الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تَبُوكَ) موضعٌ بقربِ الشامِ بينه وبينَ المدينةِ أربعةَ عشر مرحلة، غير منصرفٍ (1). (هذه طابة) بلا تنوين، وفي نسخة: بالتنوين كما مرَّ في الترجمة، ومرَّ شرح الحديث في أواخر الزكاة، في باب: خرص التمر (2).
4 - بَابُ لابَتَيِ المَدِينَةِ
(باب: لابتي المدينة) أي: بيان حكم ما بينهما.
1873 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْتُ الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتُهَا، قَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا حَرَامٌ".
[انظر: 1869 - مسلم: 1372 - فتح: 4/ 89]
(ترتع) أي: ترعى. (ما ذعرتها) بمعجمة فمهملة أي: ما نفرتها. (ما بين لابتيها حرام) أي: لا يجوز صيدها، ولا قطع شجرها الذي لا ينبته الآدميون.
5 - بَابُ مَنْ رَغِبَ عَنِ المَدِينَةِ
(باب: من رغب عن المدينة) أي: كرهها فهو مذموم.
1874 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: "يَتْرُكُونَ المَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لَا يَغْشَاهَا إلا العَوَافِ - يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يُرِيدَانِ المَدِينَةَ، يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحْشًا،
(1) انظر: "معجم البلدان" 2/ 14 - 15.
(2)
سبق برقم (1481) كتاب: الزكاة، باب: خرص التمر.
حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الوَدَاعِ، خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا".
[مسلم: 1389 - فتح: 4/ 89]
(أبو اليمان) هو الحكم بنُ نافع. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة الحمصي.
(أخبرني سعيدٌ بنُ المسيَّبِ) في نسخةٍ: "عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ".
(يتركون) بتحية، وفي نسخة: بفوقية على الخطاب، قال شيخنا: وهو الأكثرُ والمرادُ بذلك: غيرُ المخاطبين ومنهم من أهل البلد، أو من نسل المخاطبين، أو من نوعهم (1). (على خير ما كانت) أي: عليه من العمارة وكثرةِ الثمار وحسنها. (لا يغشاها) أي: لا يسكنها. (إلَّا العوافِ) في نسخةٍ: "إلَّا عوافي" بحذف (أل) وزيادة ياء: جمعُ عافيةٍ، وهي: التي تطلب أقواتَها يريدُ: عوافي السباع والطير.
قال القرطبيُّ (2) كالقاضي عياض (3): وقد وجد ذلك -أي: التَّركَ المذكور- حيث صارت معدنَ الخلافةِ، ومقصدَ الناس، وملجأهم وحملتْ إليها خيراتُ الأرض، وصارت من أعمرِ البلادِ، فلمَّا انتقلت الخلافةُ منها إلى الشام ثمَّ إلى العراق، وتغلَّبتْ عليها الأعرابُ، وتعاورتها الفتنُ، وخلتْ من أهلها فقصدتها عوافي الطير والسباعُ.
وقال النوويُّ: المختارُ أنَّ هذا التَّركَ يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة، ويوضِّحه قصة الراعيين (4). وقد وقع عند مسلمٍ بلفظ:"ثمَّ يحشر راعيان"(5)، وفي البخاريِّ: أنهما (آخر من يُحشر). قال شيخُنا:
(1)"الفتح" 4/ 90.
(2)
"المفهم" 3/ 501.
(3)
"إكمال المعلم" 4/ 507.
(4)
"صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 160.
(5)
"صحيح مسلم"(1389) كتاب: الحج، باب: في المدينة حين يتركها أهلها.
ويؤيده أخبارٌ منها خبرُ الموطأ: "لتتركنَّ المدينةُ على أحسن ما كانت حتى يدخل الذئبُ فيعوي على بعضِ سواري المسجدِ، أو على المنبرِ، قالوا: فلمنْ يكونُ ثمارُها؟ قال: للعوافي: الطير، والسباع"(1). (وآخر من يحشر) أي: يساق إلى المدينة، كما في مسلمٍ (2)، وقيل: أي: يحشرُ إلى المحشرِ بعد موتِه.
(مُزَيْنَةَ) هي: قبيلةٌ من مُضَرٍ. (ينعقان) أي: يصيحان، بمعنى: يدعوان. (بِغَنَمهما) قيل: ليسوقوها، وذلك عند قربِ السَّاعة، والباءُ بمعنى: على، أو زائدةٌ. (يجدانها) أي: يجدان أهلها. (وحوشًا) أي: يجدانها ذات وحوش، وفي نسخة:"وحشًا" أي: يجدانها خالية. والوحشُ من الأرض: الخلاءُ. (ثنيَّة الوداع) هي: عقبةٌ عند حرمِ المدينةِ، سُمِّيتْ بذلك؛ لأنَّ المودِّعين يمشون إليها في الوداع لمن يخرج من المدينة (3). (خَرَّا) أي: سقطًا.
1875 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:"تُفْتَحُ اليَمَنُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ العِرَاقُ، فَيَأْتِي قَوْمٌ يُبِسُّونَ، فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".
[مسلم: 1388 - فتح: 4/ 90]
(1)"الموطأ" 2/ 57 (1852) كتاب: الجامع، باب: ما جاء في المدينة. عن أبي هريرة مرفوعًا وانظر: "الفتح" 4/ 95.
(2)
خبر مسلم السابق.
(3)
"معجم البلدان" 2/ 86.
(تُفْتَحُ اليمن) سُمِّيَ بذلك؛ لأنه عن يمين القبلة، أو عن يمين الشمس (1).
(يبسُّونَ) بفتح التحتية وكسر الموحدة وضمها، وفي نسخة بضم التحتية وكسر الموحدة أي: يسوقون دوابَّهم إلا المدينة. (فيتحمَّلون) أي: من المدينة إلى اليمن المفتتحة. (ومن أطاعهم) عطفٌ على أهليهم. (والمدينةُ خيرٌ لهم) أي: من المدينة إلى اليمن؛ لأنَّها حرمُ الرسولِ، ومهبطُ الوحي، ومنزلُ البركات. (لو كانوا يعلمون) أي: بما فيها من الفضائل، وجوابُ (لو) في المواضع المذكورة محذوفٌ دلَّ عليه ما قبلها، أي: لو كانوا من أهلِ العلم لعلموا أنَّ إقامتَهم بالمدينة خيرٌ لهم، أو هي للتمني فلا جوابَ لها. (وتفتحُ الشامُ) سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه عن شمال الكعبة (2)، وفتحُ اليمن قبلَ فتح الشام، كما يلوِّح له ابتداء البخاريِّ به، وللاتفاق على أنَّه لم يقع فتحُ شيءٍ من الشام [في حياته عليه الصلاة والسلام](3)، وأمَّا خبرُ مسلم:"تفتحُ الشامُ، ثمَّ اليمنُ، ثمَّ العراقُ"(4) مؤولٌ بأنَّ (ثَّم) الثانية للترتيب الإخباريِّ، أو بأنَّ رواية تقديم الشام معناها: تقديمه على استيفاء فتح اليمن.
وفي الحديث: معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم في إخباره بفتح هذه الأقاليم وأن النَّاس يتحملون بأهاليهم ويفارقون المدينة، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب المذكور.
(1) انظر: "معجم البلدان" 5/ 447.
(2)
انظر: "معجم البلدان" 3/ 311 - 315.
(3)
من (م).
(4)
"صحيح مسلم"(1388) كتاب: الحج، باب: الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار.