الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
في النفقة على اللقيط
المبحث الأول
في الجهة ا لتي تجب عليها نفقة اللقيط
[م-2082] نص الفقهاء على أن نفقة اللقيط تكون في ماله إن وجد معه مال، أو وهب له، أو كان مستحقا في مال عام كالأموال الموقوفة على اللقطاء أو الموصى بها لهم على خلاف بين الفقهاء هل يتولى الملتقط الإنفاق بنفسه مع القدرة على مراجعة الحاكم، أو لابد من مراجعة الحاكم في النفقة، لأنه ليس له ولاية على اللقيط، والخلاف فيها كالخلاف في الإنفاق على اللقطة، وقد تقدم
(1)
.
° وجه وجوب النفقة عليه في ماله:
إنما وجبت عليه النفقة في ماله إذا كان له مال قياساً على نفقة الطفل إذا كان له مال، فإنها تجب في ماله دون مال أبيه، فهذا أولى.
[م-2083] وإذا لم يكن له مال عام ولا خاص، فلا تجب النفقة على الملتقط، وحكي الإجماع على ذلك، قال ابن المنذر:
(1)
تحفة الفقهاء (3/ 352)، حاشية ابن عابدين (4/ 270)، المبسوط (10/ 214)، الذخيرة للقرافي (9/ 132)، القوانين ا لفقهية (ص: 225)، الخرشي (7/ 131)، الشرح الكبير للدردير (4/ 125)، الحاوي الكبير (8/ 37)، نهاية المطلب (8/ 508).
«أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن نفقة اللقيط غير واجبة على الملتقط كوجوب نفقة ولد إن كان له»
(1)
.
ولأن أسباب وجوب النفقة من القرابة، والزوجية والملك، والولاء، منتفية، والالتقاط إنما هو تخليص له من الهلاك، وتبرع بحفظه، فلا يوجب ذلك النفقة.
[م-2084] وقد اختلف العلماء في الجهة التي يجب أن تنفق على اللقيط على قولين:
القول الأول:
أنه ينفق عليه من بيت المال، وهو مذهب الجمهور من الحنفية، والمالكية، والشافعية في أظهر القولين، والحنابلة
(2)
.
قال بعض الشافعية: ولو كان محكومًا بكفره
(3)
.
جاء في مغني المحتاج: «فإن لم يعرف له أي اللقيط مال عام ولا خاص فالأظهر أنه ينفق عليه من بيت المال من سهم المصالح بلا رجوع كما صرح به
(1)
الإشراف (6/ 359).
(2)
تحفة الفقهاء (3/ 352)، بدائع الصنائع (6/ 198)، تبيين الحقائق (3/ 297)، الجوهرة النيرة (1/ 353)، حاشية ابن عابدين (4/ 270)، الشرح الكبير (4/ 124 - 125)، الخرشي (7/ 131)، الذخيرة (9/ 132)، القوانين الفقهية (ص: 225)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/ 179)، المهذب (1/ 435)، مغني المحتاج (2/ 421)، أسنى المطالب (2/ 498)، نهاية المحتاج (5/ 453)، نهاية المطلب (8/ 509)، روضة الطالبين (5/ 425)، المغني (6/ 37)، الإنصاف (6/ 433)، الكافي لابن قدامة (2/ 364).
(3)
انظر نهاية المحتاج (5/ 453).
في الروضة»
(1)
.
وفي الإنصاف: «وينفق عليه من بيت المال إن لم يكن معه ما ينفق عليه بلا نزاع»
(2)
.
° دليل من قال: نفقته من بيت المال:
الدليل الأول:
(ث-316) ما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب،
عن سنين أبي جميلة رجل من بني سليم، أنه وجد منبوذا في زمان عمر بن الخطاب، قال: فجئت به إلى عمر بن الخطاب، فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال: وجدتها ضائعة فأخذتها، فقال له عريفه: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح، فقال له عمر: أكذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: «اذهب فهو حر، ولك ولاؤه وعلينا نفقته
(3)
.
[صحيح، وسنين أبو جميلة معدود في الصحابة].
الدليل الثاني:
أن البالغ المعسر تجب نفقته من بيت المال فهذا أولى، لأنه لا مال له، ولا قرابة، وهو آدمي له حرمة يخشى هلاكه، فوجب على السلطان القيام بحفظه.
(1)
مغني المحتاج (2/ 421).
(2)
الإنصاف (6/ 433).
(3)
الموطأ (2/ 738)، ومن طريق مالك رواه الشافعي في مسنده (456).
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (7/ 311) من طريق سفيان، عن الزهري به.
الدليل الثالث:
أن ميراث اللقيط لبيت المال على الصحيح، فتكون نفقته عليه؛ لأن الغنم بالغرم، وسوف يأتي بحث هذه المسألة إن شاء الله تعالى.
الدليل الرابع:
أن بيت المال معد لحوائج المسلمين، واللقيط أشدهم حاجة.
القول الثاني:
ذهب الشافعية في أحد القولين إلى أنه لا يجب أن ينفق على اللقيط من بيت المال؛ لأن مال بيت المال لا يصرف إلا فيما لا وجه له غيره، واللقيط يجوز أن يكون عبدًا فنفقته على مولاه، أو حرًا له مال، أو فقيرًا له من تلزمه نفقته فلم يلزم من بيت المال، فعلى هذا يجب على الإمام أن يقترض له ما ينفق عليه من بيت المال أو من رجل ثري من المسلمين
(1)
.
وهذا القول ظاهر الضعف، مخالف لقضاء عمر رضي الله عنه، والذي لم يخالف فيه أحد من الصحابة، فكان كالإجماع، والله أعلم.
* * *
(1)
انظر المهذب (1/ 435)، روضة الطالبين (5/ 425)، مغني المحتاج (2/ 421).