الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتب كل مَا يفعل الْعباد قبل أَن يفعلوه فَذَلِك عِنْده وَقد ثَبت أَن الله يَأْمر الْملك فَيكْتب على العَبْد كل مَا يَفْعَله قبل ان ينْفخ فِيهِ الرّوح
كتاب الشَّهَادَات
إِذا مَاتَ الشَّاهِد فَهَل يحكم بحظه فِيهِ نزاع فمذهب مَالك يحكم بِهِ الشَّاهِد مِمَّن يرضى من الشُّهَدَاء
وَإِن كَانَ الشَّاهِد فِي الرَّضَاع عدلا قبل قَوْله وَفِي تَحْلِيفه نزاع
وَيجوز للشَّافِعِيّ أَن يشْهد عِنْد حَاكم مالكي أَن هَذَا خطّ فلَان إِذا جزم بِهِ من غير شكّ مُتبعا لمن يُجِيز ذَلِك من الْأَئِمَّة فِي مَسْأَلَة يتَوَجَّه فِيهَا قَول الَّذِي قَلّدهُ وَلم يكن مُتبعا للرخصة فَهَذَا سَائِغ فِي الْمَشْهُور من مَذَاهِب الْأَرْبَعَة إِذْ لَا يجب على أحد أَن يلْتَزم مَذْهَب شخص بِعَيْنِه فِي جَمِيع الشَّرِيعَة فِي ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي وَغَيره وَلَكِن مَتى ألزم نَفسه الْتِزَامه فَلَا بُد أَن يلتزمه فِيمَا لَهُ وَعَلِيهِ مثل أَن يتَرَجَّح عِنْده إِثْبَات الشُّفْعَة للْجَار فَيتبع ذَلِك لَهُ وَعَلِيهِ فإمَّا أَن يقلده من يرى إِثْبَاتهَا إِذا كَانَ هُوَ الطَّالِب وَإِذا كَانَ هُوَ الْمَطْلُوب يُقَلّد من ينفيها فَهَذَا لاي يجوز أَن يشْهد على الرجل إِذا عرف صورته مَعَ إِمْكَان الإشتباه وَتَنَازَعُوا فِي الشَّهَادَة على الصَّوْت من غير رُؤْيَة الْمَشْهُود عَلَيْهِ فجوزه الْجُمْهُور كمالك وَأحمد وَجوزهُ الشَّافِعِي فِي صُورَة المضبطة فالشهادة على الْخط دون ذَلِك لِأَنَّهُ أقوى
وَمَا يخرج بِهِ الشَّاهِد وَغَيره مِمَّا يقْدَح فِي عَدَالَته وَدينه فَإِنَّهُ يشْهد بِهِ عَلَيْهِ إِذا علمه الشَّاهِد بالاستفاضة وَيكون ذَلِك قدحا شَرْعِيًّا فِيهِ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يجرح بِمَا سَمعه مِنْهُ زو رَآهُ أَو استفاض عَنهُ وَمَا أعلم فِي هَذَا نزاعا بَين النَّاس فَإِن الْمُسلمين يشْهدُونَ فِي وقتنا فِي مثل عمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن الْبَصْرِيّ وأمثالهما بِالْعَدَالَةِ وَالدّين وَلَا يعلمُونَ ذَلِك إِلَّا بالاستفاضة وَيشْهدُونَ فِي مثل الْحجَّاج بن يُوسُف وَالْمُخْتَار بن أبي عبيد الثَّقَفِيّ وَعَمْرو بن عبيد المعتزلي وغيلان القدري أَنهم من أهل الْبدع وَالظُّلم وَذَلِكَ بالاستفاضة أَيْضا هَذَا إِذا كَانَ فِيهِ رد شَهَادَته
أما إِذا الْمَقْصُود اتقاء شَره فَيجوز ويتقى بِمَا هُوَ دون ذَلِك كَمَا قَالَ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه اعتبروا النَّاس بإخوانهم وَبلغ عمر أَن رجلا يجْتَمع إِلَيْهِ الْأَحْدَاث فَنهى عَن مُجَالَسَته فَإِذا كَانَ الرجل مخالطا فِي الشَّرّ لأهل الشَّرّ يحذر مِنْهُ
والداعي إِلَى الْبِدْعَة يسْتَحق الْعقُوبَة بِاتِّفَاق الْمُسلمين وعقوبته تكون تَارَة بِالْقَتْلِ وَتارَة بِمَا دونه كَمَا قتل السّلف الجهم بن صَفْوَان والجعد بن دِرْهَم وغيلان وَغَيرهم وَلَو قدر أَنه لَا يسْتَحق الْعقُوبَة أَو لَا تمكن عُقُوبَته فَلَا بُد من بَيَان بدعته والتحذير مِنْهَا لِأَن من الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر
والبدعة مَا اشْتهر عِنْد أهل السّنة مخالفتها للْكتاب وَالسّنة وَمَا كَانَ عَلَيْهِ الْخُلَفَاء الرَّاشِدين كبدعة الروافض والخوارج والقدرية والمرجئة قَالَ ابْن الْمُبَارك ويوسف بن أَسْبَاط أصُول الثِّنْتَيْنِ وَالسبْعين فرقة أَرْبَعَة الْخَوَارِج وَالرَّوَافِض والقدرية والمرجئة قيل لِابْنِ الْمُبَارك والجهمية قَالَ لَيست الْجَهْمِية من أمة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم
والجهمية قبحهم الله تَعَالَى نفاة الصِّفَات الْقَائِلُونَ بِأَن الْقُرْآن مَخْلُوق وَأَن الله تَعَالَى لَا يرى فِي الْآخِرَة وَأَنه لم يعرج بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَلَا علم الله وَلَا قدرَة وَلَا حَيَاة وَلَا سمع أَو بصر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا
وَلَا يجب عِنْد أحد من الْعلمَاء أَن يكْتب فِي الوثائق أَنه قَادر مَلِيء وَلَا يجوز أَن يكْتب ذَلِك إِلَّا إِذا علم أَنه مقرّ بِهِ
وَلَا يجوز تلقين الْإِقْرَار لمن لَا يعلم أَنه صَادِق فِيهِ وَلَا الشَّهَادَة عَلَيْهِ إِلَّا إِذا علم أَنه كَاذِب فِي ذَلِك كالعقود الْمُحرمَة فَإِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الرِّبَا وموكله وَشَاهده وكاتبه وَمن أقرّ بِمثل هَذَا الْكَذِب وَشهد على الْإِقْرَار بِهِ أَو لقنه أَن يَقُول إِنَّه مَلِيء بِالْحَقِّ وَهُوَ غير مَلِيء بِهِ بل لقنه ذَلِك مَعَ علمه عاقبه ذَلِك من غضب الله فَهُوَ مُتبع هَوَاهُ
ويجل على من طلبت مِنْهُ الشَّهَادَة أَدَاؤُهَا بل إِذا امْتنع الْجَمَاعَة من الشَّهَادَة أَتموا كلهم بِاتِّفَاق الْعلمَاء وقدح ذَلِك فِي دينهم وعدالتهم
وَإِذا شهد أَن الْعين كَانَت على ملكه حِين خرجت من يَده بِغَيْر حق حكم لَهُ بهَا وَأما إِن شهد أَنَّهَا كَانَت ملكه فَقَط فَهَل يحكم لَهُ بذلك على وَجْهَيْن فِي مَذْهَب أَحْمد وقولين للشَّافِعِيّ وَإِن شهد بِسَبَب الْملك وظهوره مثل أَن يشْهد أَنه ابتاعه أَو وَرثهُ أَو حكم لَهُ بِهِ الْحَاكِم الْفُلَانِيّ فَإِن الْحَاكِم هُنَا يحكم باستصحاب الْحَال إِذا لم يثبت معَارض رَاجِح وَالشَّاهِد لَا يشْهد بِنَاء على اسْتِصْحَاب الْحَال وَلَا أعلم فِي الأولى خلافًا أَن الْحَاكِم يحكم باستصحاب الْحَال بِاتِّفَاق الْعلمَاء
وَأما صُورَة الْخلاف فَإِن البنية لما شهِدت بِالْملكِ فِي الْمَاضِي وسكتت عَنهُ فِي الْحَال كَانَ هَذَا ريبه تجوز أَن الْبَيِّنَة علمت بالزوال وسكتت عَن ذَلِك وَأما إِذا شهِدت بِسَبَب ذَلِك لم يكن فِيهِ رِيبَة وَالْأَصْل بَقَاء الْملك وَإِذا شهِدت أَنه لم يزل ملكه إِلَى أَن غصبت مِنْهُ أَو استعيرت أَو زَالَت يَده عَنهُ بِغَيْر حق كَمَا لَو شهِدت لَهُ أَنه لم يزل ملكه عَنهُ إِلَى أَن مَاتَ فَإِنَّهُ يحكم بِهِ للْوَرَثَة حَتَّى تقوم حجَّة بِمَا يُخَالف ذَلِك وَكَذَلِكَ هُنَاكَ يحكم للَّذي كَانَ جَائِزا إِلَى حِين زَوَال حوزه كزوال الْملك وَلَا أعلم فِي هَذَا خلافًا وَلَا يَنْبَغِي أَن يكون فِيهِ خلاف فَإِن الْغَاصِب وَالْمُسْتَعِير وَغَيرهمَا إِذا جَحَدُوا ملك غَيرهم فَشَهِدت الْبَيِّنَة أَنه لم يزل ملكه
إِلَى حِين الْغَصْب مثلا احتاجوا إِلَى إِثْبَات الِانْتِقَال إِلَيْهِم وَإِلَّا فَالْأَصْل بَقَاء الْملك وَقد علم أَن زَوَال الْيَد بالعدوان فَلَا يقبل أَن الْيَد يَده إِذا عرف من مستندها مَا يصلح مُسْتَندا لَهُ من زَوَال الْيَد المحققة والانتقال إِلَى يَد عَادِية إِمَّا هَذِه الْبَيِّنَة أَو غَيرهَا فَلَا يُكَلف رب الْبَيِّنَة بَقَاء الْملك إِلَى حِين الدَّعْوَى لتعذر ذَلِك أَو لعسره وَفِيه مَعُونَة عَظِيمَة لكل ظَالِم من سرق وناهب
يُوضح ذَلِك أَن الْحَاكِم يحكم باستصحاب الْيَد وبغيرها من الطّرق الَّتِي تفِيد غَالب الطن وَالشَّاهِد لَا يشْهد إِلَّا بِالْعلمِ لِأَن الْحَاكِم لَا بُد من فصل الْحُكُومَة فيفصلها لأقوى الجانبيين حجَّة
وَإِذا حضر الْمَوْت وَلَيْسَ عِنْده مُسلم فَلهُ أَن يشْهد من حَضَره من أهل الذِّمَّة فِي الْوَصِيَّة ويحلفوا إِذا شهدُوا وَهَذَا قَول جُمْهُور السّلف وَهُوَ قَول إِمَام الْأَئِمَّة أَحْمد وَأبي عبيد وَعَلِيهِ يدل الْقُرْآن وَالسّنة وَهَذَا مَبْنِيّ على أصل
وَهُوَ أَن الشَّهَادَة عِنْد الْحَاجة يجوز فِيهَا مثل شَهَادَة النِّسَاء فِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال
وَشَهَادَة الْفَاسِق مَرْدُودَة بِنَصّ الْقُرْآن وانفاق الْمُسلمين وَقد يُجِيز بَعضهم الأمثل فالأمثل من الْفُسَّاق عِنْد الضَّرُورَة إِذا لم يُوجد عدُول وَنَحْو ذَلِك
وَأما قبُول شَهَادَة الْفَاسِق فَهَذِهِ لم يقلهُ أحد من الْمُسلمين
وَإِذا شهد رجل فِي شَيْء أَنه ملك فلَان إِلَى حِين بَيْعه وَحكم بِشَهَادَتِهِ ثمَّ شهد بعد ذَلِك فِي كتاب إِقْرَار على وَالِد البَائِع بتاريخ مُتَقَدم على تَارِيخ البيع أَنه وقف الْمَكَان الْمَذْكُور وَأَن الْوَاقِف لم يزل ملكه عَن الْعين إِلَى حِين وَقفهَا
فَأجَاب بِأَن رُجُوع الشَّاهِد عَن شَهَادَته بعد الحكم بهَا لَا تقبل وَإِنَّمَا يضمن وشهادته الثَّانِيَة المنافية للأولى أبلغ من الرُّجُوع فَهُوَ أولى فَتقبل وَيجب على الشَّاهِد أَدَاء الشَّهَادَة إِذا طلبت مِنْهُ