الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن اعْتَادَ الْكَذِب فَصَارَ إِذا حدث كذب وَإِذا وعد أخلف وَإِذا اؤتمن خَان فَهُوَ مُنَافِق وَالْمُنَافِق شَرّ من الْكَافِر فَإِذا قَالَ رجل الَّذِي يكذب النَّصْرَانِي خير مِنْك وَقصد أَن النَّصْرَانِي الَّذِي لَا يكذب خير من هَذَا الْكتاب مَعَ أَن دين الْإِسْلَام هُوَ الْحق فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فَإِن الْكَذِب أساس النِّفَاق وَمن لَا يكذب خير مِمَّن يكذب وَإِذا حلف بِالطَّلَاق ليعطينه كَذَا فعجز عَنهُ فَلَا حنث عَلَيْهِ إِذا كَانَت نِيَّته أَن يُعْطِيهِ مَعَ الْقُدْرَة
فصل
صَحَّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ من كَانَ حَالفا فليحف بِاللَّه أَو ليصمت وَمن حلف بِغَيْر الله فقد أشرك فَلَيْسَ لأحد أَن يحلف لَا بِملك وَلَا نَبِي وَلَا غير ذَلِك من الْمَخْلُوقَات وَلَا يحلف إِلَّا باسم من أَسمَاء الله أَو صفة من صِفَاته وَقد روى من حلف بالأمانة فَلَيْسَ منا فَمن حلف بالأمانة لَا يدْرِي مَا حلف بِهِ أَو عني بِهِ مخلوقا فقد أَسَاءَ وَإِن أَرَادَ بهَا صفة من صِفَات الله نَحْو وَأَمَانَة الله أَو عصمته جَازَ ذَلِك
وَهل الْحلف بِغَيْر الله محرم أَو مَكْرُوه على قَوْلَيْنِ الأول أصح وَكَانَ السّلف يعذرُونَ من يحلف بِالطَّلَاق وكل مَا سوى الله يدْخل فِي مثل الْكَعْبَة والكرسي وَالْمَلَائِكَة والنبيين والملوك ونعمة السُّلْطَان أَو الشَّيْخ أَو تربة أَبِيه وَنَحْو ذَلِك وَلَكِن فِي الْخلف برَسُول الله صلى الله عليه وسلم نزاع وَكَثْرَة الْحلف مَكْرُوه وَلَكِن قد يسْتَحبّ إِذا كَانَ فِيهِ مصلحَة شَرْعِيَّة كَمَا أَمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم {قل إِي وربي إِنَّه لحق} {قل بلَى وربي لتبعثن} قل إِي {وربي لتأتينكم}
وَمن حلف على رجل لَا بُد أَن يعْطى فلَانا كَذَا يعْتَقد أَن ذَلِك الشَّيْء عِنْده مَوْجُود بِحَيْثُ لَو علم أَنه قد عدم لما خلف ثمَّ تبين أَن ذَلِك الشَّيْء قد عدم
فَلَا حنث عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حلف على مُسْتَحِيل نَحْو لأطيرن أَو لأشربن مَاء الْكوز وَلَا مَاء فِيهِ وَهَذَا لَا يَحْنَث فِيهِ عِنْد جَمَاهِير الْعلمَاء
وَله مَأْخَذ آخر وَهُوَ أَنه حلف يعْتَقد شَيْئا فَتبين بِخِلَافِهِ
وَمن اتهمه زَوجته بِوَطْء جَارِيَته فَعرض وَحلف أَنه مَا وَطئهَا فَلهُ ذَلِك كَمَا جرى لعبد الله بن رَوَاحَة رضي الله عنه إِذا حلف لزوجته وَأقَام لَهَا الدَّلِيل على ذَلِك أَنه لَيْسَ جنبا فَأَنْشد لَهَا شعرًا يوهمها أَنه قُرْآن وَهُوَ
شهِدت بِأَن وعد الله حق وَأَن النَّار مثوى الْكَافرين وَأَن الْعَرْش فَوق المَاء طَاف وَفَوق الْعَرْش رب الْعَالمين وَذكر ذَلِك النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَضَحِك وَقَالَ إِن امْرَأَتك لفقيهة فَهَذَا قد أظهر لَهَا أَنه يقْرَأ الْقُرْآن وَمثل هَذَا لَو فعله الرجل لغير عذر كَانَ حَرَامًا بالِاتِّفَاقِ
وَإِذا قَالَ لزوجته إِن ابرأتيني من نَفَقَة الْأَوْلَاد وَأخذت الْأَوْلَاد بِالْكَفَالَةِ وَنَحْو ذَلِك من الْعبارَات فَأَنت طَالِق فالتزمت بِمَا قَالَ من الْإِنْفَاق فَإِنَّهُ يَقع بِهِ الطَّلَاق فَإِن امْتنعت ألزمت بذلك كَمَا تلْزم بِغَيْرِهِ من الْحُقُوق