الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسياحة فِي الْبِلَاد لغير مقصد مَشْرُوع كَمَا يعانيه بعض النساك أَمر منهى عَنهُ
قَالَ الإِمَام أَحْمد لَيست السياحة من الْإِسْلَام فِي شَيْء وَلَا من فعل النَّبِيين وَلَا الصَّالِحين وَقَوله تَعَالَى {السائحون} المُرَاد بِهِ الصائمون
فصل فِي بيع الْأُصُول وَالثِّمَار
إِذا ضمن الْبُسْتَان بِحَيْثُ يكون الضَّامِن هُوَ الَّذِي يزرع أرضه ويسقي شَجَره كَالَّذي يسْتَأْجر الأَرْض فللعلماء فِي ذَلِك ثَلَاثَة أَقْوَال
أَحدهَا أَنَّهَا دَاخِلَة فِي النَّهْي عَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا
وعَلى هَذَا فَمنهمْ من يحتال على ذَلِك بِإِجَارَة الأَرْض وَالْمُسَاقَاة على الشّجر كَمَا يَقُول طَائِفَة من أَصْحَاب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَبَعض أَصْحَاب أَحْمد مِنْهُم القَاضِي أَبُو يعلى فِي إبِْطَال الْحِيَل وَالْمَنْصُوص عَن أَحْمد بطلَان الْحِيَل
القَوْل الثَّانِي قَول من يفرق بَين كَون الأَرْض كَثِيرَة أَو قَليلَة فَإِن كَانَت الأَرْض الْبَيْضَاء أَكثر من الثُّلثَيْنِ وَالشَّجر أقل من الثُّلُث جَازَ إِجَارَة الأَرْض وَدخل فِيهَا بيع الثَّمَرَة تبعا وعَلى هَذَا قَول مَالك وَفِي وقف الثُّلُث قَولَانِ
القَوْل الثَّالِث جَوَاز ذَلِك مُطلقًا وَهُوَ قَول طَائِفَة من السّلف وَالْخلف مِنْهُم ابْن عقيل وَغَيره وَهُوَ الْمَأْثُور عَن الصَّحَابَة
وَقد روى سعيد بن مَنْصُور عَن عمر بِإِسْنَاد ثَابت أَنه قبل حديقة أسيد بن الْحضير لغرمائه ثَلَاث سِنِين وَكَانَ لَهُم عَلَيْهِ سِتَّة آلَاف دِرْهَم لما مَاتَ وفيهَا النّخل وَالثَّمَر وتسلف الْقَابِلَة ووفى دينه وَلم يُنكر ذَلِك أحد من الصَّحَابَة
وَأَيْضًا وضع الْخراج على أَرض الْخراج وَالْأَعْنَاب وَالْخَرَاج أُجْرَة عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد فِي الْمَشْهُور
وَهَذَا القَوْل أصح الْأَقْوَال وَبِه يَزُول الْحَرج عَن الْمُسلمين وَله مأخذان أَحدهمَا أَنه لَا بُد من إجَازَة الأَرْض وَلَا يُمكن إِلَّا مَعَ الشّجر فَجَاز للْحَاجة كَمَا إِذا بدا صَلَاح بعض ثَمَر شَجَرَة جَازَ بيع جَمِيعهَا اتِّفَاقًا وَقد يدْخل من الْغرَر فِي الْعُقُود مَالا يدْخل أصلا كأساسات الْحِيطَان الدَّاخِلَة وَمَا يدْخل من الزِّيَادَة بعد بَدو الصّلاح وكما يجوز بيع الْعَرَايَا للْحَاجة كالمضاربة والمسافاة والمزارعة
المأخذ الثَّانِي أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نهى عَن بيع الثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا وَالْحب قبل اشتداده
ثمَّ إِنَّه يجوز عِنْد الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة إِجَارَة الأَرْض لمن يعْمل عَلَيْهَا حَتَّى ينْبت الزَّرْع وَلَيْسَ ذَلِك بيعا للحب
كَذَلِك تَقْبِيل الشّجر لمن يعْمل عَلَيْهِ حَتَّى يُثمر لَيْسَ هُوَ بيعا للثمرة
أَلا ترى أَن الْمُزَارعَة على الأَرْض كالمساقاة على الشّجر وَالثَّمَرَة وَإِن كَانَت أعيانا فَإِنَّهَا تجْرِي مجْرى الْفَوَائِد والنفع لِأَنَّهَا يسْتَخْلف بدلهَا كاللبن فِي استرضاع الظِّئْر لما كَانَ يسْتَخْلف بدله أجْرى مجْرى النَّفْع وَلِهَذَا فِي بَاب بيع الثَّمر إِنَّمَا يقوم البَائِع بسقايتها وكمالها
والقبالة الَّتِي فعلهَا عمر رضي الله عنه إِنَّمَا يقوم فِيهَا المتقبل بسقاية الشّجر وَمؤنَة حُصُول الثَّمر الْمُتَّصِل فَلَا يُقَاس هَذَا بِهَذَا
وَنَهْيه عَن بيع الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه لم يتَنَاوَل هَذِه القبالة بِلَا ريب ثمَّ إِن قدر أَن الثَّمَرَة لم تطلع أَو تلفت بعد طُلُوعهَا بِدُونِ تَفْرِيط المتقبل كَانَ بِمَنْزِلَة تعطل الْمَنْفَعَة فِي الْإِجَارَة وَهُوَ لَا يسْتَحق أُجْرَة إِذا لم يتَمَكَّن الْمُسْتَأْجر من الِانْتِفَاع
وَأما إِذا كَانَ المُشْتَرِي اشْترى مُجَرّد الثَّمَرَة فَقَط ومؤنه السَّقْي عَن البَائِع وَقد أطلع الثَّمر وَلم يبد صَلَاح جيمعه بل نوع دون نوع فَفِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا يجوز بيع جَمِيع الْبُسْتَان لِأَن فِي التَّفْرِيق ضَرَرا وَهُوَ أقوى وَمن النَّاس من قَالَ لَا يجوز بَيْعه وَهُوَ الْمَشْهُور وَإِذا استثنيت الْعرية من الْمُزَابَنَة للْحَاجة جَازَ فَلِأَن يجوز بيع النَّوْع تبعا لنَوْع آخر مَعَ أَن الْحَاجة فِي ذَلِك أَشد أولى
وَنَهْيه عَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا فقد خص بيعهَا تبعا للشجرة فَعلم أَنه إِنَّمَا نهى عَن مُفْرد الثَّمَرَة كنهية عَن الذَّهَب وَالْحَرِير مُفردا وَالْحمل لَا يجوز إِفْرَاده بِالْبيعِ وَيجوز تبعا
وسر الشَّرِيعَة أَن الْفِعْل إِذا اشْتَمَل على مفْسدَة منع إِلَّا إِذا عارضها مصلحَة راجحة كَمَا فِي إِبَاحَة الْميتَة للْمُضْطَر وَبيع الْغرَر وَنهى الله عَنهُ لِأَنَّهُ نوع ميسر من كَونه أكل مَال بِالْبَاطِلِ فَإِذا عَارضه ضَرَر أعظم من أباحة دفعا لأعظم الفسادين بِاحْتِمَال أدناهما وَالله أعلم
وَيجوز بيع قصب السكر والجوز واللوز فِي أصح قولي الْعلمَاء وَكَذَلِكَ القت والقلقاس فِي أصح الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ قَول لِأَحْمَد وَكَذَلِكَ بيع المقاتي بعروقها وكل ذَلِك من بَاب تجويزه للْحَاجة لِأَن فِي تَحْرِيمه فَسَادًا أعظم مِنْهُ عِنْد جَوَازه
ثمَّ إِن كَانَت الجوائح تُوضَع إِن تلف فَهُوَ كالثمرة والشريعة اسْتَقَرَّتْ على أَن مَا يحْتَاج إِلَى بَيْعه يجوز وَإِن كَانَ مَعْدُوما كالمنافع وَإِجَارَة الثَّمر الَّذِي لم يبد
صَلَاحه مَعَ الأَصْل وَالَّذِي بدا صَلَاحه مُطلقًا كَمَا اسْتَقر أَن ذَلِك يجوز تبعا وَإِن لم يجز مُفردا وَمِنْه مَا روى مُسلم من بَاعَ عبدا وَله مَال فَمَاله للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع
فصل ظَاهر مَذْهَب أَحْمد أَن مَا كَانَ مُتَعَيّنا بِالْعقدِ لَا يحْتَاج إِلَى تَوْفِيَة بكيل أَو وزن وَنَحْوهمَا بِحَيْثُ يكون المُشْتَرِي قد تمكن من قَبضه فَهُوَ من ضَمَانه قَبضه أَو لم يقبضهُ كصبره اشْتَرَاهَا جزَافا وَنَحْوه وَهُوَ قَول مَالك
وَأما عِنْد الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة فَإِنَّهَا من ضَمَان البَائِع وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد اخْتَارَهَا أَبُو مُحَمَّد
لَكِن الصَّوَاب فِي ذَلِك أَنَّهَا متنوعة فمذهب أبي حنيفَة لَا يدْخل الْمَبِيع كُله فِي ضَمَان المُشْتَرِي إِلَّا بِالْقَبْضِ إِلَّا الْعقار وَعند الشَّافِعِي الْعقار وَغَيره سَوَاء وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمد وَعنهُ رِوَايَة أُخْرَى بِالْفرقِ بَين الْمكيل وَالْمَوْزُون وَغَيرهمَا وَرِوَايَة بِالْفرقِ بَين الطَّعَام وَغَيره وَبَين المطعوم الْمكيل أَو الْمَوْزُون أَو غَيره وَهَذَا فِي الْقَبْض وَعنهُ الرِّوَايَات فِي الرِّبَا
وَهل جَوَاز التَّصَرُّف وَالضَّمان متلازمان فِيهِ نزاع
فطريقة القَاضِي أبي يعلى وَأَصْحَابه والمتأخرين من أَصْحَاب أَحْمد مَعَ أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ يَقُولُونَ يتلازم التَّصَرُّف وَالضَّمان فَمَا دخل فِي ضَمَان المُشْتَرِي جَازَ تصرفه فِيهِ ومالا فَلَا
وطرد الشَّافِعِي ذَلِك فِي بيع الثِّمَار على الشّجر فَلم يقل بِوَضْع الجوائح بِنَاء على أَن المُشْتَرِي إِذا قبضهَا جَازَ تصرفه فِيهَا فَصَارَ ضَمَانهَا عَلَيْهِ
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي مَذْهَب أَحْمد الَّذِي ذكره الْخرقِيّ وَغَيره من الْمُتَقَدِّمين وَعَلِيهِ تدل أصُول أَحْمد أَن الضَّمَان وَالتَّصَرُّف لَا يتلازمان وَلِهَذَا كَانَ ظَاهر
مذْهبه وضع الجوائح فِي الثِّمَار وَجَوَاز تصرفه فِيهِ بِالْبيعِ وَغَيره مَعَ كَون ضَمَانهَا على البَائِع فَهِيَ كمنافع الْإِجَارَة مَضْمُونَة على الْمُؤَجّر قبل الإستيفاء فَلَو مَاتَ الدَّابَّة فتعطلت الْمَنَافِع كَانَت من ضَمَان الْمُؤَجّر مَعَ أَنه يجوز للْمُسْتَأْجر التَّصَرُّف فِيهَا فِي ظَاهر الْمَذْهَب
وَلِهَذَا كَانَ الظَّاهِر فِي مذْهبه فِي بَاب ضَمَان العقد الْفرق بَين مَا يتَمَكَّن من قَبضه وَمَا لم يتَمَكَّن لَيْسَ هُوَ الْفرق بَين الْمَقْبُوض وَغَيره كَمَا قَالَ الْخرقِيّ وَغَيره فِي بيع الصُّبْرَة الْمَبِيعَة جزَافا تدخل فِي ضَمَان المُشْتَرِي بِالْعقدِ وَلَا يجوزون للْمُشْتَرِي بيعهَا حَتَّى ينقلها فجوز التَّصَرُّف فِي الثَّمَرَة مَعَ كَون ضَمَانهَا على البَائِع وَمنع الصُّبْرَة مَعَ كَون ضَمَانهَا على المُشْتَرِي فَثَبت عدم التلازم
وَلَو عتق العَبْد الْمَبِيع قبل قَبضه نفذ عتقه إِجْمَاعًا
وَقد تنَازع النَّاس فِي الْهِبَة وَغَيرهَا وأصول الشَّرِيعَة توَافق هَذِه الطَّرِيقَة فَلَيْسَ كل مَا كَانَ مَضْمُونا على شخص يجوز لَهُ التَّصَرُّف فِيهِ كالمغضوب وَالْعَارِية وَلَيْسَ كل مَا جَازَ التَّصَرُّف فِيهِ كَانَ مَضْمُونا على الْمُتَصَرف كالمالك لَهُ أَن يتَصَرَّف فِي المغضوب والمعار فيبيع الْمَغْصُوب من غاصبه أَو مِمَّن يقدر على تخليصه وَإِن كَانَ مَضْمُونا على الْغَاصِب كَمَا أَن الضَّمَان بالخراج إِنَّمَا هُوَ فِيمَا اتّفق ملكا ويدا
أما إِذا كَانَ الْملك لشخص وَالْيَد لآخر فقد يكون الْخراج للْمَالِك وَالضَّمان على وَاضع الْيَد مَعَ أَن الدّين لَيْسَ مَضْمُونا على الْمَالِك
وَأَيْضًا فالبائع إِذا مكن المُشْتَرِي وَلم يتَمَكَّن من الْقَبْض فقد قضى مَا عَلَيْهِ
وَظَاهر الْمَذْهَب فِي الثَّمَرَة إِذا بِيعَتْ بعد بَدو الصّلاح أَنَّهَا من ضَمَان البَائِع
لِأَن عَلَيْهِ الْقَبْض إِلَى كَمَال الْجذاذ وَالْمُشْتَرِي لم يتَمَكَّن من جذاذها وَلَكِن جَازَ لَهُ التَّصَرُّف فِيمَا بدا مِنْهَا إِذا خلى بَينه وَبَينهَا
فَجعل فِي التَّصَرُّف قبضهَا بِالتَّخْلِيَةِ وَجعل فِي الضَّمَان قبضهَا بالتمكن من
الاتنفاع الَّذِي هُوَ الْمَقْصُود بِالْعقدِ ولعوض مَأْخَذ هَذِه الْمسَائِل تنَازع الْفُقَهَاء فِيهَا كثيرا فَمِنْهُ من يلحظ فِيهَا معنى بل يتَمَسَّك فِيهَا بِظَاهِر النُّصُوص لِأَن أُجْرَة الْمثل فِي الأَرْض المغروسة تقدر بِالْأَرْضِ الْبَيْضَاء لاغراس فِيهَا المهيأة لِأَن يغْرس فِيهَا فَمَا بلغ فَهُوَ من أُجْرَة الْمثل
فصل فِي الْمُصراة وَغَيرهَا
وَلَا يجوز بيع الْمَغْشُوش وَلَا عمله إِذا لم يعلم قدر الْمَغْشُوش وَلَو أعلم المُشْتَرِي أَنه مغشوش لم يجز بَيْعه كاللبن المشوب بِالْمَاءِ وَالصُّوف المشوب بالمشاقة لِأَن المُشْتَرِي لَا يعلم قدر الْخَلْط فَيبقى الْمَبِيع مَجْهُولا وَكَذَا كل مَا كَانَ من الْغِشّ فِي المطعوم والملابس وَغَيرهَا
وَقد أفتى طَائِفَة من الْعلمَاء من أَصْحَاب أَحْمد وَمَالك وَغَيرهم أَن من صنع مثل هَذَا فَإِنَّهُ يجوز أَن يُعَاقب بتمزيق الثَّوْب الَّذِي غشه وَالتَّصَدُّق بِالطَّعَامِ الَّذِي غشه كَمَا يجوز شقّ ظروف الْخمر وَكسر دنانها كَمَا أَمر عمر رضي الله عنه بتحريق كل مَكَان يُبَاع فِيهِ الْخمر وَقد نَص عَلَيْهِ أَحْمد وَغَيره وكما أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم عجل السامري وَلم يعده إِلَى أَهله وكما تكسر آلَات الملاهي
وَهَذِه تبنى على أَن الْعُقُوبَات فِي الْأَمْوَال يتبع فِيهَا مَا جَاءَت بهَا الشَّرِيعَة كالأبدان يتبع فِيهَا مَا جَاءَت بِهِ الشَّرِيعَة
وَادّعى قوم أَن الْعُقُوبَات الْمَالِيَّة مَنْسُوخَة وَلَا حجَّة مَعَهم فِي ذَلِك أصلا كَمَا أَن الْبدن إِذا قَامَ بِالْفُجُورِ أقيم عَلَيْهِ الْحَد وان كَانَ قد يتْلف بِإِقَامَة الْحَد كَذَلِك الَّذِي قَامَ بِهِ صَنْعَة الْفُجُور مثل الصَّنَم يجوز إِتْلَافه وتحريقه كَمَا حرق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْأَصْنَام
وَكَذَلِكَ من صنع صَنْعَة مُحرمَة فِي طَعَام أَو لِبَاس أَو نَحْو ذَلِك
وَلَا يجوز للدلال أَن يكون شَرِيكا فِي أَن يزِيد من غير علم البَائِع لانه يجب أَن لَا يزِيد أحد عَلَيْهِ فَلَا ينصح وَإِذا تواطأ جمَاعَة على ذَلِك استحقوا التَّعْزِير وَمن تعزيرهم أَن يمنعوا من المناداة حَتَّى يتوبوا وَتظهر تَوْبَتهمْ
وكل بيع غرر مثل الطَّائِر فِي الْهَوَاء والشارد والآبق وَالثَّمَرَة قبل بَدو صَلَاحهَا وَبيع الْحَصَاة من الميسر الَّذِي حرمه الله فِي الْقُرْآن لِأَنَّهُ إِن قدر عَلَيْهِ كَانَ المُشْتَرِي قد قمر البَائِع حَيْثُ أَخذ مَاله بِدُونِ قِيمَته وَإِن لم يقدر عَلَيْهِ كَانَ البَائِع قد قمر المُشْتَرِي وَفِي كل مِنْهُمَا أكل مَال بِالْبَاطِلِ فَهُوَ قمار
وَمِنْه أَن يَبِيعهُ مَا فِي بطن الدَّابَّة وَنَحْوهَا
وَيجوز بيع الْغرَر لحَاجَة البَائِع كَمَا قد بسط ذَلِك فِي مَوْضِعه
إِذا أنزى على بهائمه فَحل غَيره فاللقاح لَهُ وَلَكِن إِذا كَانَ ظَالِما بالإنزاء بِحَيْثُ يضر بالفحل المنزى فَعَلَيهِ ضَمَان مَا نقص لصَاحبه فَإِن لم يعرف لَهُ صاحبا تصدق عَنهُ وَأما أَن كَانَ لَا يضرّهُ فَلَا قيمَة لَهُ
وَإِذا مَاتَ رب المَال فِي الْمُضَاربَة انْفَسَخت ثمَّ إِذا علم الْعَامِل بِمَوْتِهِ وَتصرف بِغَيْر إِذن الْوَرَثَة فَهُوَ غَاصِب
وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي الرِّبْح هَل هُوَ للْمَالِك فَقَط كَمَاء الْأَعْيَان أَو لِلْعَامِلِ فَقَط لِأَن عَلَيْهِ الضَّمَان أَو يتصدقان بِهِ لِأَنَّهُ ربح خَبِيث أَو يكون بَينهمَا على أَرْبَعَة أَقْوَال أَصَحهَا الرَّابِع وَبِه حكم أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رضي الله عنه فِيمَا أَخذ ابناه من بَيت المَال فاتجروا فِيهِ بِغَيْر اسْتِحْقَاق فَجعله مُضَارَبَة
وَعَلِيهِ اعْتمد الْفُقَهَاء فِي بَاب الْمُضَاربَة أَن الرِّبْح مِمَّا حصل من مَنْفَعَة بدن هَذَا وَمَال هَذَا يكون بَينهمَا