الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التربية التعويضية Compensatory education، والتعلم العلاجي Rmedial Learning.
ولعل هذا الهدف يقودنا إلى مهمة عاجلة لسيكولوجية النمو، وهي مهمة الرعاية والمساعدة، والمتخصص في علم نفس النمو لا يستطيع ذلك إلّا إذا توافر له من الفهم من خلال الوصف والقدرة على التعليل من خلال التفسير ما يمكِّنُه من اقتراح نوع الرعاية المناسبة، وبالطبع فإن الرغبة في المساعدة والرعاية يشترك فيها الأخصائي النفسي مع آخرين غيره؛ منهم الآباء والأمهات والمعلمون والأطباء والممرضون والأخصائيون الاجتماعيون والدعاة والوعاظ والإعلاميون، ومهمة علم نفس النمو أن يقدم لهؤلاء وغيرهم الفهم الواضح، والتعليل الدقيق لظواهر النمو الإنساني.
خصائص النمو الإنساني
النمو عملية تغير
…
خصائص النمو الإنساني:
حتى يتوجه فهمنا لطبيعة النمو الإنساني وجهةً صحيحةً نعرض فيما يلي الخصائص الجوهرية لهذه العملية الهامة.
1-
النمو عملية تغير:
كل نمو في جوهره تغير، ولكن ليس كل تغير يعد نموًّا حقيقيًّا، وتستخدم كلمة نمو في التراث السيكولوجي العربي المعاصر ترجمة لكلمة Development، ولو أنها ليست الترجمة الدقيقة، فالأصح أن تترجم هذه الكلمة الإنجليزية بكلمة "تنمية"، وهناك ترجمة محدودة للكلمة بمعنى:"ارتقاء"، حين يستخدم مصطلح "علم النفس الارتقائي"، ترجمة لعبارة Developmental Psychology كما أشرنا. وفي هذا الصدد قد يقتصر استخدام كلمة نمو على أن تكون ترجمة لكلمة Growth، والتي يقصر البعض استخدامها على الزيادة الإضافية في مقدار الخاصية أو الصفة السلوكية.
وعمومًا يمكن القول أن علم نفس النمو يهتم بالتغيرات السلوكية التي ترتبط ارتباطًا منتظمًا بالعمر الزمني، فإذا كانت هذه التغيرات تطرأ على النواحي البيولوجية والفسيولوجية والنيرولوجية، وتحدث في بنية الجسم الإنساني ووظائف أعضائه نتيجة للعوامل الوراثية "الفطرة" في أغلب الأحيان، فإن هذه التغيرت تسمى نضجًا Maturation، أما إذا كانت هذه التغيرات ترجع في جوهرها إلى آثار الظروف البيئية "الخبرة"، تسمى تعلمًا Learing.
وفي كلتا الحالتين: النضج والتعلم، قد تدل التغيرات على تحسن أو تدهور، وعادة ما يكون التدهور في الحالتين في المراحل المتأخرة من العمر "فؤاد أبو حطب 1972، 1975".
وهكذا يمكن القول أن المعنى السابق لكلمتي "تنمية" و"ارتقاء"، متضمن في استخدام كلمة "نمو"، الأكثر شيوعًا واستخدامًا في اللغة السيكولوجية العربية، ولهذا فإن موقفنا في هذا الكتاب هو اسخدام كلمة "نمو" لتدل على التغيرات الارتقائية أو التنموية التي أشرنا إليها، ولعل مما يفيد أغراض هذا الاستخدام أن من معاني كلمة Development الإنجليزية، كلمات مثل: نمو Growth، وتطور Evolution، وفيهما لا تتبع حالة معينة حالة أخرى فحسب، وإنما لا بد أيضًا أن تنبثق الحالة الراهنة من حالة سابقة، وقد يكون النمو أو التنمية في هذه الحالة تدريجيًّا "أي: تطور"، أو تحوليًّا "أي: ثورة" Revolution.
أما التغيرات غير النمائية، فإنها على العكس تعد نوعًا من حالة الانتقال التي لا تتطلب ثورة، أو تطورًا، أو تنمية بالمعنى السابق؛ فالشخص قد يغير ملابسه إلّا أن ذلك لا يعني نموًّا، فتتابع الأحداث في هذا المثال لا يتضمن وجود علاقة بين الحالة الراهنة للشخص وحالته السابقة، ومن السخف، بل من العبث، أن نفترض مثلًا أن ملابس الشخص التي كان يرتديها في العام الماضي نمت بالتطور أو الثورة إلى ما يرتديه الآن.
وهناك خاصية أخيرة في التغيرات النمائية أنها شبه دائمة باعتبارها نتاج كلٍّ من التعلم والنضج، وفي هذا تختلف عن التغيرات المؤقتة أو العارضة أو الطارئة؛ مثل: حالات التعب أو النوم أو الوقوع تحت تأثير مخدر، فكلها ألوان من التغير المؤقت في السلوك، ولكنها ليست نموًّا؛ لأن هذه التغيرات جميعًا تزول بزوال العوامل المؤثرة فيها، وتعود الأحوال إلى ما كانت عليه من قبل.