الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لدى بعض المفحوصين قد يهدد صدق نتائج البحث.
4-
الأجهزة والأدوات والمواد التي تستخدم في الموقف التجريبي وخاصة داخل المعمل، قد تؤدي بالمفحوص إلى الاعتقاد بأن عليهم أن يسلكوا على نحوٍ غير عادي، ومن ذلك مثلًا: أن يطلب منه حفظ مقاطع عديمة المعنى، وهو ما لا يفعله عادةً في حياته اليومية.
5-
توقعات المجرب قد تؤثر في نتائج التجربة؛ فالباحث الذي يعتقد بشدة في صحة فرضه فإنه قد يلجأ -ولو عن غير قصد- إلى تهيئة الشروط التي تدعم هذا الفرض، ولعل هذا يفسر لنا كثرة الفروض التي "تتحقق" في بحوثنا العربية، بينما نسبة كبيرة منها لم يتحقق في البحوث التي أجريت في بيئات مختلفة، بل لعل هذا يفسر لنا ما نلاحظه على بعض الباحثين الذين يشعرون بالضيق والقلق حين لا تتحقق فروضهم، وهذا لونٌ من الخطأ الفاحش في فهم طبيعة البحث العلمي. لقد صارت الفروض عند بعض الباحثين جزءًا من نظامهم "العقيدي" لا قضايا تقبل الصحة والخطأ على أساس الأدلة والشواهد الموضوعية.
وللتغلب على هذه المشكلة يقترح علماء مناهج البحث المعاصرون استخدام أسلوب إجراء التجارب بطريقة "معماة" على الفاحصين، وفي هذه الحالة لا يعلم الفاحصون ولا المفحوصون أيّ معالجة يشاركون فيها إلّا بعد انتهاء التجربة.
وبالرغم من هذه المشكلات تبقى للمنهج التجريبي قيمته العظمى في تزويدنا بأدق فهم لعلاقات السبب -النتيجة في دراسة السلوك الإنساني.
المنهج شب التجريبي:
حينما يستعصي على الباحث تطبيق المنهج التجريبي بمعناه الكامل الذي تناولناه آنفًا، نجده يحاول فرض قدر من التحكم على العوامل الدخيلة التي لها بعض الآثار المحتملة في السلوك موضوع الاهتمام، وتوجد في الوقت الحاضر عدة تصميمات من هذا القبيل، تجمعها تسمية عامة هي "
المنهج شبه التجريبي
" Quasi -Experimenta.
لنفرض أن أحد الباحثين أراد أن يدرس أثر الحرمان من الأسرة في النمو الاجتماعي للطفل، إن تطبيق المنهج التجريبي الكامل في هذه الحالة يتطلب تقسيم المفحوصين عشوائيًّا إلى نصفين، أحدهما يظل يعيش مع أسرته، بينما يودع الآخر في إحدى دور الرعاية وذلك طوال فترة التجربة، ثم تقارن المجموعتان في النمو الاجتماعي، وبالطبع فإن معظم الأسر ترفض أن تسمح لأطفالها بالمشاركة
في تجربة من هذا النوع، كما أن النظام الاجتماعي لا يوافق على أن ينفصل الطفل عن والديه وأن يُودَعَ طواعيةً أو قسرًا في مؤسسة من أي نوعٍ، إلّا في بعض الاستثناءات القليلة الشاذة في التاريخ "معسكرات إسبرطة في التاريخ القديم والكيوبتزات الإسرائيلية في التاريخ الحديث"، بل إن مثل هذا الإجراء يستحيل حدوثه في المجتمع الإسلامي الذي تضع شريعته الأسرة في مكانة رفيعة من البناء الاجتماعي، ولهذا فلا مناص من أن يلجأ الباحث في هذه الحالة إلى تصميم شبه تجريبي، وفي هذه الحالة يقارن بين مجموعتين من الأطفال إحداهما تعيش مع أسرها الطبيعية، والأخرى تعيش في إحدى دور الرعاية "ملجأ أو مؤسسة اجتماعية أو مدرسة داخلية أو دار حضانة" نتيجةً لظروفها الاجتماعية.
ومعنى ذلك أن شبه التجربة: هي دراسةٌ يلاحظ فيها الباحث نتائج حدث طبيعي، أو قرار متصل بالظروف الاجتماعية للإنسان يُفْتَرَضُ فيه أن له أثر على حياته، ويشمل ذلك على سبيل المثال الالتحاق بدور الرعاية الاجتماعية أو مؤسسات الإيواء أو برامج ما قبل المدرسة؛ في دور الحضانة ورياض الأطفال، أو التعليم في المدارس الخاصة وغيرها. ويكون المتغير المستقل في هذه الحالة هو الحدث أو الظرف الذي يُفْتَرَضُ فيه أن تؤثر نواتجه على الذين يتعرضون له، والباحث هنا لا يستطيع أن يتحكم في المتغير المستقل -كما يفعل الباحث التجريبي- كما لا يستطيع أن يوزع المفحوصين على مختلف المعالجات، فالتوزيع أحدثته بالفعل ظروف الإنسان في حياته اليومية، وعلى الباحث أن يدرس آثار ذلك حينما وأينما وكيفما يحدث بالفعل.
وتتفاوت البحوث شبه التجريبية في الكيف، ولعل أفضل تصميمات هذا النوع من البحوث أن يختار الباحث لمجموعته الضابطة أفرادًا من الذين يوضعون في قوائم الانتظار للالتحاق بالبرنامج أو المعالجة موضع الاهتمام، مثل قوائم الانتظار للالتحاق بالمدارس الخاصة أو دور الحضانة، ولعل هذا يوفر قدرًا من القابلية للمقارنة بين المجموعة الضابطة والمجموعة التجريبية، على الأقل في متغير الرغبة في المشاركة في البرنامج أو المالجة إن كانت لها جاذبية، أو عدم الرغبة في ذلك إن لم تكن لها هذه الجاذبية، وهذا أفضل بالطبع من اختيار المجموعة الضابة من "غير الملتحقين بالمدارس الخاصة" أو "غير الملتحقين بدور الحضانة" مثلًا، وهم أولئك الذين لم يسع آباؤهم لالتحاقهم بالبرنامج، وفي هذه الحالة قد تكون هناك اختلافات جوهرية بين الآباء في المجموعتين، وقد تكون لمتغيرات أخرى مثل حجم الأسرة والدخل والمستوى التعليمي للوالدين، أهمية أكبر من برنامج دار الحضانة أو المدرس الخاصة في إحداث الفروق بين مجموعتي الأطفال، وهكذا تظل نتائج شبه التجربة مفتوحة لتفسيرات متعددة، ولا تؤدي إلى تحديد قوي لعلاقة السبب والأثر، كما هو الحال في المنهج التجريبي الكامل، ومع ذلك فهو المنهج الأفضل في هذه الظروف الخاصة.