إِن كَانَت مَنْفَعَة الأَرْض هِيَ الْمَقْصُود وَالشَّجر تَابع جَازَ أَن يُؤجر الأَرْض وَيدخل فِي ذَلِك الشّجر تبعا وَهَذَا قَول مَالك يقدر البَائِع بِقدر الثُّلُث وَيجوز من بيع الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا مَا يدْخل ضمنا وتبعا كَمَا أجَاز أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع الثَّمَرَة بعد أَن يُؤثر الشّجر فالمبتاع قد اشرى الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا لَكِن تبعا لذَلِك
القَوْل الثُّلُث أَنه يجوز ضَمَان الأَرْض وَالشَّجر جَمِيعًا وَإِن كَانَ أَكثر وَهُوَ قَول ابْن عقيل وَهُوَ مأثور عَن عمر بن الْخطاب رضي الله عنه فِي بيعَة حُذَيْفَة أسيد بن حضير رضي الله عنه لما قبلهَا ثَلَاث سِنِين ووفي دين أسيد بن حضير روى ذَلِك حَرْب فِي مسائلة عَن أَحْمد وَرَوَاهُ أَبُو ذَر الدِّمَشْقِي وَغَيرهمَا وَهُوَ مَعْرُوف عَن عمر رضي الله عنه والحداذق الَّتِي بِالْمَدِينَةِ يغلب عَلَيْهَا الشّجر
وَقد ذكر هَذَا الْأَمر بعض فُقَهَاء الْمغرب وَزعم أَنه خلاف الْإِجْمَاع وَلَيْسَ بِشَيْء بل ادِّعَاء الْإِجْمَاع على جَوَازه أقرب فَإِن عمر رضي الله عنه فعله بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّة بمشهد من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار واشتهر وَلم يُنكر مَعَ أَنهم كَانُوا يُنكرُونَ مادون هَذَا عَليّ عمر كَمَا أنكر عمرَان بن حُصَيْن وَغَيره رضي الله عنهم مَا فعله عمر من مُتْعَة الْحَج وَالَّذِي فعله عمر رضي الله عنه هُوَ الصَّوَاب وَإِذا تدبر الْفَقِيه أصُول الشَّرِيعَة تبين لَهُ أَنه لَيْسَ دَاخِلا فِيمَا نهى الله عَنهُ لأمور
أَحدهَا أَن الأَرْض يُمكن فِيهَا الْإِجَارَة وَيُمكن فِيهَا بيع حبها قبل أَن يشْتَد وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما نهى عَن بيع الْحبّ حَتَّى يشْتَد لم يكن ذَلِك نهيا عَن إِجَارَة الأَرْض وَإِن كَانَ هُوَ مَقْصُود الْمُسْتَأْجر الَّذِي يعْمل فِي الأَرْض
حَتَّى يحصل لَهُ الْحبّ بِخِلَاف الْمُشْتَرى فَإِنَّهُ حبا مُجَردا وعَلى البَائِع خدمته حَتَّى يتَحَصَّل وَكَذَلِكَ نَهْيه عَن بيع الْعِنَب حَتَّى يسود لَيْسَ نهيا لمن يَأْخُذ الشّجر فَيقوم عَلَيْهَا ويسقيها حَتَّى تثمر إِنَّمَا النهى لمن اشْترى عنبا مُجَردا رعلى البَائِع خدمتها حَتَّى تكمل كَمَا يفعل المشترون للأعيان الَّتِي تسمى الكروم وَلِهَذَا كَانَ هَؤُلَاءِ لَا يبيعونها حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا بِخِلَاف التَّضْمِين
الْوَجْه الثَّانِي أَن الْمُزَارعَة عَليّ الأَرْض كالمسافاة على الشَّجَرَة وَكِلَاهُمَا جاذز عِنْد فُقَهَاء الحَدِيث وَإِجْمَاع الصَّحَابَة وَالَّذين نهوا عَنْهَا ظنوها من بَاب الْإِجَارَة بعوض مَجْهُول وَأَبُو حنيفَة طرد قِيَاسه فَلم يجوزها بِحَال
وَأما الشَّافِعِي فَإِنَّهُ اسْتثْنى مَا يحْتَاج إِلَيْهِ كالبياض إِذا دخل تبعا للشجر فِي المسافاة وَكَذَلِكَ مَالك يُرَاعى الْقلَّة وَالْكَثْرَة على أَصله
هَؤُلَاءِ جعلُوا الْمُضَاربَة بِهِ أَيْضا خَارِجَة الْقيَاس ظنا مِنْهُم أَنَّهَا من بَاب الْإِجَارَة بعوض مَجْهُول
وَالتَّحْقِيق أَن هَذِه الْمُعَامَلَات هِيَ من بَاب المشاركات لَا من بَاب المؤاجرات وَالْمُضَاربَة وَالْمُسَاقَاة والمزارعة مُشَاركَة هَذَا بنفع بِبدنِهِ وَهَذَا ينفع مَاله وَمَا قسم الله من الرِّبْح كَانَ بَينهمَا كشركة الْعَنَان
وَلَو قيل هِيَ جعَالَة كَانَ أشبه لِأَن الْجعَالَة لَا يكون الْعَمَل فِيهَا مَعْلُوما وَلَكِن لَيست جعَالَة أَيْضا فَإِن الْجعَالَة يكون الْمَقْصُود فِيهَا لأَحَدهمَا من غير جنس مَقْصُود الآخر هَذَا قَصده رد أبقه وَهَذَا قَصده الْجعل بِخِلَاف الْمُسَاقَاة والمزارعة وَالْمُضَاربَة فَإِنَّهُمَا شريكان فِي الْجِنْس الْمَقْصُود وَهُوَ الرِّبْح مستوران فِي المغرم والمغنم وَلِهَذَا وَجب أَن يكون الْمَشْرُوط فِيهَا مشَاعا مُقَدرا مَعْلُوم وَلَو كَانَت إِجَارَة أَو جعَالَة لَكَانَ أقل الْأَحْوَال فِيهَا أَن يجوز كَون الْعِوَض فِيهَا مُقَدرا مَعْلُوما لَا شَائِعا فَلَمَّا كَانَ الْمَشْرُوط لأَحَدهمَا من جنس الْمَشْرُوط للْآخر علم
أَنه من بَاب الْمُشَاركَة كَمَا فِي الشّركَة الْعَنَان وَلَو شَرط لأَحَدهمَا مِقْدَارًا من الرِّبْح أَو غَيره لم يجز لِأَنَّهُ المخابرة فَأَيْنَ من يَجْعَل مَا جَاءَت بِهِ السّنة مُوَافقا لِلْأُصُولِ مِمَّن يَجعله مُخَالفا لِلْأُصُولِ
وَإِذا كَانَ كَذَلِك فمعلوم أَنه إِذا ساقاه عَليّ الشّجر بِجُزْء من الثَّمَرَة كَمَا إِذا زارعه عَليّ الأَرْض بِجُزْء من الزَّرْع أَو مُضَارَبَة عَليّ النَّقْد بِجُزْء من الرِّبْح فقد جعلت الثَّمَرَة من بَاب الناء والفائدة الْحَاصِلَة ببدن هَذَا وَمَال هَذَا وَالَّذِي نهى عَنهُ من بيع الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا لَيْسَ للْمُشْتَرِي عمل فِي حُصُوله أصلا بل الْعَمَل كُله عَليّ البَائِع فَإِذا اسْتَأْجر الأَرْض وَالشَّجر حَتَّى يحصل لَهُ ثَمَر جَازَ كَمَا إِذا استأة ر الأَرْض حَتَّى يحصل لَهُ الزَّرْع
الْوَجْه الثَّالِث أَن الثَّمَرَة تجرى الْمَنَافِع والفوائد فِي الْوَقْف وَالْعَارِية وَنَحْوهَا وَيجوز وقف الشّجر لينْتَفع مِنْهُ أهل الْوَقْف بالثمرة كَمَا يقف الأَرْض وَيجوز إِعَارَة الشّجر كَمَا يجوز إفقار الظّهْر وإعارة الدَّار ومنحه اللَّبن
فَإِن قيل هَذَا يقتضى أَن الْأَعْيَان مَعْقُود عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَة
قيل إِن تَقْبِيل الأَرْض وَالشَّجر لَيْسَ هُوَ عقد عَليّ عين وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة إِجَارَة الأَرْض ليحصل لَهُ الزَّرْع لَكِن العقد ورد عَليّ الْمَنَافِع الَّتِي هِيَ مَنْفَعَة هَذِه الْأَعْيَان
وَيُقَال ثَانِيًا لَا سنلم أَن ؤجارة الظِّئْر عَليّ خلاف الْقيَاس فَكيف يُقَال ذَلِك وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن إِجَارَة مصوصة فِي شريعتنا إِلَّا فِي إِجَارَة الظذر فَمن ظن أَن الْإِجَارَة لَا تكون إلاعلى الْمَنْفَعَة قَالَ ذَلِك وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك بل الْإِجَارَة لَا تكون إِلَّا على مَا يسْتَوْفى مَعَ بَقَاء أَصله سَوَاء كَانَ عينا أَو مَنْفَعَة كالظذر ونقع الْبذر فهى يحدثها الله تَعَالَى وَأَصلهَا بَاقٍ فَهِيَ كالمنفعة وَلِهَذَا جَازَ وقف هَذِه الْأُصُول لَا ستمرار هَذِه الْفَوَائِد أعيانها ومنافعها
فَأن قيل فَهَذَا يقتضى جَوَاز إجغارة الْحَيَوَان
قيل وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة نزاع بَين الْعلمَاء أَيْضا والمعرضة لَا تكون بِمَسْأَلَة نزاع بل بِدَلِيل شَرْعِي فَإِن كل ماذكرنا من ذَلِك يُوجب صِحَة هَذِه الْإِجَارَة وَلزِمَ طرده
ورذا لم يتَمَكَّن الْمُسْتَأْجر من ازدراع الأَرْض لآفة حصلت لم يكن عَلَيْهِ أُجْرَة وَإِن نبت الزَّرْع ثمَّ حصلت آفَة سَمَاوِيَّة أتلفته قبل التَّمَكُّن من حَصَاده فَفِيهِ نزاع نظرا إِلَى أَن الثَّمَرَة وَالْمَنْفَعَة هِيَ الْمَعْقُود عَلَيْهَا وَهَذَا الزَّرْع لَيْسَ بمعقود عَلَيْهِ بل الْمَعْقُود عَلَيْهِ الْمَنْفَعَة وَمن سوى بَينهمَا قَالَ الْمَقْصُود بِالْإِجَارَة هُوَ الزَّرْع فَإِذا حَالَتْ الآفة بَين الْمَقْصُود بِالْإِجَارَة وَالْمُسْتَأْجر كَانَ قد تلف الْمَقْصُود بِالْعقدِ قبل التَّمَكُّن من قَبضه والمؤجر وَإِن لم يعاض عَليّ زرع فقد عاوض عَليّ الْمَنْفَعَة الَّتِي يُمكن بهَا من حُصُول الزَّرْع فَإِذا حصلت الآفة قبل التَّمَكُّن لم تسلم لَهُ الْمَنْفَعَة الْمَعْقُود عَلَيْهَا بل تلفت قبل التَّمَكُّن وَلَا فرق بَين تعطل مَنْفَعَة الأَرْض فِي أول الْمدَّة أَو آخرهَا
وعَلى هَذَا بنبني مَسْأَلَة ضَمَان الحداذق وَالله أعلم
وَمن لَهَا حلى فأكثرته كِرَاء مُبَاحا لمن تتزين بِهِ ازوجها أَو سَيِّدهَا فَهُوَ حائز وَكَرِهَهُ مَالك وَأحمد وَكثير من أصحابهما كَرَاهَة تَنْزِيه
فَإِذا أكرته لحاجتها وأكلت كراءه لم ينْه عَنهُ وَعَلَيْهَا زَكَاته عِنْد أَكْثَرهم أبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد
فَأَما إِن أكرته لمن تتزين بِهِ للرِّجَال الْأَجَانِب فَلَا يجوز وَأَشد من يَفْعَله للفاحشة قَالَ الله تَعَالَى {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى وَلَا تعاونوا على الْإِثْم والعدوان} وَلَا يجوز أَخذ الْأُجْرَة عَليّ الْإِعَانَة عَليّ الْفَاحِشَة لَا يجلى وَلَا يلبس وَلَا مسكن وَلَا دَابَّة وَلَا غير ذَلِك
وَمن اسْتَأْجر مَا يكون مَنْفَعَة إِجَارَته لعامة النَّاس مثل الْحمام والفندق والقيسارية فنقصت الْمَنْفَعَة الْمَعْرُوفَة لعمل خير منهت أَو قلَّة الزبون لخوف أَو حَرْب أَو تحول ذى سُلْطَان وَنَحْوه يحط عَن الْمُسْتَأْجر من الْأُجْرَة بِقدر مَا نقص من الْمَنْفَعَة سَوَاء رَضِي النَّاظر وَأهل الْوَقْف أَو سخطوا
وَالْوَزْن كالوزن بِسَائِر الموازين إِذا وزن بِالْعَدْلِ جَازَ لَهُ أَخذ الْأُجْرَة مِمَّن وزن لَهُ وَإِن وزن باخسا كَانَ من الظَّالِمين الْمُعْتَدِينَ
إِذْ أعطَاهُ شمعا وَقَالَ أوقده فَكلما نقص مِنْهُ أُوقِيَّة فَهِيَ بِكَذَا جَازَ ذَلِك كَمَا لَو قَالَ اسكن هَذِه الدَّار كل يَوْم بِكَذَا فِي أظهر قولي الْعلمَاء فَإِنَّهُ إِذن فِي الْإِتْلَاف عَليّ وَجه الِانْتِفَاع وَقَالَ بَعضهم لَيْسَ هُوَ من بَاب الْإِجَارَة وَلَا من بَاب البيع اللَّازِم بل هُوَ مُعَاوضَة جاذزة لَا لَازِمَة كَمَا لَو قَالَ ألق متاعك فِي الْبَحْر وعَلى ثمنه لَكِن لَا بُد أَن يكون الْإِذْن بالايقاد فِي أَمر مُبَاح وعَلى النَّاظر أَن لَا يُؤجر حَتَّى يغلب على ظَنّه أَنه لَيْسَ هُنَاكَ من يزِيد وَعَلِيهِ أَن يشهر الْمَكَان عِنْد أهل الرغبات الَّذين جرت عَادَتهم باستئجار مثل ذَلِك الْمَكَان فَإِذا فعل ذَلِك فقد أجره بأجره الْمثل وَهِي الْإِجَارَة الشَّرْعِيَّة فَإِن حابى بِهِ بعض أصدقائه أَو بعض من لَهُ عِنْده يَد فَأَجره بِدُونِ أُجْرَة الْمثل كَانَ ظَالِما ضَامِنا لما نقص أهل الْوَقْف من أُجْرَة الْمثل
وَلَو تَغَيَّرت أسعار الْعقار بعد الْإِجَارَة الشَّرْعِيَّة لم يملك الْفَسْخ بذلك فَإِن هَذَا لَا يَنْضَبِط وَلَا يدْخل فِي التَّكْلِيف وَالْمَنْفَعَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّمَان قد تخْتَلف فَتكون قيمتهَا فِي الشتَاء أَكثر مِنْهَا فِي الصَّيف وَبِالْعَكْسِ فَلَو قدر أَنَّهَا انْفَسَخت فِي بعض الْحول لسقطت الْأُجْرَة فِي مثل ذَلِك بِالْقيمَةِ رلا بأجزاء الزَّمَان فَيُقَال كم قِيمَته وَقت الصَّيف وَكم قِيمَته وَقت الشتَاء فتقسم الْأُجْرَة ويحسب لكل من الْأُجْرَة بِقدر قِيمَته وَالْوَاجِب على النَّاظر أَن يفعل مصلحَة الْوَقْف من كرائه مساومة أَو شماهرة أَو مانهة