الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا هُوَ الرّفْع الَّذِي استفاضت بِهِ الْأَحَادِيث وَعَلِيهِ الْأَئِمَّة والمسلمون من زمن نَبِيّهم إِلَى هَذَا التَّارِيخ
وَحَدِيث أنس الَّذِي تقدم يدل على أَنه لشدَّة الرّفْع انحنت يَدَاهُ فَصَارَ كَفه مِمَّا يَلِي السَّمَاء لشدَّة الرّفْع لَا قصدا لذَلِك كَمَا جَاءَ أَنه رفعهما حذاء وَجهه وَتقدم حَدِيث أنس رضي الله عنه فَفِيهِ أَنه رَآهُ يَدْعُو بباطن كفيه وظاهرهما
فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَنْوَاع فِي هَذَا الرّفْع الشَّديد
رفع الابتهال يذكر فِيهِ أَن بطونها مِمَّا يَلِي وَجهه وَهَذَا أَشد
وَتارَة يذكر هَذَا وَهَذَا
فَتبين بذلك أَنه لم يقْصد فِي هَذَا الرّفْع الشَّديد لَا ظهر الْيَد وَلَا بَطنهَا لِأَن الرّفْع إِذا قوى تبقى أصابعهما نَحْو السَّمَاء مَعَ نوع من الانحناء الَّذِي يكون فِيهِ هَذَا تَارَة وَهَذَا تَارَة
وَأما إِذا قصد تَوْجِيه بطن الْيَد أَو ظهرهَا لاظهر الْيَد وَلَا بَطنهَا لِأَن الرّفْع إِذا قوى تبقى أصابعهما نَحْو السَّمَاء مَعَ نوع من الانحناء الَّذِي يكون فِيهِ هَذَا تَارَة وَهَذَا تَارَة
وَأما إِذا قصد تَوْجِيه بطن الْيَد أَو ظهرهَا فَإِنَّمَا كَانَ تَوْجِيه بَطنهَا وَهَذَا فِي الرّفْع الْمُتَوَسّط الَّذِي هُوَ رفع الْمَسْأَلَة الَّتِي يُمكن فِيهَا الْقَصْد وَرفع مَا يخْتَار من الْبَطن وَالظّهْر بِخِلَاف الرّفْع الشَّديد الَّذِي يرى بِهِ بَيَاض إبطَيْهِ فَلَا يُمكن فِيهِ تَوْجِيه بَاطِنهَا بل ينحنى قَلِيلا بِحَسب الرّفْع
فَبِهَذَا تتألف الْأَحَادِيث وَتظهر السّنة
فصل
وَالسَّمَوَات مستديرة عِنْد عُلَمَاء الْمُسلمين حكى الْإِجْمَاع على ذَلِك غير وَاحِد مثل أبي الْحُسَيْن أَحْمد بن جَعْفَر الْمَنَاوِيّ من الطَّبَقَة الثَّانِيَة وَأبي مُحَمَّد بن حزم وَابْن الْجَوْزِيّ
والاستسرار اجْتِمَاع القرصين
وَظن طَائِفَة من الْجُهَّال أَنهم يضبطون وَقت طُلُوع الْهلَال بمعرفتهم وَقت ظُهُوره بعد استسراره وبمعرفة بعده عَن الشَّمْس بعد مفارقتها وَقت الْغُرُوب وضبطهم قَوس الرُّؤْيَة وَهَذَا الْخَلْط الْمَفْرُوض مستديرا قطعه من دَائِرَة وَقت الاستهلال فَإِن هَذِه دَعْوَى بَاطِلَة عُلَمَاء الشَّرِيعَة على تَحْرِيم الْعَمَل بذلك فِي الْهلَال فانفق عُلَمَاء الْحساب الْعُقَلَاء على أَن معرفَة الْهلَال لَا تنضبط بِالْحِسَابِ ضبطا صَحِيحا قطّ وَلم يتَكَلَّم فِيهِ إِلَّا قوم من الْمُتَأَخِّرين تَقْرِيبًا وَذَلِكَ ضلال عَن دين الله وتغيير لَهُ شَبيه بضلال الْيَهُود وَالنَّصَارَى عَمَّا أمروا بِهِ من الْهلَال إِذا باعت الشَّمْس وَقت اجْتِمَاع القرصين وكبس الشُّهُور الْهِلَالِيَّة وَذَلِكَ من النسيء الَّذِي كَانَ فِي الْعَرَب زِيَادَة فِي الْكفْر
فَمن أَخذ علم الْهلَال بِالْحِسَابِ فَهُوَ فَاسد الْعقل وَالدّين
وَإِذا صَحَّ حِسَاب الحاسب فَأكْثر مَا يُمكنهُ ضبط الْمسَافَة الَّتِي بَين الشَّمْس وَالْقَمَر وَقت الْغُرُوب مثلا وَهُوَ الَّذِي يُسمى بعد الْقَمَر عَن الشَّمْس
أما كَونه يرى أَولا يرى فَلَا يعلم بذلك فَإِن الرُّؤْيَة تخْتَلف بعلو الأَرْض وانخفاضها وصفاء الجو وَكَذَلِكَ لم يتفقوا على قَوس وَاحِد للرؤية بل اضْطَرَبُوا فِيهِ كثيرا وَلَا أصل لَهُ وَإِنَّمَا مرجعه إِلَى الْعَادة وَلَيْسَ لَهُ ضَابِط حسابي فَمنهمْ من ينقصهُ عَن عشر دَرَجَات وَمِنْهُم من يزِيدهُ عَنْهَا وَفِي الزِّيَادَة وَالنَّقْص أَقْوَال متقابلة