المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌النموّ اللغوي: باتساع عالم الطفل يكتشف أن الكلام أداةٌ هامةٌ في - نمو الإنسان من مرحلة الجنين إلى مرحلة المسنين

[آمال صادق]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: الأسس العامة

- ‌الفصل الأول: طبيعة النمو الإنساني

- ‌مدخل

- ‌موضوع علم نفس النمو:

- ‌أهداف البحث في علم نفس النمو:

- ‌خصائص النمو الإنساني

- ‌النمو عملية تغير

- ‌ النمو عملية منتظمة:

- ‌ النمو عملية كلية:

- ‌ النمو عملية فردية:

- ‌ النمو عملية فارقة:

- ‌ النمو عملية مستمرة:

- ‌الفصل الثاني: أصول علم نفس النمو في ثقافة الغرب

- ‌أولاً: المنظور اليوناني للنمو الإنساني

- ‌ثانيًا: النمو الإنساني في العصور ر الوسطى في أوربا

- ‌ثالثًا: إحياء النزعة الإنسانية

- ‌رابعًا: النمو الإنساني في عصر التنوير في أوربا

- ‌خامسًا: المقدمات الاجتماعية والثقافية لدراسة النمو الإنساني

- ‌سادسًا: المقدمات العلمية لدراسة النمو الإنساني

- ‌سابعًا: ظهور علم نفس النمو الحديث

- ‌الفصل الثالث: نحو وجهة إسلامية لعلم نفس النمو

- ‌مدخل

- ‌أولًا: النمو الإنساني في القرآن الكريم:

- ‌ثانيًا: النمو الإنساني في السنة النبوية الشريفة

- ‌ثالثًا: النمو الإنساني عند الصحابة:

- ‌رابعًا: النمو الإنساني في الفقه الإسلامي

- ‌خامسًا: النمو في تراث علماء المسلمين وفلاسفتهم

- ‌الفصل الرابع: مناهج البحث في النمو الإنساني

- ‌مقدمة في طبيعة المنهج العلمي في البحث:

- ‌المنهج العلمي في البحث والتصور الإسلامي للمعرفة:

- ‌الملاحظة الطبيعية:

- ‌المنهج التجريبي:

- ‌المنهج شبه التجريبي

- ‌المنهج الارتباطي:

- ‌المنهج المقارن:

- ‌اختبار منهج البحث الملائم:

- ‌الفصل الخامس: النماذج النظرية للنمو الإنساني

- ‌الاتجاهات النظرية الوصفية

- ‌معايير النمو

- ‌مهام النمو:

- ‌الاتجاه نحو النماذج النظرية

- ‌مدخل

- ‌نموذج بياجيه في النمو المعرفي:

- ‌نموذج إريكسون في النمو الوجداني:

- ‌نموذج كولبرج في النمو الخلقلي الإجتماعي

- ‌تعليق عام على النماذج النظرية:

- ‌الباب الثاني: المرحلة الأولى لنمو الإنسان - أطوار الجنين

- ‌مدخل

- ‌الفصل السادس: تكوين النطفة

- ‌التكوين الأساسي للخلية

- ‌النطفة

- ‌مدخل

- ‌النطفة الأمشاج:

- ‌ميكانيزمات الوراثة

- ‌مدخل

- ‌كيف تنتقل الخصائص الوراثية:

- ‌صبغيات (كروموزمات) الجنس

- ‌وراثة الخصائص المرتبطة بالجنس:

- ‌الفصل السابع: أطوار نمو الجنين

- ‌أولًا: طور النطفة الأمشاج

- ‌ثانيًا: طور العلقة

- ‌ثالثًا: طور المضغة

- ‌رابعًا: طور تكوين العظام والعضلات "اللحم

- ‌خامسًا: طور التسوية

- ‌سادسًا: تعلم الأجنة

- ‌الفصل الثامن: رعاية الجنين والأم الحامل

- ‌العوامل المؤثرة في النمو خلال طور ماقبل الولادة

- ‌خصائص الأم

- ‌ التغذية:

- ‌ الأمراض:

- ‌ العقاقير والمخدرات:

- ‌ التدخين:

- ‌ مخاطر البيئة:

- ‌ آثار الوراثة "عامل الريصص

- ‌الباب الثالث: المرحلة الأولى لنمو الإنسان - أطوار الطفولة

- ‌مدخل

- ‌الفصل التاسع: طور الوليد (من الولادة حتى نهاية الأسبوع الثاني)

- ‌ولادة الطفل

- ‌مدخل

- ‌خبرة الولادة لدى الوليد:

- ‌الاتجاهات الوالدية إزاء الولادة:

- ‌اتجاهات الإخوة إزاء الوليد:

- ‌الاتجاهات نحو جنس الطفل:

- ‌الاتجاهات نحو التوائم:

- ‌خصائص نمو الوليد:

- ‌أحكام الشريعة الإسلامية بالنسبة لطور الوليد:

- ‌الفصل العاشر: طور الرضيع (من الولادة حتى نهاية العام الثاني)

- ‌مدخل

- ‌النمو الجسمي والحركي:

- ‌النمو الحسي والإدراكي:

- ‌نموّ الكلام:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الانفعالي:

- ‌النمو الاجتماعي:

- ‌نمو الشخصية:

- ‌بعض مشكلات طور الرضاعة:

- ‌الفصل الحادي عشر: طور الحضانة (من سن عامين إلى سن التميز)

- ‌النمو الجسمي والفسيولوجي

- ‌النموّ الحسي والإدراكي:

- ‌النموّ الحركي:

- ‌صحة الطفل ما قبل المدرسة:

- ‌النمو اللغوي:

- ‌النموّ العقلي المعرفي:

- ‌النمو الانفعالي والوجداني:

- ‌النموّ الاجتماعي:

- ‌اللعب في مرحلة الطفولة المبكرة:

- ‌النمو الخلقي:

- ‌نمو الشخصية:

- ‌الخبرات التعليمية في طور الحضانة:

- ‌الفصل الثاني عشر طور التمييز

- ‌النمو الجسمي والفسيولوجي

- ‌النمو الحركي:

- ‌أمراض طفل المدرسة:

- ‌النموّ اللغوي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الاجتماعي:

- ‌اللعب في مرحلة الطفولة المتأخرة:

- ‌النمو الانفعالي والوجداني:

- ‌النموّ الخلقي:

- ‌نموّ الشخصية:

- ‌دور المدرسة في طور التمييز:

- ‌الباب الرابع: المرحلة الأولى لنمو الإنسان أطوار المراهقة والشباب

- ‌مدخل

- ‌الفصل الثالث عشر: طور بلوغ الحلم "المراهقة

- ‌البلوغ الجنسي:

- ‌النمو الجسمي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الانفعالي:

- ‌النمو الاجتماعي:

- ‌النمو الخلقي والاهتمامات الدينية:

- ‌نمو الشخصية في مرحلة المراهقة المبكرة:

- ‌الفصل الرابع عشر: طور بلوغ السعي"الشباب

- ‌طبيعة طور بلوغ السعي (الشباب)

- ‌حدود طور بلوغ السعي "الشباب

- ‌التغيرات الجسمية في طور السعي:

- ‌النموّ العقلي المعرفي:

- ‌السلوك الانفعالي والوجداني ومشكلات الشباب:

- ‌السلوك الاجتماعي في طور السعي "الشباب

- ‌النمو الخلقي والاتجاهات الدينية في طور السعي:

- ‌نمو الشخصية في طور السعي ومسألة الهوية:

- ‌خاتمة المرحلة الأولى من حياة الأنسان:

- ‌الباب الخامس: المرحلة الثانية من الأنسان"قوة الرشد

- ‌الفصل الخامس عشر: حدود الرشد وأهمية مرحلة القوة في حياة الأنسان

- ‌مدخل

- ‌محكات الرشد:

- ‌الحدود العملية للرشد:

- ‌نشاة ونمو الاهتمام بسيكولوجية الراشدين:

- ‌الفصل السادس عشر: أطوار بلوغ الرشد "طور الرشد المبكر

- ‌الخصائص العامة:

- ‌النمو الجسمي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌النمو الخلقي:

- ‌نمو الشخصية والتوافق ومسألة الهوية:

- ‌الزواج والحياة الأسرية:

- ‌مفهوم الأسرة:

- ‌الزواج:

- ‌الطلاق:

- ‌النمو المهني:

- ‌عمالة الصغار وبطالة الكبار:

- ‌الفصل السابع عشر: طور بلوغ الرشد "وسط العمر

- ‌مدخل

- ‌الخصائص العامة:

- ‌النمو الجسمي

- ‌مدخل

- ‌الصحة والمرض:

- ‌النموّ الجنسي:

- ‌النمو العقلي المعرفي:

- ‌إبداع الراشدين:

- ‌نمو الشخصية

- ‌مدخل

- ‌الميول المهنية واللامهنية:

- ‌التوافق:

- ‌نمو الحياة الأسرية

- ‌مدخل

- ‌التوافق الزواجي:

- ‌النمو المهني:

- ‌الفصل الثامن عشر: التعلم مدى الحياة تعلم الراشدين"الكبار

- ‌تعلم الراشدين"الكبار" والمفاهيم المرتبطة

- ‌دافع التعلم عند الراشدين

- ‌تصنيف دوافع التعلم عند الراشدين

- ‌مثبطات التعلم عند الراشدين"التسرب

- ‌مشكلات المتعلمين الراشدين

- ‌القلق

- ‌ أوهام العمر:

- ‌ المستوى الاقتصادي والاجتماعي:

- ‌شروط التعلم عند الراشدين:

- ‌خاتمة حول العمر الثاني للإنسان:

- ‌الباب السادس: المرحلة الثالثة في حياة الإنسان"ضعف المسنين

- ‌الفصل التاسع عشر: حدود المرحلة الثالثة في حياة الإنسان

- ‌الشيخوخة في اللغة والثقافة:

- ‌حدود الشيخوخة

- ‌المحك العمري

- ‌نحو محكات أخرى للشيخوخة:

- ‌تاريخ البحث في ميدان المسنين:

- ‌موضوع سيكولوجية المسنين:

- ‌نظريات الشيخوخة والتقدم في السن

- ‌أولاً: النظريات البيولوجية

- ‌ثانيًا: النظريات النفسية الاجتماعية:

- ‌الفصل العشرون: طور الشيخوخة

- ‌التغيرات الجسمية

- ‌التغيرات الفسيولوجية

- ‌مدخل

- ‌الصحة والمرض في طور الشيخوخة:

- ‌التغير في الوظائف الحسية:

- ‌التغير في النشاط الحركي:

- ‌التغير العقلي المعرفي

- ‌مدخل

- ‌أولًا: التدهور في القدرات العقلية

- ‌ثانيًا: بنية القدرات العقلية:

- ‌ثالثًا: نسبة الكفاءة ونسبة التدهور

- ‌حكمة الشيوخ

- ‌مدخل

- ‌الحكمة: قدرة القدرات الإنسانية

- ‌أمثلة من البحوث النفسية في الحكمة:

- ‌التقاعد

- ‌مفهوم التقاعد

- ‌قرار التقاعد:

- ‌عملية التقاعد:

- ‌التكيف للتقاعد:

- ‌الحياة الأسرية:

- ‌التوافق والشخصية في طور الشيخوخة:

- ‌عوامل التوافق في الشيخوخة وأنماطه:

- ‌ميول المسنين:

- ‌التغيرات في السلوك الاجتماعي:

- ‌الفصل الحادي والعشرون: طور أرذل العمر

- ‌مدخل

- ‌محكات بلوغ أرذل العمر

- ‌المحك الإسلامي

- ‌المحك المرضي:

- ‌ محك سوء التوافق:

- ‌التغيرات الجوهرية في طور أرذل العمر:

- ‌تصنيف الاضطرابات السلوكية

- ‌مدخل

- ‌أولًا: الاضطرابات الوظيفية

- ‌ثانيًا: الاضطرابات العضوية

- ‌الفصل الثاني والعشرون: رعاية المسنين

- ‌مدخل

- ‌ تعليم المسنين:

- ‌التدخل العلاجي

- ‌مدخل

- ‌خطوات التدخل العلاجي:

- ‌أساليب التدخل العلاجي النفسي:

- ‌الرعاية الشاملة للمسنين:

- ‌خاتمة الكتاب:

- ‌مراجع الكتاب:

- ‌محتويات الكتاب:

الفصل: ‌ ‌النموّ اللغوي: باتساع عالم الطفل يكتشف أن الكلام أداةٌ هامةٌ في

‌النموّ اللغوي:

باتساع عالم الطفل يكتشف أن الكلام أداةٌ هامةٌ في السلوك الاجتماعي، ويدفعه ذلك إلى إتقان الكلام، وكذلك يتعلم أن الصور البسيطة من الاتصال مثل الصراخ والإيماءات ليست مقبولةً اجتماعيًّا، ويعطيه هذا حافزًا إضافيًّا لتحسين قدرته على الكلام، بالإضافة إلى أن المدرسة تؤكد على النواحي اللغوية مثل حصيلة المفردات وبناء الجمل، وحين يتعلم الطفل القراءة يضيف إلى مفرداته اللغوية إضافاتٍ جديدةٍ، ويصبح أكثر ألفةً بالنمط الصحيح للكلمات والبناء الصحيح للجمل.

ويتوقف النموّ اللغوي في هذه المرحلة على عوامل كثيرةٍ؛ منها المستوى العقلي، والمركز الاجتماعي والاقتصادي والجنس، وبالنسبة للجنس يُلَاحَظُ أن الذكور في هذه المرحلة أقلّ من الإناث في المحصول اللغوي، وفي صحة بناء الجمل، وفي القدرة على التعبير عن المعاني، كما أن لديهن نقائص كلامية أكثر من البنات.

وكما هو الحال بالنسبة لكل مرحلة، فإن فهم الطفل للكلمات يتفوق على استعماله لها، فهو يعرف معاني كثيرة بطريقة غامضة، ويمكنه أن يفهمها عندما تستخدم الكلمة في ارتباطها بكلماتٍ أخرى، ولكنه لا يعرف تلك المعاني بحيث يمكنه استخدامها بنفسه، وخلال هذه المرحلة يتزايد المحصول اللغوي العام زيادةً كبيرةً، فمن دارسته في المدرسة، وقراءته، واستماعه للآخرين والراديو، ومشاهدته للتليفزيون، ينشئ الطفل المفردات التي يستخدمها في كلامه وكتابته، ويُقَدَّرُ عدد الكلمات التي يعرفها الطفل الذي ينهي الصف الأول الابتدائي بما يقع بين 20 ألف و24 ألف كلمة، أي بنسبة 5% إلى 6% من كلمات معجم عادي، وحين يصل إلى الصف السادس الابتدائي يصل محصوله اللغوي حوالي 50 ألف كلمة.

ولا يقتصر الأمر على أن الطفل يتعلم كلمات جديدة كثيرة، ولكنه بالإضافة إلى ذلك يتعلم معانٍ جديدة للكلمات القديمة، وبالتالى تزداد مفرداته ثراءً، كما يتمُّ تعلم الكلمات ذات المعاني المحدودة والخاصة، وتظهر في هذا الجانب فروقٌ بين الجنسين أيضًا؛ فمفردات الألوان عند البنات مثلًا أكثر منها عند البنين، بسبب اهتمام البنات بالألوان، كما يتفوق الذكور على الإناث في الكلمات الجافة التي قد يكون بعضها بذيئًا، وبالطبع فإن عدد الكلمات التي يعرفها الطفل بدرجة كافية بحيث يستخدمها في كلامه وكتابته، تحدد إلى حَدٍّ كبير نجاحه في المدرسة.

ص: 255

وتظهر في هذه المرحلة صورة جديدة من اللغة، هي ما يسمى باللغة السرية، والتي يستخدمها الطفل في اتصاله بأصدقائه المقربين، وتتخذ اللغة السرية شكل تشويه للكلام العادي، أو قد تكون محاكاة للغة السرية كما تستخدم عند الطفل الأكبر، وتتكون هذه اللغة في شكلها المكتوب من شفرةٍ تتألف من رموز أو رسوم للتعبير عن كلماتٍ أو أفكارٍ كاملة، كما قد تكون لغة حركية تتكون في الأغلب من استخدام الإشارات والإيماءات، ومن تكوين كلماتٍ بواسطة الأصابع، كما هو الحال في لغة الصم والبكم، وتستخدم البنات اللغة السرية أكثر من الذكور، ويقضين وقتًا أطول في تأليف رموزٍ جديدة وإشارات للكلمات، وابتداءً من سن العاشرة حتى مرحلة المراهقة المبكرة، تُعَدُّ الفترة التي يصل فيها استخدام اللغة السرية إلى قمتها، رغم أن معظم الأطفال يبدأ في استخدام هذ اللغة السرية ابتداءً من الصف الثاني من المرحلة الابتدائية، وعلى خلاف مرحلة الطفولة المبكرة، فإن الطفل هنا يستطيع أن ينطق الكلمات صحيحة بدون أخطاء، فيما عدا الأطفال الذين لديهم عيوب كلامية. والكلمة الجديدة التي يسمعها الطفل لأول مرةٍ قد ينطقها خطأً عند استخدامها، ولكن بعد الاستماع إلى النطق الصحيح مرةً أخرى، أو أكثر، يكون قادرًا على النطق الصحيح لها، والطفل في هذه المرحلة لديه ميلٌ إلى التحدث بصوتٍ عالٍ كما لو كان المستمع إليه أصم، وهذه الظاهرة لا تؤثر في المستمع إليه بعدم التقبل له، أو الرفض للاستماع إليه فحسب، ولكنها قد تؤدي إلى الخشونة في صوت الطفل أيضًا، وعادة ما يلجأ الأولاد إلى هذا لأنهم يعتقدون أن التحدث بصوتٍ هادئٍ رخيمٍ خاصية "أنثوية".

وطفل العام السادس لديه القدرة على التحكم في كل أنواع أبنية الجمل، وابتداءً من هذا العام وحتى العام التاسع أو العاشر من العمر، يتزايد بالتدرج طول الجمل التي يستخدمها، وبعد سن التاسعة يبدأ الطفل مرةً أخرى في استخدام الجمل الأقصر والأدق، وعند التحدث مع الأطفال الآخرين يستخدم أشباه الجمل بدلًا من الجمل الكاملة. ويُعَدُّ تكوين الجمل الصحيحة من الأعمال الصعبة في ثقافتنا العربية، بسبب الازدواج اللغوي الذي نعيشه بين العامية والفصحى، فإن طفل المدرسة الابتدائية يقع كثيرًا في الأخطاء النحوية حتى بعد تعلمها في الصفوف المتأخرة من المرحلة الابتدائية، وقد يرجع ذلك إلى سوء تدريس النحو لطلاب هذه المرحلة.

أما عن عيوب الكلام فليست بنفس الدرجة التي عليها في المرحلة السابقة، فالتهتهة واللجلجلة وإبدال الحروف وكل صور الحبسة التي تظهر عند الطفل في مراحل نموّه السابقة، قد تظل كما هي بمرور الزمن ما لم تبذل جهود علاجية

ص: 256

لتصحيحها، ولأن هذه الاضطرابات جميعًا تعود بأصولها إلى التوتر العصبي، فإنها قد تزداد سوءًا بدخول الطفل المدرسة الابتدائية، بسبب الارتباك الذي سوف يعانيه حين يضحك الأطفال على طريقته في الكلام، وما لم يكن هناك سبب عضويّ محدد؛ مثل وجود مسافة بين السنتين الأماميتين العلويتين، أو سوء في انطباق الفكين يمكن أن يعالجه ظهور الأسنان الدائمة للطفل، فإن العيوب الكلامية الأخرى التي تنشأ عن أسبابٍ أخرى لا بُدَّ أن تحظى بدراسة طبية ونفسية خاصة.

أمَّا عن محتوى كلام الطفل في هذه المرحلة، فإنه أقلّ تمركزًا حول الذات من الطفل في المرحلة السابقة، وانتقاله من التمركز حول الذات إلى ما يسميه بياجيه: اللغة الاجتماعية، لا يعتمد فقط على العمر، وإنما على بعض سمات شخصية الطفل التي تكون قد تحددت في هذه المرحلة، وما إذا كانت سمات من النوع المتمركز حول الذات أو من النوع الاجتماعي، كما تعتمد على الاتصالات الاجتماعية التي يقوم بها، وعلى حجم الجماعات التي يتحدث معها أو إليها، فكلما زاد حجم الجماعة تحولت لغته إلى الوجهة الاجتماعية، وحين يكون الطفل مع أقرانه تكون لغته أكثر اجتماعية مما لو كان مع الكبار والراشدين.

وعلى الرغم من أن الأطفال يمكنهم التحدث في أيِّ موضوع، فإن من الموضوعات المفضلة التي يتحدثون فيها معًا في هذا السن هي خبراتهم الخاصة، وحياة المنزل والأسرة، والألعاب الرياضية، واللعب والسينما، ونشاط الشلل والجنس، والأعضاء الجنسية والحوادث.

ويشعر الطفل بحريةٍ أكثر في مناقشة هذه الموضوعات والتعبير عن آرائه حولها حين لا يوجد الكبار، وحين يعبر طفل هذه المرحلة عن نفسه ويتباهى "بل قد يتبجح" بها، فإن مصادر مباهاته ليس ما لديه من نواحي مادية، وإنما حول مهاراته في الألعاب وقوته، وسلوك الزهو أكثر شيوعًا في الفترة بين سن 9 و12 سنة وخاصة بين الأولاد.

ويحب الطفل في هذ المرحلة أن ينتقد الآخرين ويسخر منهم، وقد يلجأ إلى ذلك صراحة أو خفية، وحين ينقد الكبار يلجأ إلى ذلك في صورة شكوى أو اقتراح، أما نقد الأطفال من أقرانه، فإنه يأخذ شكل السباب أو السخرية أو المضايقة، وبدراسة كلام الطفل في هذه المرحلة نجدُ الأسئلة أصبحت أكثر تحديدًا في صيغتها من أسئلة طفل المرحلة السابقة، وتصل أسئلة "لماذا" إلى قمتها في الصفين الثاني والثالث الابتدائي، أما الأنواع الأخرى من الأسئلة، وخاصة أسئلة "ماذا"، فتكون أكثر حدوثًا من المرحلة السابقة، كما يحتوي كلام طفل هذه المرحلة على كثيرٍ من الأوامر والتعليمات.

ص: 257