الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزَّوَال أَو بعده كمن نذر صَوْم يَوْم يقدم فلَان فَقدم نَهَارا وَهُوَ مُمْسك فَنوى حِين قدومه أَجزَأَهُ فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد كَمَا قدمْنَاهُ وَالْأُخْرَى يقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ
وَإِن قدم وَهُوَ مفطر أَو يَوْم عيد أَو فِي رَمَضَان فَهَل عَلَيْهِ الْقَضَاء على رِوَايَتَيْنِ
فصل
قَضَاء الصَّلَاة لم يجب على الْحَائِض لِأَنَّهُ لَا يجب فِي الْيَوْم أَكثر من خمس صلوَات وَلم تكن الصَّلَاة إِلَّا فِي أَوْقَاتهَا فَلَمَّا وَجب فِيهِ خمس أَدَّاهُ لم يجب فِيهِ خمس أُخْرَى قَضَاء بِخِلَاف الصَّوْم فَإِنَّهُ يجب فِي وَقت الْحيض فَلَا يكون فِيهِ صَوْم آخر عَلَيْهَا
فصل
الْفطر للْمُسَافِر جَائِز بِاتِّفَاق الْمُسلمين سَوَاء كَانَ سفر حج أَو جِهَاد أَو تِجَارَة أَو نَحْو ذَلِك من الْأَسْفَار الَّتِي لَا يكرهها الله وَرَسُوله
وَتَنَازَعُوا فِي سفر الْمعْصِيَة كَالَّذي يُسَافر ليقطع الطَّرِيق وَنَحْو ذَلِك على قَوْلَيْنِ مشهورين كَمَا تنازعوا فِي قصر الصَّلَاة
فَأَما السّفر الَّذِي تقصر فِيهِ الصَّلَاة فَإِنَّهُ يجوز فِيهِ الْفطر مَعَ الْقَضَاء بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة وَيجوز الْفطر للْمُسَافِر بِاتِّفَاق الْأمة سَوَاء كَانَ قَادِرًا على الصّيام أَو عَاجِزا وَسَوَاء شقّ عَلَيْهِ الصَّوْم أَو لم يشق بِحَيْثُ لَو كَانَ مُسَافِرًا فِي الظل وَالْمَاء وَمَعَهُ من يَخْدمه جَازَ لَهُ الْفطر وَالْقصر
وَمن قَالَ إِن الْفطر لَا يجوز إِلَّا لمن عجز عَن الصّيام فَإِنَّهُ يُسْتَتَاب فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل وَكَذَلِكَ من أنكر على الْمُفطر فطره فَإِنَّهُ يُسْتَتَاب من ذَلِك
وَمن قَالَ إِن الْمُفطر عَلَيْهِ إِثْم فَإِنَّهُ يُسْتَتَاب من ذَلِك فَإِن هَذِه الْأَحْوَال
خلاف كتاب الله وَخلاف سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَخلاف إِجْمَاع الْأمة
وَهَكَذَا السّنة للْمُسَافِر أَنه يُصَلِّي الرّبَاعِيّة رَكْعَتَيْنِ وَالْقصر أفضل لَهُ من التربيع عِنْد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة كمذهب مَالك وَأبي حنيفَة وَأحمد وَالشَّافِعِيّ فِي أصح قوليه
وَلم تتنازع الْأمة فِي جَوَاز الْفطر للْمُسَافِر بل تنازعوا فِي جَوَاز الصّيام للْمُسَافِر فَذهب طَائِفَة من السّلف وَالْخلف إِلَى أَن الصَّائِم فِي السّفر كالمفطر فِي الْحَضَر وَإِذا صَامَ لم يجزه بل عَلَيْهِ أَن يقْضِي ويروي هَذَا عَن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهمَا من السّلف وَهُوَ مَذْهَب أهل الظَّاهِر
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ لَيْسَ من الْبر الصَّوْم فِي السّفر
لَكِن مَذْهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة أَنه يجوز للْمُسَافِر أَن يَصُوم وَأَن يفْطر كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس قَالَ كُنَّا نسافر مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَان فمنا الصَّائِم وَمنا الْمُفطر فَلَا يعيب الصَّائِم على الْمُفطر وَلَا الْمُفطر على الصَّائِم
وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمن كَانَ مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر}
وَفِي الْمسند عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ إِن الله يحب أَن يُؤْخَذ بِرُخصِهِ كَمَا يكره أَن تُؤْتى مَعْصِيَته
وَفِي الصَّحِيح أَن رجلا قَالَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم إِنِّي رجل أَكثر الصَّوْم أفأصوم فِي السّفر فَقَالَ إِن أفطرت فَحسن وَإِن صمت فَلَا بَأْس
وَفِي حَدِيث آخر خياركم الَّذِي يقصرون فِي السّفر ويفطرون
وَأما مِقْدَار السّفر الَّذِي يقصر فِيهِ وَيفْطر فمذهب مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد أَنه مسيرَة يَوْمَيْنِ قَاصِدين بسير الْإِبِل والأقدام وَهُوَ سِتَّة عشر فرسخا كَمَا بَين مَكَّة
وَعُسْفَان وَمَكَّة وَجدّة
وَقَالَ أَبُو حنيفَة مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام بلياليها
وَقَالَ طَائِفَة من السّلف وَالْخلف بل يقصر وَيفْطر فِي كل مَا يُسمى سفرا وان كَانَ أقل من يَوْمَيْنِ
وَهَذَا قَول قوي فَإِنَّهُ قد ثَبت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِعَرَفَة ومزدلفة وَمنى يقصر الصَّلَاة وَخَلفه أهل مَكَّة وَغَيرهم يصلونَ بِصَلَاتِهِ لم يَأْمر أحدا مِنْهُم بإتمام الصَّلَاة
وَإِذا سَافر فِي أثْنَاء يَوْم فَهَل يجوز لَهُ الْفطر على قَوْلَيْنِ مشهورين للْعُلَمَاء هما رِوَايَتَانِ عَن أَحْمد
أظهرهمَا أَنه يجوز ذَلِك كَمَا ثَبت فِي السّنَن أَن من الصَّحَابَة من كَانَ يفْطر إِذا خرج من يَوْمه وَيذكر أَن ذَلِك سنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه نوى الصَّوْم فِي السّفر ثمَّ إِنَّه رُبمَا بِمَاء فَأفْطر وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ
وَأما الْيَوْم الثَّانِي فيفطر فِيهِ بِلَا ريب وَإِن كَانَ مِقْدَار سَفَره يَوْمَيْنِ فِي مَذْهَب جُمْهُور الْأَئِمَّة وَالْأمة
وَأما إِذا قدم الْمُسَافِر فِي أثْنَاء يَوْم فِي وجوب الْإِمْسَاك عَلَيْهِ نزاع مَشْهُور بَين الْعلمَاء لَكِن عَلَيْهِ الْقَضَاء سَوَاء أمسك أَو لم يمسك
وَيفْطر من عَادَته السّفر إِذا كَانَ لَهُ بلد يأوى إِلَيْهِ كالتاجر الْجلاب الَّذِي يجلب الطَّعَام وَغَيره من السلفع وكالمكاري الَّذِي يكرى دوابه من الْجلاب وَغَيرهم وكالبريد الَّذِي يُسَافر فِي مصَالح الْمُسلمين وَنَحْوهم وَكَذَلِكَ الملاح الَّذِي لَهُ مَكَان فِي الْبر يسكنهُ
فَأَما من كَانَ مَعَه فِي السَّفِينَة امْرَأَته وَجَمِيع مَصَالِحه وَلَا يزَال مُسَافِرًا فَهَذَا لَا يقصر وَلَا يفْطر
وَأهل الْبَادِيَة كأعراب الْعَرَب والأكراد وَالتّرْك وَغَيرهم الَّذين يشتون فِي مَكَان ويصيفون فِي مَكَان إِذا كَانُوا فِي حَال ظعنهم من المشتى إِلَى المصيف وَمن المصيف إِلَى المشتى فَإِنَّهُم يفطرون ويقصرون وَأما إِذا نزلُوا بمشتاهم ومصيفهم لم يفطروا وَلم يقصروا وَإِن كَانُوا يتتبعون المراعي والكلأ وَالله أعلم
صَلَاة التَّرَاوِيح
هَل هِيَ وَاجِبَة على الْكِفَايَة فِيهِ قولانه للْعُلَمَاء
وَلَو نذر الصَّلَاة فِي وَقت النَّهْي فَفِي صِحَّتهَا لكَونه يفعل فيهمَا الْوَجْهَانِ فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد الصَّوَاب أَنه لَا يَصح
صَوْم رَجَب
وأفراد رَجَب بِالصَّوْمِ مَكْرُوه نَص على ذَلِك الْأَئِمَّة كالشافعي وَأحمد وَغَيرهمَا وَسَائِر الْأَحَادِيث الَّتِي رويت فِي فضل الصَّوْم فِيهِ مَوْضُوعَة لَكِن لَو صَامَ أَكْثَره فَلَا بَأْس
فَلَو نذر صَوْمه قصدرا فَهُوَ مثل من نذر صَوْم يَوْم الْجُمُعَة وَغَيره من الْعِبَادَات الْمَكْرُوهَة وَالْوَاجِب أَن يَصُوم شهرا آخر
وَهل عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين على قَوْلَيْنِ لنا ولغيرنا وَإِنَّمَا يلْزم الْوَفَاء بِمَا كَانَ طَاعَة بِدُونِ النّذر وَالنّذر فِي نَفسه لَيْسَ بِطَاعَة وَلَكِن يَجْعَل الطَّاعَة وَاجِبَة وَالصَّلَاة فِي وَقت النَّهْي منهى عَنْهَا فَلَا تصير بِالنذرِ طَاعَة وَاجِبَة
فصل
إِذا دخل الْمُسَافِر فَنوى الْإِقَامَة فِي رَمَضَان أقل من أَرْبَعَة أَيَّام فَلهُ أَن يفْطر وَقد تقل عَن طَائِفَة من السّلف أَن الْغَيْبَة والنميمة وَنَحْوهمَا تفطر الصَّائِم وَذكر وَجها فِي مَذْهَب أَحْمد
وَتَحْقِيق الْأَمر فِي ذَلِك أَن الله تَعَالَى أَمر بالصيام لأجل التَّقْوَى وَقد قَالَ صلى الله عليه وسلم من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ فَلَيْسَ لله حَاجَة فِي أَن يدع طَعَامه وَشَرَابه فاذا لم تحصل لَهُ التَّقْوَى لم يحصل لَهُ مَقْصُود الصَّوْم فينقص من أجر الصَّوْم بِحَسب ذَلِك
والأعمال الصَّالِحَة لَهَا مقصودان حُصُول الثَّوَاب واندفاع الْعقَاب فَإِذا فعلهَا مَعَ المنهيات من الْغَيْبَة والنميمة وَأكل الْحَرَام وَغَيره فَأَنَّهُ الثَّوَاب
فَقَوْل الْأَئِمَّة لَا يفْطر أَي لَا يُعَاقب عِقَاب الْمُعْلن بِالْفطرِ
وَمن قَالَ إِنَّه يفْطر بِمَعْنى أَنه لم يحصل لَهُ مَقْصُود الصَّوْم أَو قد يذهب بِأَجْر الصَّوْم فَقَوله مُوَافق لقَوْل الْأَئِمَّة
وَمن قَالَ إِنَّه يفْطر بِمَعْنى أَنه يُعَاقب على التّرْك فَهُوَ مُخَالف لأقوالهم
وَأما نقص الْغَيْبَة والنميمة للْوُضُوء فقد نقل عَن طَائِفَة من السّلف وَبَعض الْخلف القَوْل بِالنَّقْضِ
وَالتَّحْقِيق أَن الطَّهَارَة لَهَا مَعْنيانِ
أَحدهمَا الطَّهَارَة من الذُّنُوب كَقَوْلِه تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا} وَقَوله {إِنَّهُم أنَاس يتطهرون} وَقَوله {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ وتزكيهم بهَا}
وَالْمعْنَى الثَّانِي الطَّهَارَة الحسية بِالْمَاءِ وَالتُّرَاب وَإِنَّمَا أَمر بِهَذِهِ لتتحقق تِلْكَ فالفاعل للمهى عَنهُ خرج مَقْصُود الطَّهَارَة فَيُسْتَحَب لَهُ إِعَادَة الْوضُوء
وَأما أَنه بعض كالنقض بِقَضَاء الْحَاجة فَلَا وَلَكِن إِن صلى بعد الْغَيْبَة كَانَ أجره على صلَاته أنقص بِقدر نقص الطَّهَارَة النفسية فتخريج كَلَامهم على هَذَا لَا يُنَافِي قَول الْأَئِمَّة