الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمن صلى فِي بَيته جمَاعَة فَهَل يسْقط عَنهُ حُضُور الْمَسْجِد فِيهِ نزاع وَيَنْبَغِي أَلا يتْرك حُضُور الْمَسْجِد إِلَّا لعذر
مَسْأَلَة وَلَو قَامَ رجل يقْضِي مَا فَاتَهُ فائتم بِهِ رجل آخر جَازَ فِي أصح قولي الْعلمَاء إِذا نويا
فَإِن نوي الْمَأْمُوم وَحده فَفِيهِ قَولَانِ الْمَشْهُور عَن أَحْمد أَنه لَا يَصح وَمن داوم على ترك السّنَن الرَّاتِبَة لم يُمكن من حكم وَلَا شَهَادَة وَلَا فتيا مَعَ إصراره على ذَلِك فَكيف بِمن يداوم على ترك الْجَمَاعَة الَّتِي هِيَ أعظم شَعَائِر الْإِسْلَام
وَيلْزم الْقَضَاء على الْفَوْر سَوَاء فَاتَتْهُ عمدا أَو سَهوا عِنْد جمهورهم كمالك وَأحمد وَأبي حنيفَة وَكَذَلِكَ الرَّاجِح عَن الشَّافِعِي إِن فَاتَتْهُ عمدا
وَقد روى فِي قِرَاءَة آيَة الْكُرْسِيّ حَدِيث رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَغَيره فَإِن صَحَّ دلّ على أَن قرَاءَتهَا مُسْتَحبَّة لَكِن لَا يدل على أَن الإِمَام والمأموميين يقرءونها جَمِيعًا جاهرين بهَا فان ذَلِك بِدعَة بِلَا ريب
فصل
والمسبوق إِذا لم يَتَّسِع وَقت قِيَامه لقِرَاءَة الْفَاتِحَة فَإِنَّهُ يرْكَع مَعَ إِمَامه وَلَا يتم الْفَاتِحَة بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة وَإِن كَانَ فِيهِ خلاف فَهُوَ شَاذ
وَأما إِذا أخر فِي الصَّلَاة مَعَ إِمْكَانه حَتَّى قصر الْقيام أَو كَانَ الْقيام متسعا
وَلم يَقْرَأها فَهَذَا تجوز صلَاته عِنْد الجماهير وَعند الشَّافِعِي عَلَيْهِ أَن يقْرَأ وَإِن تخلف عَن الرُّكُوع وَإِنَّمَا تسْقط قرَاءَتهَا عِنْده عَن الْمَسْبُوق خَاصَّة
وَمن تخلف عَن الإِمَام لعذر من نوم أَو نِسْيَان وَنَحْوه فمذهب الشَّافِعِي وَأحمد فِي رِوَايَة أَنه إِذا أَتَى بِمَا تخلف عَنهُ وَلحق الإِمَام وَلَو سبقه بِرُكْن أَو اثْنَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَهُوَ يُدْرِكهُ فِي الرَّكْعَة فصلائه صَحِيحَة
وَصلَاته السَّكْرَان الَّذِي لَا يعلم مَا يَقُول لَا تجوز بالِاتِّفَاقِ بل وَلَا يجوز أَن يُمكن من دُخُول الْمَسْجِد
وَإِذا قَالَ الرجل لَا أُصَلِّي إِلَّا خلف من يكون من أهل مذهبي فَهُوَ كَلَام محرم قَائِله يسْتَحق الْعقُوبَة فَإِنَّهُ لَيْسَ من أَئِمَّة الْمُسلمين من قَالَ لَا تشرع صَلَاة الْمُسلم إِلَّا خلف من يُوَافقهُ فِي مذْهبه الْمعِين
وتنازع الْمُتَأَخّرُونَ من أَصْحَاب أَحْمد وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهمَا هَل على الْعَاميّ أَن يلْتَزم مَذْهَب وَاحِد بِعَيْنِه من الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين بِحَيْثُ يَأْخُذ بِعَزَائِمِهِ ورخصه على قَوْلَيْنِ
وَالْمَشْهُور أَنه لَا يجب كَمَا أَنه لَيْسَ لَهُ أَن يُقَلّد فِي كل مَسْأَلَة من يُوَافق غَرَضه وَلَيْسَ لَهُ أَن يُقَلّد فِي الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة غير مقلده إِذا من مَذْهَب من يقلده يَجْعَل الْحق عَلَيْهِ بل عَلَيْهِ بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة أَن يعدل بَين غَيره وَنَفسه فِي الْأَقْوَال والاحكام فَإِذا اعْتقد وجوب شَيْء أَو تَحْرِيمه اعْتقد ذَلِك عَلَيْهِ وعَلى من يماثله
مِثَاله شُفْعَة الْجوَار للْعُلَمَاء فِيهِ قَولَانِ فَمن اعْتقد أحد الْقَوْلَيْنِ فقد قَالَ بقول طَائِفَة من عُلَمَاء الْمُسلمين
وَلَيْسَ لأحد ثُبُوت الشُّفْعَة إِذا كَانَ هُوَ الطَّالِب وانتفاؤها إِذا كَانَ هُوَ الْمَطْلُوب كَمَا يَفْعَله الظَّالِمُونَ أهل الْأَهْوَاء يتبعُون فِي الْمَسْأَلَة الْوَاحِدَة هواهم فيوافقون هَذَا القَوْل تَارَة وَهَذَا أُخْرَى مُتَابعَة للهوى لَا مُرَاعَاة للتقوى وَقد ذمّ الله من يتبع الْحق إِذا كَانَ لَهُ لَا عَلَيْهِ فَقَالَ دعوا إِلَى
الله وَرَسُوله ليحكم بَينهم إِذا فريق مِنْهُم معرضون وَإِن لم يكن لَهُم الْحق يَأْتُوا اليه مذعنين أَفِي قُلُوبهم مرض أم أرتابوا أَو يخَافُونَ أَن يَحِيف الله عَلَيْهِم وَرَسُوله بل أُولَئِكَ هم الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَول الْمُؤمنِينَ إِذا دعوا الى الله وَرَسُوله ليحكم بيهم أَن يَقُولُوا سمعنَا وأطعنا وَأُولَئِكَ هم المفلحون وَمن يطع الله وَرَسُوله ويخش الله ويتقه فَأُولَئِك هم الفائزون
وَقَول الْقَائِل لَا أتقيد بِأحد هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة
إِن أَرَادَ أَنه لَا يتَقَيَّد بِوَاحِد بِعَيْنِه دون البَاقِينَ فقد أحسن بل هُوَ الصَّوَاب من الْقَوْلَيْنِ وَإِن أَرَادَ أَنِّي لَا أتقيد بهَا كلهَا بل أخالفها فَهُوَ مخطىء فِي الْغَالِب قطعا إِذا لحق لَا يخرج عَن هَذِه الْأَرْبَعَة فِي عَامَّة الشَّرِيعَة
وَلَكِن تنَازع النَّاس هَل يخرج عَنْهَا فِي بعض الْمسَائِل على قَوْلَيْنِ
وَقد بسطنا ذَلِك فِي مَوضِع آخر
وَكَثِيرًا مَا يتَرَجَّح قَول من الْأَقْوَال يظنّ الظَّن أَنه خَارج عَنْهَا وَيكون دَاخِلا فِيهَا لَكِن لَا ريب أَن الله لم يَأْمر الْأمة بِاتِّبَاع أَرْبَعَة أشخاص دون غَيرهم هَذَا لَا يَقُوله عَالم وَإِنَّمَا هَذَا كَمَا يُقَال أَحَادِيث البُخَارِيّ وَمُسلم فَإِن الْأَحَادِيث الَّتِي رَوَاهَا الشَّيْخَانِ فصححاها قد صححها من الْأَئِمَّة مَا شَاءَ الله
فالأخذ بهَا لكَونهَا قد صحت لَا لِأَنَّهَا قَول شخصي بِعَيْنِه
وَأما من عرض عَلَيْهِ حَدِيث فَقَالَ لَو كَانَ صَحِيحا لما أَهله أهل مَذْهَبنَا فَيَنْبَغِي أَن يُعَزّر هَذَا على فرط جَهله وَكَلَامه فِي الدّين بِلَا علم وَالْكذب فِي حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الذُّنُوب
وَقد اخْتلف هَل هُوَ فسق أَو كفر على قَوْلَيْنِ