الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس
في إعارة المركوب
الفرع الأول
في صفة إعارة المركوب
[م-2121] ناقش الفقهاء في عصرهم إعارة الدواب؛ لأنها هي المركوب في عصرهم، وخلافهم يجري على وسائل النقل في عصرنا.
(1)
.
وفي بدائع الصنائع: «الجهالة في باب العارية لا تفضي إلى المنازعة؛ لأنها عقد جائز غير لازم»
(2)
.
(1)
المبسوط للسرخسي (11/ 134).
(2)
بدائع الصنائع (6/ 215).
وقال الكاساني أيضًا: «عقد الإعارة لا يخلو من أحد وجهين: إما إن كان مطلقًا، وإما إن كان مقيدًا، فإن كان مطلقا بأن أعار دابته إنسانا ولم يسم مكانًا ولا زمانًا ولا الركوب ولا الحمل، فله أن يستعملها في أي مكان وزمان شاء.
وله أن يركب أو يحمل؛ لأن الأصل في المطلق أن يجري على إطلاقه، وقد ملكه منافع العارية مطلقًا، فكان له أن يستوفيها على الوجه الذي ملكها، إلا أنه لا يحمل عليها ما يعلم أن مثلها لا يطيق بمثل هذا الحمل، ولا يستعملها ليلا ونهارًا ما لا يستعمل مثلها من الدواب لذلك عادة، حتى لو فعل فعطبت يضمن؛ لأن العقد وإن خرج مخرج الإطلاق، لكن المطلق يتقيد بالعرف والعادة دلالة، كما يتقيد نصًا»
(1)
.
وإذا كانت الإعارة مقيدة لم يخالفها المستعير إلى ما هو أشد من المأذون.
جاء في مجلة الأحكام العدلية: «إذا كانت الإعارة مقيدة بزمان أو مكان يعتبر ذلك القيد، فليس للمستعير مخالفته مثلا إذا استعار دابة ليركبها أربع ساعات وكذلك استعار فرسًا ليركبه إلى محل فليس له أن يركبه إلى محل غيره.
إذا قيدت الإعارة بنوع من أنواع الانتفاع فليس للمستعير أن يتجاوز ذلك النوع المأذون به إلى ما فوقه لكن له أن يخالف باستعمال العارية بما هو مساو لنوع الاستعمال الذي قيدت به أو بنوع أخف منه.
مثلا لو استعار دابة ليحملها حنطة فليس له أن يحمل عليها حديدًا أو حجارة، وإنما له أن يحملها شيئًا مساويًا للحنطة، أو أخف منها، وكذا لو استعار دابة
(1)
بدائع الصنائع (6/ 215)، وانظر مجلة الأحكام العدلية، مادة (816).
للركوب فليس له أن يحملها حملًا. وأما الدابة المستعارة للحمل فإنها تركب»
(1)
.
(2)
.
فإن خالف المستعير ما أذن له، فإما أن تهلك، وإما أن تسلم، فإن هلكت فإنه ضامن بالاتفاق
(3)
.
جاء في شرح الخرشي: «المستعير يفعل بالعارية ما أذن له في فعله، ويفعل بها أيضًا مثل ما استعارها له، ودونه، ولا يجوز له أن يفعل بها أضر مما استعارها له، فإنه يضمنها حينئذ إذا عطبت»
(4)
.
وجاء في التاج والإكليل: «من استعار دابة ليحمل عليها حنطة فجعل عليها حجارة، فكل ما حمل مما هو أضر بها مما استعارها له فعطبت به فهو ضامن، وإن كان مثله في الضرر لم يضمن كحمله عدسًا في مكان حنطة، أو كتانًا أو قطنا في مكان بر»
(5)
.
وجاء في البيان للعمراني: «وإن استعار دابة لتركبها امرأته زينب، فهل له أن
(1)
مجلة الأحكام العدلية، مادة (817، 818).
(2)
المبسوط (11/ 137)، وانظر الفروق للكرابيسي (2/ 26).
(3)
مجمع الضمانات (ص: 60)، الجوهرة النيرة (1/ 351)، الفتاوى الهندية (4/ 364 - 365)، الخرشي (6/ 125)، الشرح الكبير للدردير (3/ 437)، التاج والإكليل (5/ 270)،.
(4)
شرح الخرشي (6/ 125)، وانظر الشرح الكبير (3/ 437).
(5)
التاج والإكليل (5/ 270).
يركبها عمرة؟ ينظر فيه:
فإن كانت عمرة أثقل منها لم يكن له ذلك؛ لأن ذلك انتفاع غير مأذون فيه، وإن كانت عمرة مثلها، أو أخف منها .. ففيه وجهان، حكاهما الطبري:
أحدهما: يجوز، وبه قال أبو حنيفة، كما قلنا في الإجارة.
والثاني: لا يجوز؛ لأنه انتفاع غير مأذون فيه، فلم يجز، كما لو كانت أثقل منها»
(1)
.
* * *
(1)
البيان في مذهب الإمام الشافعي (6/ 517).