الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المشكلات النفسية، وتزيد من حدة مشكلة التغذية في هذه المرحلة، فتناول القليل من البروتين والكثير من السوائل الكربوهيدراتية بسبب صعوبات المضغ تؤدي إلى بلع الطعام على نحوٍ يؤدي إلى بعض الاضطرابات في الجهاز الهضمي.
ويعاني بعض المسنين من السمنة، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى الإسراف في الطعام، مع عدم القيام بنشاط يستهلك مقدارًا كافيًا من السعرات الحرارية، وكذلك تناول الطعام غير المتوازن، ونحن في حاجة إلى بعض الدراسات العلمية التي تصف لنا عادات الطعام في هذه المرحلة.
وأكثر الحوادث شيوعًا في هذه المرحلة حوادث السقوط التي قد تسبب تعويقًا للمرء معظم ما بقي له من عمره، ويقع معظم هذه الحوادث داخل البيوت: في غرف النوم والحمامات وعلى السلالم، وبعض هذه الحوادث قد يكون لأسبابٍ خارجية "عوائق يصطدم بها المسن مثلًا"، وبعضها قد يرجع إلى أسباب داخلية مثل ضعف البصر والإصابة بالدوار والتهاب المفاصل والضعف العام.
التغير في الوظائف الحسية:
ليست الحواس استثناءً من التدهور العام في هذه المرحلة، ويمكن القول أن جميع حواس الإنسان تتعرض لنقص الكفاءة، وفي كثير من الأحيان يكون هذا النقص امتدادًا للمشكلات التي تَعَرَّضَ لها المسن في طور منتصف العمر، ولكنها تصبح في مرحلة الشيخوخة أكثر تسارعًا، وعند بعض المسنين قد تنشأ مشكلات حسية جديدة لم يتعرضوا لها من قبل، بينما تستقر عند البعض الآخر، وتثبت المشكلات القديمة.
فإذا بدأنا بحاسة الإبصار فإننا نجد أن العين تطرأ عليها سلسلة من التغيرات البنوية والتشريحية، تؤدي إلى ضعف حاسة البصر، ومن ذلك إن طول النظر يزيد مع العمر، والذي ينتج أساسًا عن التغيرات التي تطرأ على عدسة العين، كما تتناقص القدرة على التكيف للظلام، أضف إلى ذلك أن التغيرات التي تطرأ على الشبكية والجهاز العصبي تؤدي إلى نقص الدقة البصرية "ضعف البصر"، ونقص القدرة على تمييز الألوان. وكثير من المسنين لديهم صعوبات كبيرة في الرؤية في الظلام، ويؤدي ذلك إلى جعل قيادة السيارات أثناء الليل بالنسبة لهم مخاطرة، وبعض القصور البصري يرجع في جوهره إلى التغيرات التي تطرأ على العين نفسها، ومن ذلك نقصان المواءمة البصرية، وانكماش حجم إنسان العين، الذي يعني بدوره قلة مقدار الضوء الذي يسقط على الشبكية، والصفرة والكمدة في العدسات.
ثم تزداد هذه التغيرات استفحالًا بتكوين المياه البيضاء "الكاتاراكت" الذي يؤدي إلى إعتام عدسة العين، وهو العجز الأكثر شيوعًا في مرحلة الشيخوخة، يليه مرض الجلوكوما، ومن العلامات الأخرى تلف بعض الميكانيزمات العصبية في مركز الإبصار مع التقدم في السن.
وقد يكون التدهور الأكثر ارتباطًا بمرحلة الشيخوخة ما يحدث لحاسَّةِ السمع، فحوالي 17% من الأشخاص الذين يبلغون سن 65 عامًا وما بعدها، يظهرون علامات النقص السمعي المسمى presbycusis، والذي يرجع في جوهره إلى تدهور الجهاز السمعي ذاته، وهذا النقص يقتصر أساسًا على الأصوات ذات التردد العالي، ويشمل ذلك معظم أصوات الكلام، وكثير من المتحدثين يحاولون تعويض هذا الضعف السمعي لدى المسنين بالحديث بصوتٍ عالٍ، إلّا أن زيادة جهارة volume صوت المتحدث، التي تصل أحيانًا إلى حدِّ الصراخ، لا تفيد، بل قد تؤدي إلى حجب الأصوات التي يمكن للمستمع المسن أن يدركها، ولتحسين التواصل السمعي مع المسنين الذين يعانون من صعوبات السمع يجب أن يخفض المتحدث صوته لا أن يرفعه؛ لأن ذلك يؤدي إلى خفض حدة الصوت أو شدته intensity، وكذلك درجته pitch، وهي الخصائص التي تمثل صعوبة جوهرية لدى المسنين، وفي هذا الصدد نشير إلى أنه لقياس هذا التطور السمعي يحلل الصوت إلى مكونيه الأساسيين هما: التكرار "التردد" والسعة، واللذين يمكن تنويعهما بشكلٍ مستقلٍّ، ويشير التردد أو التكرار إلى عدد الدورات في الثانية التي يتخذها الصوت "أو النغمة"، أما السعة فتعني مدى أو شدة حدوث الموجة الصوتية، وتدل على الحساسية الصوتية، وتؤكد نتائج البحوث أن التدهور يكون ضئيلًا في الحساسية "السعة" الخاصة بالترددات المنخفضة، ويكون هذا التدهور حادًّا للترددات التي مقدارها 2000 ذبذبة في الثانية أو أعلى من ذلك، ويكون ضعف السمع أكثر حدوثًا في الذكور منه في الإناث، وقد يرجع هذا إلى الفروق بين الجنسين في التعرض للضوضاء، ولعلّ خطورة ضعف السمع تتمثل في ارتباطها بضعف النشاط العقلي من ناحية، وبظهور بعض الأعراض الذهانية "كالبارانويا" من ناحية أخرى، وكلما ازداد السمع ضعفًا ازداد معدل تحوّل المسن إلى الطور الأخير من حياته، وهو أرذل العمر.
وتُوجَدُ أدلة على أن الحواس الأخرى تتدهور أيضًا مع التقدم في السن؛ فبالنسبة لحاسة الذوق وجد بعض الباحثين أن عتبات المذاقات الأربعة الأساسية "المر، الحلو، الحامض، المالح" تزيد مع العمر، وخاصةً بعد سن الخمسين، إلّا أن
البعض الآخر يرى أن نتائج الدراسات التي أجريت على حاسة الذوق متناقضة، ومثلها نتائج حاسة الشم، ويوجد فرضٌ شائعٌ في هذا الميدان، وهو أن التدهور يلحق الأجزاء الطرفية من عضو الحس بينما الأجزاء المركزية فيه لا تتأثر، إلّا أن بعض الأدلة الحديثة تؤكد أن عمليات التجهيز المركزي للمعلومات الحسية تتأثر أيضًا وبشكل مستقلٍّ عن الأجزاء الطرفية، وقد يرجع ذلك إلى أن الخلايا الوظيفية في الجهاز العصبي يتناقص عددها مع التقدم في العمر، وتُوجَدُ نتائج علمية تؤكد أن مستوى النشاط العصبي العشوائي يزيد مع العمر، وقد يحدث ذلك نتيجةً لبطء التحرر من آثار الاستثارة السابقة، وهذه التغيرات جميعًا تؤدي إلى نقصان كفاءة الجهاز العصبي في تمييز الإشارات "المثيرات".
ويرى بعض الباحثين الآخرين أن التدهور في حاستي الذوق والشم خاصةً، قد يرجع في جوهره إلى بعض الظروف المرضية، أو إلى بعض العادات المتأصلة مثل التدخين أو إدمان المسكرات والمخدرات، وعلى كلٍّ فإنه نتيجة لصعوبات الذوق والشم يعاني المسنون من فقدان الاهتمام بالطعام، مما يؤدي إلى بعض مشكلات التغذية، والإصابة بالأمراض على النحو الذي أشرنا إليه فيما سبق.
وإذا كان معظم هذه التغيرات الحسية يقدم لنا صورة متشائمة من الشيخوخة، فإننا يجب أن نوضح أنه باستثناء الحالات المتطرفة -التي تحدث عادة في طور أرذل العمر- فإن هذه التغيرات لا تمنع المسن العادي من أن يعيش حياته الطبيعية، وكثير من الابتكارت التكنولوجية الحديثة؛ مثل: التليفونات التي تكبر الصوت والمعينات السمعية والنظارات الطبية، أعانت المسنين على أن يعيشوا حياة راضية، على الرغم من الكفاءة المتناقصة للجسم. وفي الواقع فإنه لا تحدث مشكلات توافق حسي للمسنين إلّا تحت شروط الضغط والإجهاد، وحينئذ تصبح النقائص المرتبطة مصدرًا لسوء التوافق لديهم، ففي حالة الحزن الشديد لوفاة صديق أو قريب يشعر المسن بالعجز عن فهم ما يسمع، وقد يؤدي به ذلك إلى الانسحاب إلى الذات، وغلق نوافذ الاتصال بعالمٍ يشعر أنه مختلط مخيف يحيط به من كل جانب.