الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالطَّلَاق وَإِذا قصد التَّكَلُّم بِالطَّلَاق لَا يعْتَقد أَنه يَقع بِهِ طَلَاق مثل تكلم العجمي بِلَفْظ لَا يفهم مَعْنَاهُ
وَطَلَاق الهازل وَاقع لِأَنَّهُ قصد التَّكَلُّم بِالطَّلَاق وَإِن لم يقْصد إيقافه وَهَذَا لم يقْصد لَا هَذَا وَلَا هَذَا
وَيُشبه هَذَا مَا لَو رأى امْرَأَة فَقَالَ أَنْت طَالِق يَظُنهَا أَجْنَبِيَّة فَبَانَت امْرَأَته فَإِنَّهُ لَا يَقع طَلَاقه فِي الصَّحِيح وَالله أعلم
وَطَلَاق الْمُكْره لَا يَقع عِنْد الجماهير كمالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهم
وَإِذا كَانَ حِين الطَّلَاق أحَاط بِهِ أَقوام يعْرفُونَ بِأَنَّهُم يعادونه أَو يضربونه وَلَا يُمكنهُ إِذا ذَاك أَن يدفعهم عَن نَفسه وَادّعى أَنهم أكرهوه على الطَّلَاق قبل قَوْله وَفِي تَحْلِيفه نزاع
إِذا رأى أَن يُطلق وَاحِدَة فَسبق لِسَانه فَقَالَ ثَلَاثًا لم يَقع إِلَّا وَاحِدًا بل لَو أَرَادَ أَن يَقُول لطاهر فَسبق لِسَانه بطالق لم تطلق فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى
وَلَو قَالَ كل شَيْء أملكهُ حرَام عَليّ فَعَلَيهِ فِي غير الزَّوْجَة كَفَّارَة ظِهَار وَأما الزَّوْجَة فمذهب مَالك هُوَ طَلَاق وَمذهب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي أظهر قوليه عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَمذهب أَحْمد عَلَيْهِ كَفَّارَة ظِهَار إِلَّا أَن يَنْوِي غير ذَلِك فَفِيهِ نزاع وَالصَّحِيح أَنه لَا يَقع بِهِ طَلَاق
فصل
إِذا قَالَ الرجل على الطَّلَاق لَأَفْعَلَنَّ كَذَا أَو لَا أَفعلهُ أَو الطَّلَاق لي لَازم لأفعلنه أَو إِن لم أَفعلهُ فالطلاق يلْزَمنِي أَو لَازم لي وَنَحْو هَذِه الْعبارَات الَّتِي تَتَضَمَّن التزاما بِالطَّلَاق ثمَّ حنث فَهَل يَقع بِهِ الطَّلَاق
على قَوْلَيْنِ للْعُلَمَاء فِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة وَغَيرهَا
أَحدهمَا لَا يَقع وَهُوَ مَنْصُوص أبي حنيفَة وَطَائِفَة من أَصْحَاب الشَّافِعِي كالقفال وَأبي سعيد الْمُتَوَلِي وَبِه يُفْتِي وَيَقْضِي فِي بِلَاد الشرق والجزيرة وَالْعراق وخراسان والحجاز ومصر وَالشَّام وبلاد الْمغرب وَهُوَ قَول دَاوُد وَأَصْحَابه كَانَ حزم وَقَول طَاوس وَكثير من عُلَمَاء الْمغرب الْمَالِكِيَّة وَغَيرهم وَقد دلّ عَلَيْهِ كَلَام الإِمَام أَحْمد الْمَنْصُوص عَنهُ وأصول مذْهبه فِي غير مَوضِع
وَلَو حلف بِالثلَاثِ فَقَالَ الطَّلَاق يلْزَمنِي ثَلَاثًا لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَكَانَ طَائِفَة من السّلف وَالْخلف من أَصْحَاب مَالك وَأحمد وَدَاوُد وَغَيرهم يفتون بِأَنَّهُ لَا يَقع الثَّلَاث لَكِن مِنْهُم من يُوقع بِهِ وَاحِدَة وَهَذَا مَنْقُول عَن طَائِفَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَغَيرهم فِي التَّنْجِيز فضلا عَن التَّعْلِيق وَالْيَمِين وَهَذَا قَول من اتبعهم من أَصْحَاب مَالك وَأحمد وَدَاوُد فِي التَّخْيِير وَالتَّعْلِيق وَالْحلف وَمن السّلف طَائِفَة من أعيانهم تفرق بَين الْمَدْخُول بهَا وَغَيرهَا
وَالَّذين لم يوقعوا طَلَاقا على من قَالَ يلْزَمنِي الطَّلَاق الثَّلَاث لَأَفْعَلَنَّ كَذَا مِنْهُم من لَا يُوقع بِهِ طَلَاقا وَلَا يَأْمُرهُ بكفارة
وَمِنْهُم من يَأْمُرهُ بِالْكَفَّارَةِ وَبِكُل من الْقَوْلَيْنِ أفتى كثير من الْعلمَاء
وَقد بسطت أَقْوَال الْعلمَاء وَأَلْفَاظهمْ وَمن نقل عَنْهُم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة والكتب الْمَوْجُود ذَلِك فِيهَا والأدلة فِي مَوَاضِع أخر تبلغ عَن مجلدات
وَالْخلاف الَّذِي ذكرته فِي مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ هُوَ فِيمَا إِذا حلف بِصِيغَة اللُّزُوم مثل الطَّلَاق يلْزَمنِي والنزاع فِي المذهبين سَوَاء كَانَ مُنجزا أَو مُعَلّقا بِشَرْط أَو مخلوفا بِهِ فَهَل ذَلِك صَرِيح أَو كِنَايَة أَو لَا صَرِيح وَلَا كِنَايَة فَلَا يَقع بِهِ طَلَاق وَإِن نَوَاه ثَلَاثَة أَقْوَال وَفِي مَذْهَب أَحْمد قَولَانِ هَل ذَلِك صَرِيح أَو كِنَايَة
وَأما الْحلف بِالطَّلَاق أَو التَّطْلِيق الَّذِي يقْصد بِهِ الْحلف هَل يَقع بِهِ فِي
مثل هَذِه الْحلف فالنزاع فِيهِ من غَيرهم بِغَيْر هَذِه الصِّيغَة فَمن قَالَ إِن من أفتى بِأَن الطَّلَاق لَا يَقع فِي مثل هَذِه الصُّورَة مُخَالف للْإِجْمَاع ومخالف لكل قَول فِي الْمذَاهب الْأَرْبَعَة فقد أَخطَأ وَقفا مَا لَا علم لَهُ
بل أجمع الْأَرْبَعَة وأتباعهم وَسَائِر الْأَئِمَّة على أَن من قضى بِأَنَّهُ لَا يَقع الطَّلَاق فِي مثل هَذِه الصُّورَة لم يجز نقص حكمه وَمن أفتى بِهِ مِمَّن هُوَ من أهل الْفتيا سَاغَ لَهُ ذَلِك وَلم يجز الْإِنْكَار عيله بِاتِّفَاق الْأَرْبَعَة وَغَيرهم من الْمُسلمين وَلَا من قَلّدهُ وَلَو قضى أَو أفتى بقول سَائِغ يخرج على أَقْوَال الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة فِي مسَائِل الْأَيْمَان وَالطَّلَاق وَغَيرهَا مِمَّا ثَبت فِيهِ النزاع بَين عُلَمَاء الْمُسلمين وَلم يُخَالف بِهِ كتابا وَلَا سنة وَلَا معنى ذَلِك بل كَانَ القَاضِي بِهِ والمفتي بِهِ يسْتَدلّ عَلَيْهِ بالأدلة الشَّرْعِيَّة فَإِنَّهُ يشرع لَهُ أَن يحكم ويفتى بِهِ وَلَا ينْتَقض حكمه اتِّفَاقًا وَلَا يحل مَنعه من الحكم وَلَا من الْفتيا وَلَا منع أحد من تَقْلِيده
وَمن قَالَ إِنَّه يسوغ الْمَنْع من ذَلِك فقد خَالف إِجْمَاع الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة بل إِجْمَاع الْمُسلمين مَعَ مُخَالفَته لله وَرَسُوله
فَمن قَالَ يجب اتِّبَاع قَوْلنَا دون غَيره من غير أَن يُقيم دَلِيلا شَرْعِيًّا على صِحَة قَوْله فقد خَالف إِجْمَاع الْمُسلمين وَتجب عُقُوبَته كَمَا يُعَاقب أَمْثَاله وَيجب استتابته إِن أصر فان تَابَ وَإِلَّا قتل
وكل يَمِين من أَيْمَان الْمُسلمين غير الْمعِين بِاللَّه تَعَالَى مثل الْحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق وَالظِّهَار وَالْحرَام وَالْحج وَالْمَشْي إِلَى بَيت الله وَالصَّدَََقَة وَالصِّيَام وَغير ذَلِك فللعلماء فِيهِ نزاع مَعْرُوف سَوَاء حلف بِصِيغَة الْقسم فَقَالَ الْحَرَام يلْزَمنِي أَو الطَّلَاق يلْزَمنِي أَو الْعتْق يلْزَمنِي أَو حلف بِصِيغَة التَّعْلِيق فَقَالَ إِن فعلت كَذَا فعلي الْحَرَام أَو نسَائِي طَوَالِق أَو عَبِيدِي أَحْرَار أَو مَالِي صَدَقَة أَو على الْمَشْي إِلَى بَيت الله فقد اتّفق الْأَئِمَّة أَنه يسوغ للْقَاضِي أَن يقْضِي فِي هَذِه الْمسَائِل جَمِيعهَا بِأَنَّهُ إِذا حنث وَلَا يلْزمه مَا حلف بِهِ بل إِمَّا أَن لَا يجب عَلَيْهِ من شَيْء مُطلقًا
وَإِمَّا أَن تجب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة وَمَا زَالَ فِي الْمُسلمين من يُفْتِي بذلك من حِين حدث الْحلف بهَا وَإِلَى هَذِه الْأَزْمِنَة مِنْهُم من يُفْتِي بِالْكَفَّارَةِ وَمِنْهُم من يُفْتِي بِأَن لَا كَفَّارَة وَلَا يلْزم الْمَخْلُوق عَلَيْهِ شَيْء كَمَا أَن مِنْهُم من يُفْتِي بِلُزُوم المخلوف بِهِ وَهَذِه الْأَقْوَال الثَّلَاثَة فِي الْأمة من يُفْتِي بهَا بِالْحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق وَالْحرَام وَالنّذر
وَأما إِذا حلف بالمخلوقات كالكعبة فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ بِاتِّفَاق الْمُسلمين
فالأيمان ثَلَاثَة أَقسَام أما الْحلف بِاللَّه فَفِيهِ الْكَفَّارَة بالِاتِّفَاقِ
وَأما الْحلف بالمخلوقات فَلَا كَفَّارَة فِيهِ بالِاتِّفَاقِ إِلَّا بِالْحلف بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَفِيهِ الْكَفَّارَة قولا فِي مَذْهَب أَحْمد وَغَيره وَقد عزى بعض أَصْحَابه ذَلِك إِلَى جَمِيع النَّبِيين
وَأما من عقد من الْأَيْمَان بِالطَّلَاق وَنَحْوه وَهُوَ هَذِه الْأَيْمَان فللمسلمين فِيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال
وَإِن كَانَ من النَّاس من ادّعى الْإِجْمَاع فِي بَعْضهَا فَهُوَ مثل كثير من مسَائِل النزاع الَّتِي يدعى الْإِجْمَاع فِيهَا من لم يعرف الْخلاف ومقصوده أَنِّي لَا أعلم نزاعا فَمن علم النزاع وأثبته كَانَ مثبتا عَالما ومقدما على النَّافِي بِاتِّفَاق فَإِذا كَانَ الصَّحَابَة رضي الله عنهم ثَبت أَنهم أثبتوا فِي الْحلف بِالطَّلَاق بل فِي الْحلف بِالْعِتْقِ الَّذِي هُوَ أحب إِلَى الله تَعَالَى من الطَّلَاق أَنه لَا يلْزم الْحَالِف بِهِ طَلَاق وَلَا عتاق بل يُجزئهُ الْكَفَّارَة فَكيف يكون قَوْلهم فِي الطَّلَاق الَّذِي هُوَ أبْغض الْحَلَال إِلَى الله تَعَالَى
وَقد اتّفق الْمُسلمُونَ على أَن من حلف بالْكفْر أَنه لَا يلْزمه الْكفْر وَقَالَ تَعَالَى {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم}