الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأجل المخاطرة لأبيح مَعَ عدمهَا فَلَمَّا ثَبت أَنه محرم على كل تَقْدِير علم بطلَان تَعْلِيل تَحْرِيمه بذلك وَأكْثر الْعلمَاء يحرمُونَ الْعِوَض فِي المصارعة وَإِن كَانَ بَينهمَا مُحَلل يرفع المخاطرة عدد من يَقُول بذلك فَعلم أَن الْمُؤثر هُوَ أكل المَال بِالْبَاطِلِ أَو كَون الْعَمَل يصد عَن الصَّلَاة وَعَن ذكر الله عز وجل ويوقع الْعَدَاوَة والبغضاء كَمَا دلّ عَلَيْهِ الْقُرْآن كَمَا أَن بذل المَال لما فِيهِ من إعلاء كلمة الله وَدين الله هُوَ من الْجِهَاد الَّذِي أَمر الله سُبْحَانَهُ وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم بِهِ سَوَاء كَانَ فِيهِ مخاطرة أَو لم يكن فَإِن المجهدة فِي سَبِيل الله عزو وَجل فِيهَا مخاطرة قد يغلب وَقد يغلب وَكَذَلِكَ سَائِر الْأُمُور من الْجعَالَة والمزارعة وَالْمُسَاقَاة وَالتِّجَارَة وَالسّفر وَغَيرهمَا كَمَا تقدم بَيَانه وَفِي هَذَا كِفَايَة وَالله أعلم
كتاب جَامع الْأَيْمَان
إنْشَاء الْحَرَام فِيمَا إِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته أَنْت عَليّ حرَام أَو قَالَ الْحل على حرَام أَو مَا أحل الله عَليّ حرَام وَله زَوْجَة فقد تنَازع فِيهِ الصَّحَابَة على قَوْلَيْنِ مشهورين يتفرغ عَنْهُمَا أَقْوَال
أحدما وَهُوَ قَول عَليّ وَزيد وَغَيرهمَا أَنه طَلَاق وَهُوَ قَول مَالك
وَالثَّانِي أَنه لَيْسَ بِطَلَاق بل يَمِين مكفرة الْكُبْرَى وَهِي كَفَّارَة الظِّهَار لِأَنَّهُ ظِهَار أَو بِالْكَفَّارَةِ الصُّغْرَى كَسَائِر الْأَيْمَان وَهَذَا قَول جُمْهُور الصَّحَابَة عمر وَعُثْمَان وَابْن عَبَّاس وروى عَن أبي بكر رضي الله عنهم ثمَّ من الصَّحَابَة من قَالَ هُوَ ظِهَار وَمِنْهُم من جعله يَمِينا بِلَا ظِهَار وَقَالَ مَسْرُوق لَا شَيْء فِيهِ وَلَا أُبَالِي حرمت امْرَأَتي أم قَصْعَة من ثريد
وتنازع الْفُقَهَاء فِي ذَلِك على نَحْو تنَازع السّلف فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أحد قوليه وَيذكر عَن أَحْمد رِوَايَة أَنه عِنْد الْإِطْلَاق يَمِين وَلَيْسَ بظهار وَقَالَ أَحْمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ هُوَ عِنْد الْإِطْلَاق ظِهَار وَمن جعله يَمِينا أَو ظهرا عِنْد الْإِطْلَاق فَنوى بِهِ غير ذَلِك فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي رِوَايَة إِن نوى بِهِ طَلَاقا فَهُوَ طَلَاق وَإِن نوى بِهِ ظِهَارًا فَهُوَ ظِهَار وَإِن نوى بِهِ يَمِينا فَهُوَ يَمِين وَقَالَ أَحْمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ ظِهَار كَقَوْلِه أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي وَلَو نوى بِهِ الطَّلَاق لم يكن طَلَاقا لِأَن اللَّفْظ إِذا كَانَ صَرِيحًا فِي حكم وَوجد مشَاعا لم يَجْعَل كِنَايَة فِي غَيره كَلَفْظِ الظِّهَار وَغَيره وَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يطلقون بالظهار ثمَّ لما تظاهر أَوْس بن الصَّامِت من زَوجته خَوْلَة وَسمع الله شكواها أنزل الله سُورَة المجادلة وَجعل الظِّهَار الَّذِي كَانُوا ينوون بِهِ الطَّلَاق مُنْكرا من القَوْل وزورا ل يَقع بِهِ شَيْء وَإِنَّمَا فِي الْكَفَّارَة قبل الْمَسِيس إِذا عَاد فَمن قَالَ عَليّ الْحَرَام كَذَلِك هُوَ الظِّهَار شبهها بِمن تحرم عَلَيْهِ على التأييد فَجعل الله ذَلِك مُنْكرا لِأَنَّهَا لَيست مثلهَا وَهنا نطق بِالتَّحْرِيمِ الَّذِي يُوجب التَّشْبِيه لِأَنَّهُ فِي ذَلِك التَّحْرِيم الْمُؤَيد وَإِنَّمَا قصد فِي الطَّلَاق التَّحْرِيم الْعَارِض وَالزَّوْجَة حَلَال لَا تكون حَرَامًا إِلَّا بِأَمْر الشَّارِع فَإِذا شبهها بِمن تحرم عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا أَو صرح بتحريمها كَانَ قد أثبت الحكم بِدُونِ سَببه وَمثل هَذَا مُمْتَنع وَلِهَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس تَحْرِيم الحلا يَمِين فِي كتاب الله تَعَالَى وَقَرَأَ {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم}
وَقد ذهب طَائِفَة من متأخري أَصْحَاب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ إِلَى أَن لفظ الْحَرَام قد اشْتهر فِي عرف الْعَامَّة فِي الطَّلَاق فجعلوه طَلَاقا عِنْد الْإِطْلَاق وَذهب بعض أَصْحَاب مَالك إِلَى أَنه لَيْسَ الْحَرَام فِي هَذِه الْبِلَاد طَلَاقا هَذَا أصل
وَالْأَصْل الثَّانِي أَن الْحلف بالحرام هُوَ بِمَنْزِلَة إِيقَاعه وَذهب كثير من الْفُقَهَاء إِلَى أَنه لَا فرق بَينهمَا كَمَا قَالُوهُ فِي الْحلف بالحرام هُوَ بِمَنْزِلَة إِيقَاعه وَذهب كثير من الْفُقَهَاء إِلَى أَنه لَا فرق بَينهمَا كَمَا قَالُوهُ فِي الْحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق وَذهب طَائِفَة إِلَى أَن الْحلف بِهِ لَيْسَ كالإنشاء كَمَا لَو حلف بِالنذرِ مثل إِن فعلت كَذَا فَمَالِي صَدَقَة
فَإِن مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَرِوَايَة عَن أبي حنيفَة أَنه تجزئة كَفَّارَة يَمِين أفتى بذلك الصَّحَابَة والتابعون مثل عمر وَحَفْصَة وَزَيْنَب ربيبة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَتسَمى هَذِه مَسْأَلَة نذر اللجاج وَالْغَضَب فَإِذا قَالَ إِن فعلت كَذَا فأمرأتي حرَام أَو مَالِي حرَام فقد حرم على نَفسه مالم يحرم الله عَلَيْهِ ليمتنع من ذَلِك الْعَمَل كَمَا أَنه فِي النّذر أوجب على نَفسه مالم يُوجِبهُ الله تَعَالَى عَلَيْهِ ليتمنع من ذَلِك الْعَمَل والإيجاب وَالتَّحْرِيم إِلَى الشَّارِع لَا إِلَى العَبْد وَهُوَ لم يقْصد إِيجَابا وَلَا تَحْرِيمًا إِنَّمَا قصد منع نَفسه من ذَلِك الْفِعْل وَالله قد جعل عَلَيْهِ الْكَفَّارَة إِذا حنث لقَوْله تَعَالَى {ذَلِك كَفَّارَة أَيْمَانكُم إِذا حلفتم} فشرع الْكَفَّارَة لإِزَالَة الآصار والأغلال عَن هَذِه الْأمة بِخِلَاف من قبلهَا فَإِنَّهُم كَانَ يلْزمهُم الْوَفَاء والتزام الْمَحْلُوف عَلَيْهِ
وَمن حلف على ابْن أُخْت زَوجته أَن لَا يعْمل عِنْد إِنْسَان لكَونه يَظْلمه ثمَّ بلغ وَخرج عَن أمره واستقل بِنَفسِهِ وَأجر نَفسه لذَلِك الرجل لم يَحْنَث ذَلِك الْحَالِف
وَلَو قَالَ أَنا بَرِيء من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِن كَلمته فَحنث فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين وَإِذا سلف على زَوجته بِالطَّلَاق أَنَّهَا لَا تخرج إِلَّا إِلَى الْحمام فَخرجت إِلَى بَيت أهل الزَّوْج وَقَالَت لم أَظن أَنَّك أردْت منعى من أهلك فَعرف صدقهَا فِي ذَلِك لم يَقع بِهِ طَلَاق وَإِن عرف كذبهَا لم يقبل قَوْلهَا وَإِن شكّ فِي صدقهَا وكذبها لم يحكم بِوُقُوع الطَّلَاق فَإِن النِّكَاح ثَابت بِيَقِين فَلَا يَزُول بِالشَّكِّ
وَإِذا حلف على أُخْت زَوجته لَا تدخل بَيته لَا بِإِذْنِهِ فَدخلت بِغَيْر إِذْنه وَلم تكن علمت بِالْيَمِينِ ثمَّ علمت فاعتقدت أَن الْيَمين انْحَلَّت بِالْحِنْثِ وَأَنه لم يبْق عَلَيْهَا يَمِين فاستمرت على الدُّخُول فَلَا حنث على الخالف لِأَن الدُّخُول الأول لم تكن عَالِمَة بِالْيَمِينِ وَبعد ذَلِك اعتقدت أَنَّهَا انْحَلَّت وَأَنه لم يبْق عَلَيْهِ يَمِين