الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع
في نفقة العارية
[م-2125] اختلف الفقهاء في نفقة العارية، هل هي على المعير، أو على المستعير؟ على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
نفقة العارية على المستعير، سواء كانت مطلقة أو مقيدة، وهذا مذهب الحنفية، وقول في مقابل المعتمد عند المالكية، واختاره القاضي حسين من الشافعية، ومال إليه ابن تيمية من الحنابلة
(1)
.
جاء في البحر الرائق: «علف الدابة على المستعير مطلقة كانت أو مقيدة، وكذا نفقة العبد، أما كسوته فعلى المعير»
(2)
.
وفي الفتاوى الهندية: «قال محمد رحمه الله تعالى في الكتاب: نفقة المستعار على المستعير، قال القاضي أبو علي النسفي حاكيا عن أستاذه: إن المستعير لا يجبر على الإنفاق على العارية؛ لأنه لا لزوم في العارية، ولكن يقال للمستعير: أنت أحق بالمنافع، فإن شئت فأنفق ليحصل لك المنفعة، وإن شئت
(1)
حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (5/ 89)، البحر الرائق (7/ 280)، حاشية ابن عابدين (3/ 638)، مجلة الأحكام العدلية، مادة (815)، حاشية الدسوقي (3/ 441)، أسنى المطالب (2/ 327)، مغني المحتاج (2/ 267)، حاشية الشرواني على تحفة المحتاج (5/ 420)، حاشية الجمل (3/ 458)، المبدع (5/ 147)، المستدرك على مجموع الفتاوى (4/ 71).
(2)
البحر الرائق (7/ 280).
فخل يدك عنه، أما أن يجبر على الإنفاق فلا، كذا في الذخيرة»
(1)
.
وفي أسنى المطالب: «نفقة المعار على مالكه، لا على المستعير
…
وهو الأصح؛ لأنها من حقوق الملك خلافًا للقاضي الحسين»
(2)
.
جاء في المستدرك على مجموع الفتاوى: «قال أبو العباس في قديم خطه: نفقة العين المعارة هل تجب على المالك، أو على المستعير؟
لا أعرف فيها نقلاً؛ إلا أن قياس المذهب على ما يظهر لي أنها تجب على المستعير؛ لأنهم قالوا: إنه يجب عليه مؤنة ردها، وضمانها إذا تلفت، وهذا دليل على أنه يجب عليه ردها إلى صاحبها كما أخذها منه سوى نقص المنافع المأذون له فيها. ثم إنه خطر لي أنها تخرج على الأوجه في نفقة الجارية الموصى بعتقها فقط.
أحدها: أنه يجب على المالك؛ لكن فيه نظر.
وثانيها: على المالك للنفع.
وثالثها: نفقتها في كسبها.
فإن قيل: هناك المنفعة مستحقة وليس ذلك هنا؛ فإن مالك الرقبة هو مالك المنفعة، غير أن المستعير ينتفع بها بطريق الإباحة وهذا يقوي وجوبها على المعير. والأصل الأول يقوي وجوبها على المستعير.
ثم أقول: هذا لا تأثير له في مسألتنا؛ فإن المنفعة حاصلة في الأصل والفرع.
(1)
الفتاوى الهندية (4/ 372).
(2)
أسنى المطالب (2/ 327).
ثم كونه يملك انتزاع المنفعة من يده غير مؤثر، بدليل ما لو كان واهب المنفعة أبا، وكان المثيب ابنه وهذا في غير صورة الوصية»
(1)
.
القول الثاني:
ذهب المالكية في المعتمد، والشافعية، والحنابلة إلى أن نفقة العارية التي بها بقاؤها كالطعام على المالك
(2)
.
جاء في حاشية الدسوقي: «المعتمد من القولين أن علفها على ربها بخلاف العبد المخدم فإن مؤنته على مخدَمه بالفتح كما أفاده شيخنا العدوي»
(3)
.
وقال الماوردي: «وإذا صحت إعارة البهائم دون إجارتها فعلفها، ومؤنتها على المالك دون المستعير والمستأجر؛ لأن ذلك من حقوق الملك»
(4)
.
° وجه هذا القول:
لو كانت النفقة على المستعير لتحول العقد من عارية إلى كراء، وربما يكون علفها أكثر من كرائها في زمن الغلاء، فينتفي المعروف وتصير كراء.
(1)
المستدرك على مجموع الفتاوى (4/ 71)، وانظر المبدع (5/ 147).
(2)
التاج والإكليل (5/ 273)، شرح الخرشي (6/ 129)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (3/ 441)، منح الجليل (7/ 75)، أسنى المطالب (2/ 327)، إعانة الطالبين (3/ 157)، مغني المحتاج (2/ 267)، روضة الطالبين (4/ 430)، الحاوي الكبير (7/ 117)، الإقناع في فقه الإمام أحمد (2/ 366)، كشاف القناع (4/ 73)، الروض المربع (ص: 420)، شرح منتهى الإرادات (2/ 294)، مطالب أولي النهى (3/ 745) ..
(3)
حاشية الدسوقي (3/ 441).
(4)
الحاوي الكبير (7/ 117).
القول الثالث:
ذهب بعض المالكية إلى أن النفقة على المستعير في المدة القصيرة كالليلة والليلتين، وعلى المعير في المدة الطويلة
(1)
.
° الراجح:
أن العارية بذل للمنفعة بلا مقابل، وتحمل النفقة يجعل العارية ليست بلا عوض، لكن إن بذلها المستعير فإن كان ذلك بلا شرط كان هذا على سبيل المكافأة لمالكها، وإن اشترطت كانت إجارة، وهل تصح أو لا؟ فيه خلاف ذكرناه في عقد الإجارة، والصحيح صحة الإجارة كإجارة الظئر بطعامها وكسوتها، والله أعلم.
* * *
(1)
حاشية الدسوقي (3/ 441)، منح الجليل (7/ 75).