الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دافع التعلم عند الراشدين
…
دوافع التعلم عند الراشدين:
لعل السؤال الجوهريّ في ميدان تعلم الراشدين وتعليمهم هو: ما الذي يدفعهم إلى ذلك، وخاصة إذا كان التعلم هنا يعتمد في جوهره على حرية الإرادة والاختيار؟
من أشهر المسوح التي أجريت حول دوافع التعلم عند الراشدين، ما قام به المعهد القومي لتربية الراشدين في بريطانيا Education National lnstiute of Adudt ونشر عام 1970، وقد كشف هذا البحث عن بعض الصعوبات المنهجية في هذا الميدان، لعل أهمها:
1-
قد يشعر الراشد بالتردد في ذكر دافع واحد للتعلُّم باعتباره الأكثر أهمية من الدوافع الأخرى.
2-
قد يرغب الراشد في أن يخفي الدافع الحقيقي للتعلُّم، والذي قد يشعر أن الآخرين ربما يرفضونه.
3-
قد يتأثر الراشد بعامل المرغوبية الاجتماعية Social desirability حين يعتقد أن هناك دوافع لها احترام تربوي أكثر من غيرها.
4-
قد لا يكون الراشد واعيًا بدوافعه الحقيقية للتعلُّم، فربما يكون دافعه الظاهريّ مهنيًّا، بينما دافعه الحقيقي اجتماعيّ.
وتوجد مجموعة من الحقائق الهامة تجب الإشارة إليها في هذا الصدد، وأول هذه الحقائق أن جميع الدوافع المعروفة في تعلُّم الأطفال والمراهقين تعتبر سطحية عند الراشدين؛ فإذا كان دافع التعلُّم الأساسي لدى الصغار هو دافع الإنجاز مثلًا "كما يتمثل في النجاح والتفوق المدرسي"، فإن هذا الدافع لدى الراشدين هو تحقيق الحاجة إلى الإنفاق.
والحقيقية الثانية في موضوع دوافع الراشدين للتعلُّم، هي أن الراشدين يكونون عادةً أكثر دافعية من الصغار؛ فالكبار أكثر توجهًا نحو الاستقلال والاعتماد على الذات، وأدوارهم أكثر تعددًا، وخبراتهم أكثر تنوعًا، كما أنهم أكثر توجهًا بالمشكلات "Boshier، 1985".
والحقيقة الثالثة: أن الدور التربوي الأساسي للطفل والمراهق والشاب، هو دور المتعلِّم الذي يمكن أن يتفرغ له، أما بالنسبة إلى الراشدين فإن التفرغ لهذا الدور يكاد يكون مستحيلًا، ولهذا فإن دوافعهم للتعلُّم تشتق من أدوار الرشد المتعددة: الزوج، الوالد، العامل، المواطن، إلخ، وهي أدوار تتفاعل فيها الحاجات الشخصية مع الحاجات الاجتماعية والمجتمعية، ولهذا فإن دافع التعلُّم لدى الراشدين لا تقبل الاختزال إلى دافع واحد، وإنما هي متفاعلة متداخلة.
بنية دافعية التعلُّم لدى الراشدين:
من الدراسات المبكرة التي أُجْرِيَتْ على دوافع الراشدين للتعلُّمِ تلك التي قام بها "Houle، 1961"، وفيها ميَّزَ بين ثلاثة أنماطٍ من الدافع هي:
1-
التوجه بالهدف: وفيه يستخدم الراشد التعليم كوسيلة لإحراز أهداف
واضحة إلى حَدٍّ ما.
2-
التوجه بالنشاط: وفيه يشارك الراشد في التعليم بسبب ما في أنشطته من معنى قد لا يرتبط بالضرورة بالمحتوى أو الأغراض المعلنة.
3-
التوجه بالتعلُّم: وفيه ينشد الراشد اكتساب المعرفة أو المهارة في ذاتها.
وقد استند "Boshier، 1971، 1984" إلى هذا التصور المبدئي، وصمَّمَ مقياسًا للمشاركة التربوية Educatiln Patricipation Scale، طبَّقَهُ على عيناتٍ كبيرةٍ من الراشدين في ثقافاتٍ وبيئاتٍ مختلفةٍ طوال السبعينات والثمانيات، وحلَّلَ النتائج باستخدام أسلوب التحليل العاملي، وتوصل إلى ستة عوامل تمثل الأنماط الأساسية لدوافع الراشدين للتعلُّمِ، وهذه العوامل الستة هي:
1-
الاتصال الاجتماعي Social contact: حيث يشارك الراشدون في برامج التعلُّمِ بهدف تكوين وتدعيم صداقات وعلاقات اجتماعية، والبحث عن التَّقَبُّلِ من الآخرين، فالمشاركة أساسها الحاجة إلى أنشطة جماعية ملائمة.
2-
الاستثارة الاجتماعية Social stimuation: فالهدف في هذه الحالة من التحاق الراشدين ببرامج التعلُّمِ هو التخفف من السأم والملل، والتغلُّب على إحباطات الحياة اليومية -والتحرر- ولو لبعض الوقت- من المسئوليات الروتينية.
3-
الترقي المهني Professional Advancement: فالتعلم في هذه الحالة يعتمد على الرغبة في تحسين الأحوال المهنية للراشد، وتحقيق درجةٍ من الترقي والنمو في مجال العمل.
4-
خدمة المجتمع Community Sirvici: فالرغبة في التعلُّمِ هنا تعتمد على السعي لتنشيط دور المواطنة لدى الراشد، وإنما قدرته على المشاركة في العمل المجتمعي.
5 التوقعات الخارجية External Expectations: فالراشد يلتحق ببرامج التعليم في هذه الحالة تحقيقًا لرغبات أو مطالب الآخرين "جمعية مهنية، نقابة، سلطة منح ترخيص مزاولة المهنة، أخصائي نفسي، صاحب العمل، إلخ".
6-
الاهتمام المعرفي: Cognitive lnterest: حيث يهتم الراشدون بالتعلُّمِ في ذاته ولذاته؛ حيث يوجهه البحث عن المعرفة وإرضاء الحاجة إلى الاستطلاع والاستكشاف والتساؤل والتقصي.