الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب عقد الذِّمَّة
الراهب الَّذِي تنَازع الْعلمَاء فِي وجوب أَخذ الْجِزْيَة مِنْهُ هُوَ الحبيس الْمُنْقَطع المتخلي عَن النَّاس فِي دينهم ودنياهم كَمَا قَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه سَتَجِدُونَ أَقْوَامًا قد حبسوا أنفسهم فِي الصوامع فَهَذَا يُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة فِي مَذْهَب الشَّافِعِي فِي الْمَشْهُور عَنهُ وَلَا يُؤْخَذ مِنْهُ عِنْد غَيره وَأما الَّذِي يخالط أهل الذِّمَّة فيزارع ويتاجر فَحكمه حكمهم بِلَا نزاع وَتُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة بِلَا ريب ولاي حل إبقاؤهم بِلَا جِزْيَة وَلَا يتْرك لَهُ من المَال إِذا فتحت الْبِلَاد إِلَّا مَا يَكْفِيهِ وَلَا يجوز أَن يقطع شَيْئا من أَمْوَال الْمُسلمين
وَمن أعْتقهُ سَيّده وَجَبت عَلَيْهِ الْجِزْيَة عِنْد الْجُمْهُور سَوَاء كَانَ سَيّده مُسلما أَو كَافِرًا وَفِي رِوَايَة ضَعِيفَة عِنْد أَحْمد لَا جِزْيَة على عَتيق وَهِي رِوَايَة عَن مَالك وَرِوَايَة التَّهْذِيب الْفرق بَين الْعَتِيق الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَالرِّوَايَة الثَّالِثَة عَن مَالك كمذهب الْجُمْهُور تجب الْجِزْيَة على كل عَتيق
والجزية وَجَبت عُقُوبَة وعوضا عَن حقن الدَّم عِنْد أَكثر الْعلمَاء وَأُجْرَة على سُكْنى الدَّار عِنْد بَعضهم وَمن قَالَ بِالثَّانِي لَا يُسْقِطهَا بِإِسْلَام من وَجَبت عَلَيْهِ وَلَا بِمَوْتِهِ
وَلَا جِزْيَة على عبد الْمُسلم وَفِي عبد الْكَافِر نزاع لِأَحْمَد وَغَيره
وَلعن الْكفَّار مُطلقًا حسن لما فيهم من الْكفْر وَأما لعن الْمعِين فينهى عَنهُ وَفِيه نزاع وَتَركه أولى
وَلَا يجوز أَن يُولى الْكِتَابِيّ شَيْئا من ولايات الْمُسلمين لَا على جِهَات سلطانية وَلَا أَخْبَار الْأُمَرَاء وَلَا غير كَمَا قَالَ عمر رضي الله عنه لما ولى بعض امرائه كَاتبا نَصْرَانِيّا وَلَا تعزوهم بعد إِذا أذلّهم الله وَلَا تَأْمَنُوهُمْ بعد إِذْ خَوَّنَهُمْ الله
وَلَا تُصَدِّقُوهُمْ بعد إِذا أكذبهم الله وَكتب إِلَى خَالِد بِالشَّام لما رَاجعه خَالِد فِي أَمر كَاتبه بِالشَّام أَن يكون نَصْرَانِيّا لِأَنَّهُ لَا يحسن الْكِتَابَة غَيرهم فَقَالَ عمر قدرموته فِيمَن ترك شَيْئا لله عوض الله خيرا مِنْهُ
وَالْمَدينَة والقربة الَّتِي يسكنهَا الْمُسلمُونَ وفيهَا مَسَاجِد الْمُسلمين لَا يجوز أَن يظْهر فِيهَا شَيْء من شَعَائِر الْكفْر لَا كنائس وَلَا غَيرهَا إِلَّا أَن يكون لَهُم عهد فيوفى لَهُم بعهدهم فَلَو كَانَ بِأَرْض الْقَاهِرَة وَنَحْوهَا كَنِيسَة قبل بِنَاء الْمَكَان للْمُسلمين يَنْبَغِي أَن تخرب وتهدم لِأَن الْقَاهِرَة فتحت عنْوَة فَكيف وكنائسها محدثة فَإِن الْقَاهِرَة قد ملكهَا العبيديون الَّذين اتّفق الْمُسلمُونَ على أَنهم خارجون عَن الشَّرِيعَة وَأَنَّهُمْ كَانُوا إسماعيلية كَمَا قَالَ الْغَزالِيّ ظَاهر مَذْهَبهم الرَّفْض وباطنه الْكفْر الْمَحْض وَاتَّفَقُوا على أَن قَتلهمْ كَانَ جَائِزا وهم الَّذين أَحْدَثُوا لِلنَّصَارَى هَذِه الْكَنَائِس وصنف الْعلمَاء فِي كفرهم وزندقتهم مثل القدروى وَالشَّيْخ أبي حَامِد الإسفرائيني وَالْقَاضِي أبي يعلى وَأبي مُحَمَّد بن زبي زيد وَأبي بكر ابْن الطّيب الباقلاني
وَالَّذين يوجدون فِي بِلَاد الْإِسْلَام من الاسماعيلية والنصيرية والدروزية هم من أتباعهم وَكَانَ وزيرهم بِالْقَاهِرَةِ مرّة يَهُودِيّا فَقَوِيت الْيَهُودِيَّة بِسَبَبِهِ وَمرَّة نَصْرَانِيّا أرمنيا وقويت النَّصَارَى بِسَبَب ذَلِك النَّصْرَانِي الأرمني وبنوا كنائس كَثِيرَة بِأَرْض مصر فِي دولة أُولَئِكَ الرافضة الْمُنَافِقين وَكَانُوا ينادون بَين القصرين من لعن وَسَب فَلهُ دِينَار وأردب وَفِي أيامهم أَخذ النَّصَارَى سَاحل الشَّام من الْمُسلمين حَتَّى فَتحه نور الدّين مَحْمُود بن زنكي وَصَلَاح الَّذين الأيوبي
وَلَيْسَ لأهل الذِّمَّة أَن يكاتبوا أهل دينهم من أهل الْحَرْب وَلَا يخبروهم بشئ من أَخْبَار الْمُسلمين وَمن فعل ذَلِك مِنْهُم وَجَبت عُقُوبَته وَنقض عَهده فِي أصح الْقَوْلَيْنِ