الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
لِوَاء الْحَمد بيد النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم الْقِيَامَة صُورَة وَمعنى إِشَارَة إِلَى سيادته لجَمِيع الخلاذق فَيكون الْخلق تَحت لواذه كَمَا يكون الأجناد تَحت ألوية الْمُلُوك وحامله الْمُقدم الَّذِي يكون خطيب الْأَنْبِيَاء إِذا وفدوا وإمامهم إِذا اجْتَمعُوا وَهُوَ الَّذِي يتَقَدَّم للشفاعة فيحمد ربه بِمَحَامِد لَا يحمده بهَا غَيره وَهُوَ مُحَمَّد وَأحمد وَأمته الْحَمَّادُونَ الَّذين يحْمَدُونَ عَليّ السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَهُوَ أول من يدعى إِلَى الْجنَّة فَلَا تفتح لأحد قبل صَاحب لِوَاء الْحَمد صلى الله عليه وسلم
وَقَوله سبحانه وتعالى {وجدهَا تغرب فِي عين حمئة} الْعين فِي الأَرْض وَمعنى تغرب فِي عين أَي فِي رَأْي النَّاظر بِاتِّفَاق الْمُفَسّرين وَلَيْسَ المُرَاد تسْقط من الْفلك فتغرب فِي تِلْكَ الْعين فَإِنَّهَا لَا تنزل من السَّمَاء إِلَى الأَرْض وَلَا تفارق فلكها والفلك فَوق الأَرْض من جَمِيع أقطارها لَا يكون تَحت الأَرْض لَكِن إِذا تخيل المتخيل أَن الْفلك مُحِيط بِالْأَرْضِ توهم أَن مايلي رَأسه هُوَ أَعْلَاهُ وَمَا يَلِي رجلَيْهِ هُوَ أَسْفَله ولي الْأَمر كَذَلِك بل جَانب الْفلك من هَذَا الْجَانِب كجانبه من الْمشرق وَالْمغْرب وَالسَّمَاء فَوق الأَرْض بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَإِنَّمَا السّفل هُوَ أضيق مَكَان فِي الأَرْض وَهُوَ المركز الَّذِي إِلَيْهِ تنتهى الأثقال وكل مَا تحرّك من المركز إِلَى السَّمَاء من أَي جَانب كَانَ فَإِنَّهُ يصعد من الْأَسْفَل إِلَى الْأَعْلَى وَالله أعلم
فصل
وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن النكر وَاجِب عَليّ الْكِفَايَة بِاتِّفَاق الْمُسلمين وكل وَاحِد من الْأمة مُخَاطب بِقدر قدرته وَهُوَ من أعظم الْعِبَادَات وَمن النَّاس من يكون ذَلِك لهواه لَا لله
وَلَيْسَ لأحد أَن يزِيل النكر بِمَا هُوَ أنكر منهخ مثل أَن يقوم وَاحِد من النَّاس يُرِيد أَن يقطع يَد السَّارِق ويجلد الشَّارِب وَيُقِيم الْحُدُود لِأَنَّهُ لَو فعل ذَلِك لأفضى إِلَى الْهَرج وَالْفساد لِأَن كل وَاحِد يضْرب غَيره ويدعى أَنه اسْتحق ذَلِك فَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَن يقْتَصر فِيهِ على ولي الْأَمر المطاع كالسلطان ونوابه
وَكَذَلِكَ دَقِيق الْعلم الَّذِي لَا يفهمهُ إِلَّا خَواص النَّاس وجماع الْأَمر فِي ذَلِك بِحَسب قدرته
وَإِنَّمَا الْخلاف فِيمَا رذاغلب على ظن الرجل أَن أمره بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيه عَن الْمُنكر لَا يطاع فِيهِ هَل يجب عَلَيْهِ حينذذ على قَوْلَيْنِ أصَحهمَا أَنه يجب وَإِن لم يقبل مِنْهُ إِذا لم يكن مفسده الْأَمر واجحة عَليّ مفْسدَة التّرْك كَمَا بقى نوح عليه السلام ألف سنة إِلَّا خمسين عاماض ينذر قومه وَلما قَالَت الْأمة من أهل الْقرْيَة الْحَاضِر البحرة لواعظى الَّذين يعدون فِي السبت {لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم ولعلهم يَتَّقُونَ} أَي نُقِيم عذرنا عَن رَبنَا وَلَيْسَ هدَاهُم علنيا بل الْهِدَايَة إِلَيّ الله
وَلم يجب مَا أحبه الله وَهُوَ الْمَعْرُوف وَيبغض مَا أبغضه الله تَعَالَى وَهُوَ الْمُنكر لم يكن مُؤمنا فَلهَذَا لم يكن وَرَاء إِنْكَار الْمُنكر بِالْقَلْبِ حَبَّة خَرْدَل من إِيمَان وَلَا يُمكن أَن يجب جَمِيع الْمُنْكَرَات بِالْقَلْبِ رلا زن كَانَ كَافِرًا
وَهُوَ الَّذِي مَاتَ قلبه كَمَا سُئِلَ بعض السّلف عَن ميت الْأَحْيَاء فِي قَوْلهم
لَيْسَ من مَاتَ فاستراح بميت
…
إِنَّمَا الْمَيِّت ميت الْأَحْيَاء
فَقَالَ هُوَ الَّذِي لَا يعرف مَعْرُوفا وَلَا يُنكر مُنْكرا لَكِن من النَّاس من يُنكر بعض الْأُمُور دون بعض فَيكون فِي قلبه إِيمَان ونفاق كَمَا ذكر ذَلِك من ذكره من السّلف حَيْثُ قَالُوا الْقُلُوب أَرْبَعَة قلب أجرد فِيهِ سراج يزهر فَذَلِك قلب الْمُؤمن وقلب أغلف فَهُوَ قلب الْكَافِر وقلب منكوس فَذَلِك