الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
34 -
كِتَابُ البُيُوعِ
" وَقَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وَقَوْلُهُ: {إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282] ".
(بسمِ الله الرحمنِ الرَّحيمِ) مؤخرٌ في نسخةٍ عن قوله: (كتاب البيوع) جمعُ بيعٍ، وجمعه؛ لاختلاف أنواعه، كبيع العين، وبيع الدين، وبيع المنفعة، وهو لغة: المبادلة، وشرعًا: مقابلةُ مالٍ بمالٍ مع إيجابٍ وقبولٍ على وجه مخصوص. (وقولِ الله) إلى قوله: {تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} [البقرة: 282]. ساقطٌ من نسخةٍ، وهو مع قولهِ بعد:(وقولهِ) بالجرِّ عطفٌ على البيوع. (حاضرة) أي: يدًا بيدٍ.
1 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْو وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [الجمعة: 10، 11]، وَقَوْلِهِ:{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]
(بابُ: ما جاء في قولِ الله تعالى) لفظُ: (باب) ساقطٌ من نسخةٍ،
وزاد فيها واو العطف قبل (ما جاء). {وابتغوا من فضلِ الله} ذكر ما بعدها إلى تمام السورة، وفي نسخةٍ:" {وابتغوا من فضلِ الله} " إلى آخر السورة، وفي أخرى:" {واذكروا الله كثيرًا لعلَّكمُ تُفْلِحُون} "[(وقوله) بالجر عطف على (قول الله تعالى)](1).
2047 -
حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَال: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَال: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُونَ مَا بَالُ المُهَاجِرِينَ، وَالأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ، وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا، وَكَانَ يَشْغَلُ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ، أَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَدْ قَال: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ يُحَدِّثُهُ: "إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالتِي هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعَ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ، إلا وَعَى مَا أَقُولُ"، فَبَسَطْتُ نَمِرَةً عَلَيَّ، حَتَّى إِذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالتَهُ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَمَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ مِنْ شَيْءٍ.
[انظر: 118 - مسلم: 2492 - فتح: 4/ 287]
(أبو اليمان) هو الحكمُ بنُ نافعٍ. (شعيب) أي: ابن أبي حمزة.
(يشغلهم) بفتح أوله من شغل لا من أشغل؛ لأئها لغةٌ رديئةٌ. (الصفق) بصاد مهملة، وفي نسخةٍ: بسين، والمرادُ به: التبايعُ؛ لأنَّهم كانوا إذا تبايعوا تصافقوا بالأكف. (نسوا) بفتح النون وضمِّ السين، أصلُه: نسيوا فنقلت ضمة الياء إلى السين بعد سلبها حركتها، فاجتمع ساكنان فحذفت الياء فصار: نسوا. (أعي) أي: أضبط، وهو استئنافٌ،
(1) من (م).
أو حالٌ من الضمير في (كنت) ولا ينافي جعله حالًا كونه مضارعًا مستقبلًا؛ لأن المضارع يكونُ لحكاية الحال الماضية، وأصلُه: أوعى حذفت الواو [منه تبعًا ليعي؛ إذ أصله: يوعي حذفت الواو](1) منه؛ لوقوعها بين ياء وكسرة. (نمرة) أي: كساءً ملونًا، كأنَّه مأخوذٌ من النمر؛ لما فيه من سوادٍ وبياضٍ.
2048 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: قَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه: لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَال سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: إِنِّي أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالًا، فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي، وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَويتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَّتْ، تَزَوَّجْتَهَا، قَال: فَقَال لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟ قَال: سُوقُ قَيْنُقَاعٍ، قَال: فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ، قَال: ثُمَّ تَابَعَ الغُدُوَّ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"تَزَوَّجْتَ؟ "، قَال: نَعَمْ، قَال:"وَمَنْ؟ "، قَال: امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَال:"كَمْ سُقْتَ؟ "، قَال: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ - أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ -، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ".
[3780 فتح: 4/ 288]
(عن جدِّه) هو إبراهيمُ بنُ عبد الرّحمن بن عوف.
(وانظر) في نسخةٍ: "فانظر" بالفاء. (أي زوجتي) بحذف التاء من (أي)؛ لأنَّها إذا أضيفت إِلى مؤنثٍ يجوز تذكيرها وتأنيثها، يقال: أي امرأة، وأية امرأة. (هَويْتَ) بكسر الواو؛ أي: أحببتَ نكاحَها. (نزلتُ لك عنها) أي: طلَّقتُها. (فإذا حلَّتْ) أي: انقضتْ عدتُها. (فقال عبدُ الرّحمن) في نسخةٍ: "فقال له عبدُ الرّحمن". (هل من سوقٍ فيه تجارةٌ) السوق يذكر ويؤنث.
(1) من (م).
(قينقاع)(1) بتثليث نونه، غير مصروف على إرادة القبيلة، ومصروف على إرادة الحي.
(ثمّ تابع الغُدُوَّ) بلفظ المصدر، وفي نسخةٍ:"تابع الغَدَ" أي: ضد الأمس، والمعنى: ذهبَ في اليومِ الثّاني وهكذا إلى سوق قينقاع. (امرأة من الأنصارِ) هي ابنة أبي الحيسر أنسٍ بنِ رافعٍ. (كم سقتَ؟) أي: كم أعطيتها مهرًا. (زِنَة نواةٍ) أي: خمسة دراهم. (أو نواة من ذهبٍ)[شك من الراوي، وفي نسخة: "أو نواةٍ ذهب](2)(أَولِمْ) أي: اتخذ وليمةً، وهي الطّعام للعرس، والأمر فيه للندب، وقيل: للوجوب.
(ولو بشاةٍ) أي: مع القدرة عليها، وإلا فقد أولم صلى الله عليه وسلم على بعضِ نسائه بمدَّينِ من شعيرٍ (3) وعلى صفيةَ بتمرٍ وسمنٍ وأقطٍ (4).
2049 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَال: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقَال لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ،
(1) انظر: "معجم البلدان" 4/ 424.
(2)
من (م).
(3)
ورد ذلك في حديث سيأتي برقم (5172) كتاب: النِّكاح، باب: من أولم بأقل من شاة.
(4)
دلَّ عليه حديث رواه:
أبو داود (3744) كتاب: الأطعمة، باب: استحباب الوليمة عند النِّكاح.
والترمذي (1095) كتاب: النكاح، باب: ما جاء في الوليمة.
وقال: هذا حديث حسن غريب.
والنَّسائيّ في "الكبرى" 4/ 139 (6601) كتاب: الوليمة.
وابن ماجة (1909) كتاب: النكاح، باب: تهنئة النكاح.
وأحمد: 3/ 110. وابن حبّان 9/ 368 (4061) كتاب: النكاح. وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح.
قَال: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا، فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ، فَمَكَثْنَا يَسِيرًا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَهْيَمْ"، قَال: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَال:"مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟ " قَال: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، - أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ - قَال:"أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ".
[2293، 3781، 3937، 5072، 5148، 5153، 5155، 5167، 6082، 6386 - مسلم: 1427، فتح: 4/ 288]
(أحمد بن يونس) نسبةً إلى جدِّه، وإلَّا فهو أحمدُ بنُ عبدِ الله بنُ يونسَ. (زهير) أي: ابْن معاوية. (حميد) أي: الطَّويل.
(قال: قَدِمَ) في نسخةٍ: "قال: لمَّا قَدِمَ". (وَضَر) بفتح الواو، والمعجمة، أي: لطخ (من صُفْرَةٍ) أي: صفرة طيبٍ.
(مَهْيَم؟) بوزن جعفر: كلمة يستفهم بها، أي: ما شأنك؟
2050 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَال:"كَانَتْ عُكَاظٌ، وَمَجَنَّةُ، وَذُو المَجَازِ، أَسْوَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلامُ، فَكَأَنَّهُمْ تَأَثَّمُوا فِيهِ، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ " قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ.
[انظر: 1770 - فتح: 4/ 288]
(حَدَّثَنَا) في نسخةٍ: "حدثني". (عبد الله بن محمّد) أي: المسندي.
(سفيان) أي: ابن عيينة. (عن عمروٍ) أي: ابن دينار.
(عُكاظ) بلا تنوين، وفي نسخة: بتنوين. (وَمجنَّة) بكسر الميم وفتحها وفتح الجيم فيهما. (فلمَّا كان الإسلامُ) أي: جاء، وكان تامة. (تأثموا) أي: اجتنبوا الإثم، والمعنى: تركوا التجارة في الحجِّ؛ حذرًا من الإثم. (فيه) في الإسلام، وفي نسخةٍ:"منه" أي: من أجله. (فضلًا من ربكم) أي: عطاءً ورزقًا منه في مواسم الحَجِّ.