الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنَافِع الْحَبْس يَسْتَحِقهَا الْمَوْقُوف عَلَيْهِ بعد بطن وكل قوم يسْتَحقُّونَ أُجْرَة الْمَنَافِع الْحَادِثَة فِي زمانهم فَإِذا استسلقوا للمستقبل كَانُوا قد أخذُوا مالم يستحقوه من الْوَقْف وَهَذَا لَا يجوز
لَكِن إِذا طلب من الْوَرَثَة ضمينا فَلم ذَلِك مَعَ أَنه لَو لم يكن وَقفا لم تحل الْأُجْرَة على قَول من يَقُول لَا يحل الدّين الْمُؤَجل بِالْمَوْتِ وَكَذَا على قَول من يَقُول يحل فِي أظهر قوليه أَو يفرقون بَين الْإِجَارَة وَغَيرهَا كَمَا يفرقون فِي الأَرْض المحتكرة إِذا بِيعَتْ أَو ورثت فَإِن الحكر يكون على المُشْتَرِي وَالْوَارِث وَلبس اجرة من البَائِع من تَرِكَة الْمَيِّت فِي أظهر أَقْوَالهم وَالله أعلم
فصل
ضَمَان الإقطاع صَحِيح لَا نعلم أحدا من الْعلمَاء الَّذين يُفْتى بقَوْلهمْ وَلَا أحدا من المصنفين قَالَ إِنَّه بَاطِل إِلَّا مَا بلغنَا أَن بعض النَّاس حكى فِيهِ خلافًا قولا بِالْجَوَازِ وقولا بِالْمَنْعِ وقولا يجوز سنة فَقَط
وَلم يفت أحد بِتَحْرِيمِهِ إِلَّا بعض أهل زمَان لشُبْهَة عرضت لَهُم اعتقدوا أَن المقطع بِمَنْزِلَة الْمُسْتَعِير وغفلوا عَن كَون الْمَنَافِع مُسْتَحقَّة لأهل الإقطاع وغفلوا عَن كَون السُّلْطَان أذن فِي الِانْتِفَاع بالمقطع استغلالا وإيجارا وَلَو أذن الْمُعير بِالْإِجَارَة جَازَت وفَاقا فيكف بالإقطاع
وَمن أَخذ عوضا عَن عين مُحرمَة أَو نفع محرم مثل أُجْرَة حمال المحمر وصانع الصَّلِيب وَمهر الْبَغي وَنَحْوه وَأُجْرَة الْبَيْت ليتَّخذ مَكَانا للفسوق ليتصدق بهَا وَتَكون صدقته بذلك كَفَّارَة عَمَّا عمله من الْمحرم فَإِن هَذَا الْعِوَض لَا يجوز الِانْتِفَاع بِهِ لِأَنَّهُ خَبِيث وَلَا يُعَاد إِلَى صَاحبه لِأَنَّهُ إِعَانَة لَهُ على الْإِثْم والعدوان بل
يَتَّصِف بِهِ كَمَا نَص على ذَلِك أَحْمد فِي مثل حَامِل الْخمر وَأَصْحَاب مَالك وَغَيرهم
وَمن اكترى لفعل محرم كالغناء وَالزِّنَا وَشَهَادَة الزُّور كَانَ كراؤه محرما
وَكَذَلِكَ إِن أكراه لفعل مَا وَجب عَلَيْهِ مثل أَن تتَعَيَّن عَلَيْهِ شَهَادَة بِحَق أَو فيتا فِي مَسْأَلَة أَو قَضَاء فِي حُكُومَة أَو جِهَاد معِين فَإِن هَذَا الْكِرَاء لَا يجوز
وَإِن كَانَ الْفِعْل يخْتَص بِأَهْل القربات كالكراء لإقراء الْقُرْآن وَالْعلم والإمامة وَالْأَذَان أَو الْحَج أَو للْجِهَاد الَّذِي لَا يتَعَيَّن فَفِيهِ نزاع وَإِن كَانَ الْكِرَاء لعمل كالخياطة وَالتِّجَارَة وَالْبناء جَازَ بالِاتِّفَاقِ
وَإِذا انْتقل نحل إِلَى بلد فَلَا يجوز شَيْئا وَالْعَمَل هُوَ من الطول الَّتِي هِيَ المباحثات وَهِي أَحَق بالبذل من الْكلأ فَإِن هَذِه الطلول لَا يُمكن أَن يجمعها إِلَّا النَّحْل لَكِن إِن كَانَ لصَاحب الأَرْض نحل فَهُوَ أَحَق بالجني فِي أرضه فَإِذا كَانَ جنى ذَلِك النَّحْل يضر بِهِ فَلهُ مَنعه من ذَلِك
وَيَقَع اسْتِئْجَار الْأَعْمَى وشراؤه صَحِيحا عِنْد جُمْهُور الْعلمَاء كمالك وَأبي حنيفَة وَأحمد فِي الْمَشْهُور عَنهُ وَلَا بُد أَن يُوصف لَهُ الْمَبِيع وَالْمُسْتَأْجر فان وجده بخلافة فَلهُ الْفَسْخ
وَلَا يجوز أَن يسْتَأْجر من يُصَلِّي عَنهُ فرضا وَلَا نفلا لَا فِي حَيَاته وَلَا بعد مماته فَإِذا أوصى بِدَرَاهِم لمن يُصَلِّي عَنهُ تصدق الْوَرَثَة بهَا عَنهُ ويخص بِالصَّدَقَةِ أهل الصَّلَاة فَيكون للْمَيت أجر كل صَلَاة يصلونها ويستعينون عَلَيْهَا بِصَدَقَتِهِ من غير أَن ينقص من أجر الْمصلى شَيْئا كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم من فطر صَائِما فَلهُ مثل أجره وَمن جهز غازيا فقد غزا
وَأما تَعْلِيم الْقُرْآن وَالْعلم بِغَيْر أُجْرَة فَهُوَ أفضل الْأَعْمَال وأحبها إِلَى الله تَعَالَى وَهَذَا مِمَّا يعلم بالاضطرار من الدّين وَكَانَ السّلف لَا يعلمُونَ إِلَّا الله تَعَالَى
وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء وَيجوز أَن يعْطى رزقا من بَيت المَال مَعَ الْحَاجة
وَهل يجوز مَعَ الْغَنِيّ على قَوْلَيْنِ
وَإِجَارَة أَرض الإقطاع جَائِزَة وللمستأجر أَن يؤجرها
وَأما إِذا مَاتَ المقطع أَو انْقَطع إقطاعه فالمقطع الثَّانِي لَا يلْزمه إِجَارَة الأول فَلَيْسَ لَهُ أَن يقطع مَا فِيهَا من الشّجر وَالزَّرْع مجَّانا بل يُخَيّر بَين أَن يبقيه بِأُجْرَة الْمثل أَو أَن يُؤجر للْمُسْتَأْجر إِجَارَة مستأنفة بِمَا يتفقان عَلَيْهِ لَكِن لَيْسَ لَهُ أَن يلْزمه بِأَكْثَرَ من أُجْرَة الْمثل وَإِذا اسْتَأْجرهَا صَاحب الزَّرْع جَازَ فَإِنَّهُ يتَمَكَّن من الِانْتِفَاع بهَا وَلِصَاحِب الزَّرْع الْفَسْخ فَإِنَّهَا تَنْفَسِخ بانتقال الإقطاع فَلَيْسَ لأَحَدهمَا إِلْزَام الآخر وَلَو اسْتَأْجرهَا غَيره جَازَ على الصَّحِيح وَقَامَ فِيهَا مقَام الْمُؤَجّر
وَهَذِه الْمُعَامَلَات الْوَاقِعَة على الْبَسَاتِين الْمُسَمَّاة بِالضَّمَانِ سَوَاء كَانَت قبل ظُهُور الثَّمَرَة وَقبل بَدو صَلَاحهَا أَو بعدهمَا أَو بَينهمَا وَسميت ضمانا أَو سميت ضمانا أَو سميت للتحيل مُسَاقَاة أَو إِجَارَة فَإِنَّهُ إِذا تلف الثَّمر بِآفَة سَمَاوِيَّة وَجب وضع الْجَائِحَة عَن الْمُسْتَأْجر سَوَاء كَانَ العقد فَاسِدا أَو صَحِيحا أَو متحيلا على صِحَّته
وَلَو قَالَ الْعَامِل ضمنته بِكَذَا وَإِن كَانَ أكله الْجَرَاد فَهُوَ شَرط فَاسد لِأَنَّهُ شَرط غرر وقمار وَإِن كَانَ مَعَ الشَّرْط قد ضمنه بعوض دون عوض الْمثل الْخَالِي من الشَّرْط فَحِينَئِذٍ يفرق بَين صِحَة العقد وفساده على الْمَشْهُور فَإِذا كَانَ فَاسِدا كَانَ الْوَاجِب الْمَقْبُوض بِهِ أَو قِيمَته وَإِن كَانَ صَحِيحا زيد على نصيب الْبَاقِي من الْمُسَمّى بِقدر قيمَة مَا بَين الْقيمَة مَعَ الشَّرْط وَالْقيمَة مَعَ عَدمه فَإِذا كَانَ الْمُسَمّى أنفًا وَالْبَاقِي ثلث الثَّمَرَة كَانَ نصِيبه ثلث مَا بَقِي من الْألف فَينْظر قيمَة الْجَمِيع بِالشّرطِ فيوجد بسبعمائة فيزاد على الْمُسَمّى أَو يُصِيبهُ ثلثه
وَمن اسْتَأْجر دَارا بجوارها رجل سوء فَمثل هَذَا عيب فِي الْعقار إِذا لم يعلم بِهِ الْمُسْتَأْجر فَلهُ فسخ الْإِجَارَة عِنْد الْعلم بِهِ
وَمذهب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة أَن الشبابة حرَام وَلم يتنازع فِيهَا إِلَّا مُتَأَخّر وَأَصْحَاب أَحْمد من الخراسانيين فانهم ذكرُوا وَجْهَيْن وَأما الْعِرَاقِيُّونَ فَقطعُوا بِالتَّحْرِيمِ وهم أعلم بمذهبه وَبِكُل حَال فَهُوَ وَجه ضَعِيف وَقد قَالَ الشَّافِعِي الْغناء مَكْرُوه يشبه الْبَاطِل وَالْمحرم اسْتِمَاع الآت اللَّهْو لاسماعها فَمن اجتاز فَسمع كفرا أوغيبة أَو شَبابَة لم يحرم عَلَيْهِ وَلَو اسْتمع وَلم يُنكر بِقَلْبِه أَو يَده أَو لِسَانه أَثم اتِّفَاقًا وَمَا رُوِيَ عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَنه سمع راعي غنم يزمر بزمارة فسد أُذُنَيْهِ وَقَالَ لنافع هَل تسمع قَالَ لَا فَأخْرج أَصَابِعه وروى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَلِك هُوَ يبين أَن عدم السماع أولى وَلَا يدل هَذَا على أَن الشبابة جَائِزَة فَإِن ابْن عمر رضي الله عنهما سامع لَا مستمع وَالسَّامِع لَا يحرم عَلَيْهِ كَمَا لَا يُؤجر السَّامع لقِرَاءَة الْقُرْآن إِنَّمَا يُؤجر المستمع وسد أُذُنَيْهِ رضي الله عنه مُبَالغَة فِي التحفظ وَلَو كَانَ مُبَاحا لما سد أُذُنَيْهِ بل سدهما يدل على أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يسمع مَالا يجوز استماعه
وَأَيْضًا فرفيقه نَافِع لم يعلم أَنه كَانَ بَالغا فَلَعَلَّهُ كَانَ صَغِيرا وَالصبيان يرخص لَهُم من اللّعب مَا لَا يرخص فِيهِ للبالغين
وَأَيْضًا فَلَو قدر أَن الِاسْتِمَاع لَا يجوز فَلَو سد هُوَ ورفيقه أذنيهما لم يعرفا مَتى يَنْقَطِع الصَّوْت
وَأَيْضًا زمارة الرَّاعِي لَيست مطربة كالشبابة الَّتِي تصنع من اليراع فَلَو قدر الْإِذْن فِيهَا لم يجز الْإِذْن فِي اليراع الْمَوْصُول وَمَا يتبعهُ من الْأَصْوَات الَّتِي تفعل فِي النُّفُوس فعل حميا الكؤوس
وَأَيْضًا فقد ذكر ابْن الْمُنْذر الِاتِّفَاق على تَحْرِيم الْغناء وَالنوح قَالَ أجمع كل من أحفظ عَنهُ من أهل الْعلم على إبِْطَال إِجَارَة الناعية والمغنية فَإِذا كَانَت الْمُغنيَة لَا يجوز استئجارها مَعَ أَن الْغناء رخص فِيهِ النَّاس فِي الْعرس فَكيف
بالشبابة الَّتِي لم يبحها أحد من الْعلمَاء لَا للرِّجَال وَلَا للنِّسَاء وَلَا فِي عرس وَلَا فِي غَيره فَلَا يجوز أَن يُعْطي شَيْئا ينْسب بِهِ لعيشه
وَأَيْضًا لَيْسَ كل مَا جَازَ فعله جَازَ أَن يُعْطي الْعِوَض عَلَيْهِ لِأَن فِي الحَدِيث لَا سبق إِلَّا فِي خف أَو حافر أَو نصل فقد نهى عَن السَّبق فِي غير هَذِه الثَّلَاثَة مَعَ جَوَاز المصارعة والمسابقة بالأقدام
أما من يصلح لَهُ اللّعب فيرخص لَهُ فِي الأعياد كَمَا كَانَت الجاريتان تُغنيَانِ وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يسمع وَلما نهاهما أَبُو بكر رضي الله عنه وَقَالَ أمزمار الشَّيْطَان فِي بَيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ دعهما يَا أَبَا بكر فَإِنَّهَا أَيَّام عيد أَو كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
فَمن اسْتدلَّ بِجَوَاز الْغناء للصغار فِي يَوْم الْعِيد على أَنه مُبَاح للكبار من الرِّجَال وَالنِّسَاء على الاطلاق فَهُوَ مخطىء
وَكَذَلِكَ أَخطَأ من اسْتدلَّ على جَوَاز اليراع بِالْحَدِيثِ الَّذِي سد فِيهِ ابْن عمر أُذُنَيْهِ وَسَأَلَ نَافِعًا لَو كَانَ الحَدِيث صَحِيحا فَكيف وَهُوَ حَدِيث مُنكر قَالَه أَبُو دَاوُد وَلَكِن رَوَاهُ الْخلال من وُجُوه يصوب بَعْضهَا بَعْضًا
وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا حجَّة فِيهِ لما قدمنَا
وَمَا رُوِيَ من علمك آيَة من الْقُرْآن فقد ملك رقك إِن شَاءَ باعك وَإِن شَاءَ أعتقك حَدِيث بَاطِل مُخَالف للاجماع وَمن اعْتقد جَوَاز ملك الْمعلم للَّذي علمه يُسْتَتَاب فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل وَالْحر الْمُسلم لَا يسترق وَلَا يَقُول مُسلم من علم امْرَأَة آيَة من الْقُرْآن ملك وَطئهَا