الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
42 - بَابُ فَضْلِ مَكَّةَ وَبُنْيَانِهَا
[فتح 3/ 438].
(باب: فضل مكّة وبنيانها) أي: وفضل بنيان الكعبة فيها. (وقوله) بالجر على (فضل مكّة).
({وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ}) أي: الكعبة. ({مَثَابَةً لِلنَّاسِ}) أي: مرجعًا لهم يأتون إليه من كلّ جانب وتاؤه ليست للتأنيث بل للمبالغة -كما في علامة- فصح لوقوعه خبرًا للبيت في الأصل ({وَأَمْنًا}) أي: ومأمنًا لهم من الظلم الواقع في غيره ({مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ}) هو الحجر الّذي قام عليه عند بناء البيت.
(1) قال ابن جماعة في "مناسبات تراجم البخاريّ ص 59: وجه مناسبة حديث .. هذه الكعبة وحديث قتادة لآية التّرجمة التنبيه على أن الأمان لا يدلُّ على دوام ذلك في كلّ زمان، بل هو موقوف على المشية فيه.
({مُصَلًّى}): مكان صلاة بأن يصلوا خلفه ركعتي الطّواف. ({وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ}) أي: أمرناهما. ({أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ}) أي: بأن طهراه من الأوثان.
({وَالْعَاكِفِينَ}) أي: المقيمين فيه ({آمِنًا}) أي: ذا أمن، كما في:({عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ})، أو آمنا من هو فيه، كقولك: ليل نائم. ({وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}) وقد فعل بنقل الطائف من الشّام إلى حرم مكّة، وكان أقفر لا زرع به ولا ماء.
({مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}) بدل من أهله، وخصهم بالدعاء لهم موافقة لقوله. ({لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}). ({وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ}) أي: الأسس أو الجدر. ({وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ}) أي: منقادين لك (أمة) أي: جماعة.
({وَأَرِنَا}) أي: عرفنا. ({وَتُبْ عَلَيْنَا}) سائلًا التوبة مع عصمتهما؛ تواضعًا وتعليمًا لذريتهما، أو عما فرط منهما سهوًا، والآيات الأربع ساقها البخاريّ بتمامها، وفي نسخة: بعض الآية الأولى فقط، وفي أخرى: كلها مع زيادة إلى قوله: "التواب الرحيم".
1582 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَال: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَال: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَال: لَمَّا بُنِيَتِ الكَعْبَةُ ذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَبَّاسٌ يَنْقُلانِ الحِجَارَةَ، فَقَال العَبَّاسُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَقَبَتِكَ، فَخَرَّ إِلَى الأَرْضِ، وَطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَال:"أَرِنِي إِزَارِي" فَشَدَّهُ عَلَيْهِ.
[انظر: 364 - مسلم: 340 - فتح: 3/ 431]
(حَدَّثَنَا عبد الله) في نسخة: "حدثني عبد الله". (أبو عاصم) أي: النبيل. (ابْن جريح) هو عبد الملك ابن عبد العزيز.
(يقول) في نسخة: "قال". (لما بنيت الكعبة) فيه: مطابقة الحديث
للترجمة من حيث: أن بناء الكعبة سبب لبناء مكّة، واختلف في عدد بناء الكعبة، وأكثر ما قيل فيه: عشر مرات: بناء الملائكة قبل خلق آدم، ثمّ بناء آدم لله، ثمّ [بناء](1) بني آدم، ثمّ بناء إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثمّ بناء العمالقة، ثمّ بناء جرهم، ثمّ بناء قصي بن كلاب، ثمّ بناء قريش وحضره النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ بناء عبد الله بن الزُّبير، ثمّ بناء الحجاج. (وطمحت عيناه) بفتح الميم أي: ارتفعتا وفي نسخة: "فطمحت" بالفاء. (أرني إزاري) بكسر الراء وسكونها، أي: أعطنيه. (فشده) أي: العباس، أو النَّبيّ صلى الله عليه وسلم. ومر شرح الحديث في باب كراهة التعري (2).
1583 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنهم، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال لَهَا: "أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوْا الكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَال:"لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ لَفَعَلْتُ" فَقَال عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مَا أُرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ اسْتِلامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الحِجْرَ، إلا أَنَّ البَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ.
[انظر: 126 - مسلم: 1333 - فتح: 3/ 439]
(ألم ترى) أصله ترين حذفت النون؛ للجزم أي ألم تعرفي. (لما) في نسخة: "حين".
(حدثان) بكسر الحاء، مصدر حدث يحدث، ومعناه: قرب عهدهم. (بالكفر) وهو مبتدأ حذف خبره وجوبًا أي: موجود. (لفعلت)
(1) من (ب).
(2)
سبق برقم (364) كتاب: الصّلاة، باب: كراهية التعري.
أي: لرددتها على قواعد إبراهيم، وفيه: دليل على ارتكاب أيسر الضررين، دفعًا لأكبرهما؛ لأن قصر البيت أيسر من افتتان طائفة من المسلمين، ورجوعهم عن دينهم.
(لئن كانت عائشة) إلى آخره ليس ذلك شكًّا في قولها ولا تضعيفًا لحديثها فإنها الحافظة المتقنة، بل جري على ما يعتاد في كلام العرب من الترديد؛ للتقرير واليقين، كما في {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ} [الأنبياء: 111]، وفي:{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} [سبأ: 50]، (استلام الركنين) أي: مسهما ومسحهما. (يليان الحجر) بكسر الحاء، وسكون الجيم: ما تحت الميزاب.
1584 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالتْ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الجَدْرِ أَمِنَ البَيْتِ هُوَ؟ قَال: "نَعَمْ" قُلْتُ: فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي البَيْتِ؟ قَال: "إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ" قُلْتُ: فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا؟ قَال: "فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُكِ، لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا، وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ، أَنْ أُدْخِلَ الجَدْرَ فِي البَيْتِ، وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ".
[انظر: 126 - مسلم: 133 - فتح: 3/ 439]
(أبو الأحوص) هو سلام بن سليم الجعفي. (أشعث) أي: ابن أبي الشعثاء.
(عن الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة، وفي نسخة:"عن الجدار". (قال: نعم) أي: هو من البيت [وظاهرة: أن الحجر كله من البيت](1) وبه أفتى ابن عبّاس، وصححه النووي في الرِّواية على
(1) من (ب).
ستة أزرع (1)، ونسبه إلى جمهور الأصحاب، وقال: إنّه [الصواب](2) أما الستة منه فهو من البيت بلا خلاف. (قصرت) بتشديد الصاد المفتوحة، وفي نسخة: بضمها مخففة.
(ليدخلوا) في نسخة: "يدخلوها". (لولا أن قومك)(لو) لامتناع الشيء [لامتناع غيره](3) فإذا دخلت على (لا) أفادت إثباتا وهو امتناع الشيء؛ لثبوت غيره، والاسم الواقع بعدها عند سيبويه مبتدأ خبره واجبُ الحذف؛ لدلالة الكلام عليه، وعند الكوفيين (4): فاعل فعل محذوف. (حديث عهدهم) برفع عهدهم على الفاعلية. (بالجاهلية) في نسخة: "بجاهلية" وجواب (لولا) محذوف أي: لفعلت.
1585 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالتْ: قَال لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا حَدَاثَةُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ لَنَقَضْتُ البَيْتَ، ثُمَّ لَبَنَيْتُهُ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، فَإِنَّ قُرَيْشًا اسْتَقْصَرَتْ بِنَاءَهُ وَجَعَلْتُ لَهُ خَلْفًا" قَال أَبُو مُعَاويَةَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ "خَلْفًا" يَعْنِي بَابًا.
[انظر: 126 - مسلم: 1333 - فتح: 3/ 439]
(وجعلت) بتاء المتكلم. (خلفا) بسكون اللام. (قال أبو معاوية) هو محمّد بن خازم. (حَدَّثَنَا هشام: خلفا يعني: بابًا) أي: بابًا آخر من خلف البيت يقابل الباب المقدم؛ ليدخل النَّاس إليه منه ويخرجون من الآخر، والتفسير المذكور من قول هشام. (يزيد) أي: ابن هارون
(1) انظر: "صحيح مسلم بشرح النووي" 9/ 91.
(2)
من (ب).
(3)
من (ب).
(4)
ما نسبه المصنِّف للكوفيين هو مذهب الكسائي وحده ومذهب بعضهم أن الاسم بعد لولا مرفوع بـ (لولا) لنيابتها مناب (لو لم يوجد) ومذهب الفراء أن الاسم بعد لولا مرفوع بـ (لولا) نفسها لا لنيابتها مناب (لو لم يوجد).