الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
تنتهي الإعارة بجنون أو موت أحد المتعاقدين
[م-2131] إذا جن أو مات أحد المتعاقدين، فهل تنتهي الإعارة، في ذلك خلاف راجع إلى مسألة سابقة، هل العارية من العقود الجائزة، أو من العقود اللازمة،
القول الأول:
الجمهور يرى أن عقد العارية من العقود الجائزة، ولهذا تنتهي بالموت أو الجنون.
جاء في بدائع الصنائع: «والعارية تبطل بموت المعير»
(1)
.
قال السيوطي: «يبطل بالجنون كل عقد جائز، كالوكالة إلا في رمي الجمار، والإيداع، والعارية .... »
(2)
.
وفي أسنى المطالب: «وتنفسخ العارية بموت واحد من العاقدين وجنون، وإغماء، وحجر سفه من واحد منهما كسائر العقود الجائزة»
(3)
.
وفي كشاف القناع: «ويجب الرد أيضا بانقضاء الغرض من العين المعارة
…
وبموت المعير أو المستعير؛ لبطلان العارية بذلك؛ لأنها عقد جائز من الطرفين»
(4)
.
(1)
بدائع الصنائع (7/ 352، 353).
(2)
الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 214).
(3)
أسنى المطالب (2/ 332).
(4)
كشاف القناع (4/ 73).
° وجه انفساخ العارية بالموت والجنون:
أن المستعير إذا مات بطلت العارية؛ لأن المعير أباح منافع ملكه له، ولم يبحها للوارث.
وأما بطلانها بموت المعير أو جنونه، فلأن العارية عقد جائز، ومنافع العارية متجددة تحدث شيئًا فشيئًا، فإذا مات فقد انتقل المال إلى الوارث، فكانت منافع العارية الحادثة بعد الموت حادثة على ملك الورثة، وهم لم يبيحوا العارية للمستعير، فبطلت، وفي الجنون فقد أهلية التبرع، والولي لا يملك التبرع، فبطلت.
القول الثاني:
يرى أن عقد العارية إن كان مطلقًا، فهو عقد جائز، وإن كان مقيدًا فهو عقد لازم، وفي حال لزوم العقد فإن مات المستعير انتقل الحق إلى وارثه. وهذا مذهب المالكية.
جاء في المدونة: «سألت مالكا عن الرجل يعير الرجل المسكن، أو يخدمه الخادم عشر سنين فيموت قبل أن يتمها؟ قال: قال مالك: ورثته مكانه.
قلت: وإن لم يقبض؟
قال: وإن لم يقبض.
قلت: فإن مات الذي أعاره قبل أن يقبض المعار عاريته؟
قال: لا شيء له في قول مالك.
قلت: فإن كان قد قبض ثم مات رب الأرض؟
قال: فلا شيء لورثة رب الأرض حتى يتم هذا سكناه، لأنه قد قبض وهذا قول مالك. وكذلك العارية والهبة والصدقة»
(1)
.
* * *
(1)
المدونة (6/ 167).