الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن: رعاية الجنين والأم الحامل
العوامل المؤثرة في النمو خلال طور ماقبل الولادة
خصائص الأم
…
الفصل الثامن: رعاية الجنين والأم الحامل
يتناول هذا الفصل الأسس العامة لرعاية الجنين والأم الحامل، ونبدأ بعرض العوامل المؤثرة في النمو خلال طور ما قبل الولادة، ثم ننتقل إلى أساليب الإرشاد اللازمة للوالدين عامة والأم خاصة في هذه المرحلة.
العوامل المؤثرة في النمو خلال طور ما قبل الولادة:
يتأثر النمو في طور ما قبل الولادة بمجموعةٍ من العوامل، تؤدي إلى السواء أو الخلل في التتابع العادي الذي وصفناه في هذا الباب، ونعرض فيما يلي العوامل التي أكدتها البحوث التجريبية.
1-
خصائص الأم:
من العوامل المؤثرة في نمو الطفل في طور ما قبل الولادة عمر الأم، فقد تأكد أن الحمل قبل سن العشرين قد يؤدي إلى فقدان الطفل أو نموه مشوهًا، وقد يكون سبب ذلك أن كثيرًا من النساء لا يبلغ النضج الجسمي قبل هذا السن "ربما عند سن 18"، وعلى هذا، فإن الأم الصغيرة التي لا تزال في مرحلة النمو الجسمي قد يكون جهازها التناسلي أقلّ اكتمالًا، أو أنها قد تكون في حاجة أكثر إلى معظم غذائها في نموها هي، ويؤدي ذلك إلى بعض الأخطار على الجنين.
وبالمثل، فإن الأمهات بعد سن الخامسة والثلاثين يواجهن مشكلاتٍ أثناء الولادة، بالإضافة إلى احتمال وفاة الجنين وتشوهه إذا وُلِدَ حيًّا، ومعظم هذه الحالات تنشأ لدى الأم الكبيرة التي تلد في هذا السن لأول مرة، والمشكلات في هذه الحالة تفوق مشكلات الأم الصغيرة، أما بالنسبة للأمهات الكبيرات اللاتي سبق لهن الولادة، فعادةً ما يكمل الجنين مدة الأشهر التسعة ويلدن بطريقة طبيعية.
ويؤثر في نمو الجنين عدد مرات الحمل السابقة للأم؛ فالأم التي تحمل أكثر من أربع مراتٍ يتعرض جنينها في هذه الحالة إلى مشكلات نمو أكثر من الأم التي تحمل عددًا أقل من المرات، إلّا أن الملاحظ أن الولادة الثانية للأم تكون عادةً
أيسر من الولادة الأولى، ويرتبط عدد مرات الحمل بالطبع بسن الأم، فمن البديهي أن تكون الأم التي تلد أكثر من 4مرات أكبر سنًّا من تلك التي تلد عددًا أقل من المرات إذا تساوى سن الزواج.
ويؤثر في نمو الجنين الحالة الانفعالية للأم، إلّا أننا يجب أن نذكر أن هذا العامل لم يدرس بعد دراسة كافية على أمهات الأجنة البشرية، بسبب صعوبة تصميم مثل هذه البحوث التي تنتمي إلى دراسة التفاعل بين الأم والجنين، وتقدير أثر هذا التفاعل في نموه، وقد اقتصرت معظم البحوث على الظواهر التي يمكن أن تقاس بموضوعية، وخاصة النشاط البيولوجي والنشاط الحسي، ولهذا فإن معظم هذه البحوث أجريت على الحيوانات، ومنها اتضح بصفةٍ عامَّةٍ أن تعرض الأم الحيوانية الحامل للضغوط الانفعالية يؤدي إلى تغير سلوك النسل، ومن ذلك زيادة الانفعالية لديه "Mussen 1970"، ويبدو من ذلك أن من المنطقي استنتاج: أن الحالة الانفعالية للأم تؤثر في نمو جنينها؛ فالأم غير السعيدة في حياتها الزوجية تشعر بالقلق نتيجة للحمل، وحتى الأم السعيدة تشعر أحيانًا بالقلق من عملية الولادة، وخاصة إذا كانت للمرة الأولى، وقد تأكد تأثير هذه الحالات على الجنين بالرغم من عدم وجود ارتباط مباشر بين الجهاز العصبي لكلٍّ من الأم والطفل، وقد ينشأ الأثر عن نشاط الجهاز العصبي المستقل للأم الذي يستثير الغدد الصماء لإفراز هورمونات؛ مثل: الأدرينالين الذي يصاحب الحالات الانفعالية مثل القلق، والهورمونات يمكنها أن تخترق المشيمة، وتدخل في المسمار الرئيسي لدم الجنين، وفي دراسة مبكرة قام بها سونتاج "Sontage 1987" أن الأطفال الذين يتَّسِمون بكثرة النشاط أثناء الحمل ربما نتيجة لقلق الأم، يظهرون فيما بعد الكثير من الصراخ والتلوي والإسهال ومشكلات التغذية، كما أكَّدَ باحثون آخرون "Copans 1974" بعد ذلك أعراضًا أخرى لأطفال هؤلاء الأمهات؛ مثل: القئ المتكرر، والحساسية للأصوات، وقد تؤثر الحالة الانفعالية للأم أيضًا في زيادة النشاط الحركي للجنين "Ridgway 1987"؛ فإذا استمر التوتر الانفعالي والقلق طوال فترة الحمل، فإنه قد يؤدي إلى صعوبات جمة أثناء الولادة.
وحالما يولد الطفل من أمٍّ شديدة القلق، وعلى درجةٍ من الاعتمادية على الآخرين، ولديها اتجاهات متناقضة أو سلبية إزاء الحمل، فإن طفلها يكون زائد النشاط، مفرط الحساسية، وغير منتظم في طعامه ونومه وعادات الإخراج عنده، بالإضافة إلى ما قد يعانيه من أمراضٍ خلال السنوات الثلاث الأولى من حياته "Stott 1971"، وهذه الحالة المزاجية قد تكون وراثية، وقد ترجع مباشرة إلى القلق الزائد عند الأم.
إلّا أننا نحب أن ننبه إلى أن النتائج السابقة ترتبط بالحالة الانفعالية الشديدة طويلة المدى لدى الأم، ولا نتوقع أن يؤدي الضغط النفسي العادي أو القلق المتوسط أو المؤقت، إلى آثارٍ خطيرة في الجنين.