الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واحد" في سن الخامسة. وكذلك لا تعطينا الدرجات الخام التي نحصل عليها من الاختبارات النفسية إلّا أرقامًا، وهي في هذا لا تفيد في إعطائنا حكمًا على ما إذا كنت زيادة مفردة صحيحة واحدةً في الاختبار عند مستوى الدرجة 75، يساوي نفس الزيادة لمفردة واحدة صحيحة عند مستوى 50. وتوجد مقترحات عديدة للتغلب على هذه المشكلة، تتمثل في تحويل درجات المقياس للحصول على هدف الوحدات المتساوية "أو المسافات المتساوية"، ومن أشهر هذه الحلول ما قدَّمه ثرستون فيما يسميه: "القياس المطلق" Absolute scaling، والذي يقوم في جوهره على وحدات الانحراف المعياري أو أجزائه كمسافات عن المتوسط.
د- بنية المقاييس: تستحيل المقارنة بين الأعمار المختلفة إذا كان ما تقيسه الاختبارات المستخدمة يختلف من عمر لآخر، ولذلك فإن شروط هذه المقارنة أن تكون هذه الاختبارات متكافئة من حيث البنية والتركيب، ولا تتحدد هذه البنية إلّا باستخدام منهج التحليل العاملي على نتائج القياس في مراحل العمر المختلفة "سواءً استخدم الباحث المنهج الطولي أو المنهج المستعرض"، وهذا المطلب يصفه "Guilford، 1967" بأنه مطلب بالغ الأهمية، ومع هذا، لم يتوافر في جميع بحوث المقارنة بين الأعمار، وعدم توافره يمثل نقصًا شديدًا في بحوث هذا الميدان؛ فالاختبار الواحد قد لا يقيس نفس المكون أو المكونات في الأعمار المختلفة، وبهذا تصبح المقارنة شبه مستحيلة.
اختبار منهج البحث الملائم:
كيف يختار الباحث استراتيجية معينة من البحث؟ وهل يوجد منهج في البحث أفضل من غيره؟ ولماذا يختار بعض الباحثين أساليب بحثية تختلف عن غيرهم؟ للإجابة على هذه الأسئلة نجد من المناسب في ختام هذا الفصل أن نحدد العوامل التي تحدد اختيار الباحثين لمنهج بحثهم.
1-
الاتجاه النظري: كثيرًا ما يحدد التوجه النظري طريقة البحث الملائمة، فالنظرية تحدد أي نوع من المعطيات يرتبط بها، وأي نوعٍ من اجراءات البحث هو الأكثر ملاءمة للحصول عليها "Nesserlroade & Reese، 1973"، وسوف نعرض في الفصل التالي الاتجاهات النظرية الأساسية، ومنها نجد أنه إذا كان الباحث من أنصار الاتجاه السلوكي في النمو، يحبذ استخدام المنهج التجريبي أو أساليب الملاحظة المقننة بدلًا من أساليب المقابلة، كما أنهم يحبذون استخدام أدوات القياس التي تساعدهم على تقدير السلوك بشكل مباشر بدلًا من الأدوات الأخرى -كالأساليب الإسقاطية- التي يفترض فيها قياس البنى السيكولوجية الداخلية، وبالتالي لا تخضع للملاحظة، بينما
نجد أصحاب النظريات المعرفية مثل: جان بياجيه، يستخدمون بوفرةٍ أساليب المقابلة لسبب جوهريٍّ وهو أن هذا الأسلوب يتناسب جيدًا مع دراسة البنية المحددة لعمليات التفكير لدى الفرد.
2-
الهدف من البحث: يحدد هدف البحث أدواتنا ووسائلنا ومناهجنا وليس العكس، فإذا كان الباحث مهتمًّا بسلوك الإنسان في الظروف الواقعية، ومواقف الحياة اليومية، إنه سيختار منهج الملاحظة الطبيعية، أما إذا كان الضبط التجريبي هو الأكثر أهمية، فإنه سيتوجه نحو استراتيجية التجريب.
3-
الاعتبارات الأخلاقية: قد يكون اختيار إحدى طرق البحث خارج نطاق تحكم الباحث؛ فالاعتبارات الأخلاقية تحول دون استخدام اجراءات معينة مع الإنسان، ومن ذلك البحث حول أثر استغلال الطفل والطلاق والرعاية البديلة وأساليب التنشئة الوالدية السيئة في نمو الطفل، وفي مثل هذه الحالات يقتصر الباحث على الحالات التي توجد تلقائيًّا في المجتمع، ومن هنا يستخدم الباحث المنهج شبه التجريبي.
4-
الضرورات العملية: تحدد الضرورات العملية أيضًا منهج البحث المناسب؛ فالاختيار بين التصميم المستعرض أو الطولي مثال على ذلك، فعلى الرغم من أن معظم الباحثين يوافقون على أن التصميم الطولي أفضل لدراسة النمو، إلّا أن معظم البحوث استخدمت الطريقة المستعرضة؛ لأنها أرخص تكلفة وأقل استهلاكًا للوقت كما بينا.
5-
فلسفة العلم: إن اختيار طريقة معينة في البحث يتأثر بسؤال هامٍّ حول مدى ونوع عدم اليقين التي يتسامح معه الباحث؛ فعند السلوكي المتمسك بمذهبه تكون الدراسة المعملية التي تعالج السلوك، والتي تقلل من عدم اليقين بالنسبة للتحكم في متغيرات البحث هي نموذج البحث العلمي، بينما نجد بعض الباحثين الآخرين لديهم بعض القلق حول معنى مثل هذه البحوث، ودرجة قابليتها للسلوك المعملي بدلًا من أن يكون سيكولوجية للسلوك بالمعنى الأكثر عمومية. وهؤلاء النقاد يكون لديهم عادةً اتجاه أكثر قوة نحو التسامح مع عدم اليقين الذي ياتينا من نقص الضبط التجريبي الصارم، أكثر من التسامح مع عدم اليقين الناجم عن عدم صدق موقف البحث.
والخلاصة: أن البحث العلمي في النمو هو أمر معقَّدٌ لا يتضمن فقط نواحي القوة والضعف في المنهج، ولكن يرتبط بمسائل هامة حول أخلاق البحث واقتصادياته وأهدافه، وفلسفة العلم الكامنة وراءه.