المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الطلاق: حين يتزوج رجل وامرأة؛ فالمفترض في علاقتهما الزوجية أن تسودها - نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين

[آمال صادق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: الأسس العامة

- ‌الفصل الأول: طبيعة النمو الإنساني

- ‌مدخل

- ‌موضوع علم نفس النمو:

- ‌أهداف البحث في علم نفس النمو:

- ‌خصائص النمو الإنساني

- ‌النمو عملية تغير

- ‌ النمو عملية منتظمة:

- ‌ النمو عملية كلية:

- ‌ النمو عملية فردية:

- ‌ النمو عملية فارقة:

- ‌ النمو عملية مستمرة:

- ‌الفصل الثاني: أصول علم نفس النمو في ثقافة الغرب

- ‌أولاً: المنظور اليوناني للنمو الإنساني

- ‌ثانيًا: النمو الإنساني في العصور ر الوسطى في أوربا

- ‌ثالثًا: إحياء النزعة الإنسانية

- ‌رابعًا: النمو الإنساني في عصر التنوير في أوربا

- ‌خامسًا: المقدمات الاجتماعية والثقافية لدراسة النمو الإنساني

- ‌سادسًا: المقدمات العلمية لدراسة النمو الإنساني

- ‌سابعًا: ظهور علم نفس النمو الحديث

- ‌الفصل الثالث: نحو وجهة إسلامية لعلم نفس النمو

- ‌مدخل

- ‌أولًا: النمو الإنساني في القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: النمو الإنساني في السنة النبوية الشريفة

- ‌ثالثًا: النمو الإنساني عند الصحابة:

- ‌رابعًا: النمو الإنساني في الفقه الإسلامي

- ‌خامسًا: النمو في تراث علماء المسلمين وفلاسفتهم

- ‌الفصل الرابع: مناهج البحث في النمو الإنساني

- ‌مقدمة في طبيعة المنهج العلمي في البحث:

- ‌المنهج العلمي في البحث والتصور الإسلامي للمعرفة:

- ‌الملاحظة الطبيعية:

- ‌المنهج التجريبي:

- ‌المنهج شبه التجريبي

- ‌المنهج الارتباطي:

- ‌المنهج المقارن:

- ‌اختبار منهج البحث الملائم:

- ‌الفصل الخامس: النماذج النظرية للنمو الإنساني

- ‌الاتجاهات النظرية الوصفية

- ‌معايير النمو

- ‌مهام النمو:

- ‌الاتجاه نحو النماذج النظرية

- ‌مدخل

- ‌نموذج بياجيه في النمو المعرفي:

- ‌نموذج إريكسون في النمو الوجداني:

- ‌نموذج كولبرج في النمو الخلقلي الإجتماعي

- ‌تعليق عام على النماذج النظرية:

- ‌الباب الثاني: المرحلة الأولى لنمو الإنسان - أطوار الجنين

- ‌مدخل

- ‌الفصل السادس: تكوين النطفة

- ‌التكوين الأساسي للخلية

- ‌النطفة

- ‌مدخل

- ‌النطفة الأمشاج:

- ‌ميكانيزمات الوراثة

- ‌مدخل

- ‌كيف تنتقل الخصائص الوراثية:

- ‌صبغيات (كروموزمات) الجنس

- ‌وراثة الخصائص المرتبطة بالجنس:

- ‌الفصل السابع: أطوار نمو الجنين

- ‌أولًا: طور النطفة الأمشاج

- ‌ثانيًا: طور العلقة

- ‌ثالثًا: طور المضغة

- ‌رابعًا: طور تكوين العظام والعضلات "اللحم

- ‌خامسًا: طور التسوية

- ‌سادسًا: تعلم الأجنة

- ‌الفصل الثامن: رعاية الجنين والأم الحامل

- ‌العوامل المؤثرة في النمو خلال طور ماقبل الولادة

- ‌خصائص الأم

- ‌ التغذية:

- ‌ الأمراض:

- ‌ العقاقير والمخدرات:

- ‌ التدخين:

- ‌ مخاطر البيئة:

- ‌ آثار الوراثة "عامل الريصص

- ‌الباب الثالث: المرحلة الأولى لنمو الإنسان - أطوار الطفولة

- ‌مدخل

- ‌الفصل التاسع: طور الوليد (من الولادة حتى نهاية الأسبوع الثاني)

- ‌ولادة الطفل

- ‌مدخل

- ‌خبرة الولادة لدى الوليد:

- ‌الاتجاهات الوالدية إزاء الولادة:

- ‌اتجاهات الإخوة إزاء الوليد:

- ‌الاتجاهات نحو جنس الطفل:

- ‌الاتجاهات نحو التوائم:

- ‌خصائص نمو الوليد:

- ‌أحكام الشريعة الإسلامية بالنسبة لطور الوليد:

- ‌الفصل العاشر: طور الرضيع (من الولادة حتى نهاية العام الثاني)

- ‌مدخل

- ‌النمو الجسمي والحركي:

- ‌النمو الحسي والإدراكي:

- ‌نموّ الكلام:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الانفعالي:

- ‌النمو الاجتماعي:

- ‌نمو الشخصية:

- ‌بعض مشكلات طور الرضاعة:

- ‌الفصل الحادي عشر: طور الحضانة (من سن عامين إلى سن التميز)

- ‌النمو الجسمي والفسيولوجي

- ‌النموّ الحسي والإدراكي:

- ‌النموّ الحركي:

- ‌صحة الطفل ما قبل المدرسة:

- ‌النمو اللغوي:

- ‌النموّ العقلي المعرفي:

- ‌النمو الانفعالي والوجداني:

- ‌النموّ الاجتماعي:

- ‌اللعب في مرحلة الطفولة المبكرة:

- ‌النمو الخلقي:

- ‌نمو الشخصية:

- ‌الخبرات التعليمية في طور الحضانة:

- ‌الفصل الثاني عشر طور التمييز

- ‌النمو الجسمي والفسيولوجي

- ‌النمو الحركي:

- ‌أمراض طفل المدرسة:

- ‌النموّ اللغوي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الاجتماعي:

- ‌اللعب في مرحلة الطفولة المتأخرة:

- ‌النمو الانفعالي والوجداني:

- ‌النموّ الخلقي:

- ‌نموّ الشخصية:

- ‌دور المدرسة في طور التمييز:

- ‌الباب الرابع: المرحلة الأولى لنمو الإنسان أطوار المراهقة والشباب

- ‌مدخل

- ‌الفصل الثالث عشر: طور بلوغ الحلم "المراهقة

- ‌البلوغ الجنسي:

- ‌النمو الجسمي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الانفعالي:

- ‌النمو الاجتماعي:

- ‌النمو الخلقي والاهتمامات الدينية:

- ‌نمو الشخصية في مرحلة المراهقة المبكرة:

- ‌الفصل الرابع عشر: طور بلوغ السعي"الشباب

- ‌طبيعة طور بلوغ السعي (الشباب)

- ‌حدود طور بلوغ السعي "الشباب

- ‌التغيرات الجسمية في طور السعي:

- ‌النموّ العقلي المعرفي:

- ‌السلوك الانفعالي والوجداني ومشكلات الشباب:

- ‌السلوك الاجتماعي في طور السعي "الشباب

- ‌النمو الخلقي والاتجاهات الدينية في طور السعي:

- ‌نمو الشخصية في طور السعي ومسألة الهوية:

- ‌خاتمة المرحلة الأولى من حياة الأنسان:

- ‌الباب الخامس: المرحلة الثانية من الأنسان"قوة الرشد

- ‌الفصل الخامس عشر: حدود الرشد وأهمية مرحلة القوة في حياة الأنسان

- ‌مدخل

- ‌محكات الرشد:

- ‌الحدود العملية للرشد:

- ‌نشاة ونمو الاهتمام بسيكولوجية الراشدين:

- ‌الفصل السادس عشر: أطوار بلوغ الرشد "طور الرشد المبكر

- ‌الخصائص العامة:

- ‌النمو الجسمي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الخلقي:

- ‌نمو الشخصية والتوافق ومسألة الهوية:

- ‌الزواج والحياة الأسرية:

- ‌مفهوم الأسرة:

- ‌الزواج:

- ‌الطلاق:

- ‌النمو المهني:

- ‌عمالة الصغار وبطالة الكبار:

- ‌الفصل السابع عشر: طور بلوغ الرشد "وسط العمر

- ‌مدخل

- ‌الخصائص العامة:

- ‌النمو الجسمي

- ‌مدخل

- ‌الصحة والمرض:

- ‌النموّ الجنسي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌إبداع الراشدين:

- ‌نمو الشخصية

- ‌مدخل

- ‌الميول المهنية واللامهنية:

- ‌التوافق:

- ‌نمو الحياة الأسرية

- ‌مدخل

- ‌التوافق الزواجي:

- ‌النمو المهني:

- ‌الفصل الثامن عشر: التعلم مدى الحياة تعلم الراشدين"الكبار

- ‌تعلم الراشدين"الكبار" والمفاهيم المرتبطة

- ‌دافع التعلم عند الراشدين

- ‌تصنيف دوافع التعلم عند الراشدين

- ‌مثبطات التعلم عند الراشدين"التسرب

- ‌مشكلات المتعلمين الراشدين

- ‌القلق

- ‌ أوهام العمر:

- ‌ المستوى الاقتصادي والاجتماعي:

- ‌شروط التعلم عند الراشدين:

- ‌خاتمة حول العمر الثاني للإنسان:

- ‌الباب السادس: المرحلة الثالثة في حياة الإنسان"ضعف المسنين

- ‌الفصل التاسع عشر: حدود المرحلة الثالثة في حياة الإنسان

- ‌الشيخوخة في اللغة والثقافة:

- ‌حدود الشيخوخة

- ‌المحك العمري

- ‌نحو محكات أخرى للشيخوخة:

- ‌تاريخ البحث في ميدان المسنين:

- ‌موضوع سيكولوجية المسنين:

- ‌نظريات الشيخوخة والتقدم في السن

- ‌أولاً: النظريات البيولوجية

- ‌ثانيًا: النظريات النفسية الاجتماعية:

- ‌الفصل العشرون: طور الشيخوخة

- ‌التغيرات الجسمية

- ‌التغيرات الفسيولوجية

- ‌مدخل

- ‌الصحة والمرض في طور الشيخوخة:

- ‌التغير في الوظائف الحسية:

- ‌التغير في النشاط الحركي:

- ‌التغير العقلي المعرفي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: التدهور في القدرات العقلية

- ‌ثانيًا: بنية القدرات العقلية:

- ‌ثالثًا: نسبة الكفاءة ونسبة التدهور

- ‌حكمة الشيوخ

- ‌مدخل

- ‌الحكمة: قدرة القدرات الإنسانية

- ‌أمثلة من البحوث النفسية في الحكمة:

- ‌التقاعد

- ‌مفهوم التقاعد

- ‌قرار التقاعد:

- ‌عملية التقاعد:

- ‌التكيف للتقاعد:

- ‌الحياة الأسرية:

- ‌التوافق والشخصية في طور الشيخوخة:

- ‌عوامل التوافق في الشيخوخة وأنماطه:

- ‌ميول المسنين:

- ‌التغيرات في السلوك الاجتماعي:

- ‌الفصل الحادي والعشرون: طور أرذل العمر

- ‌مدخل

- ‌محكات بلوغ أرذل العمر

- ‌المحك الإسلامي

- ‌المحك المرضي:

- ‌ محك سوء التوافق:

- ‌التغيرات الجوهرية في طور أرذل العمر:

- ‌تصنيف الاضطرابات السلوكية

- ‌مدخل

- ‌أولًا: الاضطرابات الوظيفية

- ‌ثانيًا: الاضطرابات العضوية

- ‌الفصل الثاني والعشرون: رعاية المسنين

- ‌مدخل

- ‌ تعليم المسنين:

- ‌التدخل العلاجي

- ‌مدخل

- ‌خطوات التدخل العلاجي:

- ‌أساليب التدخل العلاجي النفسي:

- ‌الرعاية الشاملة للمسنين:

- ‌خاتمة الكتاب:

- ‌مراجع الكتاب:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌ ‌الطلاق: حين يتزوج رجل وامرأة؛ فالمفترض في علاقتهما الزوجية أن تسودها

‌الطلاق:

حين يتزوج رجل وامرأة؛ فالمفترض في علاقتهما الزوجية أن تسودها المودة والرحمة والمحبة وحسن المعاشرة كما تقضي الشريعة الإسلامية، وإذا حدث ذلك فإن الحياة الزوجية تستمر إلى أن تنتهي بوفاة أحد الزوجين أو كليهما.

إلّا أن بعض الزيجات قد تفتقد الشروط اللازمة لاستمرارها، أو قد يقع أحد الزوجين أو كلاهما في دائرة الضغوط والعواصف التي عادةً ما تحدث في الحياة الزوجية نتيجةً لظروف الحياة اليومية وتوتراتها، أو قد ينحرف سلوك أحدهما عن جادة الفضيلة، أو قد يسيء أحدهما للآخر إساءة بالغة، وعندئذ يقع المحظور وتنفصم عرى الزواج، ويكون الطلاق.

وتؤكد الدراسات التي أجريت على حالات الطلاق أن معظمها يقع لأزواجٍ لم يبلغوا مرحلة الرشد المبكر، وبعضها يقع خلال السنوات الأولى من الزواج، وأكبر نسبة بين المستويات الاقتصادية والاجتماعية الدنيا، والمستويات التعليمية المنخفضة، وبين الذين لا يكون بينهم تكافؤ في هذه المستويات، أو ليس بينهم تماثل ديني "Garrett 1982".

ويفسر الباحثون شيوع الطلاق بين الزيجات المبكرة "أي: قبل سن الرشد" بأن الأزواج في هذا السن لم يستقلوا سيكولوجيًّا عن الوالدين، كما أن التزام الشخص في هذا السن نحو الأسرة والمهنة ليس بقوة التزام الراشدين، ويعوزه تكوين علاقات ناضجة مع شريك حياته، ناهيك عن نقص الاستقلال الاقتصادي بسبب قلة الدخل.

ويقترح "Hunt Hunt 1977" ثلاثة سيناريوهات شائعة لحدوث الطلاق هي:

1-

ضعف الزواج أو فتوره نتيجةً لانقضاء الوقت أو مرور الزمن، وما يصاحب ذلك من جهل أو تجاهل أحد الزوجين تمامًا لمشاعر الآخر، ونقص الأنشطة والقرارات المشتركة بينهما، ويشبه ذلك ما يحدث لصورة فوتوغرافية

ص: 402

قديمة، وما يطرأ عليها من ذبول، وفي هذه الحالة قد يحدث الطلاق مع أيِّ فرصةٍ تسنح مهما كانت درجة أهميتها "ابتداءً من مشاجرة عابرة، إلى قرار بتغيير مكان العمل أو السكن"، وقد يحدث ذلك على الرغم من عدم وجود صراعٍ صريحٍ طويلٍ، أو وعيٍ شعوريٍّ بسببٍ واضحٍ للطلاق، وهذا السيناريو قليل الحدوث.

2-

صدمة أحد الزوجين في الآخر "كأن تكتشف الزوجة علاقة بين زوجها وامرأة أخرى أو العكس"، ويرى الباحثان "Hunt &Hunt 1977" أن ما يحدث في هذه الحالة أن يسترجع الزوجان تاريخ حياتهما الزوجية، ويكتشفان أنه لم يكن فيها إلّا القليل الذي يربط بينهما، ويبالغان في التركيز على الخبرات غير السعيدة التي عاشاها معًا، إلّا أنَّ ما يحدث في أقطار العالم النامي "ومنها بلادنا العربية والإسلامية" أن يصاحب هذا السيناريو بعنفٍ واضحٍ نتيجةً لتقدير قيمة العِرْضِ والشرف عند الرجال، ولمشاعر الغيرة عند النساء، وعلى الرغم من ندرة هذا السيناريو في أقطارنا العربية والإسلامية "ومنها مصر" إلّا أن العنف الزواجي الذي يشهده مجتمعنا في الفترة الأخيرة يُعَدُّ مؤشرًا على خطورته.

3-

صراع زواجي طويل الأمد، ربما منذ الزواج، نتيجةً لفساد أو خطأ أسس اختيار كلٍّ من الزوجين للآخر، وفي هذا السيناريو يدرك كلٌّ من الشريكين -وبعد وقت يطول أو يقصر- أن الطلاق هو أفضل الحلول، وهذا النوع هو الأكثر شيوعًا.

ونشير هنا إلى أن الإسلام حين أباح الطلاق شرعه لمواجهة الظروف غير العادية وحلًّا للمشكلات "المستعصية" في حياة الزوجين، ولهذا جعله "أبغض الحلال"، وجعل له الضوابط التي تكفل صالح المجتمع وصالح الأسرة معًا، مع كفالة التوازن في حقوق الزوجين، وتمثل ذلك فيما يلي:

1-

إضفاء طابع القدسية والمهابة والجلال والإكبار والتعظيم على عقد الزواج دون غيره من العقود التي تربط مصالح الناس، ولذلك يصفه القرآن الكريم وصفًا متميزًا عن غيره من العقود بقوله سبحانه وتعالى عن الزوجات:{وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21] .

والميثاق الغليظ هنا هو عقد الزواج.

ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام:

"تزوجوا ولا تطلقوا فإن الطلاق يهتز له عرش الرحمن".

2-

الأصل في الإسلام هو استمرار الزواج وتجنب الطلاق، ولهذا أوصى

ص: 403

بحسن معاملة كلٍّ من الزوجين للآخر، وحفظه في السر والعلن، بل ذهب القرآن الكريم إلى أبعد من ذلك، بطلب المعاشرة الحسنة بين الزوجين ولو مع الكراهية، فقد تنشأ المحبة والمودة من خلال هذه المعاشرة من ناحيةٍ وتجنبًا للطلاق من ناحيةٍ أخرى.

يقول الله تعالى:

{فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19] .

وقال عليه الصلاة والسلام:

"لا يَفْرَكْ "أي لا يبغض" مؤمنٌ مؤمنةً، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر".

وفي الحديث النبوي الشريف بصيرة عميقة بالسلوك الإنساني، فمن قواعد هذا السلوك في مجال العلاقات بين الأشخاص "الصداقة، العمل، إلخ" أننا نقبل فيهم بعض خصائصهم، ثم نعدل من سلوكنا ليتوافق مع الخصائص التي لا نوافق عليها فيهم، وهذا شأن العلاقات الزوجية كذلك.

3-

البحث عن حلولٍ للمشكلات ورأبٍ الصداع في الحياة الزوجية دون اللجوء إلى الطلاق، يقول الله تعالى:

{وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] .

ويقول أيضًا:

{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [النساء: 34] .

وقد حددت الشريعة الإسلامية قواعد التعامل مع النشور "للزوج والزوجة"، والتحكيم بين الزوجين لحل الخلافات يمكن للقارئ المهتم الرجوع إليها في المراجع المتخصصة في الفقه الإسلامي.

4-

لا يكون الطلاق إلّا بعد استنفاد كل الطرق الممكنة لحل المشكلة، وهو حلٌّ بغيض كريه رغم أنه من الحلال، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"أبغض الحلال إلى الله الطلاق" رواه أبو داود.

وهذا الحديث الشريف حكمةٌ نبويةٌ خالدةٌ، يشعر منه المسلم أن الطلاق "ليس لعبة ولا لهوًا، وليس تصرفًا عاديًّا يمارسه الزوج، بل هو دواء مرير أو جراحة

ص: 404

خطيرة يستعمل عند اللزوم وعند الضرورة، وهي استحالة الحياة الزوجية لأسباب جوهرية" "عزت العزيزي وآخرون: 1985: 451".

5-

عدم النظر إلى الرجل المطلق أو المرأة المطلقة نظرة لومٍ واحتقارٍ؛ فالطلاق -إذا اضطر إليه المسلم أو المسلمة- أمر طبيعيّ، ولا يجوز النفور من زوج المرأة أو الرجل بعد الطلاق، وقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مطلقة مولاه زيد بن حارثة بأمر من الله عز وجل.

يقول الله مخاطبًا رسوله الكريم:

{.. فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [الأحزاب: 37] .

وقد أجريت بضعة بحوثٍ على خبرة الطلاق، وتكشف نتائج هذه البحوث عَمَّا يأتي:

1-

خبرة الطلاق من أكثر الأحداث إثارةً للضغط والإجهاد والتوتر في حياة الراشدين، وتكاد في ترتيبها تتلو مباشرة خبرة وفاة رفيق العمر "التي تُعَدُّ أكثر الأحداث إيلامًا"، وخاصةً في ضوء ما تفرضه خبرة الطلاق من متطلبات إعادة التنظيم وإعادة التكيف.

2-

توافق ما بعد الطلاق يرتبط ارتباطًا وثيقًا بدرجة الاستعداد له وتوقع حدوثه "Wallerstein Kelly 1986"، ويوجد فريق من الناس لا يتوافق أبدًا مع الطلاق مهما كانت درجة الشقاء أثناء الزواج، وهؤلاء يستجيبون لانهيار العلاقة الزوجية باضطراباتٍ سلوكية تختلف في شدتها وحدتها التي قد تصل إلى حد الانتحار.

3-

تختلف الاستجابات الانفعالية للطلاق، ويعتمد ذلك إلى حَدٍّ كبيرٍ على الظروف التي تسبقه مباشرة؛ فالزوجة السعيدة تشعر بالصدمة العنيفة نتيجةً لمفاجأة الطلاق، أما الزوجة الشقية بزواجها وتعاني صراعًا عنيفًا مع زوجها لبضعة سنواتٍ قد تشعر بالراحة بعد الطلاق، ومع ذلك فهناك أدلةٌ متوافرةٌ على أن كلًّا منهما يعاني الكثير من الألم بعد الطلاق.

4-

يواجه المطلق "والمطلقة" أزمة هوية جديدة في محاولة بناء أسلوب جديد لحياته أو حياتها، ويرتبط ذلك بالمفاهيم الشائعة في الثقافة عن فئة المطلقين، واتجاهات الآخرين نحوهم، والتي تكون في كثير من الأحيان سالبة، وهو موقف لا يتفق في جوهره مع روح الإسلام -كما أشرنا- ولهذا كثيرًا ما نلاحظ على سلوك المطلقين أنه يتسم بالعزلة والتفرد والخوف من المخاطرة بتكوين علاقات اجتماعية.

5-

تنشأ عن الطلاق بعض المشكلات العملية؛ فالمراة المطلقة التي كانت أثناء زواجها متفرغة لرعاية بيتها وأطفالها قد تجبرها الظروف الاقتصادية على العمل، كما قد تنشأ علاقات والدية جديدة بين الزوجين السابقين في حالة وجود أطفال تنظمها قواعد حضانتهم.

ص: 405