الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالنَّهْي عَنْهَا وَاجِب على الْمُسلمين على كل قَادر بِالْعلمِ وَالْبَيَان وَالْيَد وَاللِّسَان فَإِن ذَلِك من أعظم مَا أوجبه الله من الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَهَؤُلَاء وأشباههم هم أَعدَاء الرُّسُل وسوس الْملك وَلَا ينْفق الْبَاطِل فِي الْوُجُود إِلَّا بشوب من حق كَمَا أَن أهل الْكتاب لبسوا الْحق بِالْبَاطِلِ فَيحصل بذلك فتْنَة فِي الدّين وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم
بَاب فِي الاسْتِسْقَاء
يحول رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّل الْقَحْط
من النَّاس من قَالَ إِن الْيَد لَا ترفع إِلَّا فِي الاسْتِسْقَاء وَتركُوا رفع الْيَدَيْنِ فِي سَائِر الْأَدْعِيَة
وَمِنْهُم من فرق بَين دُعَاء الرَّغْبَة وَدُعَاء الرهبة فَقَالَ فِي دُعَاء الرَّغْبَة يَجْعَل ظَاهر كفيه إِلَى السَّمَاء وباطنهما إِلَى الأَرْض وَفِي الرهبة بِالْعَكْسِ يَجْعَل باطنهما إِلَى السَّمَاء وظاهرها إِلَى الأَرْض
وَقَالُوا الرَّاغِب كالمستطعم والراهب كالمستجير
وَالصَّحِيح الرّفْع مُطلقًا فقد تَوَاتر عَنهُ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي الصِّحَاح أَن الطُّفَيْل قَالَ يَا رَسُول الله إِن دوسا قد عَصَتْ وأبت فَادع الله عَلَيْهِم فَاسْتقْبل الْقبْلَة وَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ اهد دوسا وائت بهم
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ لما دَعَا لأبي عَامر رفع يَدَيْهِ
وَفِي حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها لما دَعَا لأهل البقيع رفع يَدَيْهِ ثَلَاث مَرَّات رَوَاهُ مُسلم
وَفِيه أَيْضا أَنه رفع يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أمتِي أمتِي وَفِي آخِره ان الله تَعَالَى قَالَ إِنَّا سنرضيك فِي أمتك وَلَا نسوءك
وَفِيه أَنه لما نظر إِلَى الْمُشْركين وهم ألف وَأَصْحَابه ثَلَاثمِائَة معد يَدَيْهِ وَجعل يَهْتِف بربه فَمَا زَالَت يَهْتِف بربه مَادًّا يَدَيْهِ حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ عَن مَنْكِبه الحَدِيث
وَفِي حَدِيث قيس بن سعد رضي الله عنه فَرفع يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُول اللَّهُمَّ اجْعَل صلواتك ورحمتك على أبي سعد بن عبَادَة
وَبعث جَيْشًا فِيهِ عَليّ رضي الله عنه فَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تمتنى حَتَّى تريني عليا
وَلما كَانَ أُسَامَة بن زيد رضي الله عنه رديفة قَالَ فَرفع يَدَيْهِ يَدْعُو فَسقط خطام الناقلة فتناوله بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَهُوَ رَافع الْأُخْرَى
وَفِي حَدِيث الْقُنُوت رفع يَدَيْهِ يَدْعُو عَلَيْهِم رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَالْأول رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره
وروى عَنهُ أنس رضي الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا يرفع يَدَيْهِ فِي شَيْء من دُعَائِهِ إِلَّا فِي الاسْتِسْقَاء أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِيهِمَا أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ حَتَّى بَيَاض إبطَيْهِ وينحى فِيهِ يَدَيْهِ
وَهَذَا هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما الابتهال وَجعل الْمَرَاتِب ثَلَاثًا الْإِشَارَة بإصبع وَاحِدَة كَمَا كَانَ يفعل يَوْم الْجمع على الْمِنْبَر
وَالثَّانيَِة الْمَسْأَلَة وَهُوَ أَن تجْعَل يَديك حَذْو منكبيك كَمَا فِي أَكثر الْأَحَادِيث
الثَّالِثَة الابتهال وَهُوَ الَّذِي ذكره أنس رضي الله عنه وَلِهَذَا قَالَ كَانَ يرفع يَدَيْهِ حَتَّى يرى بَيَاض إبطه وَهُوَ الرّفْع إِذا اشْتَدَّ وَكَانَ بطُون يَدَيْهِ مِمَّا يَلِي وَجهه وَالْأَرْض وَظُهُورهمَا مِمَّا يَلِي السَّمَاء
وَقد يكون أنس رضي الله عنه أَرَادَ بِالرَّفْع على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة كَمَا فِي مُسلم وَغَيره أَنه كَانَ لَا يزِيد على أَن يرفع إصبعه المسبحة
وَفِي هَذِه الْمَسْأَلَة قَولَانِ هما وَجْهَان فِي مَذْهَب أَحْمد فِي رفع الْخَطِيب يَدَيْهِ
قيل يسْتَحبّ قَالَه ابْن عقيل وَقيل لَا يسْتَحبّ بل هُوَ مَكْرُوه وَهُوَ أصح
قَالَ إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ هُوَ بِدعَة للخطيب وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم باصبعه إِذا دَعَا
وَأما فِي الاسْتِسْقَاء فَإِنَّهُ لما استسقى على الْمِنْبَر رفع يَدَيْهِ كَمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن أنس رضي الله عنه فقد روى فِي الحَدِيث أَنه استسقى بهم يَوْم الْجُمُعَة على الْمِنْبَر فَرفع يَدَيْهِ
وَقد ثَبت أَنه لم يكن يرفع يَدَيْهِ على الْمِنْبَر فِي غير الاسْتِسْقَاء فَيكون أنس أَرَادَ هَذَا الْمَعْنى لَا سِيمَا وَقد كَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان أحدث رفع الْأَيْدِي على الْمِنْبَر وَأنس رضي الله عنه أدْرك هَذَا الْعَصْر وَقد أنكر ذَلِك على عبد الْملك عَاصِم بن الْحَارِث فَيكون هُوَ أخبر بِالسنةِ الَّتِي أخبر بهَا غَيره من أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يرفع يَدَيْهِ يَعْنِي على الْمِنْبَر إِلَّا فِي الاسْتِسْقَاء
وَهَذَا يبين أَن الاسْتِسْقَاء مَخْصُوص بمزيد الرّفْع وَهُوَ الابتهال الَّذِي ذكره ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما
فالأحاديث تأتلف وَلَا تخْتَلف
وَمن ظن أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الرّفْع المعتدل جعل ظهر كفيه إِلَى السَّمَاء فقد أَخطَأ
وَكَذَلِكَ من ظن أَنه قصد بِوَجْهِهِ وَظهر يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء فقد أَخطَأ فَإِنَّهُ نهى عَن ذَلِك فَقَالَ إِذا سَأَلْتُم الله فأسألوه ببطون أكفكم وَلَا تسألوه بظهورها أخرجه أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ وَهُوَ من غير وَجه عَن مُحَمَّد بن كَعْب كلهَا واهية وروى أَحَادِيث أخر فِي أبي دَاوُد وَغَيره