الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذا احْتَاجَت أمته إِلَى النِّكَاح فإمَّا أَن يَطَأهَا أَو يُزَوّجهَا
وَوَطْء الْمَرْأَة فِي دبرهَا حرَام بِالْكتاب وَالسّنة وَهُوَ قَول جَمَاهِير السّلف وَالْخلف بل هُوَ اللوطية الصُّغْرَى وَقد ثَبت لَا تَأْتُوا النِّسَاء فِي أدبارهن وَقَوله تَعَالَى {فَأتوا حَرْثكُمْ أَنى شِئْتُم} فالحرض مَوضِع الْوَلَد
فصل
وَطْء الْإِمَاء الكتابيات بِملك الْيَمين أقوى من وطئهن بِملك النِّكَاح عِنْد عوام أهل الْعلم من الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيرهم وَلم ينْقل عَن أحد تَحْرِيم ذَلِك كَمَا نقل عَن بَعضهم الْمَنْع من نِكَاح الكتابيات وَإِن كَانَ ابْن الْمُنْذر قد قَالَ لم يَصح عَن أحد من الْأَوَائِل تَحْرِيم نِكَاحهنَّ فقد روى عَن ابْن عمر وَهُوَ قَول الشِّيعَة وَقد كَرَاهَة نِكَاحهنَّ عِنْد عدم الْحَاجة نزاع
والكراهية مَعْرُوفَة فِي مَذْهَب أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَمَالك وَكَذَا كَرَاهَة الْوَطْء الْإِمَاء فِيهِ نزاع روى عَن الْحسن أَنه كرهه
وَأما الْأمة الْمَجُوسِيَّة فَالْكَلَام فِيهَا مَبْنِيّ على أصلين
أَحدهمَا أَن نِكَاح المجوسيات لَا يجوز كَمَا لَا يجوز نِكَاح الوثنيات وَهُوَ مَذْهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَذكره الإِمَام أَحْمد عَن خَمْسَة من الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَحكى عَن الشَّافِعِي قَول بِجَوَاز ذَلِك بِنَاء على جَوَاز ذَبَائِحهم
الأَصْل الثَّانِي أَن من لَا يجوز نِكَاحهنَّ لَا يجوز وطئهن بِملك كالوثنيات وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَغَيرهم وَحكى عَن أبي ثَوْر إِبَاحَة وَطْء الْإِمَاء بِملك الْيَمين على أَي دين كن وأظن أَنه يذكر عَن بعض الْمُتَقَدِّمين وَقَوله تَعَالَى {إِلَّا على أَزوَاجهم أَو مَا ملكت أَيْمَانهم} يَقْتَضِي عُمُوم جَوَاز الْوَطْء بِملك الْيَمين مُطلقًا إِلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الدَّلِيل حَتَّى إِن عُثْمَان وَغَيره من الصَّحَابَة جعلُوا مثل هَذَا النَّص متناولا للْجمع بَين الْأُخْتَيْنِ حَتَّى قَالُوا أَحَلَّتْهُمَا آيَة
وحرمتهما آيَة وشيئا حرم فِيهِ الْجمع بِالنِّكَاحِ قد يتوزع فِي تَحْرِيم الْجمع فِيهِ بِملك الْيَمين
وَمن زنى بِامْرَأَة ثمَّ وجد مَعهَا بِنْتا لَا يعلم هَل هِيَ مِنْهُ أم لَا لَا يحل لَهُ نِكَاحهَا لِأَنَّهَا إِن كَانَت من غَيره حرمت عَلَيْهِ عِنْد مَالك وَأبي حنيفَة وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد وَإِن كَانَت بنته من الزِّنَا فَأَغْلَظ من ذَلِك وَإِذا اشتبهت عَلَيْهِ بغَيْرهَا حرمت
وَإِذا تزوج الْحر الْقرشِي أمه فولده مِنْهَا رَقِيق لسَيِّد الْأمة بِاتِّفَاق الْعلمَاء لِأَن الْوَلَد يتبع الْأُم فِي الْحُرِّيَّة ولارق وَيتبع أَبَاهُ فِي النّسَب وَالْوَلَاء فَإِن الْوَلَد مِمَّن يسترق جنسه بالِاتِّفَاقِ فَهُوَ رَقِيق بالِاتِّفَاقِ وَإِن كَانَ مِمَّن تتوزع فِي رق جنسه وَقع النزاع فِي رقّه كالعرب وَالصَّحِيح أَنه يجوز استرقاق الْعَرَب والعجم لما ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه صلى الله عليه وسلم قَالَ لعَائِشَة رضي الله عنها وَعِنْدهَا سبية من بني تَمِيم أعْتقهَا فَإِنَّهَا من ولد اسماعيل وَجَاءَت صدقَات بني تَمِيم فَقَالَ هَذِه صدقَات قَومنَا وَقَالَ هم أَشد أمتِي على الدَّجَّال وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه لَا أَزَال أحبهم يَعْنِي بني تَمِيم بعد هَذِه الثَّلَاثَة الَّتِي سَمِعتهنَّ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنه قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شئ قدير عشر مَرَّات كَانَ كمن أعتق أَرْبَعَة أنفس من بني إِسْمَاعِيل فَفِي هَذَا الحَدِيث أَن بني اسماعيل يعتقون فَدلَّ على ثُبُوت الرّقّ عَلَيْهِم كَمَا أَمر عَائِشَة أَن تعتقد عَن الْمُحَرر الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا من ولد اسماعيل وَفِيه من بني تَمِيم وَسبي هوَازن وهم عرب أعتقهم بعد أَن طَلَبهمْ من الْمُسلمين وطيبوا لَهُ نفسا بذلك وَقد وطئ مِنْهُ شَيْئا يعينها فِي كتَابَتهَا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم هَل لَك فِي خير من ذَلِك أقضى دينك وأتزوجك فَفعلت
فَتَزَوجهَا فَقَالَ النَّاس أَصَابَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا مَا بِأَيْدِيهِم فقد عتق بتزويجه إِيَّاهَا مائَة من بني المصطلق فَدلَّ ذَلِك على جَوَاز سبي الْعَرَب وَمنعه أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم
وَإِذا تزوج الْحر مَمْلُوكَة فولدها رَقِيق إِلَّا يكون من الْعَرَب عِنْد أبي حنيفَة وَلَكِن لَو زنى الْعَرَبِيّ بمملوكة الْوَلَد رَقِيقا اتِّفَاقًا لِأَن النّسَب غير لَاحق بِأَبِيهِ وَمَسْأَلَة ابْن سُرَيج محدثه لم يفت بهَا أحد من الْأَئِمَّة إِنَّمَا أفتى بهَا طَائِفَة من الْمُتَأَخِّرين بعد الْمِائَة الثَّالِثَة فَأنكرهُ عَلَيْهِ جَمَاهِير الْمُسلمين وَمن قلد فِيهَا شخصا ثمَّ تَابَ عَفا الله عَنهُ وَلَا يُفَارق امْرَأَته وَإِن كَانَ قد تسرج فِيهَا إِذا كَانَ متأولا
وَإِذا وكل ذِمِّيا فِي قبُول نِكَاح امْرَأَة مسلمة فانه يشبه تَزْوِيج الذِّمِّيّ ابْنَته الذِّمِّيَّة من مُسلم وَلَو زَوجهَا من ذمِّي جَازَ وَإِذا زَوجهَا من مُسلم فَفِيهِ نزاع قيل يجوز وَقيل لَا يجوز فيوكل مُسلما وَقيل يُزَوّجهَا الْحَاكِم وَكَونه وليا فِي تَزْوِيج الْمُسلم مثل كَونه وَكيلا فِي تَزْوِيج الْمسلمَة وَمن قَالَ إِن ذَلِك جاذز قَالَ إِن الْملك فِي النِّكَاح يحصل للزَّوْج لَا للْوَكِيل بالِاتِّفَاقِ بِخِلَاف الْملك فِي غَيره فَفِيهِ نزاع لِأَحْمَد وَغَيره فَلَو وكل مُسلم ذِمِّيا فِي شِرَاء خمر لم يجز وَخَالف فِيهِ أَبُو حنيفَة وَإِذا كَانَ الْملك يحصل للزَّوْج فتوكيله الذِّمِّيّ بِمَنْزِلَة تَوْكِيل الْمَرْأَة فِي تَزْوِيجهَا بعض محارمها كخالها فَإِنَّهُ يجوز تَوْكِيله فِي قبُول نِكَاحهَا وَإِن كَانَ لَا يحل لَهُ نِكَاح مسلمة لَكِن الْأَحْوَط أَن لَا يفعل لما فِيهِ من النزاع
لَو وكل امْرَأَة أَو صَبيا مُمَيّز أَو مَجْنُونا لم يجز
وَلَو وكل عبدا بِغَيْر إِذن سَيّده أَو وكل سَفِيها بِغَيْر إِذن وليه أَو صَبيا مُمَيّزا بِغَيْر إِذن وليه فَفِيهِ نزاع لِأَحْمَد وَغَيره
وَمن تزوج وَشرط أَن كل امْرَأَة يَتَزَوَّجهَا فَهِيَ طَالِق وكل أمة يتسرى بهَا فَهِيَ حرَّة ثمَّ تسرى أَو تزوج فَقَالَ زبو حنيفَة تطلق الَّتِي تزَوجهَا وتعتق الَّتِي
وتسرى بهَا وَهُوَ قَول مَالك إِذا لم يعم كَمَا ذكر وَمذهب أَحْمد لايقع لَهُ طلاة وَلَا عتاق لَكِن للزَّوْجَة الأولى الْخِيَار بَين الْمقَام مَعَه وفراقه
وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يَقع بِهِ شئ وَلَا تملك الْمَرْأَة فِرَاقه
وَمن تزوج فَأَتَت امْرَأَة بِولد بِعْ شَهْرَيْن لم يلْحقهُ النّسَب وَلَا يسْتَقرّ عَلَيْهِ الْمهْر بِاتِّفَاق وَفِي العقد قَولَانِ أصَحهمَا أَنه بَاطِل كمذهب مَالك وَأحمد وَغَيرهمَا وَيفرق بَينهمَا وَلَا مهر لَهَا وَلَا نصفه وَلَا مُتْعَة لَهَا إِذا لم يدْخل بهَا كَسَائِر الْعُقُود الْفَاسِدَة إِذا حصلت الْفرْقَة قبل الدُّخُول
وَيَنْبَغِي أَن يفرق بَينهمَا حَاكم يرى فَسَاد العقد بِقطع النزاع
وَالْقَوْل الآخر العقد صَحِيح وَلَا يحل لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى تضع كَقَوْل أبي حنيفَة وَقيل يجوز الْوَطْء قبل الْوَضع كمذهب الشَّافِعِي وَإِن كَانَت حَامِلا من وَطْء شُبْهَة أَو سيد أَو زوج فَإِن النِّكَاح بَاطِل بِاتِّفَاق الْمُسلمين وَلَا مهر لَهَا قبل الدُّخُول
وَإِذا ركن إِلَى الْخَاطِب حرمت الْخطْبَة على خطبَته عِنْد الْأَرْبَعَة وَإِن تنَازع فِي تَحْرِيمه بعض أحابنا وَفِي صِحَة نِكَاح الثَّانِي قَولَانِ هما رِوَايَتَانِ عَن أَحْمد وَيجب عُقُوبَة الْخَاطِب الثَّانِي وَمن أَعَانَهُ عَليّ ذَلِك
وتزويج العَبْد بِغَيْر إِذن سَيّده إِذا لم يجزه سَيّده بَاطِل بِاتِّفَاق فَإِن أجَازه فَهُوَ تصرف الْفُضُولِيّ فِيهِ نزاع
ورذا غر الْمَرْأَة وَذكر أَنه حر وَدخل بهَا ثمَّ تبين لَهَا أَنه عبد وَجب لَهَا الْمهْر بِلَا نزاع لَكِن هَل يجب مهر مثل كَقَوْل أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ أَو المسمي كَقَوْل مَالك أَو الخمسان يه نزاع وَهُوَ ثَلَاث رِوَايَات عَن أَحْمد
وَهل يتَعَلَّق بِرَقَبَتِهِ كَقَوْل أَحْمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ أَو بِذِمَّتِهِ كَقَوْل الشَّافِعِي فِي الْجَدِيد فِيهِ نزاع وَالْأول أظهر لِأَنَّهُ جِنَايَة
وَمن كَانَ مصرا على الفسوق لَا يَنْبَغِي أَن يتَزَوَّج
ورذا تزوج امْرَأَة عَليّ أَنَّهَا بكر فَبَانَت ثَيِّبًا فَلهُ الْفَسْخ وَله أَن يُطَالب بِأَرْش الصَدَاق وَهُوَ تفَاوت مَا بَين مهر الْبكر وَالثَّيِّب وَإِذا فسخ قبل الدُّخُول سقط الْمهْر وَأي الزَّوْجَيْنِ وجد بِالْآخرِ جنونا أَو جذاما أَو برصا فَلهُ فسخ النِّكَاح إِذا لم يرض بعد ظُهُور الْعَيْب وَقبل الدُّخُول يسْقط الْمهْر وَبعده لَا يسْقط
ؤذا تَعَذَّرَتْ النَّفَقَة من جِهَة الزَّوْج فلهَا فسخ النِّكَاح وَالْفَسْخ للْحَاكِم فَإِن فسخت هِيَ نَفسهَا لتعذر الْحَاكِم وَغَيره فَفِيهِ نزاع وَهل لوَلِيّهَا أَن يُطَالب بِفَسْخ النِّكَاح إِذا كَانَت مَحْجُورا عَلَيْهَا على وَجْهَيْن
وَإِذا حضرت مُطلقَة فَذكرت أَنَّهَا تزوجت زوجا وَطَلقهَا فَأَرَادَ هَذَا الزَّوْج ردهَا فخاف أَن يطْلب براءتها من الزَّوْج الثَّانِي فَادّعى عِنْد حَاكم أَنَّهَا جَارِيَة وَأَنه يُرِيد عتقهَا وَيكْتب لَهَا كتابا فَزَوجهَا القَاضِي على أَنه وَليهَا كَانَت خلية من الْمَوَانِع وَلم يكن لَهَا ولي من الْحَاكِم صَحَّ النِّكَاح وَإِن ظن القَاضِي أَنَّهَا عتيقة وَكَانَت حرَّة الأَصْل فَهَذَا الظَّن لَا يقْدَح فِي صِحَة النِّكَاح
وَهَذَا ظَاهر عَليّ أصل الشَّافِعِي فَإِن الزَّوْج عِنْده لَا يكون وليا
وَأما من يَقُول إِن المتعقة يكون زَوجهَا الْمُعْتق وَليهَا وَالْقَاضِي نَائِبه فَهُنَا إِذا زوج الْحَاكِم هَذِه صحت النِّيَابَة وَلم يكن قبُوله من جِهَتهَا وَلَكِن من جِهَة كَونهَا حرَّة الأَصْل فَهَذَا فِيهِ نظر