الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
السفر باللقيط إذا نبذ في البادية
الفرع الأول
الانتقال باللقيط من البادية إلى مثلها
[م-2047] إذا عثر على اللقيط في البادية، وأراد ملتقطه أن ينتقل به في البوادي طلبًا للماء والكلأ، كما هو حال البدو الرحل، فهل يحق له التنقل به بالبوادي، أو ينزع منه ويعطى لرجل مقيم يتولى حفظه وتربيته؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول:
ليس له التنقل به في البوادي إذا وجد من يدفع إليه من أهل القرى والمدن، وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعية، وأحد الوجهين في مذهب الحنابلة، رجحه المتأخرون منهم، قال في الإنصاف: وهو المذهب
(1)
.
جاء في شرح منتهى الإرادات: «ولا يقر بيد ملتقطه إن كان بدويًا ينتقل في المواضع؛ لأن فيه إتعابًا للقيط، فيؤخذ منه، ويدفع لمن يقر به؛ لأنه أخف عليه»
(2)
.
(1)
البيان للعمراني (8/ 20)، مغني المحتاج (2/ 420)، الحاوي الكبير (8/ 41)، الكافي لابن قدامة (2/ 366)، الإنصاف (6/ 440)، المبدع (5/ 298)، المغني (6/ 41)، شرح منتهى الإرادات (2/ 390)، كشاف القناع (4/ 229)، مطالب أولي النهى (4/ 250).
(2)
شرح منتهى الإرادات (2/ 390).
وقال ابن قدامة: «كل موضع قلنا: ينزع من ملتقطه فإنما يكون ذلك إذا وجد من يدفع إليه ممن هو أولى به، فإن لم يوجد من يقوم به أقر في يد ملتقطه»
(1)
.
° وجه هذا القول:
الوجه الأول:
أن التنقل مضر باللقيط؛ لأن فيه مشقة عليه وإتعابًا له، فإذا وجد من يدفع إليه ممن هو مستقر في حلة دفع إليه.
ويناقش:
بأن أهل البادية يألفون هذه الحياة، ولا يجدون فيها مشقة، وقد ولد بينهم، فهو منهم.
الوجه الثاني:
أن في تنقله تعريضًا لنسبه للضياع، لأن بقاءه في المكان الذي نبذ فيه يحتمل ظهور نسبه؛ لأن الغالب أنه ابن بدويين، أما إذا نأت المسافات وتباعدت الديار فالمسافة البعيدة حائلة عن الوصول إلى نسب اللقيط، والله أعلم.
ويناقش:
هذه المصلحة قد تكون في انتقاله قبل انتشار خبره بين الناس، أما إذا شاع خبره وذاع بين الناس فالسفر به لا يكون سببًا لضياع نسبه، بل ربما يكون أصلح له حيث ينتقل إلى مكان لا يعرف، فلا يعير بهذا، والله أعلم.
(1)
المغني (6/ 41).
القول الثاني:
يقر في يده، ولا ينزع منه، وهو أصح الوجهين في مذهب الشافعية، وأحد الوجهين في مذهب الحنابلة، وصوبه في الإنصاف
(1)
.
قال العمراني في البيان: «وإن كان ينتقل في طلب الماء والكلأ .. ففيه وجهان: أحدهما: يقر بيده؛ لأنه هو الواجد له، وهو من أهل الولاية.
والثاني: لا يقر في يده؛ لأن على اللقيط مشقة في التنقل»
(2)
.
جاء في نهاية المحتاج: «وقيل إن كانوا ينتقلون للنجعة بضم فسكون: أي لطلب الرعي أو غيره لم يقر بيده؛ لأن فيه تضييعًا لنسبه، والأصح أنه يقر لأن أطراف البادية من البلدة»
(3)
.
° وجه هذا القول:
الوجه الأول:
أن التنقل على هذه الصفة هو الغالب على أهل البادية، فلا يكون هذا مانعًا من الالتقاط.
الوجه الثاني:
أن التنقل به في البادية كالتنقل به في أطراف البلدة الواحدة بالنسبة للبدو.
(1)
نهاية المحتاج (5/ 451)، مغني المحتاج (2/ 420)، البيان للعمراني (8/ 20)، نهاية المطلب (8/ 514)، الإنصاف (6/ 440)، الكافي لابن قدامة (2/ 366)، المبدع (5/ 298)، المغني (6/ 41).
(2)
البيان للعمراني (8/ 20).
(3)
نهاية المحتاج (5/ 451).
الوجه الثالث:
أن التنقل به بين أماكن البدو أرجى لكشف نسبه وظهور أهله؛ لأن ظاهر حاله أنه ابن بدويين، وقد عرف أن اعتناء القبائل في الأنساب والبحث فيها أكثر من اعتناء الحاضرة، فلا يشكل التنقل ضررًا على اللقيط من حيث ظهور نسبه، والله أعلم.
° الراجح:
أن البادي إذا التقطه، واستقر في يده، وشاع خبره بين الناس فله التنقل فيه بين البادية، أما عند ابتداء الالتقاط فلو تزاحم فيه اثنان أحدهما مستقر في مكانه، لا يتنقل فيه، وآخر يتنقل بين البوادي طلبًا للماء والكلأ قدم المستقر على المتنقل، كصفة تفضيل، والله أعلم.
* * *