الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الرابع
في اشتراط الرشد
[م-2040] الرشد في الاصطلاح
(1)
.
اختلف العلماء في تعريفه على قولين:
فمنهم من عرف الرشد: بالصلاح في المال، وهذا مذهب الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
، والحنابلة
(4)
.
ومنهم من عرف الرشد: بالصلاح في الدين والمال، وهو مذهب الشافعية
(5)
.
(1)
الرشد في ا للغة: الصلاح: وهو خلاف الغي والضلال، وهو إصابة الصواب ورَشِد رَشَداً من باب تَعِب وَرَشَدَ يَرْشُدُ مِنْ بَابِ قَتَلَ فَهُوَ رَاشِدٌ وَالاسْمُ: الرَّشَادُ، ويتعدى بالهمزة وَرَشَّدَهُ الْقَاضِي تَرْشِيدًا جَعَلَهُ رَشِيدًا وَاسْتَرْشَدْتُهُ فَأَرْشَدَنِي إلَى الشَّيْءِ، وعليه وله، قاله أبو زيد المصباح المنير (ص: 227).
(2)
قال في بدائع الصنائع (7/ 170): «والرشد هو الاستقامة والاهتداء في حفظ المال وإصلاحه» . وانظر أحكام القرآن للجصاص (2/ 93)، كشف الأسرار (4/ 369).
(3)
حاشية الدسوقي (2/ 529)، وجاء في مواهب الجليل (5/ 64):«ولا يشترط في الرشيد أن يكون عدلاً قال في المتيطية في فصل الولايات والمحجور، وإذا كان اليتيم فاسقاً مبرزاً، وكان مع هذا ناظراً في ماله، ضابطاً له، وجب إطلاقه من الولاية وإن كان من أهل الدين والصلاح ولم يكن ناظراً في ماله لم يجب إطلاقه من الولاية انتهى. قال في المدونة: وصفة من يحجر عليه من الأحرار إن كان يبذر ماله سرفاً في لذاته من الشراب والفسق وغيره، ويسقط فيه سقوط من لم يعد المال شيئاً وأما من أحرز المال وأنماه وهو فاسق في حاله غير مبذر لماله فلا يحجر عليه» . وانظر التاج والإكليل (5/ 59).
(4)
المغني (4/ 301).
(5)
حاشية الجمل (3/ 339 - 340)، تحفة المحتاج (5/ 168)، مغني المحتاج (2/ 169)، السراج الوهاج (ص: 230).
والمراد بالصلاح في الدين: أن لا يرتكب محرماً يسقط العدالة، وفي المال ألا يبذر
(1)
.
والصحيح أن الرشد يختلف من مقام لآخر.
فالرشد في ولي النكاح مثلاً: معرفته بالكفء، ومصالح النكاح، وليس له علاقة بحفظ المال.
والرشد في المال: هو حفظه وإصلاحه، ولا يدخل فيه الرشد في الدين، ولو كان صلاح الدين شرطاً في الرشد لوجب الحجر على المنافقين والمبتدعة، بل يجب الحجر على كل من اغتاب مسلماً ولم يتب من هذه المعصية وذلك لارتكابه كبيرة من كبائر الذنوب، ويجب الحجر على كل من كذب في بيعه، أو غش فيه.
[م-2041] إذا عرفنا معنى الرشد لدى الفقهاء فقد اختلف العلماء في اشتراط الرشد في الملتقط على قولين:
القول الأول:
لا يشترط في اللقيط أن يكون رشيدًا، وهذا مذهب الحنفية.
قال ابن عابدين: «ولا يشترط كونه مسلمًا عدلًا رشيدًا لما سيأتي من أن التقاط الكافر صحيح، والفاسق أولى»
(2)
.
(1)
منهاج الطالبين (ص: 59).
(2)
حاشية ابن عابدين (4/ 269)، منحة الخالق على البحر الرائق (5/ 156).
القول الثاني:
أن ذلك شرط، وهو مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والمشهور من مذهب الحنابلة
(1)
.
قال ابن رشد: «والملتقط: هو كل حر عدل رشيد»
(2)
.
° وجه القول باشتراط أن يكون الملتقط رشيدًا:
اشترطنا في الملتقط أن يكون رشيدًا؛ لأن المحجور عليه لسفه لا ولاية له على نفسه فأولى ألا يكون وليًا على غيره.
° الراجح:
أن الرشد يختلف من مقام لآخر، وأن الرشد في باب الالتقاط: أن يكون أهلًا للأمانة والتربية، فإذا توفر في الملتقط هذان الوصفان صار رشيدًا، وصح التقاطه، ولو فرض أن الملتقط ليس رشيدًا في المال، وهو رشيد في الحفظ والتربية صح التقاطه، وكان مال اللقيط في يد غيره، والله أعلم.
* * *
(1)
بداية المجتهد (2/ 232)، نهاية المطلب (8/ 512)، الوسيط للغزالي (4/ 304)، تحفة المحتاج (6/ 343)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 125)، حاشية الجمل (3/ 614)، مغني المحتاج (2/ 418)، شرح منتهى الإرادات (2/ 389)، كشاف القناع (4/ 228)، مطالب أولي النهى (4/ 248)، المبدع (5/ 293).
(2)
بداية المجتهد (2/ 232).