الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلًّا منهما أهل كإهلال النَّبيّ؛ لاحتمال أن أبا موسى لم يكن معه هدي، بخلاف علي.
33 - بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ، فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ، وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الحَجِّ} [البقرة: 197] وَقَوْلِهِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ، قُلْ: هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ} [البقرة: 189]
وَقَال ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: "أَشْهُرُ الحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو القَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحَجَّةِ " وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "مِنَ السُّنَّةِ: أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالحَجِّ إلا فِي أَشْهُرِ الحَجِّ " وَكَرِهَ عُثْمَانُ رضي الله عنه: "أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ، أَوْ كَرْمَانَ".
(باب: قول الله تعالى: ({الْحَجَّ}) أي: وقته ({أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}) شوال، وذو القعدة، وعشر ليالٍ من ذي الحجة، وأطلق الأشهر على شهرين وبعض شهرة تنزيلًا للبعض منزلة الكل، أو إطلاقًا [للجمع](1) على ما فوق الواحد، كما في قوله تعالى:{أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: 26]، أي: عائشة، وصفوان. (فمن فرض) على نفسه. (فيهن الحجّ) بالإحرام به. (فلا رفث) أي: جماع. (ولا فسوق) أي: معاصي. (ولا جدال) أي: خصام في الحجِّ، والمراد في الثّلاثة: النّهي. (يسألونك): في نسخة: "وقوله: يسألونك". (هي مواقيت) جمع ميقات من الوقت، وفارق المدة والزمان، بأن المدة: امتداد حركة الفلك من مبتداها إلى منتهاها، والزمان: مدة مقسومة، والوقت: الزّمان المفروض لآخر. (وعشر من ذي الحجة) أي: عشر ليالٍ منه فيخرج يوم العيد، وهو مذهب الشّافعيّ. (من السنة) أي: من الشّريعة. (أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحجِّ) فلو أحرم به قبلها لم ينعقد حجًّا، بل عمرة؛
(1) من (ب).
لأنَّ الإحرام شديد التعلّق واللزوم، فإذا لم يقبل الوقت ما أحرم به انصرف إلى ما يقبله وهو العمرة. (أو كِرمان) بكسر الكاف وفتحها.
1560 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْهُرِ الحَجِّ، وَلَيَالِي الحَجِّ، وَحُرُمِ الحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ، قَالتْ: فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَال:"مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الهَدْيُ فَلَا" قَالتْ: فَالْآخِذُ بِهَا، وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالتْ: فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ وَكَانَ مَعَهُمُ الهَدْيُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى العُمْرَةِ، قَالتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا أَبْكِي، فَقَال:"مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهُ؟ " قُلْتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لِأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قَال:"وَمَا شَأْنُكِ؟ " قُلْتُ: لَا أُصَلِّي، قَال:"فَلَا يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا" قَالتْ: فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى، فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى، فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ، قَالتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الآخِرِ، حَتَّى نَزَلَ المُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَال:"اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَا هُنَا، فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِي" قَالتْ: فَخَرَجْنَا، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ، فَقَال:"هَلْ فَرَغْتُمْ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى المَدِينَةِ " ضَيْرِ: مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا، وَيُقَالُ: ضَارَ يَضُورُ ضَوْرًا، وَضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا".
[انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 418]
(أبو بكر) هو عبد الكبير بن عبد المجيد. (القاسم بن محمّد) أي: ابن أبي بكر الصديق.
(وحرم الحجّ) بضم الحاء والراء أي: أزمنته وأمكنته وحالاته، وفي نسخة: بفتح الراء جمع حرمة، أي: ممنوعات الشّرع ومحرماته. (بسرف) ممنوع من الصّرف (1)[للعلمية والتأنيث: وهو اسم بقعة على عشرة أميال من مكّة. (فأحب أن يجعلها) أي: حجته](2)(فالأخذ بها) أي: بالعمرة (يا هنتاه) أي: يا هذه، أو يا بلهاء عن مكايدة النَّاس، وهو بفتح النون وتسكن، وتضم الهاء الأخيرة [وتسكن] (3) وأصله: هن كناية عن شيء لا يذكر باسمه، والأنثى: هنة فإن ناديت به مذكرًا قلت: يا هن، ولك أن تدخل فيه هاء السكت؛ لبيان الحركة، وتشبع فتحة النون ألفًا فيصير: يا هناه، أو مؤنثًا، قلت: يا هنت بسكون النون وفتحها، أو يا هنتاه كذلك، ولا يستعملان إلا في النِّداء. (لا أصلّي) كناية عن الحيض، وفيه: رعاية الأدب وحسن المعاشرة.
(فلا يضيرك) بكسر الضاد، وبتحتية مخففة من الضير، وفي نسخة: بضم الضاد وتشديد الراء من الضرر، ويقال: يضور بالواو. والثلاثة بمعنى.
(أن يرزقكيها) بياء متولدة من إشباع كسرة الكاف، وفي نسخة: بغير ياء، والضمير للعمرة. (في النفر) بإسكان الفاء: القوم الذين ينفرون من منى. (الآخر) بكسر الخاء. (المحصب) بميم مضمومة، وحاء وصادٍ مهلمتين مفتوحتين: موضع متسع بين مكّة ومنى سمي بذلك؛ لاجتماع الحصباء فيه، ويسمى الأبطح والبطحاء، وحدوده ما بين الجبلين إلى
(1) سرف: موضع على ستة أميال من مكّة، وقيل: سبعة، وتسعة واثني عشر، تزوج به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ميمونة بنت الحارث، وهناك بنى بها وهناك توفيت. انظر:"معجم البلدان" 3/ 212.
(2)
من (ب).
(3)
من (ب).