المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السابعفي النفقة على اللقطة - المعاملات المالية أصالة ومعاصرة - جـ ٢٠

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثانيفي معرفة اللقطة قبل تعريفها

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌المبحث الثالثفي وجوب التعريف على الملتقط

- ‌المبحث الرابعفي مدة التعريف

- ‌الفرع الأولفي تعريف ما يسرع إليه الفساد

- ‌الفرع الثانيفي تعريف ما لا يتطرق إليه الفساد

- ‌المبحث الخامسفي وجوب الفورية في التعريف

- ‌المبحث السابعفي سقوط التعريف إذا أخره

- ‌المبحث الثامنفي وجوب الموالاة في التعريف

- ‌المبحث التاسعفي مؤنة التعريف

- ‌المبحث العاشرفي مكان تعريف اللقطة

- ‌المبحث الحادي عشرفي تكرار التعريف

- ‌المبحث الثاني عشرفي ذكر جنس اللقطة في التعريف

- ‌الفصل الثالثفي الإشهاد على اللقطة

- ‌الفصل الرابعفي تملك اللقطة

- ‌المبحث الأولفي تملك اللقطة إذا قام بتعريفها

- ‌المبحث الثانيفي وقوف تملك اللقطة على نية الملتقط أو لفظه

- ‌المبحث الثالثإذا جاء صاحبها بعد التعريف

- ‌الفصل الخامسفي نماء الضالة

- ‌الفصل السادسفي ضمان اللقطة

- ‌المبحث الأولفي ضمان اللقطة قبل تملكها

- ‌الفرع الأولفي ضمانها إذا التقطها للتعريف أو للحفظ

- ‌الفرع الثالثإذا أخذها بنية الأمانة ثم طرأ قصد الخيانة

- ‌المبحث الثالثفي ضمان اللقطة إذا ردها إلى موضعها

- ‌الباب الثالثفي أحكام الملتقط

- ‌الفصل الأولفي اشتراط العدالة في الملتقط

- ‌الفصل الثانيفي التقاط الكافر

- ‌الفصل الثالثفي التقاط غير المكلف

- ‌المبحث الأولفي التقاط المجنون والصبي غير المميز

- ‌المبحث الثانيفي صحة التقاط الصبي المميز

- ‌الفصل الرابعفي تعدد الملتقط

- ‌الفصل الخامسإذا ادعى اللقطة اثنان

- ‌الفصل السادسفي الاتجار في اللقطة

- ‌الفصل السابعفي النفقة على اللقطة

- ‌الفصل الثامنفي الجعل على رد اللقطة

- ‌الفصل التاسعفي زكاة المال الملتقط

- ‌المبحث الأولزكاة المال الملتقط قبل التعريف

- ‌المبحث الثانيزكاة المال الملتقط بعد التعريف

- ‌الباب الرابعفي استرداد اللقطة

- ‌الفصل الأولفي اشتراط البينة لاسترداد اللقطة

- ‌الفصل الثانيفي استرداد اللقطة بمعرفة بعض صفاتها

- ‌عقد اللقيط

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولفي تعريف اللقيط

- ‌المبحث الثانيفي أركان الالتقاط

- ‌الباب الأولفي حكم نبذ الطفل والتقاطه

- ‌الفصل الأولفي حكم نبذ الطفل

- ‌الفصل الثانيفي حكم التقاط الصبي

- ‌الباب الثانيفي أحكام الملتقط

- ‌الفصل الأولفي شروط الملتقط

- ‌الشرط الأولفي اشتراط إسلام الملتقط

- ‌الشرط الثانيفي اشتراط التكليف في الملتقط

- ‌الشرط الثالثفي اشتراط العدالة في الملتقط

- ‌المبحث الأولفي التقاط الفاسق

- ‌المبحث الثانيفي اشتراط العدالة الباطنة

- ‌الشرط الرابعفي اشتراط الرشد

- ‌الشرط الخامسفي اشتراط الغنى في الملتقط

- ‌الشرط السادسفي اشتراط الذكورة

- ‌الفصل الثانيفي ولاية الملتقط على اللقيط

- ‌المبحث الأولفي الولاية على اللقيط نفسه

- ‌المبحث الثانيفي ولاية الملتقط على مال اللقيط

- ‌الفصل الثالثفي حق الملتقط بالسفر باللقيط

- ‌المبحث الأولفي سفر الملتقط المستور الحال باللقيط

- ‌المبحث الثانيالسفر باللقيط إذا نبذ في البادية

- ‌الفرع الأولالانتقال باللقيط من البادية إلى مثلها

- ‌الفرع الثانيالانتقال باللقيط من البادية إلى ا لحاضرة أو الحلة

- ‌المبحث الثالثالسفر باللقيط إذا نبذ في الحاضرة

- ‌الفرع الأولالانتقال باللقيط من الحاضرة إلى مثلها

- ‌الفرع الثانيالانتقال باللقيط من الحاضرة إلى البادية

- ‌الفصل الرابعفي الاشتراك في الالتقاط

- ‌المبحث الأولأن يكون الملتقطان متساويين في الصفات

- ‌المبحث الثانيأن يستويا في الأهلية ويتفاضلا في الصفات

- ‌الفرع الأولإذا تفاضل اللقيطان في الديانة

- ‌الفرع الثانيفي تقديم العدل على مستور الحال

- ‌الفرع الثالثفي تقديم الغني على الفقير

- ‌الفرع الرابعفي تقديم المقيم على المسافر

- ‌الفرع الخامسفي تقديم المرأة على الرجل في حضانة اللقيط

- ‌الفصل الخامسفي التنازع على الالتقاط

- ‌المبحث الأولفي التنازع على الالتقاط ولا بينة لأحدهما

- ‌الفرع الأولأن يكون اللقيط في يد أحدهما

- ‌الفرع الثانيأن يكون اللقيط في يديهما معا

- ‌الفرع الثالثألا يكون اللقيط في يد واحد منهما

- ‌المبحث الثانيإذا تنازعا في الالتقاط مع قيام البينة

- ‌الفصل السادسفي إشهاد الملتقط على الالتقاط

- ‌الباب الثالثفي أحكام اللقيط

- ‌الفصل الأولفي التقاط المميز

- ‌الفصل الثانيفي إسلام اللقيط

- ‌الفصل الثالثفي نسب اللقيط

- ‌المبحث الأولفي دعوى الحر المسلم نسب اللقيط

- ‌المبحث الثانيفي دعوى المرأة الحرة نسب اللقيط

- ‌المبحث الثالثفي دعوى الكافر نسب اللقيط

- ‌المبحث الرابعفي التنازع على نسب اللقيط

- ‌الفرع الأولادعاه رجلان ولا بينة لهما وكان لأحدهما مرجح

- ‌المسألة الأولىالترجيح بإسلام أحد المتنازعين

- ‌المسألة الثانيةالترجيح بذكر وصف خفي

- ‌المسألة الثالثةالترجيح بوضع اليد

- ‌المسألة الرابعةترجيح السابق على غيره في دعوى النسب

- ‌الفرع الثانيإذا ادعاه رجلان ولم يكن هناك مرجح

- ‌الفصل الرابعفي تملك اللقيط للمال الموجود معه

- ‌المبحث الأولفي ملكيته للمال الموصول به

- ‌المبحث الثانيفي ملكية اللقيط للمال المنفصل عنه

- ‌المبحث الثالثفي ملكيته للمال المدفون تحته

- ‌الفصل الخامسفي النفقة على اللقيط

- ‌المبحث الأولفي الجهة ا لتي تجب عليها نفقة اللقيط

- ‌المبحث الثانيفي تعذر النفقة على اللقيط من بيت المال

- ‌المبحث الثالثفي الرجوع في نفقة اللقيط

- ‌الفصل السادسفي ميراث اللقيط

- ‌عقد العارية

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الثانيالأدلة على مشروعية العارية

- ‌المبحث الثالثفي حكم العارية

- ‌المبحث الرابعفي توصيف عقد العارية

- ‌الباب الأولفي أركان العارية

- ‌الفصل الأولفي الألفاظ التي تنعقد بها العارية

- ‌الفصل الثانيفي اشتراط اللفظ في صيغة الإعارة

- ‌الفصل الثالثفي انقسام ألفاظ العارية إلى صريح وكناية

- ‌الفصل الرابعفي تعليق الإعارة وإضافتها إلى المستقبل

- ‌الباب الثانيفي شروط الإعارة

- ‌الفصل الأولفي شروط المعير

- ‌الشرط الأولأن يكون المعير ممن يصح تبرعه

- ‌مبحثفي إعارة المحجور عليه للغير

- ‌الشرط الثانيأن يكون المعير مالكًا أو مأذونًا له بالإعارة

- ‌المبحث الأولفي إعارة الفضولي

- ‌المبحث الثانيفي إعارة الولي والوصي ونحوهما من مال الصغير

- ‌المبحث الثالثفي إعارة المستأجر

- ‌المبحث الرابعفي إعارة المستعير

- ‌الشرط الثالثأن يكون المعير راضيًا مختارًا

- ‌الفصل الثانيفي شروط المستعير

- ‌الشرط الأولفي اشتراط الأهلية في المستعير

- ‌المبحث الأولفي حكم استعارة الصبي والمجنون

- ‌المبحث الثانيفي إعارة المسلم للذمي

- ‌الشرط الثانيفي اشتراط أن يكون المستعير معينًا

- ‌الفصل الثالثفي أحكام المعار

- ‌المبحث الأولفي شروط العين المستعارة

- ‌الشرط الأولأن تشتمل العين المعارة على منفعة مباحة

- ‌الشرط الثانيفي اشتراط تعيين المعار

- ‌الشرط الثالثفي اشتراط قبض العين المعارة

- ‌الشرط الرابعأن يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها

- ‌المبحث الثالثفي إعارة المشاع

- ‌المبحث الرابعفي إعارة الحائط لوضع الخشب عليه

- ‌المبحث الخامسفي إعارة الأرض

- ‌الفرع الأولإعارة الأرض للزرع

- ‌الفرع الثانيفي إعارة الأرض للبناء والغرس

- ‌المبحث السادسفي إعارة المركوب

- ‌الفرع الأولفي صفة إعارة المركوب

- ‌الفرع الثانيفي كيفية ضمان العارية المركوبة

- ‌المبحث السابعفي إعارة ما يتزين به

- ‌المبحث الثامنفي إعارة الكتب لطلبة العلم

- ‌المبحث التاسعفي نفقة العارية

- ‌المبحث العاشرفي مؤنة رد العارية

- ‌الباب الثالثفي ضمان العارية

- ‌الفصل الأولفي ضمان المستعير بمقتضى العقد

- ‌الفصل الثانيفي اشترط الضمان على المستعير

- ‌الباب الرابعفي انتهاء عقد العارية

- ‌الفصل الأولانتهاء العارية بانتهاء مدتها

- ‌الفصل الثانيتنتهي الإعارة برجوع المعير أو رد المستعير

- ‌الفصل الثالثتنتهي الإعارة بجنون أو موت أحد المتعاقدين

- ‌الفصل الرابعانتهاء العارية بهلاك العين المعارة

- ‌الفصل الخامسانتهاء العارية باستحقاق العين المعارة

الفصل: ‌الفصل السابعفي النفقة على اللقطة

‌الفصل السابع

في النفقة على اللقطة

[م-2024] اختلف العلماء في الرجل ينفق على اللقطة، فيأتي صاحبها، هل يرجع بما أنفقه عليها؟

في ذلك خلاف بين أهل العلم:

القول الأول:

إذا أنفق الملتقط بغير إذن الحاكم فهو متبرع، وإن قال له القاضي: أنفق لترجع رجع على المالك بما أنفق، وإن أمره القاضي بالإنفاق ولم يذكر الرجوع لم يكن دينًا في الأصح.

وإذا رفع ذلك إلى الحاكم نظر فيه: فإن كان للبهيمة منفعة آجرها وأنفق عليها من أجرتها؛ وإن لم تكن لها منفعة باعها إن كان أصلح، وإن كان الأصلح الإنفاق عليها أذن في ذلك وجعل النفقة دينا على مالكها وللقاضي أن يأمره بالنفقة اليومين والثلاثة رجاء أن يظهر مالكها فإذا لم يظهر يأمر ببيعها لئلا تستأصلها النفقة، فلا نظر في الإنفاق مدة مديدة. فإن جاء صاحبها فله حبسها حتى يعطيه النفقة

(1)

.

هذا ملخص مذهب الحنفية في النفقة والرجوع.

جاء في حاشية ابن عابدين: «وهو في الإنفاق على اللقيط واللقطة متبرع؛

(1)

البحر الرائق (5/ 167)، العناية شرح الهداية (6/ 125)، حاشية ابن عابدين (4/ 281)، تبيين الحقائق (3/ 305)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 34).

ص: 171

لقصور ولايته، إلا إذا قال له قاض: أنفق لترجع، فلو لم يذكر الرجوع لم يكن دينًا في الأصح»

(1)

؛ لأن الأمر متردد بين الحسبة والرجوع فلا يكون دينًا بالشك

(2)

.

وجاء في الهداية: وإن أنفق بأمره ـ أي بأمر القاضي ـ كان ذلك دينا على صاحبها؛ لأن للقاضي ولاية في مال الغائب»

(3)

.

° وجه هذا القول:

أن الملتقط إذا أنفق بلا إذن من الحاكم كان متبرعًا لقصور ولايته فصار كما لو قضى دين غيره بغير أمره.

وإذا أنفق بإذن القاضي كان ذلك دينًا على مالكها؛ لأن للقاضي ولاية في مال الغائب نظرًا له، وقد يكون النظر للمالك يقتضي الإنفاق.

وصورة إذن القاضي: أن يقول له: أنفق على أن ترجع، فلو أمره بالنفقة، ولم يذكر الرجوع لم يكن دينًا في الأصح؛ لأن الأمر متردد بين الحسبة والرجوع فلا يكون دينًا بالشك.

وإذا كان للحيوان منفعة آجرها بإذن الحاكم؛ لأن في ذلك إبقاء للعين على مالكها من غير إلزام الدين عليه.

وإن لم يكن لها منفعة وكان الأصلح في بيعها أمره القاضي ببيعها؛ لأنه إذا

(1)

حاشية ابن عابدين (4/ 281).

(2)

البحر الرائق (5/ 167).

(3)

الهداية شرح البداية (2/ 418).

ص: 172

تعذر إبقاء عين المال لم يتعذر حفظ قيمته، وحفظ قيمته إبقاء للمال معنى عند تعذر إبقائه صورة.

القول الثاني:

ما أنفقه الملتقط على اللقطة فالمالك مخير بين أن يفتك اللقطة فيدفع ما أنفقه عليها وبين أن يترك اللقطة لمن التقطها في نفقته التي أنفق عليها، سواء أنفق بأمر السلطان أو بدونه، وسواء تجاوزت قيمته النفقة أم لا.

وله أن يكري الدابة ونحوها كراء مأمونًا

(1)

، لا يخشى عليه منه؛ لأجل علفها والنفقة عليها. هذا ملخص مذهب المالكية

(2)

.

جاء في المدونة: «قال مالك في المتاع يلتقطه الرجل فيحمله إلى موضع من المواضع ليعرفه فيعرفه ربه، قال مالك: هو لصاحبه، ويدفع إليه هذا الكراء الذي حمله، فكذلك الغنم والبقر إذا التقطها رجل فأنفق عليها، ثم أتى ربها فإنه يغرم ما أنفق عليها الملتقط إلا أن يشاء ربها أن يسلمها.

قلت: أرأيت ما أنفق هذا الملتقط على هذه الأشياء التي التقطها بغير أمر السلطان، أيكون ذلك على رب هذه الأشياء إن أراد أخذها في قول مالك؟

(1)

تعبير خليل في مختصره: (كراء مضمونًا) بدلًا (مأمونًا) والكراء المضمون، هو الكراء الواقع في الذمة، وليس على عين معينة، واللقطة هي من كراء المعين، لهذا كان مقصودهم بقولهم:(مضمونًا) أي مأمونًا لا يخشى منه على الدابة، انظر حاشية العدوي على الخرشي (7/ 127)، الذخيرة (9/ 111).

(2)

الذخيرة للقرافي (9/ 112)، المدونة (6/ 176)، منح الجليل (8/ 242)، الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 427)، شرح الخرشي (7/ 128)، حاشية الدسوقي (4/ 123).

ص: 173

قال: نعم، إن أراد ربها أخذها لم يكن له أن يأخذها حتى يغرم لهذا ما أنفق عليها، بأمر السلطان أو بغير أمر السلطان»

(1)

.

° وجه هذا القول:

النفقة تتعلق في ذات اللقطة لا في ذمة مالكها كالجناية في رقبة العبد إن أسلمه المالك لا شيء عليه، وإن أراد أخذه غرم أرش الجناية.

وجاز له الكراء مع أن ربها لم يوكله فيه؛ لأن الدواب ونحوها لا بد لها من النفقة عليها، فكان ذلك أصلح لربها، وما زاد من كرائها على علفها فهو لربها.

القول الثالث:

ذهب الشافعية إلى أن من أنفق على اللقطة فهو متطوع بالنفقة لا يرجع على صاحبها بشيء، وإذا أراد الرجوع فلينفق بإذن الحاكم، فإن لم يجده أشهد

(2)

.

قال النووي في الروضة: «إذا أمسكها وتبرع بالإنفاق فذاك. وإن أراد الرجوع، فلينفق بإذن الحاكم، فإن لم يجد حاكمًا، أشهد»

(3)

.

° وجه القول:

أن الحاكم يقوم مقام الغائب في النظر في ماله، فإذا أنفق ولم يرجع إلى الحاكم مع إمكان الرجوع إليه فهو متبرع بالنفقة، وقد تكون المصلحة في غير

(1)

المدونة (6/ 176).

(2)

مغني المحتاج (2/ 410)، حاشية الجمل (3/ 606)، نهاية المحتاج (5/ 435)، روضة الطالبين (5/ 404)، الحاوي الكبير (8/ 7).

(3)

روضة الطالبين (5/ 404).

ص: 174

الإنفاق كما لو كانت المصلحة في البيع، وحفظ الثمن، فإذا لم يكن هناك قاض، أشهد على النفقة، ورجع بها.

القول الرابع:

ذهب الحنابلة إلى أن الملتقط يرجع بما أنفق على الحيوان إن كانت النفقة بإذن حاكم، وإن لم تكن بإذنه ففيه روايتان، الصحيح من المذهب أن له الرجوع بما أنفقه إن نوى الرجوع، ما لم يتعد بأن التقطه لا ليعرفه، أو بنية تملكه في الحال

(1)

.

° وجه هذا القول:

أن الإنفاق على مال الغير إنقاذ له من التلف، فكان جائزًا، كذبح الحيوان المأكول إذا خيف موته، ولا يضمن ما نقص بذبحه.

وقال ابن القيم: و «لأن المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض في الشفقة والنصيحة والحفظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ولهذا جاز لأحدهم ضم اللقطة ورد الآبق وحفظ الضالة، حتى إنه يحسب ما ينفقه على الضالة والآبق واللقطة وينزل إنفاقه عليها منزلة إنفاقه لحاجة نفسه لما كان حفظًا لمال أخيه وإحسانًا إليه؛ فلو علم المتصرف لحفظ مال أخيه أن نفقته تضيع، وأن إحسانه يذهب باطلًا في حكم الشرع لما أقدم على ذلك، ولضاعت مصالح

(1)

وفيه رواية أخرى: أنه لا يرجع بشيء، والأولى هي المذهب. انظر الشرح الكبير على المقنع (6/ 339)، الإنصاف (6/ 407)، الإقناع في مذهب الإمام أحمد (2/ 400)، كشاف القناع (4/ 215)، مطالب أولي النهى (4/ 225)، الكافي لابن قدامة (2/ 358)، المغني (6/ 28) ..

ص: 175

الناس، ورغبوا عن حفظ أموال بعضهم بعضًا، وتعطلت حقوق كثيرة، وفسدت أموال عظيمة، ومعلوم أن شريعة من بهرت شريعته العقول وفاقت كل شريعة واشتملت على كل مصلحة وعطلت كل مفسدة تأبى ذلك كل الإباء»

(1)

.

وهذا هو الراجح بشرط أن يكون ما يدعيه من النفقة قريبًا من نفقة مثله؛ لأنه أمين، والقول قوله في مقدار النفقة، والله أعلم.

* * *

(1)

أعلام الموقعين (3/ 3).

ص: 176