الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التمهيد
المبحث الأول
في تعريف اللقيط
تعريف اللقيط اصطلاحاً
(1)
:
تعريف الحنفية:
قال السرخسي: «اسم لحي مولود طرحه أهله خوفا من العيلة أو فرارا من تهمة الريبة»
(2)
.
قوله: (اسم لحي) أخرج الميت، قال ابن عابدين: «وهو غير ظاهر؛ لأن
(1)
اللقيط: فعيل بمعنى مفعول: أي ملقوط، كقتيل بمعنى مقتول، وجريح بمعنى مجروح، وهو المنبوذ يلتقط، واللقط: الرفع، واللقيطة: الرجل المهين.
جاء في مقاييس اللغة: اللام والقاف والطاء أصل صحيح يدل عَلَى أخذ شيء من الْأَرْضِ قَدْ رَأَيْتَهُ بَغْتَةً وَلَمْ تُرِدْهُ، وَقَدْ يَكُونُ عَنْ إِرَادَةٍ وَقَصْدٍ أَيْضًا. مِنْهُ لَقْطُ الْحَصَى وَمَا أَشْبَهَهُ وَاللُّقْطَةُ: مَا الْتَقَطَهُ الْإِنْسَانُ مِنْ+ مَالٍ ضَائِعٍ. وَاللَّقِيطُ: الْمَنْبُوذُ يُلْقَطُ.
وكأن تسميته لقيطًا باسم العاقبة؛ لأن عاقبته أن يلقط عادة، وتسمية الشيء باسم عاقبته أمر شائع في اللغة قال الله تعالى جل شأنه {إني أراني أعصر خمرًا} [يوسف: 36] وقال الله تعالى جل شأنه {إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر: 30] فسمى العنب خمرا والحي الذي يحتمل الموت ميتا باسم العاقبة كذا هذا.
وقال في المغرب في ترتيب المعرب (ص: 426): «اللقيط: ما يلقط أي يرفع من الأرض، وقد غلب على الصبي المنبوذ لأنه على عرض أن يلقط» .
انظر مقاييس اللغة (5/ 262)، تهذيب اللغة (9/ 16)، بدائع الصنائع (6/ 197).
(2)
السرخسي (10/ 209)، وانظر فتح القدير لابن الهمام (10/ 67)، تبيين الحقائق (3/ 297).
الميت كذلك فيما يظهر حتى يحكم بإسلامه تبعا للدار، فيغسل، ويصلى عليه، ولو وجد قتيلا في محلة تجب فيه الدية والقسامة»
(1)
.
وقوله: (طرحه أهله) احترازًا من الضائع، فلا يسمى لقيطًا عندهم.
وقوله: (خوفًا من العيلة) بيان للباعث على الطرح، وقد قسمه إلى قسمين: الخوف من الفقر. والثاني ما ذكره بقوله: (أو فرارًا من تهمة الريبة) والمقصود الزنا.
تعريف المالكية:
عرفه ابن عرفة بأنه: «صغير آدمي لم يعلم أبوه ولا رقه»
(2)
.
فقوله: (صغير) يشمل الذكر والأنثى، والمميز وغيره، وخرج به البالغ؛ لأنه قادر على القيام بمصالح نفسه من نفقة ونحوها.
وقوله: (آدمي) خرج به غير الآدمي، فإن كان حيوانًا فهو ضالة، وإن كان جمادًا فهو لقطة.
قوله: (لم يعلم أبوه) لأن من علم أبوه فلا يسمى لقيطًا، للوقوف على نسبه، وكذا خرج ولد الزنا؛ لأنه قد علم أحد أبويه، وهو الأم، وهي بمنزلة الأب، فعليها القيام به.
وقوله: (ولا رقه) لأنه إن علم رقه فإن كان صغيرًا فهو لقطة، وليس لقيطًا، وإن كان كبيرًا فهو آبق.
(1)
حاشية ابن عابدين (4/ 269).
(2)
شرح الخرشي (7/ 130)، الفواكه الدواني (2/ 172)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/ 178).
تعريف آخر:
عرفه بعض المالكية بأنه صغير آدمي لم يعرف أبواه، وجد في غير حرز، يخاف عليه من الهلاك.
تعريف الشافعية:
عرفه الشافعية بقوله: صغير ضائع لا يعلم له كافل
(1)
.
فقوله: (صغير) أي ولو مميزًا في أحد القولين عند الشافعية، لحاجته إلى التعهد، ويقاس عليه البالغ المجنون لحاجته إلى التعهد، وإنما ذكروا الصغير؛ لأنه الغالب، قاله السبكي وغيره. وخرج به البالغ لاستغنائه عن الحفظ.
وقوله: (ضائع) الضائع هو الطفل إذا ضل عن أهله، فهل يعتبر لقيطًا إذا كان لا كافل له، وإن لم يطرح قصدًا.
قال ابن شاس في تعريف اللقيط: كل صبي ضائع لا كافل له
(2)
.
وقال النووي: يقال للصبي الملقى الضائع لقيط
(3)
.
فهذا الطفل الضائع هل يؤخذ على أنه لقيط لا يعرف نسبه، أو نقول: يجب أن يبحث عن أهل هذا الطفل، فإن أهله لم ينبذوه، فيشبه اللقطة الواجب تعريفها حتى يوجد أهلها؟ هذا هو الظاهر، ورجحه شيخنا ابن عثيمين رحمه الله.
(1)
روضة الطالبين (5/ 418)، إعانة الطالبين (3/ 252)، مغني المحتاج (2/ 418)، أسنى المطالب (2/ 496)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 124).
(2)
عقد الجواهر الثمينة (3/ 997).
(3)
روضة الطالبين (5/ 418).
تعريف الحنابلة:
جاء في الإقناع: «طفل لا يعرف نسبه ولا رقه نبذ أو ضل إلى سن التمييز، وقيل: والمميز إلى سن البلوغ وعليه الأكثر»
(1)
.
ومحترزات التعريف قد سبق التطرق لها في التعريفات السابقة، فأغنى ذلك عن إعادتها، والله أعلم.
* * *
(1)
الإقناع (2/ 405).