المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خصائص نمو الوليد: - نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين

[آمال صادق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: الأسس العامة

- ‌الفصل الأول: طبيعة النمو الإنساني

- ‌مدخل

- ‌موضوع علم نفس النمو:

- ‌أهداف البحث في علم نفس النمو:

- ‌خصائص النمو الإنساني

- ‌النمو عملية تغير

- ‌ النمو عملية منتظمة:

- ‌ النمو عملية كلية:

- ‌ النمو عملية فردية:

- ‌ النمو عملية فارقة:

- ‌ النمو عملية مستمرة:

- ‌الفصل الثاني: أصول علم نفس النمو في ثقافة الغرب

- ‌أولاً: المنظور اليوناني للنمو الإنساني

- ‌ثانيًا: النمو الإنساني في العصور ر الوسطى في أوربا

- ‌ثالثًا: إحياء النزعة الإنسانية

- ‌رابعًا: النمو الإنساني في عصر التنوير في أوربا

- ‌خامسًا: المقدمات الاجتماعية والثقافية لدراسة النمو الإنساني

- ‌سادسًا: المقدمات العلمية لدراسة النمو الإنساني

- ‌سابعًا: ظهور علم نفس النمو الحديث

- ‌الفصل الثالث: نحو وجهة إسلامية لعلم نفس النمو

- ‌مدخل

- ‌أولًا: النمو الإنساني في القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: النمو الإنساني في السنة النبوية الشريفة

- ‌ثالثًا: النمو الإنساني عند الصحابة:

- ‌رابعًا: النمو الإنساني في الفقه الإسلامي

- ‌خامسًا: النمو في تراث علماء المسلمين وفلاسفتهم

- ‌الفصل الرابع: مناهج البحث في النمو الإنساني

- ‌مقدمة في طبيعة المنهج العلمي في البحث:

- ‌المنهج العلمي في البحث والتصور الإسلامي للمعرفة:

- ‌الملاحظة الطبيعية:

- ‌المنهج التجريبي:

- ‌المنهج شبه التجريبي

- ‌المنهج الارتباطي:

- ‌المنهج المقارن:

- ‌اختبار منهج البحث الملائم:

- ‌الفصل الخامس: النماذج النظرية للنمو الإنساني

- ‌الاتجاهات النظرية الوصفية

- ‌معايير النمو

- ‌مهام النمو:

- ‌الاتجاه نحو النماذج النظرية

- ‌مدخل

- ‌نموذج بياجيه في النمو المعرفي:

- ‌نموذج إريكسون في النمو الوجداني:

- ‌نموذج كولبرج في النمو الخلقلي الإجتماعي

- ‌تعليق عام على النماذج النظرية:

- ‌الباب الثاني: المرحلة الأولى لنمو الإنسان - أطوار الجنين

- ‌مدخل

- ‌الفصل السادس: تكوين النطفة

- ‌التكوين الأساسي للخلية

- ‌النطفة

- ‌مدخل

- ‌النطفة الأمشاج:

- ‌ميكانيزمات الوراثة

- ‌مدخل

- ‌كيف تنتقل الخصائص الوراثية:

- ‌صبغيات (كروموزمات) الجنس

- ‌وراثة الخصائص المرتبطة بالجنس:

- ‌الفصل السابع: أطوار نمو الجنين

- ‌أولًا: طور النطفة الأمشاج

- ‌ثانيًا: طور العلقة

- ‌ثالثًا: طور المضغة

- ‌رابعًا: طور تكوين العظام والعضلات "اللحم

- ‌خامسًا: طور التسوية

- ‌سادسًا: تعلم الأجنة

- ‌الفصل الثامن: رعاية الجنين والأم الحامل

- ‌العوامل المؤثرة في النمو خلال طور ماقبل الولادة

- ‌خصائص الأم

- ‌ التغذية:

- ‌ الأمراض:

- ‌ العقاقير والمخدرات:

- ‌ التدخين:

- ‌ مخاطر البيئة:

- ‌ آثار الوراثة "عامل الريصص

- ‌الباب الثالث: المرحلة الأولى لنمو الإنسان - أطوار الطفولة

- ‌مدخل

- ‌الفصل التاسع: طور الوليد (من الولادة حتى نهاية الأسبوع الثاني)

- ‌ولادة الطفل

- ‌مدخل

- ‌خبرة الولادة لدى الوليد:

- ‌الاتجاهات الوالدية إزاء الولادة:

- ‌اتجاهات الإخوة إزاء الوليد:

- ‌الاتجاهات نحو جنس الطفل:

- ‌الاتجاهات نحو التوائم:

- ‌خصائص نمو الوليد:

- ‌أحكام الشريعة الإسلامية بالنسبة لطور الوليد:

- ‌الفصل العاشر: طور الرضيع (من الولادة حتى نهاية العام الثاني)

- ‌مدخل

- ‌النمو الجسمي والحركي:

- ‌النمو الحسي والإدراكي:

- ‌نموّ الكلام:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الانفعالي:

- ‌النمو الاجتماعي:

- ‌نمو الشخصية:

- ‌بعض مشكلات طور الرضاعة:

- ‌الفصل الحادي عشر: طور الحضانة (من سن عامين إلى سن التميز)

- ‌النمو الجسمي والفسيولوجي

- ‌النموّ الحسي والإدراكي:

- ‌النموّ الحركي:

- ‌صحة الطفل ما قبل المدرسة:

- ‌النمو اللغوي:

- ‌النموّ العقلي المعرفي:

- ‌النمو الانفعالي والوجداني:

- ‌النموّ الاجتماعي:

- ‌اللعب في مرحلة الطفولة المبكرة:

- ‌النمو الخلقي:

- ‌نمو الشخصية:

- ‌الخبرات التعليمية في طور الحضانة:

- ‌الفصل الثاني عشر طور التمييز

- ‌النمو الجسمي والفسيولوجي

- ‌النمو الحركي:

- ‌أمراض طفل المدرسة:

- ‌النموّ اللغوي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الاجتماعي:

- ‌اللعب في مرحلة الطفولة المتأخرة:

- ‌النمو الانفعالي والوجداني:

- ‌النموّ الخلقي:

- ‌نموّ الشخصية:

- ‌دور المدرسة في طور التمييز:

- ‌الباب الرابع: المرحلة الأولى لنمو الإنسان أطوار المراهقة والشباب

- ‌مدخل

- ‌الفصل الثالث عشر: طور بلوغ الحلم "المراهقة

- ‌البلوغ الجنسي:

- ‌النمو الجسمي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الانفعالي:

- ‌النمو الاجتماعي:

- ‌النمو الخلقي والاهتمامات الدينية:

- ‌نمو الشخصية في مرحلة المراهقة المبكرة:

- ‌الفصل الرابع عشر: طور بلوغ السعي"الشباب

- ‌طبيعة طور بلوغ السعي (الشباب)

- ‌حدود طور بلوغ السعي "الشباب

- ‌التغيرات الجسمية في طور السعي:

- ‌النموّ العقلي المعرفي:

- ‌السلوك الانفعالي والوجداني ومشكلات الشباب:

- ‌السلوك الاجتماعي في طور السعي "الشباب

- ‌النمو الخلقي والاتجاهات الدينية في طور السعي:

- ‌نمو الشخصية في طور السعي ومسألة الهوية:

- ‌خاتمة المرحلة الأولى من حياة الأنسان:

- ‌الباب الخامس: المرحلة الثانية من الأنسان"قوة الرشد

- ‌الفصل الخامس عشر: حدود الرشد وأهمية مرحلة القوة في حياة الأنسان

- ‌مدخل

- ‌محكات الرشد:

- ‌الحدود العملية للرشد:

- ‌نشاة ونمو الاهتمام بسيكولوجية الراشدين:

- ‌الفصل السادس عشر: أطوار بلوغ الرشد "طور الرشد المبكر

- ‌الخصائص العامة:

- ‌النمو الجسمي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الخلقي:

- ‌نمو الشخصية والتوافق ومسألة الهوية:

- ‌الزواج والحياة الأسرية:

- ‌مفهوم الأسرة:

- ‌الزواج:

- ‌الطلاق:

- ‌النمو المهني:

- ‌عمالة الصغار وبطالة الكبار:

- ‌الفصل السابع عشر: طور بلوغ الرشد "وسط العمر

- ‌مدخل

- ‌الخصائص العامة:

- ‌النمو الجسمي

- ‌مدخل

- ‌الصحة والمرض:

- ‌النموّ الجنسي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌إبداع الراشدين:

- ‌نمو الشخصية

- ‌مدخل

- ‌الميول المهنية واللامهنية:

- ‌التوافق:

- ‌نمو الحياة الأسرية

- ‌مدخل

- ‌التوافق الزواجي:

- ‌النمو المهني:

- ‌الفصل الثامن عشر: التعلم مدى الحياة تعلم الراشدين"الكبار

- ‌تعلم الراشدين"الكبار" والمفاهيم المرتبطة

- ‌دافع التعلم عند الراشدين

- ‌تصنيف دوافع التعلم عند الراشدين

- ‌مثبطات التعلم عند الراشدين"التسرب

- ‌مشكلات المتعلمين الراشدين

- ‌القلق

- ‌ أوهام العمر:

- ‌ المستوى الاقتصادي والاجتماعي:

- ‌شروط التعلم عند الراشدين:

- ‌خاتمة حول العمر الثاني للإنسان:

- ‌الباب السادس: المرحلة الثالثة في حياة الإنسان"ضعف المسنين

- ‌الفصل التاسع عشر: حدود المرحلة الثالثة في حياة الإنسان

- ‌الشيخوخة في اللغة والثقافة:

- ‌حدود الشيخوخة

- ‌المحك العمري

- ‌نحو محكات أخرى للشيخوخة:

- ‌تاريخ البحث في ميدان المسنين:

- ‌موضوع سيكولوجية المسنين:

- ‌نظريات الشيخوخة والتقدم في السن

- ‌أولاً: النظريات البيولوجية

- ‌ثانيًا: النظريات النفسية الاجتماعية:

- ‌الفصل العشرون: طور الشيخوخة

- ‌التغيرات الجسمية

- ‌التغيرات الفسيولوجية

- ‌مدخل

- ‌الصحة والمرض في طور الشيخوخة:

- ‌التغير في الوظائف الحسية:

- ‌التغير في النشاط الحركي:

- ‌التغير العقلي المعرفي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: التدهور في القدرات العقلية

- ‌ثانيًا: بنية القدرات العقلية:

- ‌ثالثًا: نسبة الكفاءة ونسبة التدهور

- ‌حكمة الشيوخ

- ‌مدخل

- ‌الحكمة: قدرة القدرات الإنسانية

- ‌أمثلة من البحوث النفسية في الحكمة:

- ‌التقاعد

- ‌مفهوم التقاعد

- ‌قرار التقاعد:

- ‌عملية التقاعد:

- ‌التكيف للتقاعد:

- ‌الحياة الأسرية:

- ‌التوافق والشخصية في طور الشيخوخة:

- ‌عوامل التوافق في الشيخوخة وأنماطه:

- ‌ميول المسنين:

- ‌التغيرات في السلوك الاجتماعي:

- ‌الفصل الحادي والعشرون: طور أرذل العمر

- ‌مدخل

- ‌محكات بلوغ أرذل العمر

- ‌المحك الإسلامي

- ‌المحك المرضي:

- ‌ محك سوء التوافق:

- ‌التغيرات الجوهرية في طور أرذل العمر:

- ‌تصنيف الاضطرابات السلوكية

- ‌مدخل

- ‌أولًا: الاضطرابات الوظيفية

- ‌ثانيًا: الاضطرابات العضوية

- ‌الفصل الثاني والعشرون: رعاية المسنين

- ‌مدخل

- ‌ تعليم المسنين:

- ‌التدخل العلاجي

- ‌مدخل

- ‌خطوات التدخل العلاجي:

- ‌أساليب التدخل العلاجي النفسي:

- ‌الرعاية الشاملة للمسنين:

- ‌خاتمة الكتاب:

- ‌مراجع الكتاب:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌خصائص نمو الوليد:

‌خصائص نمو الوليد:

هذه المرحلة هي أقصر مراحل النموّ؛ فهي تبدأ مع الولادة، وتنتهي عندما يبلغ الطفل أسبوعين تقريبًا، وفي هذه المرحلة لا يحدث نموٌّ كبيرٌ، وإنما تحدث عدة صورٍ من التكيف مع الحياة الجديدة، ولذلك في العادة توصف مرحلة الوليد بأنها مرحلة هضبة في النمو، وهذا التكيف الذي أشرنا إليه يحدث عقب الولادة وقطع الحبل السري مباشرةً، ويتمثل في أربعة أنواع هي:

1-

تكيف للتغيرات في درجة الحرارة بعد الانتقال من درجة حرارة ثابتة في الرحم، إلى درجة متغيرة تتراوح بين 28، 37 درجة مئوية في المستشفى أو المنزل.

2-

تكيف لعملية التنفس، والذي يعني: اتساع الرئتين باعتبارهما مصدر الإمداد بالأوكسجين، بدلًا من المشيمة والحبل السريّ اللذين كان يعتمد عليهما الجنين في التنفس قبل الولادة.

3-

تكيف لعملية المصِّ والبلع باعتبارهما وسيلتا الحصول على الغذاء بعد الولادة، بدلًا من التغذية التي كان يتلقاها الجنين من المشيمة والحبل السري.

4-

تكيف لعملية الإخراج من خلال أجهزة التبول والتبرز، بدلًا من أن يكون ذلك خلال الحبل السري والمشيمة.

هذه الأنواع الأربعة من التكيّف عادةً ما تكون صعبة على الوليد، ويتضح ذلك من أن وزنه ينقص خلال الأسبوع الأول بعد الولادة الذي يستغرقه في هذه التكيفات، ثم يبدأ بعد ذلك في الزيادة، وقد يجد بعض الأطفال عملية التكيف هذه في غاية الصعوبة، وربما لذلك تكون أعلى نسبة وفياتٍ بين الأطفال في هذه الفترة.

وبالطبع توجد عدة عوامل تؤثر في تكيف الوليد لحياة ما بعد الولادة، هي على وجه الخصوص نوع الولادة، وصحة الأم، وحالتها الانفعالية فترة ما قبل الولادة، والظروف التي توجد في بيئة ما بعد الولادة، وهي عوامل تناولناها بالتفصيل فيما سبق.

ونعرض فيما يلي خصائص النمو خلال هذه الفترة القصيرة، وقبل ذلك، يجب أن نؤكد أن مولد الوليد لا يعني أن فترة حمله بالضرورة 280يومًا، فبعض الأطفال يولدون قبل الأوان، والبعض الآخر يولد بعده، وفي هذه الأحوال، فإن من الواضح أن نفس المستوى من النمو لن يظهر في جميع الأطفال حديثي الولادة.

ص: 198

1-

النمو الجسمي: عند الميلاد يكون وزن الوليد في المتوسط 1/2 7رطلًا "حوالي 4كيلو جرامات" وطوله 1/2 19 بوصة "حوالي 39سنتيمترًا"، ويكون الذكور أطول وأثقل قليلًا من الإناث، وتوجد بالطبع فروق فردية داخل الجنس الواحد في ذلك، وهذ الفروق تكون أكبر في الوزن منها في الطول، والاختلاف والتباين في الحجم لا يعتمد على الجنس بقدر اعتماده على العوامل الموجودة في بيئة ما قبل الولادة، وخاصة طعام الأم أثناء الحمل، وقد ناقشنا ذلك في الفصل السابق، ويسبب وجود علاقة بين نظام تغذية الأم أثناء الحمل وحجم الطفل عند الميلاد، نجد أن متوسط حجم أطفال المناطق المنخفضة في المستوى الاقتصادي والاجتماعي يكون أقل من أطفال المناطق المرتفعة في هذا المستوى، والطفل الأول يكون وزنه في العادة أقل من الطول والوزن من إخوته الذين يولدون بعده.

وخلال الأيام الأولى بعد الولادة ينقص وزن الطفل في العادة، ولو أن ذلك ليس قاعدة عامة، فمن الشائع أن ينقص الوزن بمقدار 6-7% من الوزن عند الميلاد، وفي اليوم العاشر بعد الميلاد تقريبًا يستعيد معظم الأطفال جزءًا كبيرًا من وزنهم المفقود، وقد سبق لنا أن فسرنا ذلك بظروف التكيف لبيئة ما بعد الولادة.

وتكون عضلات الوليد ملساء صغيرة، وصعبة التحكم فيها، ووقت الميلاد يكون النمو الحادث في عضلات الرقبة والساقين أقل من اليدين والذراعين، وتكون العظام شأنها شأن العضلات لينة ومرنة، ولذلك تكون سهلة التشوه، ويكون الجلد ناعمًا، ولونه أقرب إلى اللون القرنفلي، وكثيرًا ما نجد في الوليد شعرًا ناعمًا أزغب في الرأس والظهر، إلّا أنه سرعان ما يزول، وتكون الغدد الدمعية عند الولادة غير نشطة، إلّا أنه مع بلوغ الطفل يومه الخامس يبدأ في البكاء بدموع.

ومن حيث نسب الجسم نلاحظ أن الرأس تبلغ ربع طول الجسم تقريبًا، بمقارنتها برأس الراشد التي تبلغ حوالي 1/7 طول الجسم كله، وتكون منطقة الجمجمة أكبر بكثير من باقي الرأس، بينما تكون منطقة الذقن صغيرة جدًّا، وتكون الرقبة قصيرة جدًّا، ويبلغ حجم العينين درجة النضج تقريبًا، إلّا أن حركة العين لا تخضع للتحكم بسبب ضعف عضلاتها، وتكون الأنف صغيرة ومسطحة تقريبًا بالنسبة للوجه، ويبدو الفم كما لو كان فتحة ضيقة بسبب ضيق الشفتين. وفي الجذع تكون الأكتاف ضيقة، بينما تكون البطن كبيرة ومنتفخة، ومن حيث تناسب الأذرع والسيقان لدى أطفال هذه الفترة، نجدها أقصر من الرأس والجذع، وتكون الأيدي والأقدام صغيرة منمنمة.

ص: 199

2-

النمو الفسيولوجي: مع الميلاد تبدأ وظائف الجسم في العمل حتى تقوم بمهام الاتزان البدني "الهوميوستازى"، التي كان يقوم بها جسم الأم أثناء الحمل، وبالطبع فإن هذا النشاط يكون صعبًا عقب الولادة بسبب ضعف الجهاز العصبي المستقل، إلّا أن هذه الحالة سرعان ما تتغير مع النضج التدريجي لهذا الجهاز، ومن أسباب وفيات الأطفال في هذه المرحلة ضعف الاتزان البدني، ومع الولادة تبدأ وظائف التنفس في العمل. ومن الملاحظ على الوليد أن دقات قلبه تكون سريعة حتى يحافظ على ضغط الدم العادي مع قلب صغير الحجم، وتكون درجة حرارة الطفل أعلى من المعتاد، وتظهر حركات منعكس المصّ مع الميلاد، وبالطبع يتطلب الأمر بعض الوقت "عدة أسابيع" حتى ينتظم إيقاع الجوع، وبالتالي، فإن مطالب الجوع لدى الطفل حديث الولادة غير منتظمة، ليس بالنسبة للزمن فقط، وإنما بالنسبة للكمية أيضًا، كما أن وظائف الإخراج تبدأ في العمل بعد ساعات قليلة من الميلاد، ويتفاوت مقدار ما يخرجه الوليد من البول والبراز حسب الزمن والكمية أيضًا.

وينام الوليد حوالي 80% من الوقت، ولا يوقظه إلّا بعض المثيرات الداخلية؛ مثل: عدم الراحة، أو الألم، أو الجوع، ولا يؤثر فيه من المثيرات الخارجية إلّا الضوضاء الشديدة جدًّا، أو التغييرات المفاجئة في درجة الحرارة.

3-

حركات الوليد: يبدأ النشاط الحركي عند الإنسان مبكرًا أثناء فترة الحمل، ويزداد قوةً، ويصبح أكثر حدوثًا مع نمو الجنين، وبعد الولادة وخروج الجنين من الرحم تظهر بوضوح حركات الوليد التي تتسم بأنها غير متآزرة، وغير موجهة، بسبب عدم النضج الفسيولوجي العصبي، ولعل هذا أحد أسباب عجز الوليد، وبالرغم من الطبيعة العشوائية في حركات اليد، فإنها يمكن أن تنقسم إلى فئتين:

أ- النشاط الكتلى: ويشمل الحركات العامة للجسم كله، ومن الملاحظ أنه لو تعرَّض أيّ جزء من أجزاء جسم الوليد لمثيرٍ حسيٍّ تكون الاستجابة هي حركة الجسم كله، فمثلًا حين تستثار اليد اليسرى لا يحرك الطفل الذراع الأيسر فقط، وإنما الذراع الأيمن أيضًا، وقد يحرّك ساقيه، ويلوي جذعه، ويحرك رأسه ذات اليمين وذات الشمال، فإذا كان المثير شديدًا يصرخ أيضًا، وبسبب هذا النشاط الكتلي غير المميز، يبذل الوليد مقدارًا هائلًا من الطاقة، يُقَدَّرُ بضعفٍ أو ثلاثة أمثال ما يبذله الشخص الراشد، إذا وضعنا نسبة وزن كلٍّ منهما في الاعتبار، فإذا أضفنا إلى ذلك الصراخ، نجد أن الطفل سرعان ما يجهد ويتعب، ويزداد النشاط في حالات الجوع والألم وعدم الراحة، وأكثر أجزاء الجسم حركةً هي الجذع والساقان

ص: 200

وأقلها الرأس، ويتحرك الوليد بالطبع أثناء اليقظة أكثر منه أثناء النوم.

ب- النشاط النوعي، والذي يشتمل على أجزاء معينة محددة من الجسم، ومن هذه الأنشطة النوعية التي توجد منذ الميلاد، الأفعال المنعكسة1؛ كمنعكس الصراخ، وطرف العين، والشفتين، واللسان، والمصّ، وانتفاض الركبة، والانثناء، والعطش، وغيرها، وأول ما يظهر من هذه الأفعال المنعكسة ماله أهمية في المحافظة على بقاء الكائن الحي، أما الأفعال المنعكسة الأخرى الأخرى، التي ليس لها نفس الأهمية في بقاء الوليد، فإنها تظهر متأخرة نسبيًّا بعد الولادة بعدة ساعات أو أيام، ثم تختفي بعد أشهر قليلة، ومن أشهر هذه الأفعال المنعكسة منعكس بابينسكي Babinski "ثنى أصابع القدم"، ومنعكس داروين Darwin "القبض"، ومنعكس مورو Moro "العناق، والذي يظهر حين يستلقي الوليد على ظهره على مائدة أو حشية صلبة، فإنه يقذف ذراعيه في حركة أشبه بالعناق".

وتظهر أيضًا عند الميلاد استجابات عامة غير الأفعال المنعكسة "والتي تستخدم مجموعة من العضلات أكبر مما يستخدم في الأفعال المنعكسة" مثل: تثبيت البصر على الضوء، والحركات التلقائية للعين، وإفراز الدموع، واستجابات الأكل؛ كالمصِّ والبلع وحركات اللسان والشفتين ومصِّ الأصابع والحركات الإيقاعية للفم والفواق، بالإضافة إلى حركات تقطيب الحاجبين وتحريك الرأس وإدارة الجذع وانتفاض الجسم وحركات اليد والذراعين، وحركات الرفس وحركات الساقين والقدمين، وجميع هذه الحركات تكون غير تآزرية، وغير محددة وغير موجهة، ومع ذلك فهي مهمة؛ لأنها الأساس الذي تُبْنَى عليه الحركات الماهرة، التي تكون على أعلى درجات التآزر فيما بعد، نتيجة للتعلم.

4-

أصوات الوليد: يظهر الصراخ في العادة منذ الميلاد أو بعده بقليل، وصراخ الوليد هو فعلٌ منعكسٌ تمامًا، وينتج عن اندفاع الهواء بسرعةٍ إلى الأحبال الصوتية، مما يسبب حركتها، وله وظيفة فسيولوجية مباشرة، فوظيفةُ الصرخة الأولى عقب الميلاد، هي توسيع الرئتين؛ بحيث تسمحان بالتنفس وتزويد الدم بكمية الأوكسجين.

وبعد الميلاد بقليل تظهر هذه الصرخات تغيرات في الشدة والحدة والاستمرار، وعادةً ما تصبح لها معانٍ مرتبطة بالأحوال الفسيولوجية للوليد؛ مثل: الجوع والألم وعدم الراحة والتعب، ويصاحب صراخ الوليد حركات جسمية

1 الأفعال المنعكسة Refexes، هي استجابات محددة لمثيرات حسية خاصة، تظل ثابتة، وتصدر بشكل آليّ متكرر سريع، مع تكرار حدوث المثير.

ص: 201

مختلفة، وكلما زاد الصراخ حدةً زادت معه الحركات الجسمية، وهذه الحركات الجسمية التي تصاحب الصراخ تكون إشارةً إلى أن الوليد يريد الانتباه إليه، أي أنها تصبح نوعًا من الاتصال غير اللفظي، وبالإضافة إلى الصراخ، فإن الوليد قد يصدر أصواتًا انفجارية تشبه التنفس العميق، وتصدر دون أن يكون لها معنًى أو قصد، وإنما تحدث بالصدفة البحتة حينما تتصل الأحبال الصوتية بعضها ببعض، وتسمى هذه الأصوات قرقرات "وهي أشبه بصوت السائل الذي يمر فيه الهواء"، ثم تقوى هذه الأصوات وتتحول إلى ما يسمى المناغاة في المرحلة التالية، والتي تعتبر أساس الكلام.

5-

النمو الحسي: تنتاب دراسة النمو الحسيّ عند الوليد صعوبات منهجية خاصة، لعجز الوليد عن استخدام أسلوب التقرير الذاتي، وهو الأسلوب الأكثر شيوعًا في بحوث سيكلوجية الحواس، والمحكّ الوحيد للحكم على وجود النشاط الحسي أو عدم وجوده عند الوليد، هو الاستجابة الحركية لمثيرٍ حسيٍّ، ويقع على عضو الحس موضع الاهتمام "وهو المحك الذي استخدم مع الجنين أيضًا كما بينا في الفصل السابق" وذلك على الرغم من أن الباحث قد يصعب عليه التمييز أحيانًا بين ما إذا كانت الاستجابة الحركية صدرت نتيجة استثارة المثير، أو هي جزء من النشاط الكتلي العام للوليد، ومن ناحيةٍ أخرى، فإن عدم صدور الاستجابة لا يعني بالضرورة عدم وجود الإحساس، فربما يكون المثير المستخدم ضعيفًا، واستخدام المثيرات الأقوى قد يؤذي أعضاء الحسّ التي لا تزال رقيقة عند الوليد، ومع ذلك يمكن القول: إننا نعرف في الوقت الحاضر أن الطفل يكون قادرًا على التمييز الحسيّ منذ ميلاده، وخاصة بالنسبة لحاستي البصر والسمع؛ فبالنسبة للبصر نجد أن الشبكية في العين، والتي تحتوي على خلايا الإحساس البصري، لا تصل إلى نموها الكامل عند الميلاد، ومعنى ذلك أن الوليد قد يكون لديه عند الميلاد عمى ألوان كلي أوجزئي، وخلال الأسبوع من الميلاد يمكن لمعظم الأطفال الاستجابة للضوء بعلامات عدم الارتياح.

أما السمع: فيكون عند الميلاد في أدنى الدرجات، إذا قارنا هذه الحاسة بالحواس الأخرى؛ فمعظم الأطفال يكونون في حالة صمم كليٍّ تقريبًا عند الميلاد، ولعدة أيام، بسبب انسداد الأذن الوسطى بالسائل الأميني. فحتى الأصوات العالية القريبة من الأذن لا تنتج إلّا استجابات ضئيلة في أحسن الحالات، وتظهر علامات الاستجابة للصوت في الفترة من اليوم الثالث إلى اليوم السابع بعد الولادة.

أما حاستا الشم والذوق، فتكونان على درجة كبيرة من النموِّ عند الميلاد

ص: 202

وكذلك توجد الحساسية الجلدية للمس والضغط والحرارة والألم، وبعض أجزاء الجسم تكون أكثر حساسية من البعض الآخر، ولعل أشدها حساسية الشفاه، أما بالنسبة للحساسية العضوية، فإن تقلصات الجوع تكون على درجة كبيرة من النمو عند الولادة، وتظهر بعدها بوقت وجيز.

وبسبب القصور النسبي في نمو عضوي الحسِّ الأساسيين، وهما العين والأذن، فلا نتوقع للوليد أن يكون على درجة من الوعي بما يحدث في البيئة المحيطة به، فقد يكون" شعوره مضطربًا مختلطًا" على النحو الذي يصفه وليم جيمس. وبسبب أن عقل الوليد يختلف عن عقل الطفل الأكبر منه، وبسبب أن خبرته ترتبط بخبرته السابقة في الرحم، فإن الوليد يشعر بالعالم شعورًا مختلفًا، يشبهه كيرت كوفكا بما يحدث عندما يستمع الشخص غير الموسيقيّ لمقطوعة موسيقية بطريقة تختلف عن استماع الخبير بالموسيقى لها.

ونتيجةً لعدم توافر الوعي بالبيئة المحيطة، وعدم نموّ المخ بدرجة كافية، فإننا نستطيع أن نصف الوليد بأنه "كائن غير قادر على التعلم" وخاصة خلال الأيام الأولى من ولادته، ويصدق هذا على أبسط صور التعلم؛ كالتعلم الشرطي والتعلم الترابطي، إذا استثينا بعض صور الاشتراط، والتي تحدث في موقف التغذية.

6-

انفعالات الوليد: بسبب عدم التآزر في نشاط الوليد، فإن من غير المنطقيّ أن نتوقع أن تكون حالات الانفعالية عند الميلاد محددة تحديدًا دقيقًا في شكل انفعالات معينة، ولهذا نجد الباحثين في العادة يصنفون استجابات الوليد إلى نوعين: استجابات سارة وإيجابية، واستجابات غير سارة أو سالبة "Hurlock". ويمكن أن تظهر الاستجابات غير السارة بتغيير وضع الوليد بطريقة مفاجئة، أو بإحداث أصواتٍ مزعجةٍ عالية جدًّا أو مفاجئة، أو بتعطيل حركاته التلقائية، أو بوضعه في فراشٍ مبلل، أو وضع شيء بارد جدًّا على جلده. فقد لوحظ أنه يبكي ويصرخ استجابةً لمثل هذه المثيرات، أما الاستجابات السارة فيمكن إظهارها بالربت والهزّ والحضن والمصّ.

الواقع أن الاستجابات السارة أقلّ تحديدًا وأكثر غموضًا من الاستجابات غير السارة، وتقترب من حالات الهدوء والسكون أكثر من كونها حالات انفعالية، والخاصية المميزة للتكوين الانفعالي لدى الوليد هي عدم وجود تدرج في الاستجابات يشير إلى درجات مختلفة من الحدة، فمهما كان المثير، تكون الاستجابة الناتجة بنفس الدرجة من الحدة.

7-

بداية تكوين الشخصية: توجد أدلة على وجود فروق بين الأطفال

ص: 203