الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا اعتقدوا من أَن اللَّوْح هُوَ الْعقل الفعال وَأَن نفوس الْبشر تتصل بِهِ كَمَا يذكر ذَلِك أَصْحَاب رساذل إخْوَان الصفاء
وَقد يُوجد فِي كَلَام أبي حَامِد الْغَزالِيّ فِي مثل جَوَاهِر الْقُرْآن والإحياء ويظن من لَا يعرف حَقِيقَة هَؤُلَاءِ وَلَا حَقِيقَة دين الْإِسْلَام أَن هَذَا من كَلَام أَوْلِيَاء الله المكاشفين وَلَا يعلم هَذَا الْجَاهِل أَن الفلاسفة الصوفين تَقوله فِي الْعقل الفعال وَأَن الْعلم السُّفْلى يفِيض عَنهُ وَأَنه فِي الْحَقِيقَة ربه ومدبره
وَكَذَلِكَ مَا يَقُولُونَهُ فِي الْعُقُول الْعشْرَة من كَون كل عقل يفِيض عَنهُ مَا تَحْتَهُ وَهُوَ كفر بِاتِّفَاق الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى
وَهَؤُلَاء يَأْخُذُونَ لب الصابئة ويكسونه لحى الْإِسْلَام وهم من جنس الْمَلَاحِدَة الْمُنَافِقين يلبسُونَ على الْمُسلمين وَإِن كَانَ مِنْهُم من قد تَابَ أَو تلبس عَلَيْهِ مَعَ أَن أصل الْإِيمَان مَعَه وَأَخْطَأ فِي بعض ذَلِك أخطاء قد يغفرها الله لَهُ
ويزعمون أَنه لم يسْجد لآدَم شئ من الْمَلَائِكَة وَأَن الشَّيَاطِين امْتَنعُوا عَن السُّجُود لَهُ لأَنهم يفسرون الْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين بقوى النَّفس قوى الْخَيْر وَالشَّر ويجعلون كَلَام الله للأنبياء مَا يفِيض عَلَيْهِم من نفوس الْأَنْبِيَاء وَغَيرهم وَمَلَائِكَته مَا يكون فِي نُفُوسهم من الأشكال النورانية
وَالْمَقْصُود أَنه يُوجد فِي عِبَارَات هَؤُلَاءِ إِطْلَاق اللَّوْح والقلم وَالْمَلَائِكَة وَنَحْو ذَلِك من عِبَارَات الْمُسلمين وَلَكِن المُرَاد بهَا عِنْدهم مَا هُوَ من دين الصائبة وَلَيْسَ من دين الْمُسلمين
فصل
أما الدُّعَاء بطول الْعُمر فقد كرهه الْأَئِمَّة وَكَانَ أَحْمد إِذا دَعَا لَهُ أحد بطول الْعُمر يكره ذَلِك وَيَقُول هَذَا أَمر قد فرغ مِنْهُ
وَحَدِيث أم حَبِيبَة رضى الله عَنْهَا لما طلبت امتاعها يُزَوّجهَا وأبيها وأخيها
فَقَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم سَأَلت الله لآجال مَضْرُوبَة وآثار مبلوغة وأرزاق مقسومة
فَفِيهِ أَن الْعُمر لَا يطول بِهَذَا السَّبَب الَّذِي هُوَ الدُّعَاء فَقَط
وَقد تنَازع النَّاس فِي الدُّعَاء مُطلقًا
فَقَالَت طَائِفَة لَا فَائِدَة فِيهِ وهم المتفلسفة والمتصوفة وتبعهم طاذفة من الْمُؤمنِينَ باشراذع قَالُوا إِنَّه عبَادَة مَحْضَة
وَقَالَ آخَرُونَ بل هُوَ أَمارَة وعلامة على حُصُول الْمَطْلُوب وكل هَذَا بَاطِل
بل الْحق أَنه من أعظم الْأَسْبَاب الَّتِي جعلهَا الله سَببا
وَالصَّوَاب أَن الله جعل فِي الْأَجْسَام القوى الَّتِي هِيَ الطباذع فَإِن من أهل الْإِثْبَات من أنكرها وَقَالَ إِن الله جعل الْآثَار عِنْدهَا لَا بهَا فيخلق الشِّبَع عِنْد الْأكل لَا بِهِ وَهَذَا خلاف الْكتاب وَالسّنة فَإِن الله تَعَالَى قَالَ {فأنزلنا بِهِ المَاء فأخرجنا بِهِ من كل الثمرات} وَفِي الْقُرْآن من هَذَا كثير
فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَإِن كَانَ جعل فِي الْأَجْسَام قوى مهيذة فَكَذَلِك الدُّعَاء من جملَة الْأَسْبَاب الَّتِي خلقهَا وَالسَّبَب لَا يسْتَقلّ بالحكم وَلَا يُوجِبهُ بل قد يتَخَلَّف الحكم عَنهُ لمَانع فاذا كَانَ متوقفا على وجود أَسبَاب أخر وَانْتِفَاء مَوَانِع فَلَيْسَ فِي الْوُجُود مَا يسْتَقلّ بالتأثير إِلَّا الله الَّذِي هُوَ خَالق كل شئ وَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن قَالَ تَعَالَى {وَمن كل شَيْء خلقنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ} فتعملون أَن خَالق الْأزْوَاج وَاجِد
وَقد بسطنا الْكَلَام فِي بطلَان مَا قَالَه المتفلسفون فِي أَن الْوَاحِد لَا يصدر عَنهُ رلا وَاحِد وَمَا ذَكرُوهُ من التَّرْتِيب الَّذِي وضعوه لخيالاتهم الْفَاسِدَة فِي غير هَذَا الْموضع