الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأما أَرض العنوة فَفِيهَا ثَلَاثَة أَقْوَال
أَحدهَا أَنَّهَا تقسم كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وَإِن طابت نُفُوسهم بِالْوَقْفِ جَازَ فَلَو حكم حَاكم بوقفها من غير طيب أنفسهم نقض حكمه نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْأُم وَجُمْهُور الْأَئِمَّة خالفوه فِي ذَلِك وَرَأَوا أَن مَا فعله عمر بن الْخطاب رضي الله عنه من جعلهَا فَيْئا حسن جَائِز وَقد حَبسهَا عمر رضي الله عنه بِدُونِ استطابة أنفسهم وَلَا نزاع أَن كل أَرض فتحهَا عمر لم يقسهما وَكَانَ مَذْهَب عمر فِي الْفَيْء أَنه لجَمِيع الْمُسلمين لَكِن يفاضل بَينهم بالفضائل الدِّينِيَّة
وَأما أَبُو بكر رضي الله عنه فسوى بَينهم فِي الْعَطاء إِذا اسْتَووا فِي الْحَاجة
وروى أَن عمر رضي الله عنه قَالَ لَئِن عِشْت إِلَى قَابل لأجعلن النَّاس بَيَانا أَي بابة وَاحِدَة وَكَانَ تفضيله بِأَسْبَاب أَرْبَعَة اجْتِهَاد فِي قتال الْأَعْدَاء والغناء عَن الْمُسلمين فِي مصالحهم كمعلميهم وولاتهم والسابقة إِلَى الْإِسْلَام وَالْحَاجة فَقَالَ إِنَّمَا هُوَ الرجل وبلاؤه وَالرجل وسابقته والرجف وفاقته
فصل
وإحياء الْموَات جَائِز بِدُونِ إِذن الإِمَام فِي مَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَاشْترط أَبُو حنيفَة الْإِذْن وَقَالَ مَالك إِن كَانَ مِمَّا قرب من العامر وتشاح النَّاس فِيهِ وَجب إِذن الإِمَام وَإِلَّا فَلَا إحْيَاء
أما أَرض الْخراج فَهَل تملك بِالْإِحْيَاءِ وَلَا خراج عَلَيْهَا أَو تكون بِيَدِهِ وَعَلِيهِ الْخراج على قَوْلَيْنِ هما رِوَايَتَانِ عَن أَحْمد
وَمن كَانَ لَهُ حق فِي بَيت المَال فأحيل على بعض الْمَظَالِم فَقَالَ شيخ الْإِسْلَام رَحمَه الله تَعَالَى قد قلت لمن سَأَلَني عَن ذَلِك لَا تستخرج أَنْت هَذَا وَلَا تعن
على استخراجه لِأَنَّهُ ظلم لَكِن اطلب أَنْت حَقك من المَال المتحصل عِنْدهم وَإِن كَانَ مجموعا من هَذِه الْجِهَة وَغَيرهَا فَإِنَّمَا اجْتمع فِي بَيت المَال وَلم يعرف أَصْحَابه فَصَرفهُ فِي مصَالح للْمُسلمين أولى من صرفه فِيمَا لَا ينْتَفع بِهِ أَصْحَابه
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يصبر مختلطا فَلَا يبْقى مَحْكُومًا بِتَحْرِيم عينه مَعَ كَون الصّرْف إِلَى مثل هَذَا وَاجِبا على الْمُسلمين فَإِن الْوُلَاة يظْلمُونَ تَارَة فِي الاستخراج وَتارَة فِي صرفهَا فَلَا يحل إعانتهم على الاستخراج وَلَا أَخذ الْإِنْسَان مَالا يسْتَحقّهُ
وَأما يسوغ فِيهِ الاستخراج وَالصرْف فكمسائل الِاجْتِهَاد ومالا يسوغ فِيهِ اجْتِهَاد من الْأَخْذ والإعطاء فَلَا يعانون عَلَيْهِ لَكِن إِذا كَانَ المصروف إِلَيْهِ مُسْتَحقّا لمقدار الْمَأْخُوذ جَازَ أَخذه من كل مَال يجوز صرفه كَالْمَالِ الْمَجْهُول مَالِكه فَإِن امْتَنعُوا من إِعَادَته إِلَى مُسْتَحقّه فَهَل الأولى إِقْرَاره فِي أَيدي الظلمَة أَو السَّعْي فِي صرفه فِي مصَالح الْمُسلمين إِذا كَانَ السَّاعِي فِي ذَلِك مِمَّن يكره أصل أَخذه وَلم يعن على أَخذه بل يسْعَى فِي منع أَخذه
فَهَذِهِ مَسْأَلَة حَسَنَة يَنْبَغِي التفطن لَهَا وَإِلَّا دخل الْإِنْسَان فِي فعل الْمُحرمَات أَو ترك الْوَاجِبَات فَإِن الْإِعَانَة على الظُّلم من فعل الْمُحرمَات
وَإِذا لم يُمكن الْوَاجِب إِلَّا بِالصرْفِ الْمَذْكُور كَانَ تَركه من ترك الْوَاجِبَات وَإِذا لم يُمكن إِلَّا إِقْرَاره بيد الظَّالِم وَصَرفه فِي الْمصَالح كَانَ النَّهْي عَن صرفه فِي الْمصَالح إِعَانَة على زِيَادَة الظُّلم الَّتِي هِيَ إِقْرَاره بيد الظَّالِم فَكل مَا يجب إِزَالَة الظُّلم عَنهُ يجب تقليله عِنْد الْعَجز عَن إِزَالَته فَهَذَا أصل عَظِيم
وأصل آخر وَهُوَ أَن المشتهات يَنْبَغِي صرفهَا فِي الْأَبْعَد عَن الْمَنْفَعَة فالأبعد كَمَا أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بكسب الْحجام يطعمهُ الرَّقِيق والناضح
فَالْأَقْرَب مَا دخل فِي الْبَاطِن من الطَّعَام وَالشرَاب ثمَّ مَا ولي الظَّاهِر من اللبَاس ثمَّ ماستر مَعَ الِانْفِصَال من القباء ثمَّ مَا عرض من الرّكُوب فَكَذَا يفرق فِي الِانْتِفَاع بالرزق وَكَذَلِكَ أَصْحَابنَا يَفْعَلُونَ