الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النموّ الحسي والإدراكي:
تشهد هذه المرحلة تحسنًا واضحًا في قدرة الطفل على الإبصار والتركيز البصري، ومع بلوغ الطفل سن السادسة لا يكون جهازه البصري قد اكتمل "لا يكتمل نضج الجهاز البصري إلّا مع البلوغ"، وهذا يعني أن مزيدًا من النموِّ البصريِّ تشهده مراحل العمر التالية حتى يتحقق تركيز بصري واضح، وقد يحتاج بعض الأطفال في هذه المرحلة إلى نظارات طبية، أما المشكلات السمعية فلا تظهر إلّا لدى عدد قليل من الأطفال، ونسبة هؤلاء في المجتمع الأصلي للأطفال لا تتجاوز 2%.
ومع تقدُّمِ الطفل في العمر تزداد قدرته على التمييز بين المثيرات، ويزداد نصيب المثيرات من التمايز كلما أطلق على كلٍّ منها اسم خاص به، أي أن المثيرات المختلفة تصبح عنده مرتبطة بتسميات لغوية، والطفل في بداية هذه المرحلة "في سن الثالثة" يميل إلى الاستجابة للمثير ككلٍّ لا إلى أجزائه المنفصلة، كما ينمو لديه الإدراك المكاني، ولو أن الأطفال في هذه المرحلة من بدايتها حتى نهايتها تقريبًا يجدون صعوبة بالغة في الكشف عن الفرق بين الشكل والصورة في المرآة، ويصدق مبدأ إدراك الكلّ قبل الأجزاء على الإدراك السمعي.
النموّ الحركي:
يتبع النمو الحركي في الطفولة المبكرة النسق الذي بدأ في المرحلة السابقة؛ فالطفل يستطيع في هذه المرحلة أن يجري بسهولة، ويتمكن من الوقوف، ويصعد الدرج دون مساعدة، ويستطيع القفز وبناء المكعبات، ويكتسب قدرًا كافيًا من التوجه المكاني، والدقة في الحركة، وفي سن الخامسة يكون قد اكتسب القدرة على الاتزان، وتزداد حركاته الدقيقة تمايزًا واستقلالًا، ويتبع النموّ الحركي في هذه المرحلة الاتجاه من العام إلى الخاصِّ.
ويطرأ على المهارات الحركية الغليظة التي اكتسبت في مرحلة الرضاعة قدر كبير من التحسن والتعديل، ويبدأ ظهور المهارات الحركية الدقيقة، والحركات الغليظة هي تلك التي تتطلب نشاط مجموعة عديدة من العضلات مثل المشي
والجري وغيرهما، أما المهارات الحركية الدقيقة فإنها ترتبط أساسًا بالمهارات اليدوية ومهارات اللعب وغيرها. ويلعب التكرار دورًا هامًّا في نموِّ المهارات الحركية في الطفولة المبكرة؛ فالأطفال يستمتعون بهذا التكرار، ويعينهم ذلك على تحسن المهارات المكتسبة، والوصول بها إلى درجة عالية من الكفاءة "Binger 1983".
ويتدعم في هذه المرحلة تفضيل إحدى اليدين في الاستخدام، وبالطبع فإن الأطفال يستمرون في استطلاع استخدام إحدى اليدين أو الأخرى، أو استخدام أحد جانبي الجسم أو الآخر، كما توجد اختلافات واسعة في استخدام اليد المفضلة، واستخدام إحدى اليدين أو القدمين أو أحد جانبي الجسم أكثر من الآخر يرتبط في جوهره بسيطرة أحد النصفين الكرويين في المخِّ على النصف الآخر، ويمكن للأطفال أن يتعلموا استخدام يد معينة في أداء مهارات حركية كثيرة، وبالطبع يُعَدُّ العسر "أو سيطرة اليد اليسرى" عند معظم الكبار سمة غير مرغوب فيها في عالمٍ يسوده استخدام اليد اليمنى، وبالتالي، فإنهم يشجعون الأطفال على تفضيل هذه اليد اليمنى.
ويعتمد نوع المهارات التي يمكن للطفل تعلمها جزئيًّا على مستوى نضجه واستعداده، وعلى الفرص التي تتاح له لتعلمها، والتوجيه التي يلقاه لإتقانها بسرعة وكفاءة، ومن الملاحظ أن الأطفال الذين يعيشون في البيئات الفقيرة يكتسبون المهارات مبكرين عن أطفال البيئات الميسرة، ويبدو أن السبب في ذلك رغبة الآباء من ذوي المستوى الاقتصادي الاجتماعي المنخفض في تدريب أطفالهم على هذه المهارات إلى الحد الذي يجعلهم لا ينتظرون، ما دام الانتظار غير مطلوب "Hulock 1980".
وتوجد فروق بين الجنسين في نوع المهارات الحركية التي يتعلمها أطفال هذه المرحلة؛ فالضغوط الثقافية تركز على الذكور أن يتعلموا مهارات اللعب الملائمة ثقافيًّا لجنسهم، وتجنب المهارات التي ترتبط ثقافيًّا "بالأنوثة"، ولهذا يشيع بين الذكور مثلًا تعلم ألعاب الكرة، بينما تشجع الإناث على المهارات المرتبطة بألعاب البيت، ومع ذلك يتعلم كلٌّ من الجنسين مهارات مشتركة، والتي قسَّمَتْهَا هيرلوك إلى فئتين: المهارات اليدوية ومهارات استخدام الساقين، ومن أهم المهارات اليدوية مهارات إطعام الذات، وارتداء الملابس، وهي مهارات يبدأ ظهورها في المرحلة السابقة -كما أشرنا- ويكتمل نموها في هذه المرحلة، ومن هذه المهارات أيضًا تمشيط الشعر والاستحمام، ويمكن استخدام اليد في الدَّقِّ بمطرقةٍ أو شاكوش،