الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن ادّعى الْعِصْمَة لأحد فِي كل مَا يَقُوله بعد الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فَهُوَ ضال وَفِي تكفيره نزاع وتفصيل وَمن قلد من يسوغ لَهُ تَقْلِيده فَلَيْسَ لَهُ أَن يَجْعَل قَول متبوعة أصح من غَيره بالهوى بِغَيْر هدى من الله وَلَا يَجْعَل متبوعة محنة للنَّاس فَمن وَافقه وَالَاهُ وَمن خَالفه عَادَاهُ فَإِن هَذَا حُرْمَة الله وَرَسُوله بِاتِّفَاق الْمُؤمنِينَ بل يجب على الْمُؤمنِينَ أَن يَكُونُوا كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} إِلَى قَوْله {ولتكن مِنْكُم أمة يدعونَ إِلَى الْخَيْر ويأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر وَأُولَئِكَ هم المفلحون وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْبَينَات وَأُولَئِكَ لَهُم عَذَاب عَظِيم يَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه} قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما {تبيض وُجُوه أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَتسود وُجُوه أهل الْبِدْعَة والفرقة}
وَفِي جَوَاز تَقْلِيد الْمَيِّت قَولَانِ فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره
فصل
أَوْلِيَاء الله هم الْمُؤْمِنُونَ المتقون كَمَا قَالَ تَعَالَى {أَلا إِن أَوْلِيَاء الله لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ الَّذين آمنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} وهم على دَرَجَتَيْنِ
إِحْدَاهمَا دَرَجَة الْمُقْتَصِدِينَ أَصْحَاب الْيَمين الَّذين يؤدون الْوَاجِبَات ويتركون الْمُحرمَات
وَالثَّانيَِة دَرَجَة السَّابِقين المقربين وهم الَّذين يؤدون الْفَرَائِض والنوافل ويتركون الْمَحَارِم والمكاره وَإِن كَانَ لَا بُد لكل عبد من تَوْبَة واستغفار يكمل بذلك مقَامه فَمن كَانَ عَالما بِمَا أمره الله بِهِ وَمَا نَهَاهُ عَنهُ عَاملا بِمُوجب ذَلِك كَانَ من أَوْلِيَاء الله سَوَاء كَانَت لبسته فِي الظَّاهِر لبسه الْعلمَاء أَو الْفُقَرَاء أَو الْجند أَو
التُّجَّار أَو الصناع أَو الفلاحين لَكِن إِن كَانَ مَعَ ذَلِك متقرا إِلَى الله بالنوافل كَانَ من المقربين وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك دَاعيا غَيره إِلَى الله هاديا لِلْخلقِ كَانَ أفضل من غَيره من أَوْلِيَاء الله كَمَا قَالَ تَعَالَى {يرفع الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَالَّذين أُوتُوا الْعلم دَرَجَات} قَالَ ابْن عَبَّاس للْعُلَمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء لِأَن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما وَإِنَّمَا ورثوا الْعلم فَمن أَخذه أَخذ بِخَط وافر فضل الْعَالم على العابد كفضل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب رَوَاهُمَا أهل السّنَن
إِذا تبين ذَلِك فَمن كَانَ جَاهِلا بِمَا أمره الله بِهِ وَمَا نَهَاهُ عَنهُ لم يكن من أَوْلِيَاء الله وَإِن كَانَ فِيهِ زهادة وَعبادَة لم يَأْمر الله بهما وَرَسُوله كالزهد وَالْعِبَادَة الَّتِي كَانَت فِي الْخَوَارِج والرهبان وَنَحْوهم كَمَا أَن من كَانَ عَالما بِأَمْر الله وَنَهْيه وَلم يكن عَاملا بذلك لم يكن من أَوْلِيَاء الله بل قد يكون فَاسِقًا فَاجِرًا كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم مثل الْمُؤمن الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن كالأثرجة طعمها طيب وريحها طيب وَمثل الْمُؤمن الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن مثل التمرة طعمها وَلَا ريبح لَهَا وَمثل الْمُنَافِق الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن مثل الحنظلة طعمها مر وَلَا ريح لَهَا
وَيُقَال مَا اتخذ الله وليا جَاهِلا أَي جَاهِلا بِمَا أمره بِهِ وَنَهَاهُ عَنهُ فَأَما من عرف مَا أَمر الله وَمَا نهى عَنهُ وَعمل بذلك فَهُوَ الْوَلِيّ لله وَإِن لم يقْرَأ الْقُرْآن كُله وَإِن لم يحسن أَن يُفْتى النَّاس وَيَقْضِي بَينهم
فَأَما الَّذِي يرائي بِعَمَلِهِ الَّذِي لَيْسَ بمشروع فَهَذَا بِمَنْزِلَة الْفَاسِق الَّذِي ينتسب إِلَى الْعلم وَيكون علمه من الْكَلَام الْمُخَالف لكتاب الله وَسنة رَسُوله فَكل من هذَيْن الصِّنْفَيْنِ بعيد عَن ولَايَة الله تَعَالَى بِخِلَاف الْعَالم الْفَاجِر الَّذِي يَقُول مَا يُوَافق الْكتاب وَالسّنة وَالْعَابِد الْجَاهِل الَّذِي يقْصد بِعِبَادَتِهِ الْخَيْر فَإِن كلا من هذَيْن مُخَالف لأولياء الله من وَجه دون وَجه فقد يكون فِي الرجل بعض خِصَال أَوْلِيَاء
الله دون بعض وَقد يكون فِيمَا ذكر مَعْذُورًا بخطأ أَو نِسْيَان وَقد لَا يكون مَعْذُورًا
وَمن قَالَ إِن الْأَوْلِيَاء أفضل من جَمِيع الْخلق فَقَوله أظهر عِنْد جَمِيع أهل الْملَل من أَن يشك فِي كذبه بل هُوَ مَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ أَنه بَاطِل فان الرُّسُل أفضل الْأَنْبِيَاء وأولو الْعَزْم كنوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمّد صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ أفضل من سَائِر الْمُسلمين وَإِن مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم سيد وَله آدم وَلَيْسَ يحْتَاج هَذَا أَن يثبت بِحَدِيث وَلَا أثر فقد رتب الله سبحانه وتعالى خلقه فَقَالَ {وَمن يطع الله وَالرَّسُول فَأُولَئِك مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ} فرتبهم على أَربع طَبَقَات
وَأجْمع الْمُسلمُونَ على أَن من سبّ نَبيا فقد كفر وَمن سبّ أحد من الْأَوْلِيَاء الَّذين لَيْسُوا بِأَنْبِيَاء فَإِنَّهُ لَا يكفر إِذا إِذا كَانَ سبه مُخَالفا لأصل من أصُول الْإِيمَان مثل أَن يتَّخذ ذَلِك السب دينا وَقد علم أَنه لَيْسَ بدين وعَلى هَذَا ينبنى النزاع فِي تَكْفِير الرافضة
وَقد اتّفق الْمُسلمُونَ على أَن أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم خير الْأُمَم وَأَن خير هَذِه الْأمة أَصْحَاب نَبينَا صلى الله عليه وسلم وأفضلهم السَّابِقُونَ الْأَولونَ وأفضلهم أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ رضي الله عنهم
وَمن كَانَ رَسُولا فقد اجْتمعت فِيهِ ثَلَاثَة أَصْنَاف الرسَالَة والنبوة وَالْولَايَة وَمن كَانَ نَبيا فقد اجْتمع فِيهِ الصفتان وَمن كَانَ وليا فقد لم يكن فِيهِ إِلَّا صفة وَاحِدَة وَمن كَانَ لكتاب الله أتبع فَهُوَ بِولَايَة الله أَحَق
وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على أَن مُوسَى أفضل من الْخضر فَمن قَالَ إِن الْخضر أفضل فقد كفر وَسَوَاء قيل إِن الْخضر نَبِي أَو ولي وَالْجُمْهُور على أَنه لَيْسَ بِنَبِي بل أَنْبيَاء بني إِسْرَائِيل الَّذين ابتعوا التَّوْرَاة وَذكرهمْ الله تَعَالَى كداود وَسليمَان أفضل من الْخضر بل على قَول الْجُمْهُور أَنه لَيْسَ بِنَبِي فَأَبُو بكر وَعمر