الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثاني
في أحكام الملتقط
الفصل الأول
في شروط الملتقط
الشرط الأول
في اشتراط إسلام الملتقط
[م-2034] إذا حكم بكفر اللقيط كما لو وجد في بلاد الكفار، أو وجد منبوذًا في كنائسهم ودور العبادة الخاصة بهم، وعليه زي الكفار، لم يشترط إسلام الملتقط، وهذا بالاتفاق
(1)
.
لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73].
قال الدردير: «وإن وجد في قرية من قرى الشرك التي ليس فيها بيت من بيوت المسلمين فهو مشرك، وإن التقطه مسلم تغليبًا للدار»
(2)
.
(1)
فتح القدير لابن الهمام (6/ 114)، البحر الرائق (5/ 158)، بدائع الصنائع (6/ 198)، الذخيرة (11/ 354)، المنتقى شرح الموطأ (6/ 3)، الشرح الكبير (4/ 126)، التاج والإكليل (6/ 82)، شرح الخرشي (7/ 132)، روضة الطالبين (5/ 433)، نهاية المحتاج (5/ 452)، أسنى المطالب (2/ 499)، كشاف القناع (4/ 192)، المبدع (5/ 294).
(2)
الشرح الكبير (4/ 126).
ويشترط أن يكون الكافر عدلًا في دينه
(1)
، لأنه إذا منع المسلم الفاسق من الالتقاط عند الجمهور فالكافر أولى أن تشترط فيه العدالة. وسيأتي إن شاء الله تعالى بحث اشتراط العدالة في الملتقط.
[م-2035] أما إذا وجد في بلاد المسلمين، أو في المواضع الخاصة بهم كالمساجد، ففي هذه الحالة يحكم بإسلام اللقيط، وإذا حكم بإسلامه، فهل يشترط في ملتقطه أن يكون مسلمًا، اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول:
إذا حكم بإسلام اللقيط اشترط في ملتقطه أن يكون مسلمًا، فإن أخذه غير مسلم نزع من يده، ولا يجوز إقراره بيده، وهذا مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة
(2)
.
قال الخرشي: «اللقيط المحكوم بإسلامه بأن وجد في بلاد الإسلام على ما
(1)
نهاية المحتاج (5/ 448)، حاشية البجيرمي على شرح المنهج (3/ 232).
(2)
انظر في مذهب المالكية: المنتقى شرح الموطأ (6/ 4)، التاج والإكليل (6/ 82)، الشرح الكبير (4/ 127)، بداية المجتهد (2/ 232)، منح الجليل (8/ 250)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/ 182).
انظر في مذهب الشافعية: الحاوي الكبير (8/ 42)، المهذب (1/ 435)، أسنى المطالب (2/ 496)، نهاية المطلب (8/ 512)، البيان للعمراني (8/ 18)، روضة الطالبين (5/ 419)، كفاية الأخيار (ص: 320).
انظر في مذهب الحنابلة: بلغة الساغب وبغية الراغب (ص: 292)، مطالب أولي النهى (4/ 243)، كشاف القناع (4/ 229)، المغني (6/ 41)، المحرر (1/ 373)، الكافي لابن قدامة (2/ 365)، الإنصاف (6/ 439)، الإقناع (2/ 406)، الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: 331).
مر ينزع من ملتقطه الغير المسلم ويقر تحت يد المسلمين»
(1)
.
وقال الشيرازي: «إن التقطه كافر، نظرت: فإن كان اللقيط محكوماً بإسلامه لم يقر في يده»
(2)
.
وقال ابن قدامة: «وليس لكافر التقاط مسلم؛ لأنه لا ولاية لكافر على مسلم»
(3)
.
° الدليل على تحريم التقاط الكافر لمن حكم بإسلامه:
الدليل الأول:
أن القيام بأمر اللقيط ولاية، ولا ولاية للكافر على المسلم، قال تعالى:{وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء: 141].
الدليل الثاني:
أن الكافر غير مؤمن على المسلم فقد يفتنه في دينه، وقد يسترق بدنه، وقد يتلف ماله؛ لأن عداوة الدين تبعث على ذلك كله.
القول الثاني:
لم يختلف الحنفية في صحة التقاط الكافر، وإنما اختلفوا في حكم إسلام الطفل إذا التقطه كافر من مكان مختص للمسلمين، فمنهم من جعل الحكم للمكان، فيحكم بإسلام الطفل، وهو ظاهر الرواية، فيترك الطفل في يد الكافر
(1)
شرح الخرشي (7/ 134).
(2)
المهذب (1/ 435).
(3)
المغني (6/ 41).
ما لم يعقل الأديان فينزع من يده دفعًا للضرر عن اللقيط، كما قالوا في الحضانة إذا كانت أمه المطلقة كافرة، فهي أحق به للشفقة عليه ما لم يعقل الأديان فينزع من يدها دفعًا للضرر
(1)
.
ومنهم من جعل الحكم للواجد؛ لقوة اليد، فحكموا بكفر اللقيط.
قال ابن عابدين: «ولا يشترط كونه مسلمًا عدلًا رشيدًا لما سيأتي من أن التقاط الكافر صحيح، والفاسق أولى»
(2)
.
وجاء في المبسوط: «الثالث: أن يجده كافر في مكان المسلمين.
والرابع: أن يجده مسلم في مكان الكفار، ففي هذين الفصلين اختلفت الرواية ففي كتاب اللقيط يقول: العبرة للمكان في الفصلين جميعًا، وفي رواية ابن سماعة عن محمد رحمهما الله تعالى، قال: العبرة للواجد في الفصلين جميعًا»
(3)
.
وفي مجمع الأنهر ذكر مثله، وزاد:«وفي رواية: أيهما كان موجبًا لإسلامه فهو المعتبر؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وهو أنفع له كما في أكثر المعتبرات»
(4)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (4/ 273)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (3/ 299)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 703)، المبسوط (10/ 215).
(2)
حاشية ابن عابدين (4/ 269).
(3)
المبسوط (10/ 215).
(4)
مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 703).
° دليل الحنفية على صحة التقاط الكافر:
أن الشرط في الملتقط أن يكون أهلًا للحفظ، والكافر في هذا كالمسلم، فإذا سبقت يد الكافر إلى اللقيط لم يكن لأحد أن ينزعه منه؛ لقوة اليد، نعم إذا حكمنا بإسلام اللقيط نزع من الكافر إذا بلغ اللقيط عمرًا يعقل فيه الدين حتى لا يفسد عليه دينه، والله أعلم.
° الراجح:
أن حضانة الكافر للقيط ولاية يخشى على اللقيط فيها من تعيين الدين، فلا يقر بيده، بل يجب أخذه منه، ودفعه لأمين مسلم، والله أعلم.