المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وصّى بهَا لآخر هَل يكون رُجُوعا أم لَا وَمَا علمه الشُّهُود - مختصر الفتاوى المصرية - ط الفقي

[بدر الدين البعلي]

فهرس الكتاب

- ‌بَاب النِّيَّة

- ‌فصل

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌فَصِلَ

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب الاستطابة

- ‌بَاب الْغسْل

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب الْحيض

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة التَّطَوُّع

- ‌فصل

- ‌بَاب الْأَدْعِيَة والأذكار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب الْكُسُوف

- ‌بَاب فِي الاسْتِسْقَاء

- ‌فصل

- ‌كتاب فِي ترك الصَّلَاة

- ‌فصل

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الرّوح

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الصَّيام

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْحَج

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سُؤال

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب اللبَاس

- ‌كتاب الْبيُوع

- ‌فصل فِيمَا يجوز بَيْعه ومالا يجوز

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْأَطْعِمَة وَغَيرهَا

- ‌فصل

- ‌فصل فِي بيع الْأُصُول وَالثِّمَار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الْحجر

- ‌فصل فِي الصُّلْح

- ‌فصل فِي الضَّمَان

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الْوكَالَة

- ‌فصل فِي الْإِقْرَار

- ‌كتاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الاجارة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْوَقْف

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب اللّقطَة

- ‌كتاب الْوَصَايَا

- ‌فصل

- ‌كتاب الْفَرَائِض

- ‌فصل

- ‌كتاب النِّكَاح وشروطه

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْأَوْلِيَاء

- ‌فصل

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب عشرَة النِّسَاء وَالْخلْع

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْعدَد

- ‌كتاب الرَّضَاع

- ‌كتاب النَّفَقَات

- ‌كتاب الْهِبَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْجراح

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الْقسَامَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب حد الزِّنَا وَالْقَذْف

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الذُّنُوب الْكَبَائِر

- ‌فصل

- ‌كتاب الْأَشْرِبَة

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌فصل

- ‌بَاب عقد الذِّمَّة

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌بَاب الصَّيْد والذبائح

- ‌فصل فِي السَّبق

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب جَامع الْأَيْمَان

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور

- ‌فصل

- ‌بَاب فِي آدَاب القَاضِي

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌كتاب الشَّهَادَات

- ‌فصل

- ‌كتاب الدعاوي والبينات

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: وصّى بهَا لآخر هَل يكون رُجُوعا أم لَا وَمَا علمه الشُّهُود

وصّى بهَا لآخر هَل يكون رُجُوعا أم لَا

وَمَا علمه الشُّهُود من حق تركته ويصل الْحق إِلَى مُسْتَحقّه بِشَهَادَتِهِم يحرم عَلَيْهِم أَن يكتموها وَإِن كَانَ يَأْخُذهُ من لَا يسْتَحقّهُ بِشَهَادَتِهِم وَلَا يصل إِلَى من يسْتَحقّهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِم أَن يعينوا وَاحِدًا مِنْهُمَا

وَإِن كَانَ فِي يَده بِتَأْوِيل واجتهاد لم يكن عَلَيْهِم أَيْضا نَزعَة من يَده بل يعان المتأول على من لَا تَأْوِيل لَهُ

أجَاب بذلك فِيمَا إِذا علم الشُّهُود بِحَق لبيت المَال فِي تَرِكَة هَل يجب كتم الشَّهَادَة أم لَا

وَمن قَالَ إِذا مت فداري وقف ثمَّ تعافى وَلَزِمَه دُيُون جَازَ بيع الدَّار وَفَاء للدّين وَإِن كَانَ التَّعْلِيق صَحِيحا كَمَا هُوَ أحد قولي الْعلمَاء وَلَيْسَ هَذَا بأبلغ من التَّدْبِير وَقد بَاعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمُدبر فِي الدّين

‌فصل

الْأَمْوَال الَّتِي لَهَا أصل فِي كتاب الله ثَلَاثَة

مَال الْمغنم ذكره الله فِي قَوْله {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى الْجَمْعَانِ وَالله على كل شَيْء قدير}

فَهَذِهِ الْمَغَانِم للغانمين بعد خمسها

وَالثَّانِي الْفَيْء وَهُوَ الَّذِي ذكر الله فِي سُورَة الْحَشْر حَيْثُ قَالَ تَعَالَى {وَمَا أَفَاء الله على رَسُوله مِنْهُم فَمَا أَوجَفْتُمْ عَلَيْهِ من خيل وَلَا ركاب} اي مَا حركتم وَلَا أعلمتم وَلَا سقتم فَهُوَ مَا صَار للْمُسلمين بِغَيْر إيجَاف خيل وَلَا ركاب فَإِن الله أفاءه على الْمُسلمين فَإِن الله سُبْحَانَهُ خلق الْخلق لعبادته وَأحل لَهُم الطَّيِّبَات ليأكلوا طيبا ويعملوا صَالحا وَالْكفَّار يعْبدُونَ غَيره فصاروا غير مستحقين

ص: 407

لِلْمَالِ فالمباح للْمُؤْمِنين الَّذين يعبدونه هُوَ أَن يسترقوا أنفسهم وَأَن يسترجعوا الْأَمْوَال مِنْهُم فاذا أَعَادَهَا الله إِلَى الْمُؤمنِينَ فقد فاءت أَي رجعت إِلَى مستحقيها

وَهَذَا الْفَيْء يدْخل فِيهِ جِزْيَة الرُّءُوس على أهل الذِّمَّة وَمَا يُؤْخَذ من العثور وأنصاف العثور وَمَا يُصَالح عَلَيْهِ الْكفَّار من المَال الَّذِي يحملونه وَمَا جلوا عَنهُ خوفًا كأموال بني النَّضِير الَّذين كَانُوا شَرْقي الْمَدِينَة قَالَ الله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ} الْآيَة ثمَّ ذكر مصارف الْفَيْء بقوله {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} الْآيَة إِلَى قَوْله {للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ} إِلَى قَوْله {وَالَّذين جاؤوا من بعدهمْ} فَهَؤُلَاءِ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار وَالَّذين جَاءُوا من بعدهمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَلِهَذَا قَالَ مَالك وَأَبُو عبيد وَأَبُو حَكِيم النهرواني من أَصْحَاب أَحْمد وَغَيرهم إِن من سبّ الصَّحَابَة لم يكن لَهُ فِي الْفَيْء نصيب

وَمن الْفَيْء مَا ضربه عمر رضي الله عنه على أَرض العنوة فَلَا يُخَمّس فِي قَول الجماهير كَأبي حنيفَة وَمَالك وَأحمد ويخمس عِنْد الشَّافِعِي وَبَعض أَصْحَابنَا وَذكر ذَلِك رِوَايَة عَنهُ والفيء لم يكن ملكا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاته فِي قَول أَكثر الْعلمَاء وَقَالَ الشَّافِعِي وَبَعض أَصْحَابنَا كَانَ ملكا لَهُ

وَأما مصرفه بعد مَوته فاتفق الْعلمَاء على أَنه يصرف فِي أرزاق الْجند الَّذين يُقَاتلُون الْكفَّار

وَتَنَازَعُوا هَل يصرف فِي سَائِر الْمصَالح أم يخْتَص بِهِ الْمُقَاتلَة على قَوْلَيْنِ للشَّافِعِيّ وَأحمد لَكِن الْمَشْهُور عَنهُ أَنه لَا يخْتَص كَمَا هُوَ قَول مَالك وَأبي حنيفَة بل يصرف فِي الْمصَالح كلهَا

وعَلى الْقَوْلَيْنِ يعْطى لمن فِيهِ مَنْفَعَة لأهل الْفَيْء كولاة أُمُورهم وَمن يُقْرِئهُمْ الْقُرْآن ويفتيهم ويحدثهم ويؤمهم وَيُؤذن لَهُم وَيقوم فِي سد ثغورهم وَعمارَة طرقاتهم وحصونهم وَإِلَى ذَوي الْحَاجَات يبْدَأ بالأهم من

ص: 408

ذَوي الْمَنَافِع نَص عَلَيْهِ عَامَّة الْفُقَهَاء من أَصْحَاب أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَأبي حنيفَة وَغَيرهم لَكِن مَذْهَب الشَّافِعِي وَبَعض أَصْحَاب أَحْمد أَنه لَا حق فِيهِ للأغنياء الَّذين لَا مَنْفَعَة للْمُسلمين بهم وَمذهب الْجُمْهُور كمالك وَأحمد وَغَيرهمَا أَن للأغنياء فِيهِ حَقًا إِذا فضل واتسع عَن حاجات الْمُسلمين كَمَا قَالَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه مَا من مُسلم إِلَّا وَله فِي هَذَا المَال حق وَكَانَ الْجَمِيع الْمُسلمين فرض فِي دُيُون عمر غنيهم وفقيرهم وَمَعَ هَذَا فَلَا يعْطى الْغَنِيّ شَيْء إِلَّا بعد الْفُقَرَاء إِذا فضل عَنْهُم هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور كَالْإِمَامِ أَحْمد فِي الصَّحِيح عَنهُ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ كَمَا تقدم تَخْصِيص الْفُقَرَاء بالفاضل

وَأما المَال الثَّالِث فَهُوَ مَال الصَّدقَات الَّتِي هِيَ زَكَاة الْأَمْوَال وَهَذَا مصرفه كَمَا ذكره الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} إِلَى الْأَصْنَاف الثَّمَانِية الْمَذْكُورَة وَقد انفق الْمُسلمُونَ على أَنه لَا يُجَاوز بهَا الثَّمَانِية الْأَصْنَاف الَّتِي سمى الله تَعَالَى

إِذا تبين هَذَا الأَصْل فَذكر أصلا آخر ونقول

أَمْوَال بَيت المَال فِي هَذِه الْأَزْمِنَة هِيَ أَصْنَاف مِنْهَا مَا هُوَ من الْفَيْء أَو الصَّدقَات أَو الْخمس وَقد عرف حكم هَذَا

وَمِنْهَا مَا صَار إِلَى بَيت المَال بِحَق غير هَذَا مثل من مَاتَ من الْمُسلمين وَلَا وَارِث لَهُ

وَمن ذَلِك مَا فِيهِ نزاع وَمِنْهَا مَا هُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ وصنف قبض بِغَيْر حق وبتأويل يجب رده إِلَى مُسْتَحقّه إِذا أمكن وَقد تعذر مثل مَا يُؤْخَذ من مصادرات الْعمَّال وَغَيرهم الَّذين يَأْخُذُونَ الْهَدَايَا وأموال الْمُسلمين مِمَّا لَا يستحقونه فاسترجعه ولي الْأَمر مِنْهُم أَو من تركاتهم وَلم يعرف مُسْتَحقّه وَمن قبض مَالا من الْوَظَائِف المحدثة فَهَذِهِ الْأَمْوَال الَّتِي تعذر ردهَا لعدم الْعلم بأربابها مثلا هِيَ

ص: 409

مَا يصرف فِي الْمصَالح الَّتِي للْمُسلمين عِنْد أَكثر الْعلمَاء كَالْغَاصِبِ والخائن والمرابي التائبين وَنَحْوهم فَمَا صَار بِيَدِهِ مَال لَا يملكهُ وَلَا يعرف صَاحبه فَإِنَّهُ يصرف إِلَى ذَوي الْحَاجَات

إِذا تبين هَذَانِ الأصلان فَنَقُول من كَانَ من ذَوي الْحَاجَات كالفقراء وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل فَيجوز ب يجب أَن يغطوا من الزَّكَاة وَمن الْأَمْوَال المجهولة الأَصْل بِاتِّفَاق الْمُسلمين وَمن الْفَيْء مِمَّا فضل عَن الْمصَالح الْعَامَّة الَّتِي لَا بُد مِنْهَا عِنْد أَكثر الْعلمَاء سَوَاء كَانُوا مشتغلين بِالْعلمِ الْوَاجِب على الْكِفَايَة أم لَا وَسَوَاء كَانُوا فِي زَوَايَا أَو ربط أم لَا لَكِن من كَانَ متميزا بِعلم أَو دين كَانَ أولى ومقدما على غَيره وأحق هَؤُلَاءِ هم الَّذين ذكرهم الله تَعَالَى فِي قَوْله للْفُقَرَاء الَّذين أحضروا فِي سَبِيل الله لَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا فِي الأَرْض الْآيَة فَمن كَانَ مَشْغُولًا بِالْعلمِ ولادين الَّذِي أحْصر بِهِ فِي سَبِيل الله قد مَنعه الْكتب فَهُوَ أولى من غَيره فَيعْطى قُضَاة الْمُسلمين وعلماؤهم وفقهاؤهم مَا يكفيهم وأرزاق الْمُقَاتلَة وذراريهم لَا سِيمَا بني هَاشم الطالبين والعاسيين فَيتَعَيَّن إعطاؤهم من الْفَيْء وَالْخمس والمصالح لِأَن الزَّكَاة مُحرمَة عَلَيْهِم

وَالْفَقِير الشَّرْعِيّ لَيْسَ هُوَ الْفَقِير الاصطلاحي الَّذِي يتَقَيَّد بلبسة أَو طَريقَة خَاصَّة بل هُوَ كل من لَيْسَ لَهُ كِفَايَة مِنْهُم من الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين

وَقد تنَازع الْعلمَاء هَل الْفَقِير أَشد حَاجَة أَو الْمِسْكِين أَو الْفَقِير من يتعفف والمسكين من يسْأَل النَّاس على ثَلَاثَة أَقْوَال

وَاتَّفَقُوا على أَن من لَا مَال لَهُ وَهُوَ عَاجز عَن الْكسْب يعْطى مَا يَكْفِيهِ سَوَاء كَانَ لبسه لبس الْفُقَرَاء الاصطلاحيين أَو لبس الْجند أَو الْفُقَهَاء أَو الفلاحين أَو غَيرهم وَسَوَاء كَانَ جنديا أَو تَاجِرًا أَو مرابطا أَو غير ذَلِك يعْطى مَا يَكْفِيهِ

وَمن كَانَ مُؤمنا تقيا كَانَ لله وليا وَمن كَانَ من هَؤُلَاءِ منافقا أَو مظْهرا

ص: 410

للبدعة مُخَالفا للْكتاب وَالسّنة من بدع الاعتقادات أَو الْعِبَادَات فَلَا يدْفع إِلَيْهِ بل يسْتَحق الْعقُوبَة وَمن عُقُوبَته أَن يحرم حَتَّى يَتُوب

وَأما من كَانَ زنديقا كالحلولية والاباحية وَمن يفضل متبوعه على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمن يعْتَقد أَنه لَا يجب عَلَيْهِ فِي الْبَاطِن اتِّبَاع شَرِيعَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَو أَنه إِذا حصلت لَهُ الْمعرفَة وَالتَّحْقِيق سقط عَنهُ الْأَمر وَالنَّهْي أَو أَن الْعَارِف الصُّوفِي المتحقق يجوز لَهُ التدين بدين الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَلَا يجب عَلَيْهِ الِاعْتِصَام بِالْكتاب وَالسّنة وأمثال هَؤُلَاءِ فَإِن هَؤُلَاءِ كلهم مُنَافِقُونَ زنادقة وَإِذا ظهر على أحدهم دَلَائِل ذَلِك وَجب قَتله بِاتِّفَاق الْمُسلمين وهم كَثِيرُونَ فِي هَذِه الْأَزْمِنَة لاكثرهم الله فعلى وُلَاة الْأُمُور أَن يأمروا الْفُقَرَاء بِاتِّبَاع السّنة وَلَا يمكنوا أحدا من الْخُرُوج من ذَلِك وَلَو ادّعى من الدعاوي مَا ادّعى وَلَو زعم أَنه يطير فِي الْهَوَاء وَيَمْشي على المَاء

وَمن كَانَ من الْفُقَرَاء الَّذين لم تشغلهم مَنْفَعَة عَامَّة للْمُسلمين عَن الْكسْب بل كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ لم يجز أَن يعْطى من الزَّكَاة عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَجوزهُ أَبُو حنيفَة

وَلَا يجوز أَن يعْطى من الزَّكَاة من يصنع بهَا دَعْوَة وضيافة للْفُقَرَاء الصُّوفِيَّة وَلَا من يُقيم بهَا ساطا لَهُم لَا لوارد وَلَا لغير وَارِد بل يجب أَن يعْطى الْفَقِير الْمُحْتَاج ملكا لَهُ بِحَيْثُ ينفقها على نَفسه وَعِيَاله فِي بَيته وَيَقْضِي مِنْهَا دينه ويصرفها فِي حاجاته

وَلَيْسَ فِي الْمُسلمين من يُنكر صرف الصَّدقَات وفاضل أَمْوَال للصالح إِلَى الْفُقَرَاء وللمساكين وَمن نقل ذَلِك عَن عَالم فَهُوَ إِمَّا جَاهِل أَو كَافِر بِالدّينِ بل بِسَائِر الشَّرَائِع والملل أَو يكون النَّقْل عَنهُ كذبا أَو محرفا فَأَما من هُوَ متوسط فِي الْعلم وَالدّين فَلَا يخفى عَلَيْهِ ذَلِك وَلَا ينْهَى عَن ذَلِك وَلَكِن قد اخْتَلَط فِي هَذِه الْأَمْوَال السُّلْطَانِيَّة الْحق وَالْبَاطِل فأقوام كَثِيرُونَ من ذَوي الْحَاجَات وَالدّين وَالْعلم لَا يعْطى أحدهم

ص: 411

كفاتيه ويتمزق جوعا وَهُوَ لَا يسْأَل وَمن يعرف فَلَيْسَ عِنْده مَا يُعْطِيهِ وأقوام كَثِيرَة يَأْكُلُون أَمْوَال النَّاس ويصدون عَن سَبِيل الله وَقوم لَهُم رواتب أَضْعَاف حاجاتهم وَقوم لَهُم رواتب مَعَ غناهم عَنْهَا وَقوم ينالون جِهَات كمساجد وَغَيرهَا فَيَأْخُذُونَ معلومها ويستنيبون من يطعونه شَيْئا يَسِيرا وأقوام فِي الرَّبْط والزوايا يَأْخُذُونَ مَالا يسْتَحقُّونَ وَيَأْخُذُونَ فَوق حَقهم وَيمْنَعُونَ من هم أَحَق مِنْهُم وَهَذَا مَوْجُود فِي مَوَاضِع كَثِيرَة لَا يُنَازع فِي وُقُوعه أحد وَلَا يستريب مُسلم أَن السَّعْي فِي تَمْيِيز الْمُسْتَحق من غَيره وَإِعْطَاء الولايات والأرزاق من هُوَ أَحَق بهَا وَالْعدْل بَين النَّاس وَفعله بِحَسب الْإِمْكَان هُوَ من أفضل عمل وُلَاة الْأُمُور بل من أوجبهَا عَلَيْهِم فَإِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وَالْعدْل وَاجِب على كل وَاحِد فِي كل شَيْء وَكَانَ أَن النّظر فِي الْجند الْمُقَاتلَة وَالْعدْل بَينهم وَزِيَادَة من يسْتَحق الزِّيَادَة مِنْهُم وَنقص من يسْتَحق النَّقْص وَإِعْطَاء الْعَاجِز عَن الْجِهَاد من جِهَة أُخْرَى هُوَ من أحسن أَفعَال وُلَاة الْأُمُور وأوجبها فَكَذَلِك النّظر فِي حَال سَائِر المرتزقين من أَمْوَال الْفَيْء وَالصَّدقَات وَالْعدْل بَينهم فِي ذَلِك وَإِعْطَاء الْمُسْتَحق تَمام كِفَايَته وَمنع من لَيْسَ من الْمُسْتَحقّين من أَن يزاحمهم فِي أَرْزَاقهم

وَمن ادّعى الْفقر مِمَّن لم يعرف بالغنى وَطلب الْأَخْذ من الصَّدقَات فَإِنَّهُ جَائِز للامام أَن يُعْطِيهِ بِلَا بَيِّنَة بعد أَن يعلم أَنه لَا حق فِيهَا لَغَنِيّ وَلَا لقوي على الْكسْب

وَإِن ذكر أَن لَهُ عيالا فَهَل يفقتر إِلَى بَيِّنَة فِيهِ قَولَانِ فِي مَذْهَب الإِمَام أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَإِن رى أَن يُقيم بَيِّنَة فَلَا خلاف أَنه لَا يجب أَن تكون الْبَيِّنَة من الشُّهُود المعدلين فَإِن شَهَادَة هَؤُلَاءِ المعدلين ترد وَإِن لم يرزقوا على أَدَاء الشَّهَادَة فَكيف إِذا أخذُوا عَلَيْهَا رزقا لَا سِيمَا مَعَ الْعلم بِكَثْرَة من يشْهد مِنْهُم بالزور وَلِهَذَا كَانَت الْعَادة أَن الشُّهُود المرتزقة بِالشَّهَادَةِ بِالشَّام لَا يشْهدُونَ فِي

ص: 412

الاجتهادات كالإعسار والرشد وَالْعَدَالَة والأهلية والاستحقاق وَنَحْو ذَلِك بل يشْهدُونَ بالحسيات كَالَّذي سَمِعُوهُ أَو رَأَوْهُ فَإِن الشَّهَادَة بالاجتهادات يدخلهَا التَّأْوِيل والتهم فالجعل سهل عَلَيْهِم الشَّهَادَة فِيهَا بِغَيْر تحر بِخِلَاف الحسيات فَالزِّيَادَة فِيهَا كذب صَرِيح لَا يقدم عَلَيْهِ إِلَّا من يقدم على صَرِيح الزُّور

وَمن نقل عَن حَاكم أَنه قَالَ لَا يسْتَحق من هَؤُلَاءِ إِلَّا المكسح وَالْأَعْمَى والزمن فَهَذَا لم يقلهُ أحد من الْعلمَاء وَمن قَالَ ذَلِك قدح فِي عَدَالَته واستبدل مَكَانَهُ وَإِن كَانَ مفتريا على النَّاقِل عَنهُ عُوقِبَ تردعه وَأَمْثَاله من المفترين على النَّاس وعقوبة من افترى على النَّاس وَتكلم فيهم بِمَا يُخَالف دين الْمُسلمين لَا يحْتَاج إِلَى دَعْوَى بل الْعقُوبَة فِي ذَلِك جَائِزَة بِدُونِ دَعْوَى كعقوبة من يتَكَلَّم فِي الدّين بِلَا علم فَيحدث بِلَا علم ويفتي بِلَا علم وأمثال هَؤُلَاءِ مِمَّن يتَصَدَّى للاشتغال بالتعليم وَالْفَتْوَى بل اعْلَم فَكل هَؤُلَاءِ يعاقبون بِمَا يردعهم

فَمن قَالَ لَا يسْتَحق من الْأَمْوَال إِلَّا الْأَعْمَى والمكسح والزمن فقد أَخطَأ بِاتِّفَاق الْمُسلمين

وَمن قَالَ إِن أَمْوَال بَيت المَال على اخْتِلَاف أصنافها مُسْتَحقَّة لأصناف مِنْهُم الْفُقَرَاء وَأَنه يجب على الإِمَام إِطْلَاق كفايتهم من بَيت المَال فقد أَخطَأ بل يسْتَحقُّونَ من الزَّكَاة بِلَا ريب وَأما من الْفَيْء وَمن الْمصَالح فَلَا يسْتَحقُّونَ إِلَّا مَا فضل عَن الْمصَالح الْعَامَّة وَلَو قدر أَنه لم يحصل لَهُم من الزَّكَاة مَا يكفيهم وأموال بَيت المَال مستغرفة بالمصالح كَانَ إِعْطَاء الْعَاجِز عَن الْكسْب فرضا على الْكِفَايَة فعلى الْمُسلمين جَمِيعًا أَن يطعموا الجائع ويكسوا العاري وَلَا يدعوا بَينهم مُحْتَاجا وعَلى الإِمَام أَن يصرف ذَلِك من المَال الْمُشْتَرك الْفَاضِل عَن الْمصَالح الْعَامَّة الَّتِي لَا بُد مِنْهَا

وَأما من يَأْخُذ لمصْلحَة عَامَّة فَإِنَّهُ يَأْخُذهُ مَعَ حَاجته بِلَا نزاع وَمَعَ غناهُ على أحد الْقَوْلَيْنِ كَالْقَاضِي وَالشَّاهِد والمفتي والحاسب والمقرى والمحدث وَنَحْوهم

ص: 413