المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل السماع الَّذِي أَمر الله بِهِ وَرَسُوله هُوَ سَماع الْقُرْآن كَمَا - مختصر الفتاوى المصرية - ط الفقي

[بدر الدين البعلي]

فهرس الكتاب

- ‌بَاب النِّيَّة

- ‌فصل

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌فَصِلَ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب الاستطابة

- ‌بَاب الْغسْل

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب الْحيض

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة التَّطَوُّع

- ‌فصل

- ‌بَاب الْأَدْعِيَة والأذكار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب الْكُسُوف

- ‌بَاب فِي الاسْتِسْقَاء

- ‌فصل

- ‌كتاب فِي ترك الصَّلَاة

- ‌فصل

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الرّوح

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الصَّيام

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْحَج

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سُؤال

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب اللبَاس

- ‌كتاب الْبيُوع

- ‌فصل فِيمَا يجوز بَيْعه ومالا يجوز

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْأَطْعِمَة وَغَيرهَا

- ‌فصل

- ‌فصل فِي بيع الْأُصُول وَالثِّمَار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الصُّلْح

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الْوكَالَة

- ‌فصل فِي الْإِقْرَار

- ‌كتاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الاجارة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْوَقْف

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب اللّقطَة

- ‌كتاب الْوَصَايَا

- ‌فصل

- ‌كتاب الْفَرَائِض

- ‌فصل

- ‌كتاب النِّكَاح وشروطه

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْأَوْلِيَاء

- ‌فصل

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب عشرَة النِّسَاء وَالْخلْع

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْعدَد

- ‌كتاب الرَّضَاع

- ‌كتاب النَّفَقَات

- ‌كتاب الْهِبَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْجراح

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الْقسَامَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب حد الزِّنَا وَالْقَذْف

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الذُّنُوب الْكَبَائِر

- ‌فصل

- ‌كتاب الْأَشْرِبَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌فصل

- ‌بَاب عقد الذِّمَّة

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب الصَّيْد والذبائح

- ‌فصل فِي السَّبق

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب جَامع الْأَيْمَان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور

- ‌فصل

- ‌بَاب فِي آدَاب القَاضِي

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الشَّهَادَات

- ‌فصل

- ‌كتاب الدعاوي والبينات

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ‌ ‌فصل السماع الَّذِي أَمر الله بِهِ وَرَسُوله هُوَ سَماع الْقُرْآن كَمَا

‌فصل

السماع الَّذِي أَمر الله بِهِ وَرَسُوله هُوَ سَماع الْقُرْآن كَمَا قَالَ تَعَالَى {إِذا تتلى عَلَيْهِم آيَات الرَّحْمَن خروا سجدا وبكيا} وَقَالَ تَعَالَى {إِن الَّذين أُوتُوا الْعلم من قبله إِذا يُتْلَى عَلَيْهِم يخرون للأذقان سجدا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبنَا إِن كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا ويخرون للأذقان يَبْكُونَ ويزيدهم خشوعا} وَقَالَ {وَإِذا سمعُوا مَا أنزل إِلَى الرَّسُول ترى أَعينهم تفيض من الدمع} وَقَالَ {وَإِذا تليت عَلَيْهِم آيَاته زادتهم إِيمَانًا} وَقَالَ {وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا لَعَلَّكُمْ ترحمون} وَقَالَ {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون الْقُرْآن} وَقَالَ {الله نزل أحسن الحَدِيث كتابا متشابها مثاني تقشعر مِنْهُ جُلُود الَّذين يَخْشونَ رَبهم ثمَّ تلين جُلُودهمْ وَقُلُوبهمْ إِلَى ذكر الله} وَهَذَا كثير فِي الْقُرْآن وذم المعرضين عَنهُ فِي مثل قَوْله تَعَالَى {وَقَالَ الَّذين كفرُوا لَا تسمعوا لهَذَا الْقُرْآن والغوا فِيهِ} وَقَوله {وَمن أظلم مِمَّن ذكر بآيَات ربه فَأَعْرض عَنْهَا} وَقَوله {إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الصم الْبكم الَّذين لَا يعْقلُونَ وَلَو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم وَلَو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}

وَشرع سَمَاعه فِي عشَاء الْآخِرَة وَالْمغْرب وَأعظم سَماع شَرعه فِي الْفجْر وَقَالَ تَعَالَى {وَقُرْآن الْفجْر إِن قُرْآن الْفجْر كَانَ مشهودا} قَالَ عبد الله ابْن رَوَاحَة رضي الله عنه يمدح النَّبِي صلى الله عليه وسلم

وَفينَا رَسُول الله يَتْلُو كِتَابه

إِذا انْشَقَّ مَعْرُوف من الْفجْر سَاطِع

أرانا الْهدى بعد الْعَمى فَقُلُوبنَا

بِهِ مُوقِنَات أَن مَا قَالَ وَاقع

يبيت يُجَافِي جنبه عَن فرَاشه

إِذا استثقلت بالمشركين الْمضَاجِع

وَالِاسْتِمَاع لِلْقُرْآنِ مُسْتَحبّ للْمُؤْمِنين كَمَا فِي الصَّحِيح أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 591

قَالَ لِابْنِ مَسْعُود اقْرَأ عَليّ فَقلت أقرأع عَلَيْك وَعَلَيْك أنزل فَقَالَ إِنِّي أحب أَن أسمعهُ من غَيْرِي فَقَرَأت عَلَيْهِ سُورَة النِّسَاء حَتَّى قَرَأت قَوْله عز وجل {فَكيف إِذا جِئْنَا من كل أمة بِشَهِيد وَجِئْنَا بك على هَؤُلَاءِ شَهِيدا} فَقَالَ حَسبك فَنَظَرت فَإِذا عَيناهُ تَذْرِفَانِ وَكَانَ الصَّحَابَة رضي الله عنهم إِذا اجْتَمعُوا أمروا أحدهم أَن يقْرَأ وَالْبَاقُونَ يَسْتَمِعُون

وَهَذَا السماع لَهُ آثَار إيمانية من المعارف القدسية وَالْأَحْوَال الكونية يطول شرحها وَله فِي الْجَسَد آثَار محمودة من خشوع الْقلب ودموع الْعين واقشعرار الْجُلُود

وَقد ذكر الله تَعَالَى هَذِه الثَّلَاثَة فِي الْقُرْآن وَكَانَت مَوْجُودَة فِي الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَحدث بعدهمْ آثَار ثَلَاثَة من الِاضْطِرَاب والصراخ وَالْإِغْمَاء أَو الْمَوْت فَأنْكر بعض السّلف ذَلِك إِمَّا لبدعتهم وَإِمَّا للتصنع خَاصَّة وَجُمْهُور السّلف لَا يُنكر ذَلِك إِذا كَانَ السماع شرعا فَإِن السَّبَب إِذا لم يكن محضورا كَانَ صَاحبه مَعْذُورًا وَسَببه ضعف الْقلب وَقُوَّة الْوَارِد وَلَو لم يُؤثر لَكَانَ مذموما ملوما كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِين أُوتُوا الْكتاب من قبل فطال عَلَيْهِم الأمد فقست قُلُوبهم وَكثير مِنْهُم فَاسِقُونَ} وَلَو أثر آثارا محمودة وَلم يخرج عَن الْعقل لَكَانَ أكمل

وَأما سَماع القصائد لصلاح الْقُلُوب والاجتماع على ذَلِك إِمَّا نشيدا مُجَردا وَإِمَّا مَقْرُونا بالتغيير وَنَحْوه مثل الضَّرْب بالقضيب على الْجُلُود حَتَّى يطير الْغُبَار وَمثل التصفيق وَنَحْوه فَهَذَا السماع مُحدث فِي الْإِسْلَام بعد ذهَاب الْقُرُون الثَّلَاثَة وَقد كرهه أَعْيَان الْأَئِمَّة وَلم يحضرهُ أكَابِر الْمَشَايِخ قَالَ الشَّافِعِي رحمه الله خلفت بِبَغْدَاد شَيْئا أحدثته الزَّنَادِقَة يسمونه التَّغْيِير يصدون بِهِ النَّاس عَن الْقُرْآن وَسُئِلَ الإِمَام أَحْمد عَنهُ فَقَالَ هُوَ مُحدث أكرهه قيل لَهُ إِنَّه يرقق الْقلب قَالَ لَا تجْلِس مَعَهم قيل أيهجرون فَقَالَ لَا يبلغ بهم هَذَا

ص: 592

كُله فَتبين أَنه بِدعَة وَلَو كَانَ النَّاس فِيهِ مَنْفَعَة لفعله الْقُرُون الثَّلَاثَة وَلم يحظروه مثل ابْن أدهم والفضيل ومعروف والسرى وَأبي سُلَيْمَان الدَّارَانِي وَالشَّيْخ عبد الْقَادِر وَغَيرهم وَكَذَلِكَ أَعْيَان الْمَشَايِخ وَقد حَضَره جمَاعَة من الْمَشَايِخ وشرطوا لَهُ الْمَكَان والإمكان والخلان وَأكْثر الَّذين حَضَرُوهُ من الْمَشَايِخ الْمَعْرُوف بهم رجعُوا عَنهُ فِي آخر عمرهم كالجنيد فَكَانَ يَقُول من تكلّف السماع فتن وَمن صادفه استراح فقد ذمّ من يجمع لَهُ وَرخّص لمن لَا يَقْصِدهُ بل صادقه

وَسبب ذَلِك أَنه فِي شعر يُحَرك حب الرَّحْمَن والمردان والنسوان والصلبان والإخوان والأوطان فقد يكون فِيهِ مَنْفَعَة إِذا حرك السَّاكِن وكما مِمَّا يُحِبهُ الله وَرَسُوله لَكِن فِيهِ مضرَّة راجحة على منفعَته كَالْخمرِ وَالْميسر فَإِن {فيهمَا إِثْم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس وإثمهما أكبر من نفعهما} فَلهَذَا لم تأت بِهِ الشَّرِيعَة فَإِنَّهَا لم تأت إِلَّا بِالْمَصْلَحَةِ الْخَالِصَة أَو الراجحة أما مَا غلبت مفسدته فَلَا تَأتي بِهِ شَرِيعَة من الله وَكَذَلِكَ فانه يهيج الوجد الْمُشْتَرك فيثير من النَّفس كوامن تضره آثارها وتعدى النَّفس وتتعبها بِهِ فيعتاض بِهِ عَن سَماع الْقُرْآن حَتَّى لَا يبْقى فِيهَا محبَّة لسَمَاع الْقُرْآن وَلَا التذاذ بِهِ بل يبْقى فِي النَّفس بغض لذَلِك كمن شغل نَفسه بتَعَلُّم علم التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وعلوم أهل الْكَنَائِس واستفادة الْعلم وَالْحكمَة مِنْهُم وَأعْرض بذلك عَن كتاب الله وَسنة رَسُوله صلى الله عليه وسلم إِلَى أَشْيَاء أخر يطول شرحها فَلَمَّا كَانَ هَذَا السماع لَا يعْطى بِنَفسِهِ مَا يجب الله وَرَسُوله من

ص: 593

الْأَحْوَال والمعارف بل قد يصدر عَن ذَلِك وَيُعْطى عَن ذَلِك وَيُعْطى مَالا يُحِبهُ وَرَسُوله أَو مَا يبغضه لم يَأْمر الله بِهِ وَلَا رَسُوله وَلَا سلف الْأمة وَلَا أَعْيَان مشايخها

ونكتة ذَلِك أَن الصَّوْت يُؤثر فِي النَّفس بِحَسبِهِ فَتَارَة يفرح وَتارَة يحزن وَتارَة يغْضب وَتارَة يرضى وَإِذا قوى أسكر الرّوح فَيصير فِي لَذَّة مطربة من غير تَمْيِيز كَمَا يحصل لَهَا إِذا سكرت بالصور وللجسد إِذا سكر بِالطَّعَامِ أَو الشَّرَاب فَإِن السكر هُوَ الطَّرب الَّذِي يُورث لَذَّة بِلَا عقل فَلَا تقوم مَنْفَعَة تِلْكَ اللَّذَّة يحصل من غيبَة الْعقل الَّذِي صدته عَن ذكر الله تَعَالَى وَعَن الصَّلَاة وأورثته الْعَدَاوَة والبغضاء

وَبِالْجُمْلَةِ فعلى الْمُؤمن أَن يعلم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يتْرك شَيْئا يقرب إِلَى الْجنَّة إِلَّا وَقد حدث بِهِ وَلَا شَيْئا يبعد عَن النَّار إِلَّا وَقد حدث بِهِ وَلَو كَانَ فِي هَذَا السماع مصلحَة شَرْعِيَّة لشرعه الله وَرَسُوله فَإِنَّهُ تبارك وتعالى يَقُول {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا} وَإِذا وجد مَنْفَعَة بِقَلْبِه وَلم يجد شَاهد ذَلِك من الْكتاب وَالسّنة لم يلتقت إِلَيْهِ كَمَا أَن الْفَقِيه إِذا أَرَادَ قِيَاسا لَا يشيهد لَهُ الْكتاب وَالسّنة لم يلْتَفت إِلَيْهِ وَيكون بَاطِلا وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الدَّارَانِي إِنَّه ليمر بقلبي النُّكْتَة من نكت الْقَوْم فَلَا أقبلها إِلَّا بشاهدي عدل الْكتاب وَالسّنة وَقَالَ أَيْضا لَيْسَ لمن ألهم شَيْئا من الْخَيْر أَن يقبله حَتَّى يجد فِيهِ أثرا فَإِذا وجد فِيهِ أثرا كَانَ نورا وَقَالَ الْجُنَيْد علما هَذَا مُقَيّد بِالْكتاب وَالسّنة فَمن لم يقْرَأ الْقُرْآن ويتلقى الحَدِيث لم يصلح لَهُ أَن يتَكَلَّم فِي علمنَا

وَأَيْضًا فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت إِلَّا مكاء وتصدية} فالمكاء الصفير والتصدية التصفيق بِالْيَدِ فقد أخبر عَن الْمُشْركُونَ أَنهم كَانُوا يجْعَلُونَ التصفيق والتصدية والغناء لَهُم صَلَاة وَعبادَة وقربة يعتاضون بهَا عَن الصَّلَاة الَّتِي شرعها الله وَرَسُوله

ص: 594

وَأما الْمُسلمُونَ من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضي الله عنهم فصلاتهم الْقُرْآن واستماعه وَالرُّكُوع واسجود وَذكر الله تَعَالَى ودعاؤه وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يُحِبهُ الله فَمن اتخذ الْغناء والتصفيق عبَادَة فقد شابه الْمُشْركين فَإِن فعله فِي بيُوت الله فقد شابههم أَكثر وَأكْثر واشتغل بِهِ عَن الصَّلَاة وَالْقُرْآن فقد عظمت المشابهة لَهُم وَصَارَ لَهُ كفل عَظِيم من الذَّم الَّذِي دلّت عَلَيْهِ آيَات الْقُرْآن لَكِن قد يغْفر لَهُم بحسنات أَو اجْتِهَاد أَو غير ذَلِك مِمَّا يفْتَرق فِيهِ الْمُسلم وَالْكَافِر لَكِن مُفَارقَته للْمُشْرِكين فِي غير هَذَا لَا يمْنَع أَن يكون ملوما خَارِجا عَن الشَّرِيعَة دَاخِلا فِي الْبِدْعَة الَّتِي ضاهأ بهَا الْمُشْركين

فَيَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ أَن يتفطن لهَذَا وَيفرق بَين سَماع الْمُسلمين الَّذين أَمر الله بِهِ وَسَمَاع الْمُشْركين الَّذِي نهى عَنهُ وَيعلم أَن هَذَا السماع الْمُحدث من جنس سَماع الْمُشْركين وَمَعَ ذَلِك فقد شرطُوا لَهُ شُرُوطًا لَا تكَاد تُوجد فِي سَماع فعامة هَذِه السماعات خَارِجَة عَن إِجْمَاع الْمَشَايِخ وَلَيْسَ للْعَالمين شَرِيعَة سوى الَّتِي جَاءَ بهَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم فَخير الْكَلَام كَلَام الله وَخير الْهدى هدى مُحَمَّد وَقد تزندق بعض الْكَذَّابين وروى أَنه أَعْرَابِيًا أنْشد النَّبِي صلى الله عليه وسلم

قد لسعت حَيَّة الْهوى كبدى

فَلَا طيب لَهَا وَلَا راقى

إِلَّا الحبيب الَّذِي شغفت بِهِ

فَعنده رقيتي وترياقي

وَأَنه تواجد حَتَّى سقط رِدَاؤُهُ عَن مَنْكِبه وَقَالَ النَّبِي لَيْسَ بكريم من لم يتواجد عِنْد ذكره محبوبه

وَهَذَا كذب بِإِجْمَاع العارفين بسيرة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وبسنته وأحواله كَمَا كذب بَعضهم وَادّعى أَن أهل الصّفة قَاتلُوا الْمُسلمين مَعَ الْمُشْركين فَهَذَا كُله قد افتراه من خرج عَن أَمر الله وَرَسُوله ونفقت على طوائف من الْجَاهِلين

وَأما الرَّفْض فَلم يَأْمر الله بِهِ وَلَا رَسُوله وَلَا أحد من الْأَئِمَّة بل قَالَ تَعَالَى {وَلَا تمش فِي الأَرْض مرحا} والرقص نوع من ذَلِك

ص: 595