الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في دعوى الكافر نسب اللقيط
[م-2073] إذا ادعى الكافر نسب اللقيط، فإن كان له بينة على دعواه لحقه نسبه بالإجماع.
وإن لم تكن له بينة فهل يحكم له بمجرد الدعوى؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم:
القول الأول:
تقبل دعواه، ويلحقه اللقيط نسبًا، فإن كان محكومًا بإسلامه لم يلحقه في الدين، وإن كان محكومًا بكفره لحقه فيه أيضًا، استحسنه الحنفية
(1)
، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة
(2)
.
إلا أن الحنفية قالوا: أن يدعيه في حياته، أما إذا ادعاه بعد وفاته لم يصدق؛ لأن المقصود من ثبوت النسب الشرف، وذلك لا يتحقق بعد الموت
(3)
.
(1)
المقصود أنهم قالوا به من قبيل الاستحسان، لا من جهة القياس.
(2)
الهداية شرح البداية (2/ 415)، فتح القدير لابن الهمام (6/ 113)، المبسوط (10/ 216)، تحفة الفقهاء (3/ 353)، بدائع الصنائع (6/ 199)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 31)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (3/ 298)، البحر الرائق (5/ 158)، المهذب (1/ 436)، أسنى المطالب (2/ 502)، مغني المحتاج (2/ 422)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 130)، الحاوي الكبير (8/ 55)، نهاية المطلب (8/ 532)، الكافي لابن قدامة (2/ 367)، الإنصاف (6/ 452)، مطالب أولي النهى (4/ 259).
(3)
حاشية ابن عابدين (4/ 271)، المبسوط للسرخسي (10/ 214)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (3/ 298).
وقال الشافعية في المشهور: إن ادعى نسبه ولم يقم بينة لحقه نسبه دون ديانته، وإن أقام على ذلك بينة كان لحقه نسبه، وتبعه في الكفر
(1)
.
جاء في الاختيار لتعليل المختار: «وإن ادعاه ذمي فهو ابنه وهو مسلم، إلا أن يلتقطه من بيعة أو كنيسة أو قرية من قراهم فيكون ذميًا»
(2)
.
(3)
.
واحتجوا على إلحاقه بالنسب:
الحجة الأولى:
موجب الدعوى شيئان أحدهما ثبوت نسبه منه، وذلك ينفعه، فيقبل والآخر كفره، وذلك يضره فلا يقبل.
الحجة الثانية:
أن المسلم والكافر سواء في مجال الدعاوى، فكما يقبل إقرار المسلم مجردًا عن البينة، فكذلك الكافر.
(1)
البيان للعمراني (8/ 25).
(2)
الاختيار لتعليل المختار (3/ 31).
(3)
روضة الطالبين (5/ 435).
القول الثاني:
لا تقبل الدعوى إلا ببينة، وهو مذهب المالكية، ورواية في مذهب الحنابلة، وبه قال ابن حزم من الظاهرية
(1)
.
° حجة هذا القول:
الحجة الأولى:
أن دعوى النسب كغيرها من الدعاوى لا تثبت إلا ببينة.
الحجة الثانية:
يحتمل أن يكون اللقيط من امرأة مسلمة بوطء بشبهة ونحوها.
° الراجح:
يقبل إقرار المرء على نفسه من اعترافه بنسبه، وأما دعواه كفر اللقيط فهي دعوى، وليست إقرارًا، فلا تثبت إلا ببينة، والله أعلم.
* * *
(1)
لم يفرق المالكية بين دعوى المسلم والكافر في دعوى النسب، فلابد من البينة لثبوت النسب، انظر الشرح الكبير (4/ 126)، عقد الجواهر الثمينة (3/ 1000)، الذخيرة للقرافي (9/ 135)، شرح الخرشي (7/ 133)، منح الجليل (8/ 248)، التاج والإكليل (6/ 82)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/ 181).