الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وَلَا يجوز أَن يحبس شئ من أراضى الْمُسلمين الَّتِي فتحت عنْوَة كمصر وَسَوَاد الْعرَاق وبر الشَّام عَليّ شئ من معابد الْكفَّار لاكنائس وَلَا ديارات وَلَا غَيرهَا بل وَلَا يجوز لأحد من الْمُسلمين أَن يحبس عَلَيْهَا شَيْئا من مَاله فَكيف يحبس عَلَيْهَا أَرض الْمُسلمين وَإِن تحايل مُسلم فوهب الَّذِي ليحبس على الْكَنَائِس والمعابد فَيَنْبَغِي مَنعه لِأَن الذني لَو حبس من مَال نَفسه شَيْئا على معابدهم لم يجز للْمُسلمين أَن يحكموا بِصِحَّتِهِ وَإِذا رفع إِلَى ولي الْأَمر حكم بفساده وَجعله لوَرَثَة الذِّمِّيّ إِن كَانَ قد مَاتَ كَذَا نَص على هَذَا الْأَئِمَّة مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَغَيرهم
وَمَا كَانَ فِي أَيْديهم من الْمزَارِع المحبسة عَليّ ذَلِك فللامام أَخذه مِنْهُم
وَإِذا زار أهل الذِّمَّة كَنِيسَة بَيت الْمُقَدّس فَهَل يُقَال لَهُم يَا حَاج مثلا لَا يَنْبَغِي أَن يُقَال لَهُم ذَلِك تَشْبِيها بحاج الْبَيْت الْحَرَام وَمن اعْتقد أَن زيارتها قربَة فقد كفر فان كَانَ مُسلما فَهُوَ مُرْتَد يُسْتَتَاب فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل فَإِن جهل أَن ذَلِك محرم عرف ذَلِك فَإِن أصر فقد كفر وَصَارَ مُرْتَد وَمن قَالَ لأَحَدهم يَا حَاج فَإِنَّهُ يعقب عُقُوبَة بليغة تزدعه عَن مثل هَذَا الْكَلَام الَّذِي فِيهِ تَشْبِيه القاصدين للكنائس بالقاصدين لبيت الله الْحَرَام وَفِيه تَعْظِيم لذَلِك النَّصْرَانِي ولكنيسته وَهُوَ بِمَنْزِلَة من يشبه النَّصَارَى بأعياد الْمُسلمين ويعظهما وأمثال ذَلِك مِمَّا فِيهِ تَشْبِيه الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب بِأَهْل الْإِيمَان وَقد قَالَ تَعَالَى {أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين} وَقَالَ {أم نجْعَل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض أم نجْعَل الْمُتَّقِينَ كالفجار} وأى نَصْرَانِيّ قَالَ لنصراني يَا حَاج بَين الْمُسلمين فَإِنَّهُ يُعَاقب على ذَلِك بِمَا يزدعه عُقُوبَة بليغة
وَكَذَا من يُسَافر إِلَى زِيَارَة الْقُبُور والمشاهد كَمَا يَفْعَله طوائف من الرافضة
وَنَحْوهم فِي تَسْمِيَة ذَلِك حجا وَقد صنف بَعضهم كتابا أَسمَاء مَنَاسِك حج الْمشَاهد فَمن شبه ذَلِك الشّرك والوثنية بِالْحَجِّ الْمَشْرُوع وَجعله مثله فَإِنَّهُ يُسْتَتَاب فَإِن تَابَ ورلا قتل وَمن سَمَّاهُ حجا أَو جعله مَنَاسِك فَإِنَّهُ أَيْضا يُعَاقب عُقُوبَة بليغة بِمَا يردعه وَأَمْثَاله مَسْأَلَة وَالَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّة الْمُسلمين وَجُمْهُور الْعلمَاء أَن السّفر للمشاهد الَّتِي على الْقُبُور غير مَشْرُوع بل هُوَ مَعْصِيّة من أشنع الْمعاصِي حَتَّى لَا يجوز قصر الصَّلَاة فِيهِ عِنْد من لَا يجوز قصرهَا فِي سفر الْمعْصِيَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد الْمَسْجِد الْحَرَام والأقصى ومسجدي هَذَا وَلِهَذَا اتّفق سلف الْأمة وَخَلفهَا على أَنه لَو نذر السّفر إِلَى مشْهد عَليّ وَنَحْوه لم يوف بِهَذَا النّذر بِخِلَاف مالو نذر إتْيَان الْمَسْجِد الْحَرَام فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ الْوَفَاء اتِّفَاق وَكَذَا لَو نذر إتْيَان مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَو الْمَسْجِد الْأَقْصَى وَجب عَلَيْهِ الْوَفَاء عِنْد مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَلَا يجب عِنْد أبي حنيفَة لَكِن إِذا سمى حجا مُقَيّدا بِقَيْد يُخرجهُ عَن شُبْهَة الْمَشْرُوع مثل أَن يُقَال حج النَّصَارَى وَحج أهل الْبدع وَحج الضَّالّين كَمَا يُقَال صَوْم النَّصَارَى وَصَوْم الْيَهُود وَصَلَاة النَّصَارَى وَصَلَاة الْيَهُود وَصَلَاة الرافضة وَعِيد الرافضة وَنَحْو ذَلِك فَهُوَ جَائِز لمييز بذلك الْحق الْمَأْمُور بِهِ وَالْبَاطِل المنهى عَنهُ بل السّفر الْمَشْرُوع إِلَى مَسْجِد النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى إِنَّمَا يكون للصَّلَاة الَّتِي ورد الحَدِيث فِي فَضلهَا وَلَيْسَ لأحد أَن يفعل فِي ذَلِك مَا هُوَ من خَصَائِص الْبَيْت الْعَتِيق كَمَا يَفْعَله بعض الضلال من الطّواف بالصخرة أَو الْحُجْرَة النَّبَوِيَّة أَو السّفر إِلَى الْمُقَدّس وَقت التَّعْرِيف أَو الذّبْح هُنَاكَ وَحلق الرَّأْس وَنَحْو ذَلِك فَكل هَذَا من دين الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ من الْمُنْكَرَات فِي دين الْإِسْلَام الَّتِي يَنْبَغِي ردع فاعليها