الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأما لُزُوم الأنتاقل فللناس عَنهُ جوابان مبنيان على جَوَاز قيام الصِّفَات الفعلية الْمُتَعَلّقَة بِالْمَشِيئَةِ بِذَاتِهِ فَمن لم يجوز ذَلِك قَالَ إِنَّه لما خلق الْعَالم لم ينْتَقل هُوَ وَلم يتغبر بل خلقه مباينا لَهُ لم يدْخل فِي الْعَالم وَلم يدْخل الْعَالم فِيهِ وَحدث بَينه وَبَين الْعَالم إِضَافَة الْمَعِيَّة وحدوث الإضافات جَائِز اتِّفَاقًا بل لَا بُد مِنْهُ وَهَذَا قَول من يَقُول الاسْتوَاء إِضَافَة مَحْضَة وَأَنه فعل فعله فِي الْعَرْش صَار بِهِ مستويا عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ خلق الْعَرْش تَحْتَهُ فَلَزِمَ أَن يكون هُوَ فَوْقه من غير حَرَكَة من الرب وَلَا تحول قَائِم بِذَاتِهِ
وَالْجَوَاب الثَّانِي جَوَاب من يجوز قيام الْأَفْعَال الإرادية بِذَاتِهِ كَمَا هُوَ الْمَفْهُوم من النُّصُوص وَهَؤُلَاء يلتزمون مَا ذكر من معنى الِانْتِقَال وَالْحَرَكَة لَكِن مِنْهُم من يقر بِالْمَعْنَى دون اللَّفْظ لكَون الشَّرْع لم يرد بِهَذَا اللَّفْظ وَإِنَّمَا ورد بِلَفْظ الاسْتوَاء والمجيء وَالنُّزُول وَنَحْو ذَلِك وَمِنْهُم من يقر بِاللَّفْظِ أَيْضا وَيَقُول إِن ذَلِك لَا يسْتَلْزم الْحُدُوث وَأَن الِاسْتِدْلَال بذلك على الْحُدُوث بَاطِل وَمن قَالَ إِن ذَلِك حجَّة إِبْرَاهِيم عليه السلام فقد أبطل بل قصَّته تدل على نقيض الْمَطْلُوب كَمَا قد بسط كَلَام النَّاس عَلَيْهَا فِي غير هَذَا الْمَكَان وَهَذَا الَّذِي احتملته هَذِه الورقة
فصل
وجود الْجِنّ ثَابت بِالْكتاب وَالسّنة واتفاق سلف الْأمة وَكَذَلِكَ دُخُول الجنى فِي بدن الْإِنْسَان ثَابت بِاتِّفَاق أَئِمَّة أهل السّنة وَهُوَ أَمر مشهود محسوس لمن تدبره يدْخل فِي المصروع وَيتَكَلَّم بِكَلَام لَا يعرفهُ بل وَلَا يدربه بل يضْرب ضربا لَو ضربه جمل لمات وَلَا يحس بِهِ المصروع
وَقَول تَعَالَى {الَّذِي يتخبطه الشَّيْطَان من الْمس} وَقَوله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان يجْرِي من الْإِنْسَان مجْرى الدَّم وَغير ذَلِك يصدقهُ
وَأما معالجة المصروع بالرقى والتعوذ حَتَّى يبرأ فَهَذَا على وَجْهَيْن
فَإِن كَانَت الرقى مِمَّا يعرف مَعْنَاهُ وَهُوَ مَا يجوز فِي دين الْإِسْلَام أَن يتَكَلَّم الرجل بِهِ دَاعيا لله ذَاكِرًا لَهُ مُخَاطبا لخلقه وَنَحْوه فَإِنَّهُ يجوز أَن يرقى بهَا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أذن فِي الرقى مالم تكن شُرَكَاء كَمَا ثَبت ذَلِك فِي الصَّحِيح وَقَالَ من اسْتَطَاعَ أَن ينفع أَخَاهُ فَلْيفْعَل
وَإِن كَانَ فِي ذَلِك كَلِمَات مُحرمَة مثل الشّرك أَو كَانَت كلهَا أَو بَعْضهَا مَجْهُول الْمَعْنى يحْتَمل أَن يكون فِيهَا مَا هُوَ كفر فَلَيْسَ لأحد أَن يرقى بهَا وَلَا يعزم وَلَا يقسم وَإِن كَانَ من نَفعه كالسيمياء وَغَيرهَا من أَنْوَاع السحر فَإِن السَّاحر السيمياوي وَإِن كَانَ ينَال بذلك بعض أغراضه فَهُوَ كَمَا ينَال الزَّانِي بعض أغراضه فَلَيْسَ للْعَبد أَن يدْفع كل ضَرَر بِمَا شَاءَ وَلَا أَن يجلب كل مَنْفَعَة بِمَا شَاءَ بل لَا بُد من تقوى الله
فَمن كذب بِمَا هُوَ مَوْجُود من الْجِنّ وَالشَّيَاطِين وَالسحر وَمَا يعانيه السَّحَرَة والكهان على اخْتِلَاف أَنْوَاعه كدعاء الْكَوَاكِب وتمريخ القوى السيماوية الفعالة