الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن
في الجعل على رد اللقطة
[م-2025] إذا التقط الرجل اللقطة، أو وجد ضالة في غير العبد الآبق فإن كان مالكها لم يجعل جعلا لمن وجدها لم يستحق شيئًا
(1)
.
(2)
.
وأما في رد العبد الآبق، فهل يستحق الجعل بدون شرط، فيه ثلاثة أقوال:
فقيل: لا يستحق العامل شيئاً مطلقاً، لا في الضال ولا في الآبق، وهذا مذهب الشافعية.
وقيل: لا يستحق شيئاً في الضال، ويستحق في رد الآبق مطلقاً، سواء أكان معروفاً برد الإباق أم لا، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة.
وقيل بالتفصيل: إن كان منتصباً للعمل استحق جعل مثله، في الضال والإباق، وإن لم يكن منتصباً للعمل استحق النفقة فقط، وهذا مذهب المالكية، وهذا كله سبق بحثه في عقد الجعالة فأغنى ذلك عن إعادته.
وإن كان المالك قد جعل جعلًا فإن كان قد التقطها قبل أن يبلغه الجعل لم يستحق شيئًا كذلك.
(1)
غمز عيون البصائر (2/ 208)، المبسوط (11/ 10).
(2)
المغني (6/ 22).
وإن كان قد التقطها من أجل الجعل، فإن كان ذلك في رد الآبق فقد اتفق الأئمة الأربعة على جواز الجعالة على رده، قال ابن قدامة:«لا نعلم فيه مخالفاً»
(1)
.
ولم يخالف في ذلك إلا ابن حزم.
° وجه المنع عند ابن حزم:
يرى ابن حزم أن الجعالة ليست عقداً، وإنما هي مجرد وعد، ويستحب له الوفاء.
(2)
.
وإن كان ذلك في غير رد الآبق كما في اللقطة والضالة من الدواب ونحوهما فقد اختلف الفقهاء في صحة الجعالة على قولين:
القول الأول:
ذهب الحنفية إلى منع الجعالة في غير الآبق، وأجازوها في الآبق استحساناً، صيانة للمال من الضياع
(3)
.
(1)
المغني (6/ 20).
(2)
المحلى، مسألة:(1327).
(3)
الفتاوى الهندية (4/ 454)، حاشية ابن عابدين (4/ 281) و (6/ 95)، البحر الرائق (5/ 172)، الهداية شرح البداية (2/ 179)، بدائع الصنائع (6/ 203 ـ 205).
جاء في حاشية ابن عابدين: «رجل ضل له شيء، فقال: من دلني على كذا فله كذا، فهو على وجهين:
إن قال ذلك على سبيل العموم، بأن قال: من دلني، فالإجارة باطلة؛ لأن الدلالة والإشارة ليست بعمل يستحق به الأجر.
وإن قال على سبيل الخصوص، بأن قال لرجل بعينه: إن دللتني على كذا فلك كذا، إن مشى له فدله فله أجر المثل للمشي لأجله؛ لأن ذلك عمل يستحق بعقد الإجارة، إلا أنه غير مقدر بقدر، فيجب أجر المثل، وإن دله بغير مشي، فهو والأول سواء»
(1)
. أي لا يستحق شيئاً.
القول الثاني:
ذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى جواز الجعل مطلقاً في الآبق وغيره
(2)
.
وسبق ذكر أدلة المسألة في عقد الجعالة في المجلد العاشر، ورجحت جواز عقد الجعالة في الآبق وغيره، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا، ولله الحمد.
* * *
(1)
حاشية ابن عابدين (6/ 95).
(2)
الذخيرة (6/ 5)، الشرح الكبير (4/ 60)، منح الجليل (8/ 59)، مواهب الجليل، وانظر بهامشه التاج والإكليل (5/ 452)، الخرشي (7/ 60)، الأم (4/ 72)، المهذب (1/ 411)، البيان للعمراني (7/ 407)، نهاية المطلب في دراية المذهب (8/ 494)، روضة الطالبين (5/ 268)، مغني المحتاج (2/ 429)، كشاف القناع (4/ 202)، المغني (6/ 20)، الإنصاف (6/ 390).